ف.أ.م
هذا الأحد 6 نونبر 2011، يخلد الشعب المغربي، من أقصاه إلى أقصاه، بفخر واعتزاز بالمكتسبات التي تحققت في مسار الوحدة الترابية، وفي أجواء تطبعها التعبئة الوطنية الشاملة، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، الذكرى 36 للمسيرة الخضراء، التي تعد من الذكريات الوطنية البارزة في سجل ملحمة تحرير البلاد، واستكمال استقلالها الكامل، وتحقيق الوحدة الترابية.
وتتزامن ذكرى المسيرة الخضراء ، هذه السنة، مع إقرار الدستور الجديد، والتحضير للانتخابات التشريعية، المقررة يوم 25 نونبر الجاري، وإطلاق ورش الجهوية المتقدمة، كخطوة أخرى على طريق بناء المغرب الديمقراطي، الموحد والمتضامن.
ويدفعنا يوم 6 نونبر 1975 إلى استحضار شريط المسيرة الخضراء، الملحمة التي سجلها المغاربة في تاريخهم الحديث، وأحد الأحداث الدولية، التي ميزت العقد السابع من القرن العشرين، الذي كان عقدا شديد التوتر، بسبب اشتداد الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي، وهو الصراع الذي أدى إلى بروز مجموعة من بؤر التوتر، ومنها قضية الصحراء المغربية.
وبقوة الإيمان وبأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه، أظهرت المسيرة الخضراء للعالم أجمع صمود المغاربة وإرادتهم الراسخة في استرجاع حقهم المسلوب، وإرادتهم في إنهاء الوجود الاستعماري، بالالتحام والعزيمة والحكمة، إذ حققت المبادرة أهدافها وحطمت الحدود المصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، سلاحها العلم الوطني والقرآن الكريم والتمسك بالفضيلة وبقيم السلم والسلام في استرداد الحق والدفاع عنه.
والواقع أن استكمال الوحدة الترابية للمملكة لم ينطلق يوم المسيرة الخضراء، فقط، بل كان انطلاق جيش التحرير في الجنوب سنة 1956، لاستكمال الاستقلال في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني، واستمرت مسيرة التحرير بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، بإرادة صلبة ليتحقق استرجاع إقليم طرفاية سنة 1958، لتواصل بلادنا في عهد المغفور له الحسن الثاني، ملاحمها النضالية، إذ استرجعت مدينة سيدي إفني سنة 1969، وتكللت بالمسيرة التاريخية في 6 نونبر 1975، التي جسدت عبقرية الملك الموحد، وقوة إيمانه بالحق في استرجاع الأقاليم الجنوبية إلى حظيرة الوطن، فكان النصر حليف المغاربة، إذ ارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون، في 28 فبراير 1976، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية، الذي ذهب إلى غير رجعة بعودة إقليم وادي الذهب إلى حظيرة الوطن في 14 غشت 1979.
وأبرز ما يميز قضيتنا الوطنية الأولى، حاليا، أنها موضوعة في إطار مبادرة الحكم الذاتي، الذي ستمكن من الطي النهائي للملف، باعتبارها مبادرة واقعية، ومنطقية، وديمقراطية، وتنسجم مع منطق الأحداث والتاريخ، وفي هذا الصدد أكد جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى 12 لاعتلائه العرش "إننا لواثقون بأن هذا التطور المؤسسي والتنموي المتميز (دستور 2011)، بإرسائه لدعائم الجهوية الموسعة، و الحكامة الترابية، بكل مناطق المملكة، وفي صدارتها أقاليمنا الجنوبية، سيشكل دعما قويا لمبادرة الحكم الذاتي، كحل سياسي ونهائي للنزاع المفتعل حول صحرائنا، من خلال تفاوض جاد، مبني على روح التوافق والواقعية، وفي إطار المنظمة الأممية، وبالتعاون مع أمينها العام، ومبعوثه الشخصي. وإذ نؤكد أن قضية وحدتنا الترابية ستظل أسبقية الأسبقيات، في سياستنا الداخلية والخارجية، فإننا ماضون في الدفاع عن سيادتنا ووحدتنا الترابية، التي لا مجال فيها للمساومة".