الصفحات

الاثنين، 2 يناير 2012

التحزب بين الترغيب و الترهيب



محمد عبيد
لعل المرء قد يقف حائرا فيما يدعى إليه من الانخراط في المشهد السياسي و إلى تجاوز العدمية من حياته اليومية و العمل على المشاركة في العمل السياسي لأجل إرساء قواعد و ضوابط الديمقراطية التي تنشدها البلاد.. لكن السؤال الخفي الذي لا يجرؤ احد على طرحه أو مناقشته أمام ما يعيشه المشهد السياسي من جبروت و تعالي على العباد و البلاد معا: هل لنا فعلا أحزاب سياسية ديمقراطية من البناء إلى الممارسة؟

السؤال أحالني على الذاكرة كلما تذكرت مشاهدتي لفيلم لشريف عرفة « الإرهاب والكباب »، إذ قررت أن أضع هذا الفيلم في الصورة …في الفيلم شاهدنا مواطنا عاديا دخل الإدارة لقضاء حاجته الإدارية فتحوله بقدرة قادر من إنسان عادي إلى إنسان إرهابي، مما أربك الحكومة....ولما تكتلت القوى البشرية ، خرج المواطن سالما دون أن يحكم عليه ،لأنه في الأخير ضحية مجتمع بكامله ..هذا الفيلم جعلني أطرح السؤال التالي: ما هي العلاقة بين الأحزاب والإرهاب ؟.الجواب بسيط للغاية وهو أن كل فرد أراد أن يلتحق بالحزب لتحقيق طموحاته المتواضعة وإبداء أرائه وفرض شخصيته ، يجد في هذا الحزب عراقيل وحواجز ومتاريس ، لم تكن في الحسبان ، لأن في كل حزب نجد هناك فئة قليلة جدا هي التي تستحوذ على سلطة القرار ولا تسمح لهذا الملتحق بأن يتجاوز الخطوط الحمراء لهذا الحزب ،فيجد أن هذا الحزب الذي يدعو للديمقراطية هو بنفسه لا يطبقها ،فيظل تائها …تم يرحل إلى حزب آخر ، تم ثالث ،ثم رابع فيجد نفس الأسطوانة ونفس المشاهد .أما إذا قرأنا جرائد هذه ا لأحزاب ، نجد مقالات ضخمة و طنانة تدعو للديمقراطية وإعطاء فرصة للشباب وإعطاء الإمكانيات الضرورية ، فيعجبك قولهم ، لكن حين تلج إليهم ترى العكس.

ومن جهة أخرى أن الكمية الهائلة من الأحزاب تجعل الإنسان في دوامة الاختيار والانتقاء بحيث لا يستطيع أن يميز بين هذا الحزب أو ذاك..وكل حزب يلغو بلغوه، وأي لغو يراه الحزب أحسن من الآخر. فيظل الإنسان حائرا يسال عن الأجود ، أي حزب صالح ؟ أي حزب يمثل طموح الشعب ؟ أي حزب يفتح آفاقا للشعب ؟.والمبادئ والخصوصيات تختلف من حزب إلى آخر ..ومن تجمع سياسي إلى آخر …وكل حزب ، أرى بعض الرؤوس يستقطب الجماهير كسلا ليتم للوصول للهدف الشخصي ، لا كأطر فعالة داخل الحزب وداخل المجتمع .يقف الفرد ضائعا تائها ..فيكره الأحزاب وينزوي في جهة منعزلة ، من هنا ينفجر الوضع حيث تأتي جماعة فاسدة ما محاولة الاصطياد في الماء العكر ، فتصطاد الشاة المنعزلة وتعرض لهذا الفرد كل أنواع الجنة وتغريه بأموال طائلة فيخيل له موهما أن له قوة في اتخاذ القرارات تهم مصير الأمة ، فيقع ما لم يكن في البال ..تملؤه الجماعة بمتفجرات مسلوب البال والعقل فتسوقه من بعيد ، وهذه الجماعة تختار له المكان والزمان فينفجر في الوقت الذي يرغبون ويذهب في ذلك الأبرياء و الضحايا...من هنا يظهر جليا أن هناك علاقة كبيرة بين الأحزاب و الإرهاب ؟.وخطابات الملك في مناسبة عيد العرش صريحة تطالب فيها الأحزاب بأن تصلح بيوتها وتعيد هيكلة فروعها ومركزها ، وترمم بنود قوانينها ، وتطبق ديمقراطية فعالة ، وأهم في هذه الأحزاب ، هو ترميم الكتابة العامة أو الأمانة العامة بأن تكون مدتها أربع سنوات فقط للكاتب أو الأمين ، ولا يحق له بالترشيح لمرة أخرى حتى نعطي الحق للجميع ودما جديدا في التغيير .وأن تمارس ديمقراطيتها بنجاح ..آنذاك سينخرط الجميع في الأحزاب دون خوف أو تردد أو شك غالقين الباب أمام تلك الجماعات المشئومة التي تضرب من الخلف ، لأنها غير قادرة على الظهور ....أما المسيرة التي بدأت ضد الإرهاب الظالم الغاشم لم تقف ولن تقف ، ستواصل وستكمل الطريق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق