الصفحات

الأربعاء، 26 سبتمبر 2012


نحن " الخانزون" المفسدون ؟!










 قضية و موقف// محمد عبيد (آزرو)
نعيش في المدن وتعيش فينا هو حب أزلي ومتبادل بين المدن والإنسان المتمدن. هي كيان وعالم نؤثر فيه ويؤثر فينا...ليست المدينة أكثر من انعكاس لأصحابها، فقوتها ونظافتها وأناقتها، وانسجامها، هو انعكاس لقوة ونظافة وأناقة، وانسجام ساكنتها وأهلها ومسيريها... وما دامت مدننا بشعة، ومآثرها آيلة للسقوط، ونظافتها تحت درجة “الخنز” وينخرها الفساد… فبالنتيجة نحن "الخانزون"، الفاسدون، الجاهلون!!!
فليست المدينة إلا شوارع وحيطان وجذران وحدائق ونحن من نعطي قيمة وحياة لهذه الأشياء، نحن من نكسيها بطابع إنساني، نحن من نمنحها روحا ومعنى وقيمة ووجودا… فإذا زرت مدينة في المغرب فما تراه عيناك فيها يعود إلى ساكنتها، والمسؤولية الكاملة على عاتقهم. وكما هو لوبي الفساد والتخريب يخرب مدينتهم، على لوبي أبناء المدينة المواطن والغيور أن يتكتل ويموت من أجل أرض وتراب وجذران وتاريخ وروح مدينته...
وإذا أردنا وضع وصف أو تقييم للمدينة المغربية ماذا عسانا نقول ومن أين نبدأ؟ وكم من اللقطات المحرجة سنسجل؟ وكم من التجاوزات في حق المدن المغربية تحفظ لها مكانة متقدمة في الفساد والعبث والفوضى؟ مدن مغربية تتسم بالبشاعة والتسيب و اللا انسجام بين المدينة القديمة النواة الأولى، وبين التجزئات الحديثة، وهي بذلك مدن منفصمة الشخصية، ينتج عنها تشوه بصري مزعج للناظرين...مدن عملت الدولة على مخزنة أسماء شوارعها وساحاتها العمومية، وهي بذلك عملت على تهميش خطير لمقدرات الشعب المغربي ورموزه التاريخية ورجالاته وعظمائه، فكانت بذلك شوارع وساحات لا تنسجم وهوية الإنسان المغربي في تنوعه ورصيده التاريخي..مدن التجزئات “العصرية” و"الحديثة"! والتي آخر ما يلتفت إليه فيها الفضاءات الترفيهية والرياضية أو مواقف السيارات والمساجد أو المساحات الخضراء… وتكون هذه الفضاءات آخر الأشياء التي تدس دسا بعد ملئ مساحة المشروع بالشقق قدر المستطاع وحد التخمة، وبعدها يتم دس مسجد أو حديقة "عنوة"، بعد صراخ وتشكي ساكنة تلك التجزئة... بل وغالبا ما يتم الاستيلاء على المساحات المخصصة للفضاءات الترفيهية أو مواقف السيارات أو المسجد أو الحديقة واستغلالها من أجل شقق أكثر ضدا على ما هو موجود في التصميم العام للتجزئة أو دفتر الشروط...مدن مغربية بها "أسواق مغربية" مستنبثة داخل مزابل حقيقية، وموجودة في شوارع من الطين والحفر، أناس يبيعون الخضر والفواكه داخل مزابل حقيقية، وأفواج من الذباب، وأطنان من الديدان وداخل روائح في غاية الكراهة لا يطيقها عابرو السبيل والمتسوقون، فكيف للباعة تمضية معظم اليوم بجانبها؟! ولماذا وجود الأزبال أصلا؟ أليس من المفروض أن تكون بالسوق رائحة الخضر والفواكه التي تفتح شهية التسوق...مدن بمطارح للنفايات على بعد أمتار قليلة من نوافذ وأبواب الأحياء السكنية!!! مدن مغربية ببالوعات بدون أغطية تقي الأطفال والعميان والمارة من السقوط داخلها..مدن مغربية بأسلاك كهربائية للتوتر العالي عارية دون تغطية في أعمدة الإنارة العمومية، يذهب ضحيتها كل سنة العشرات من الأطفال والمواطنين، وتعيش تحت رحمتها وحدات سكنية كبيرة..مدن مغربية تتميز بانعدام الأمن، وتعيش تحت سطوة العصابات الإجرامية، ورحمة الفوضى والتسيب...مدن مغربية تتميز بالحفر بالعشرات والمئات، وشوارع بعلامات تشوير نادرة أو غير موجودة تكثر فيها الحوادث، وأزبال ومزابل دون حساب...مدن بمئات من المشردين والمتسولين يجوبون الشوراع وحول المحطات وعلى المقاهي في منظر مقزز للمواطنين وللأجانب...مدن بحدائق مسيجة! لا ندري لما هي غير مفتوحة للمواطنين لتتحول إلى متنفسات و فضاءات طبيعية يستفيد منها الجميع..مدن بواجهات منازل ومحلات فوضوية لا علاقة لها بالتناسق والجمال، بالجملة؛ لا ترى أي مجهود للبلديات والعمالات والولايات غير مجهوداتهم في الإهمال والتسيب وترك الحبل على الغارب بسبب الإلتهاء بملفات الفساد والمشاركة فيها ورعايتها واستدامتها...مدن مغربية توسعت بشكل متوحش، بضواحي بشعة صفيحية، وشبه مزابل، وقرى بدائية للإنسان المتوحش، لأسباب فساد في العمالات والبلديات ولأسباب انتخابوية أو لأسباب تتعلق بلوبيات العقار والمضاربات العقارية..مدن بحدائق تحولت بفعل الإهمال إلى مرتع للمجرمين واللصوص و قطاع الطرق بدل لعبها لدورها الطبيعي والترويحي والجمالي....مدن تبحث فيها عن المراحيض العمومية بـ"الريق الناشف" ولا تجدها...مدن تحول معها الوطن من خلال التعاطي الفاسد والماجن للدولة إلى “بقرة حلوب” يتحد الجميع من أجل حلبها واستنزافها بالقانون وباسم الوطن!!!
هي بالجملة، مدن تعكس ازدواجيتنا وبلبلتنا الفكرية وفسادنا الذي ينعكس على الجذران والشطآن والمواقع الأثرية والحدائق والشوارع بشكل واضح وجلي...
هي مدن إذن تسيرها عقلية سرقة الميزانيات، وعدم التخصص في البلديات والعمالات واحتكار لوبيات الفساد فيما بين المسؤولين والمقاولين، والمشرفين على تدبير وتسيير الشأن المحلي، الذي تغزو عقولهم عقلية المارشيات، والهموز، والتبليط والبيطون، الذين لا يعرفون لغة غير دك الأرض وتسويتها، وجرف الحدائق و"تكصيصها"، ولو على حساب الحدائق والمساحات الخضراء والمباني التاريخية والساحات العمومية التاريخية...
وكم يثير استغرابك حجم المال العام المهدور في توقف الكثير من المشاريع الحيوية لمؤسسات عمومية ناهيك عن  أسواق ومحلات تجارية ولقيساريات ولمسارح ولحدائق عمومية وأماكن ترفيه… بقيت أطلالا خاوية على عروشها بعد أن صرفت في بنائها أموال طائلة من المال العام..؟ إنه الفساد مقرون بعدم المراقبة والمحاسبة، البند الضمني الأساسي الذي تسير به الأمور بالوطن المسكين، بدل المسؤولية المقرونة بالمحاسبة البند الموجود على الورق الدستوري فقط..
و تبقى المدينة المغربية تناجي نفسها " أحبابي و هذا حالي !!! آش أندير؟ راضية باللي يجري يجرى لي."...... و هذا حالي؟! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق