الصفحات

الجمعة، 29 أبريل 2011

مذكرة

حركة الطفولة الشعبية

المتعلقة بالإصلاحات الدستورية

في مجال الطفولة والشباب

تقديم

تتقدم حركة الطفولة الشعبية بهذه الأفكار إسهاما منها في دينامية الإصلاح الدستوري والمؤسساتي لبناء مغرب قوي ديمقراطي حداثي. وتأتي هذه المبادرة استجابة للخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011، وللقيمة التاريخية والتربوية للحركة التي تأسست بداية سنة 1956 وشكلت طيلة أكثر من نصف قرن مدرسة فكرية وتربوية للطفولة والشباب، لبلورة لمطالبها التي تنادي بها في الحقل الحقوقي والمؤسساتي.

إن المغرب يشهد حاليا، ومنذ أكثر من عقد، تحولات مجتمعية خاصة في المجالات السياسية والتربوية والتنموية. ويعزز ذلك الأوراش الوطنية التي تسعى لترسيخ هذه التحولات.

فبلادنا عرفت مشاريع إصلاحية كبيرة همت بالأساس النهوض بحقوق المرأة من خلال مدونة الأسرة، والنهوض بحقوق الطفل من خلال الاعتراف بحقوق هذه الفئة دوليا، وإصلاح منظومة التعليم، بتعميم التمدرس وتحسين المردودية الداخلية للنظام التعليمي من خلال ميثاق وطني للتربية والتكوين، ومحاربة الإقصاء الاجتماعي من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

غير أننا نلاحظ أن هناك عدم المساواة بين ما تحظى به السياسات المخصصة للأسرة والمدرسة وما تحظى به تحديات إشكاليات الاندماج الاجتماعي للأطفال والعناية بتنشئتهم للتعويض عن حالات عدم المساواة التي لا تزال موجودة في الوصول إلى الحق في الولوج إلى مؤهلات التعلم والتكوين والخدمات التربوية والثقافية والترفيهية، وتوزيع الأدوار بين مكونات المجتمع (الأسرة المدرسة والمؤسسات الأخرى التي بينها مؤسسة الوقت الحر المنظم والعشوائي، وأهمية تنظيمه ومأسسته) مما يمكن أن نعبر عنه بغياب سياسة الوقت الحر .

وإذا كانت اتفاقية حقوق الطفل من خلال المادة 31 تنص على اعتراف الدول الأطراف بحق الطفل في الراحة وأوقات الفراغ للانخراط في الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه، والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية والفنية وفق رغباته، في ظروف من المساواة، فانه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لجعل حقوق الطفل حقيقية وواقعية، فالحقوق لا تكون حقيقية إلا عندما توضع موضع التطبيق وبالنسبة للجميع.

وبالرغم من الجهود المبذولة، فإن المؤشرات الإحصائية المتوفرة لوضع الطفولة والشباب لا تبعث عن الاطمئنان، وان مؤسسات التنشئة الاجتماعية تتراجع يوما عن يوم وتفقد سيطرتها للحفاظ على القيم وقواعد العيش الجماعي. فالمغرب الذي يوجد به 11,7 مليون شخص دون سن الثامنة عشر (أي شخص واحد من ثلاثة نسمة من السكان) ينتظره مجهود كبير من أجل تحصين طفولته وشبابه وتحضيرهم لتمكينهم من المشاركة بفعالية في مسلسل التنمية والتحديث والديمقراطية.

ويبدو اليوم أن مرحلة التشخيص وتحديد الاختلالات قد تمت وبشكل يسمح بوضع الأصبع بسهولة على ما يجب أن يتخذ من تدابير وسياسات تطرح الحلول والبدائل الممكنة تكون بوابة العبور إليها الإصلاحات الدستورية التي يعرفها المغرب.

وانطلاقا من قناعتنا التي توالدت وتراكمت تاريخيا وبالممارسة اليومية للتربية الحية وانطلاقا من أننا جميعا شركاء في الوطن ونأمل في التميز لاستشراف مستقبل مفتوح على رغبة مؤكدة في الانعتاق والتطور بمقاييس العصر والمستقبل وحيث أن الحاجة إلى الإصلاح والتطور لا تتوقف، فإن حركة الطفولة الشعبية ومن خلال:

المنطلقات والتوجهات

- استنادا إلى ورش الإصلاح الدستوري الذي تعيشه بلادنا حاليا والذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة،

- وتجسيدا لمقتضيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل وغيرها من الصكوك الدولية لحماية حقوق الإنسان المعترف بها دوليا التي صادق عليها المغرب،

- وتأكيدا على أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة،

- واقتناعا بأن الدستور يتطلب وضع الأسس لاحترام وضمان حقوق الإنسان لجميع المواطنين دون استثناء في تعزيز قيم التماسك الاجتماعي وضمان الكرامة والمساواة،

- ومساهمة من أبناء حركة الطفولة الشعبية، المنظمة التربوية العتيدة التي تعمل مع الأطفال والشباب منذ أكثر من خمسة وخمسين سنة، في دينامية الإصلاحات الدستورية التي يعرفها المغرب انطلاقا من قناعتها بان التربية أصبحت تشكل تحديا مركزيا للسياسات العمومية باعتبارها عاملا أساسيا وضروريا لتحقيق التنمية والتكامل والتقدم الاجتماعي للمواطنين.

- وإيمانا بان المدرسة لوحدها لا يمكن أن تتحمل عبء تحقيق الغايات الكبرى للمجتمع في مجال إعداد الأجيال، الأمر الذي يتطلب توسيع مجالها لتشمل مداخل أخرى تسمح باستكمال العلاقة التي تأخذها التربية خلال الوقت الفاصل بين الأسرة والمدرسة.

المقترحات

إذا كان هناك اليوم مطلب ملح لإعادة الثقة في مؤسساتنا التربوية برمتها فان الانكباب على هذا المطلب مسالة تقتضي تضامنا حقيقيا بين كل المكونات المهتمة بالتنشئة الاجتماعية، من قطاعات حكومية وشبه الحكومية وفعاليات مدنية ومؤسسات دينية وجماعات منتخبة، كما أن الأمر كذلك يلزم توحيد الجهود وتنسيق الاستراتيجيات والتدخلات وحشد كل الإمكانيات والميزانيات لمواجهة احتياجات الأطفال والشباب في مجال إعدادهم للحياة والمساهمة في بناء الوطن بناء على عقد جديد لتأطير المواطنين منصوص عليه في الدستور يمنح مجال توسيع التربية لتشمل التنشيط التربوي والثقافي والرياضي أو ما يصطلح عليه برامج الدعم الأكاديمي التي تتجلى في أنشطة الوقت الحر التي تختص بها المؤسسات التربوية الموازية والجمعيات التربوية والاجتماعية يعتبر انفتاحا على فضاءات أخرى تتيح فرص متعددة لدعم المنظومة التربوية ومرافقتها خارج الزمن المدرسي والأسري، وتجعل من الوقت الحر وقتا للانفتاح والتكوين والمرح المسؤول والتمرس على المواطنة المشاركة لا وقتا لتعزيز التفاوتات الاجتماعية والفجوة الاجتماعية، وأيضا وقتا لتعزيز جودة التربية ودعم المدرسة.

ولتعزيز اختيار وسياسات حماية الأطفال وكي تصبح واقعا يوميا ينعكس على وضعهم في التمتع بالحياة الكريمة. و لتكريس حق كل طفل وشاب للوصول إلى المشاركة في جميع جوانب الحياة التربوية التي تساعدهم على تمثل المواطنة والديمقراطية. وللارتقاء بمستوى التعاطي مع أنشطة الوقت الحر باعتماد آليات قانونية تنبني على عقد تربوي محلي يجمع بين القطاعات الحكومية والمجالس المنتخبة والجمعيات التربوية وذلك من اجل رسم الخريطة التربوية المحلية التي تحدد معالم الرؤية الموحدة للسياسة المحلية في مجال الاعتناء بالأطفال والشباب أثناء الوقت الحر، وخلق الصلة بين مختلف المؤسسات ذات العلاقة بمساعدة الأطفال والشباب.

لهذا أضحى من الضروري النهوض بأحوال مؤسسة الوقت الحر وتحسين عروض أنشطتها كميا ونوعيا لتلعب دورا هاما كلبنة أساسية في مجال التنمية البشرية، وان تضطلع بأدوارها ووظائفها في حياة الأطفال والشباب وفق رؤية جديدة تراعي التوازن بين الأسرة والمدرسة بغية استثمار أحسن للوقت الحر، وبغية ترجمة هذه الرؤية إلى مبدأ احترام حقوق الأطفال والشباب واحتياجات نموهم النفسية والاجتماعية بناء على فعل عقلاني يؤمن العبور للتغيير المنشود.

تقترح حركتنا مجموعة مداخل جديدة تمنح المحاور المعنية قوة قانونية دستورية:

· تخصيص باب للحقوق والواجبات

· سمو الاتفاقيات الدولية

· التنصيص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

· إحداث مجلس أعلى للطفولة والشباب

· دسترة الوقت الحر

· حماية حقوق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

· حماية الأطفال والشباب من كل أشكال الاستغلال

· الاعتراف بدور المجتمع المدني وإحداث المجلس الوطني للحياة الجمعوية

· الحق في الاسم والجنسية والتسجيل بالحالة المدنية

· إجبارية التعليم حتى سن14

I. دسترة الوقت الحر وحقوق الأطفال والشباب

إذا كانت الرهانات التي تعرفها التربية اليوم جد مهمة لأن التربية يجب أن تهيئ الأفراد والجماعات للانخراط في مجتمع المستقبل وليس في مجتمع الماضي، ومن خلال هذه المقاربة لا يمكن للمنظومة التعليمية وحدها أن تحتكر التربية لأن وقت الأطفال ليست فقط وقتا للتعلم، ولأن المدرسة لم تعد الفضاء الوحيد بامتياز لتوزيع المعارف, لذلك لابد، ونحن في مجتمع يتحرك ويتغير يوميا، من تطوير مقاربة مستمرة ومتجددة للتربية تعتمد على المجتمع في شموليته وبمجموع مكوناته, يجب تطوير التكوين المستمر واكتساب المعارف مدى الحياة،

لقد أصبح الوقت الحر لحظة مهمة لاكتساب القدرات والمهارات والمعارف الشخصية والتكميلية للمدرسة والعائلة، ففي المدرسة يكون التعلم منظما حسب منهجية أكثر تدقيقا وتحديدا، أما في الوقت الحر فالمعارف تتطور كبرامج تكميلية لما تركته المدرسة دون تنظيم فيكون بذلك الوقت الحر فضاء للانفتاح على الحياة الاجتماعية وعلى التنشئة اليومية بالاحتكاك والمعرفة والمساهمة في الحياة الجماعية والمشاركة في المسؤولية، فضاء لاكتساب الكفاءات والخبرات وتطوير العلاقات المرتبطة بالمحيط وبالبيئة التي نعيش فيها، وفضاء للتعرف على الآخر والحوار معه واكتشاف الثقافات المختلفة والقيم الكونية والمرجعيات الأخرى, وبالتالي يكون ممارسة تربوية تنطلق من أسس بيداغوجية ذات أهداف وحاجيات يسطرها المشروع التربوي الشامل الذي يدخل ضمن اعتبارات تنموية بالأساس.

فإننا نقترح:

- توسيع رقعة حقوق الإنسان في الدستور المغربي المتعلقة بالأطفال والشباب والأسرة، وإفراد باب يتضمن هذه الحقوق والواجبات. حتى لا يظل القانون الأسمى وثيقة للسلط والمؤسسات فقط.

- التنصيص على سمو الاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب.

- وضع الأطفال والشباب، تحت حماية خاصة من الدستور تقوم على حقوق متساوية بين الجنسين في مجال تربية الأجيال الشابة وضمان حقهم في التربية البدنية والفكرية والاجتماعية، من خلال تمتيعهم بالحق الطبيعي داخل المجتمع في التربية والترفيه كخدمة عمومية والتنصيص على مجانيتها.

- تنصيص الدستور على حقوق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتمتيعهم بنفس شروط الأطفال الأسوياء.

- حماية الأطفال والشباب من كل أشكال الاستغلال والإهمال الفكرية أو المادية.

- تعزيز منظومة إعداد الشباب مبنية على الحق في المشاركة والمساهمة في بناء الوطن.

- تعزيز مشاركة هيئات وفعاليات المجتمع المدني في تدبير الشأن المحلي خاصة وفي الحقوق السياسية عامة، وذلك بالتنصيص القانوني على الأساس الاعتراف بمؤسسة الوقت الحر جنبا إلى جنب مع المؤسسات التعليمية.

II. الرقي والاعتراف بدور المجتمع المدني داخل الدستور

لتفعيل العمل التشاركي مع استعادة الثقة لهيئات وفعاليات المجتمع المدني في العمل الجمعوي كأساس للتأطير الشبابي.

ولتقوية مكانة هيئات وفعاليات المجتمع المدني كمكون من مكونات التنمية المستدامة.

- وللرقي بالعمل التطوعي المدني ليواكب التطورات والتحولات التي يعرفها المجتمع من خلال ضمانات دستورية تقوي دور ووظائف هيئات وفعاليات المجتمع المدني في تأطير المواطنين من خلال ضمانات دستورية بتعزيز الخيارات الديمقراطية في الوساطة والمشاركة.

- ترسيخ دور هيئات وفعاليات المجتمع المدني في تعزيز الديمقراطية التشاركية من أجل تنمية فعلية وشمولية، وضمان هيكلتها التمثيلية محليا جهويا ووطنيا.

- ولخلق بيئة للحوار والتشاور تدعم الحرية والديمقراطية وتضمن استعداد جيد للشراكة الحقيقية بين القطاعات الحكومية والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني.

- لتعزيز وتقوية الأدوار والوظائف التاطيرية للمجتمع المدني في إطار منظومة دستورية جديدة تمنحها صلاحيات أوسع وترقى بهيئات المجتمع المدني إلى مؤسسة وطنية مستقلة يمكن تسميتها:

أ‌. المجلس الوطني للحياة الجمعوية

وتعزيزا لدور الهيئات المهتمة بالطفولة والشباب في مختلف الميادين وحتى تواصل هذه الجمعيات حضورها الهام في النسيج الثقافي والتربوي، و لجعلها قادرة على مواكبة التطور الحاصل في سائر المجتمعات، مما يتيح لها الارتقاء بخدماتها التربوية والثقافية والاجتماعية، تتأكد الحاجة إلى وضع إطار قانوني تعمل ضمنه كل مكونات المجتمع المدني والدولة وتجعله أكثر قدرة على تمثل الرهانات الجديدة للحركة الجمعوية ببلادنا.

يتكفل بسن إستراتيجية وطنية ورسم السياسات متوسطة وبعيدة المدى في مجالات الطفولة والشباب لدعم تنميتهم وانعتاقهم وتكوينهم ويضمن للطفولة والشباب الحماية والتطور في إطار واضح ومسؤول ومتفاعل مع العاملين الآخرين ويضمن له موقعا في الحياة المجتمعية بقدر حجمه ومردوديته كقوة اقتراحية مع قوة مكانتها العملية وقوة مكوناتها البشرية الهائلة، من أجل أن تصير قوة فكر ورأي وفعل متكامل.

إن هذا الإطار الدستوري يمكن أن يكون رافعة عمل لبلورة اختيارات هادفة، ولوضع خطة وطنية معلومة النتائج تبقي على كل الإيجابيات المسجلة وتطورها من أجل تعزيز مكتسبات وتراكمات المجتمع المغربي، تعمل على تحليل الدراسات العلمية والسهر على تنفيذ المخططات والانضباط للمعايير الموحدة وتتبع مراحل التطبيق والتنفيذ والمحاسبة، هذا الإطار يجب أن تتبوأ مكانته وأن يدخل ضمن الأعمال الرئيسية والأولويات في مخططات التنمية لكافة القطاعات المعنية. ويمكن أن يأخذ اسم :

ب‌. المجلس الأعلى للطفولة والشباب

حركة الطفولة الشعبية

الرباط في 29 مارس 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق