المستخدمون في المقاهي في آزرو
"نادل تعدت وظيفته إلى غاسل للسيارة و خادم مستعبد لرب المحل " في غياب أبسط حقوق مرتبطة بالضمان الاجتماعي
تحقيق- محمد عبيد
في مدينة آزرو حيث انتشرت بشكل مثير عدد من المقاهي و محلات المأكولات الخفيفة و الأطعمة و إن كانت تساهم في ترويج اقتصادي و اجتماعي محمود إلا أنها تبقى محط إثارة عدد من القضايا المرتبطة بالتنظيم و المراقبة لما تعيش عليه هاته المحلات من ظروف تهم فئة العاملين بها على وجه الخصوص لم تكن محط اهتمام و مبالاة من هم مسؤولون عن ضمان حياة كريمة للمشغلين كون فئات كثيرة مهم تعاني حرمانها من حقوقها القانونية كالتأمين و التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،و رغم أن هذه الفئات معروفة لدى العادي و البادي إلا أن لا من يتحرك لضمان حقوقهم و حمايتهم من الاستغلال،فنجد هذا القطع الحر هو أكثر القطاعات التي تقتات على حساب المستخدم،نظرا لما يذر على أصحابه من مداخيل مهمة،إذ يمكن الوقوف على ما تعيشه جل المقاهي حيث النادلون لا يستفيدون من حقوقهم،و يتقاضون أجورا جد هزيلة على اعتبار حسب ما يروج له أنهم يتقاضون البقشيش و يتاجرون في السجائر بالتقسيط،و ما يغيب عمن يرى في هذه المهمة أنها مربحة أن النادل معرض ل"السلايتية" الذين يجدون متعتهم في التآكل على النادل مما يكلف هذا الأخير خسارة يمكن أن تتعادى الخمسين درهما،أمام هذا يتراوح أجر هذه الشريحة التي تخدم أصحاب المقاهي و زبائنهم و يتحملون كل شيء 200 درهما و 300 درهما حسب أهمية المقهى إلا ناذرا ما تجد صاحب المقهى يحترم آدمية مستخدميه و يرى في تمتيعهم بحقوقهم مسألة واجب،فما الذي يجعل من أصحاب المقاهي لا يقدمون على تسجيل نادلين لهم بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟و حتى إن سجلوهم هل يعلنون للصندوق بكل ما يستحقه النادل من ساعات و أيام عمل؟
للإجابة عن هذين السؤالين و أسئلة أخرى قال نادل ممن استفسرتهم "الجريدة " أنه غادر المقهى التي قضى بها سنوات لتلاعب صاحب المقهى بحقوقه إذ بالصدفة اكتشف أن مشغله لم يكن يسجل كل ساعات و أيام العمل التي يقضيها في الشهر بالمقهى إذ كان يعمد صاحب المقهى إلى تقليص المدة الحقيقية بكثير حتى لا يؤدي للضمان الاجتماعي المبلغ الحقيقي المستحق،نادل آخر أكد تحديه لكل المقاهي أن يكون أحد من أصحاب المقاهي يؤدي للنادل حقوقه و يمتعه بحقه في الضمان الاجتماعي و عن سبب عدم التقدم بطلب التسجيل لدى المشغل قال أنه مستبعد لسبب بسيط إن فتح الموضوع يعني الطرد من العمل بالمقهى.
محمد مسير لمقهى اكتراها اعتبر أن حرمان النادل من حقوقه حيف باعتبار أنه لا يتقاضى إلا أجرا هزيلا جدا و لا يمكن أن تغطي حاجيات النادل اليومية،مؤكدا أن الأمر لا يتوقف عند حد الحرمان بل أن هذه الفئة مهددة في أي وقت للطرد حسب ما يراه الباطرون،فالعلاقة بين باطرون المقهى و النادل غالبا ما تكون مبنية على عدم الثقة و على ما يمكن أن يطال هذا الأخير من توجيه اتهام بالسرقة أو حتى بناء على وشاية كاذبة.و فيما يخص ضرب مدونة الشغل من طرف مسيري و أصحاب المقاهي أكد محمد أنه ليس قطاع المقاهي وحده يعاني من هذا الوضع بل هناك قطاعات عدة تعيش نفس الوضع. فللصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إستراتيجيته لضبط هذه الحالات و تمتيع أصحاب الحقوق من حقوقهم،و لكن مستفسرنا يعتبرها موسمية.ففيما يخص طرح الإشكال يرى فيه عبد المولى محاسب معتمد انه نتيجة انعدام الثقة في أساسية وجود الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،و أن بعض المشغلين يعتبرونه بمثابة ملحق للخسارة لهم،مستدلا بما عرفته المؤسسة من اختلاسات مما أدى إلى فقدان الثقة في المؤسسة،دون أن نغفل العقلية المخزنية لدى بعض المسؤولين الذين لا يسهرون على تدبير الملفات بل يتهكمون في الراغبين في تسجيل مستخدميهم،و عن ماهية العلاقة بين المشغل و المستخدم و الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أكد أن نسبة الاقتطاع المحددة في 26/100 تبقى مرتفعة و بالتالي هناك من يطلب من المشغل عدم تسجيله و تسليمه نصف ما سيؤديه للضمان الاجتماعي.فإذا كان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مؤسسة خدمات فالغموض و عدم وضح هذه الخدمات سواء عند المشغل أو المستخدم تجعل الثقة منعدمة و بالتالي لا يلجأ نسبة كبيرة للتقييد بهذه المؤسسة،ضاربا مثلا بجهل المستهدفين للوائح محددة للخدمات و نسب التعويض و الحالات التي تعوض...،فمؤسسة للخدمات الاجتماعية لا تبحث عن الربح أو توفير فائض و هذا ما لا ينطبق على هذه الإدارة بسبب الفائض الذي حققته فيما يخص برنامج التغطية الإجبارية على المرض،لنطرح السؤال إذا وفرت المؤسسة هذا المبلغ الذي يتجاوز المليار فأي خدمات أدت و ماذا عوضت و من استفاد من هذه التغطية الإجبارية؟
نادل آخر ، من بين المستوجبين قال : أنا نادل و في نفس الوقت بارمان و هذا ما يتطلبه العمل عندنا هنا في آزرو لا بد أن تكون من الرجال الذين يعرفون القيام بجميع الأدوار في حالة ما إذا مرض احد الزملاء في العمل ، فالآخر يقوم باللازم كما يقول المثل الدارج: البارمان يتقاضى في بعض المقاهي 30 درهم و البعض الآخر 40 درهم أما المقاهي الكبيرة و التي تعج بها الحركة فيتقاضى بها النادل 50 درهما زائد عمل الزجاج و "التسياق" و مسح الحيطان و الكراسي ، أما النادل عموما الذي يكون محظوظا فأجره الشهري لا يتجاوز ألف درهم و بحسب ما يجود به عليه الزبون لان صاحب المحل يقرا لهاته العملية قراءة أخرى من خلال عملية حسابية إذا توفر للنادل من الإتاوات 10 دراهم كل يوم فهي 300 درهم شهريا و ينسى صاحب المحل إن خرج الزبون بسرعة أو كان لديه مشكل أو كان مختلا عقليا فثمن المشروب يبقى على ذمة النادل ..
أما النساء العاملات في المقاهي فتتقاضين 22 درهم يوميا و الوقت المحدد للعمل هو 6 صباحا حتى الثانية بعد الزوال أو من 3 بعد الزوال إلى 11 ليلا ، يقول احد النادلين في توضيح آخر : زيادة عن عمل المقهى هناك غسل سيارة رب المحل و جمع و تسياق محل التجارة الذين يكون دائما بجانب المقهى و إن تكلم احد أو قال شيئا فمصيره الطرد لان الخدامة عطاهم الله" ..
" أنا نادل عملت لمدة 19 سنة في المقاهي – يقول السي سعد – و عندي بطاقة الضمان الاجتماعي تقاضيت تعويضات طفل واحد لمدة 4 سنوات و انتقلت من مقهى إلى آخر دون أن يتم تسجيلي في صندوق الضمان الاجتماعي .. أتساءل – يضيف المتحدث- مفتشو صندوق الضمان الاجتماعي هل "على أرجلهم الحناء" لا يستطيعون القيام بعملهم أم ماذا عن هذا التخاذل في قيامهم بواجبهم المهني السليم ؟.. أعطيكم دليلا آخر و دليل قاطع ، لي صديق عمل مدة من الزمن أكثر من مدة عملي كنادل في مقهى ، و سجل في صندوق الضمان الاجتماعي ، و كان يتقاضى تعويضات عن أبنائه الثلاثة لمدة 16 سنة ، و منذ ما لا يقل عن 3 سنوات تم سحب تسجيله في الضمان الاجتماعي من قبل رب المقهى هو 3 عمال آخرين و لما اتصلوا بمدير السجل في عمالة إقليم افران و قام بتحرياته في الموضوع و راسل إدارة صندوق الضمان الاجتماعي فان أي تحرك ايجابي لم يتم لغاية الآن و قد دخلت السنة الرابعة من هذه القضية ؟.... هناك نادل آخر عمل في مقهى و صاحبها لم يسدد الدين لصندوق الضمان الاجتماعي عندما قام بيع المحل لشخص آخر فتغير اسم المقهى و قام الأخير بدفع جميع الوثائق لخبير في الحسابات للقيام بالواجب و لكن الصدمة هي عندما رفضت إدارة ص و ض إ بالدار البيضاء تسجيل العمال في الصندوق بدليل أن صاحب المقهى الأول لم يؤدي الدين للصندوق ، و هنا أتساءل : أي قانون طبق في حقنا لحرماننا من حقوقنا المهضومة هاته ؟و عن جانب إخضاع حرفة " النادل " لهيكلة جمعوية أو نقابية كإطار يساهم في تنظيمها على غرار باقي الحرف بالإقليم ،اجمع متحدثونا على أن جل زملائهم في الحرفة بآزرو على وجه الخصوص من نادلين و بارمان والنساء النادلات و العاملات في المقاهي يفتقدون الثقة في تنظيم هاته الحرفة نظرا لعدة إكراهات وضغوطات تتسبب في تفعيل هذه النظرية .
و تبقى معاناة هذه الشريحة الواسعة من المجتمع الآزروي مستمرة ما لم تجد لحد الآن الآذان الصاغية لها و في انتظار أن تكون هناك مبادرة نحوها لضمان حقوقها.