التماسيح والعفاريت
رسالة إلى جريدة "الأحداث المغربية"
الجزء الأول
بقلم. عبدالحق الــريـــكي
رسالتي إلى إحدى
الجرائد الوطنية ليست لطرح قضية شخصية تهمني وليس لنشر مقال سياسي أو اقتصادي، بل
هي في المقام الأول رسالة عتاب أخوي وتوضيح لما صدر عن هذه الجريدة من مقالات متتالية
حول الصراع الاجتماعي ببنك القرض الفلاحي المغربي على إثر الإضراب الوطني والوقفة
الاحتجاجية لشغيلة البنك ليوم الجمعة 18 يناير 2013، حيث صدر عن الجريدة المذكورة
يوم 22 يناير 2013 أن " 1،0 في المائة فقط من شغيلة القرض الفلاحي استجابت
لقرار الإضراب" ومن بعد، يوم 29
يناير 2013 صدر عن نفس الجريدة مقالا آخر بعنوان "شغيلة القرض الفلاحي تنتظر
الإفراج عن المخطط الاجتماعي 2015" وأخيرا يوم 31 يناير 2013 مقالا آخر تحت
عنوان "شغيلة القرض الفلاحي تطالب برفع المعاش والتغطية الصحية".
وحتى يلم القارئ
وطاقم الجريدة بما سيأتي بيانه من معطيات وملاحظات وأفكار حول الخلفيات الحقيقية
للصراع الاجتماعي داخل بنك القرض الفلاحي وحول دواعي الإضراب وما رافقه من انتهاك
صارخ للحريات النقابية لا مثيل له في تاريخ المؤسسة البنكية وكذا تموقع مختلف
الفاعلين فيه مع أو ضد الحقوق النقابية والحريات الجماعية والفردية بعلاقتهما مع
الوضع السياسي والاجتماعي بالمغرب، أود تقديم بعجالة المعطيات التالية:
إن زمن الربيع
الاجتماعي يلوح في الأفق ولا مناص منه داخل مؤسستنا الإنتاجية التي ما زالت تعيش
في زمن غابر وكأن المجتمع لم يعش هزات ومخاض نتيجة الربيع العربي وحركة 20 فبراير
والدستور الجديد. إن مَوْجَة المطالبة بالحقوق والعدالة والكرامة والمساواة
والمواطنة الحقة لا بد أن تنتقل إلى داخل الإدارات والأبناك والشركات الكبرى
والمتوسطة. إن ما يقع داخل القرض الفلاحي لا يمكن فهمه بدون الرجوع إلى أهم
التحولات المجتمعية في الجسم المغربي.
انطلاقا مما ذكر
فإن بنك القرض الفلاحي للمغرب يعيش على غرار العديد من المؤسسات الإنتاجية
والخدماتية على وقع احتقان اجتماعي أهم عناصره: التضييق على الحقوق والحريات
النقابية، تهميش الإطارات الحقيقية المدافعة عن الشغيلة، نهج سياسة منح الامتيازات
لأقلية من المحظوظين حتى يشكلوا طابور خامس للدفاع عن الإدارة ومخططاتها، توجيه
ضربات لكل المناضلين الأحرار لإسكات صوتهم وتخويفهم وترهيبهم حينا وشراء ذممهم
حينا آخر ولكن أيضا ظهور جيل جديد من المناضلين من النساء والرجال تواقين إلى
العمل داخل مؤسسة تحترم الأجير وتمنحه حقه في التعبير عن مطالبه كما هو الشأن على
الصعيد العالمي.
إن وضع الاحتقان هذا
ليس وليد اللحظة. بل هو واقع حي داخل المؤسسة منذ يونيو 2011 حين قررت إدارة البنك
بطريقة مفاجئة وانفرادية وضح حد ل"جو الحوار" الذي كان سائدا داخل البنك
ما بين الإدارة ومندوب الأجراء المناضلين الحائزين على أغلبية المقاعد في انتخابات
مندوب الأجراء لسنة 2009.
لقد وقع انقلاب
على الشرعية الانتخابية وقررت إدارة البنك عدم التقييد بمذكراتها التي أصدرتها سنة
2009 والمتعلقة بدور ومهام اللجان المتساوية الأعضاء من لجنة متابعة الحوار
الاجتماعي، اللجنة الاجتماعية، لجنة المقاولة، ولجنة حفظ الصحة والسلامة. اللجنتين
الأخيرتين لم تجتمعا قط منذ إعلان تكوينها ورغم إلزام قانون الشغل على عقد على
الأقل اجتماعين لهما في السنة. أما لجنة متابعة الحوار الاجتماعي واللجنة
الاجتماعية فكانتا تعقد اجتماعات دورية وكانت تصدر عنهما قرارات اجتماعية وإدارية
في صالح المستخدمين والأطر، لكنها مع الأسف جمدت منذ يونيو 2011.
لم تبقى الأمور
في حدود الانقلاب على الشرعية الانتخابية. بل تعداه إلى وضع مخطط رهيب لشراء ذمم
مندوب الأجراء المناضلين حينا وترهيبهم وقمعهم واتخاذ قرارات عقابية في حقهم تارة
أخرى. وكذلك توزيع الأموال يمينا ويسارا على البعض الآخر إذ وصلت بعض الزيادات
الشهرية في الأجر مبالغ خيالية تفوق 5.000 درهم و8.000 درهم، و12.00 درهم ويقال
بقوة أنها وصلت زيادة شهرية في الأجر ب15.000 درهم. إن صحت هذه الزيادات (الإدارة
لم تكذب إلى يومنا هذا هذه الأرقام) فإن العِتَاب لن يأتي من الفقراء وحدهم بل
أيضا من خبراء البنك الدولي الذين سيعتبرون قرارات مثل هذه تشكل خطورة كبيرة على
النسيج المجتمعي المغربي وأنها ستساهم في إيقاظ الفتنة والثورة.
أمام هذا الوضع
الغريب داخل بنك القرض الفلاحي، قررت مجموعة من المستخدمين والأطر يوم 21 أبريل
2012، تأسيس نقابة جديدة داخل المؤسسة بعد غياب الفعل النقابي لأكثر من 13 سنة، هي
الجامعة الوطنية لمجموعة القرض الفلاحي للمغرب المنضوية في إطار المركزية النقابية
الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.
إذن، الصراع
الاجتماعي بالقرض الفلاحي ابتدأ منذ يونيو 2011 رغم أن ارهاصاته كانت حاضرة وبادية
منذ أمد بعيد وعرف تصعيدا مع رجوع الفعل النقابي مرة أخرى في أبريل 2012.
لقد شكل هذا
الميلاد صدمة كبرى لإدارة البنك لأنها وضعتها أمام تحديات ورهانات أخرى، أهمها
أنها لم تعد في مواجهة مندوب أجراء منعزلين، بل في مواجهة نقابة ومركزية ذات
تمثيلية. ورغم كل النوايا الحسنة للمركزية النقابية ولنقابة شغيلة القرض الفلاحي
ومطالبتها لقاء إدارة البنك ومحاورتها حول الملف المطلبي للشغيلة، ارتأت إدارة
البنك الاستمرار في انتهاك الحقوق والحريات النقابية ووضع كل العراقيل في وجه
النقابة وعرقلة عملها وشراء مناضليها وترهيب البعض الآخر وسن سياسة فرق تسود داخل
فئات الشغيلة.
وحتى لا تبقى
الإدارة وحدها في مواجهة الجامعة الوطنية لمجموعة القرض الفلاحي تم التخطيط،
مباشرة بعد الإعلان عن عودة النقابة داخل البنك، لخلق إطارات قريبة من الإدارة
تدعي تمثيل المستخدمين والأطر. هكذا تم خلق تباعا الإطارات التالية:
-
لجنة الإنقاذ والتقويم، مشكلة
من مندوب الأجراء المقربين من الإدارة ومن الذين انفصلوا عن مندوب الأجراء
المناضلين ويترأسها، عبدالمولى عبدالمومني، إطار بالقرض الفلاحي ومندوب الأجراء
المنفصل عن مندوب الأجراء المناضلين في يونيو 2011. قيل الكثير حول هذه اللجنة وعن
شرعيتها وعن اسمها، خاصة أنه هناك لجنة أخرى للإنقاذ والتقويم في العالم هي تلك
التي شكلتها المستشارة الألمانية أنجيلا مركيل لإنقاذ اليورو وتقويم أوروبا. فالكل
تسائل عن دور هذه اللجنة، هل هي إنقاذ القرض الفلاحي من أزمة مالية أو مجتمعية
وتقويم ماذا؟ الكل تسائل إن كان ممكنا تشكيل لجنة مثل هذه في مؤسسات بنكية
كالتجاري وفابنك، بنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير على سبيل المثال؟ ولماذا
بقيت إدارة البنك ساكتة ومدعمة لعمل لجنة الإنقاذ والتقويم هاته؟
-
أمام هذه التساؤلات
الأخيرة ومحدودية عمل إطار لجنة الإنقاذ والتقويم، تقرر المرور إلى خلق شكل تنظيمي
آخر في مواجهة التنظيم النقابي. هكذا أقدم عبدالمولى عبدالمومني على خلق جمعية
مستخدمي وأطر القرض الفلاحي وأصبح رئيسها. هنا أيضا تناسلت الأسئلة، لماذا لم يعمل
عبدالمولى عبدالمومني على خلق فرع للإطار النقابي الذي ينتمي إليه ألا وهو
الفيدرالية الديمقراطية للشغل؟ لماذا توجه لخلق إطار جمعوي (على شاكلة جمعيات
السهول والوديان لزمن مضى) عوض إطار نقابي وهو الذي صعد إلى رئاسة التعاضدية العامة
لموظفي الإدارات العمومية بفضل النقابات الوطنية والذي يتبجح كلما أتيحت له الفرصة
بالإشادة بالنقابات وبفتحه للحوار معها في التعاضدية العامة؟ وكيف سمحت إدارة
البنك باختراق بند أساسي من الدستور يقر أن المطالب الجماعية للشغيلة هي من اختصاص
النقابات وليس الجمعيات؟ وهل يمكن تصور جمعيات على شاكلة جمعية القرض الفلاحي في
بنك المغرب، البنك الشعبي والبنك المغربي للتجارة الخارجية؟ أسئلة مقلقة لإدارة
القرض الفلاحي ولعبدالمولى عبدالمومني وخاصة أنه أصدر بلاغات علنية يطالب من
خلالها حق جمعيته أن تكون محاورا اجتماعيا على غرار النقابات؟ والأخطر أن هناك
مسؤولين داخل البنك يروجون أن هذه الجمعية هي في الحقيقة نقابة. فلأي مركزية
نقابية تنتمي إذن؟
-
ولم تكفي إدارة البنك
وعبدالمولى عبدالمومني هذه الإطارات السالفة الذكر فزاد إطار جديد وهو لجنة ممثلي
القرض الفلاحي بالتعاضدية العامة وأقحمها في مطالب تتعلق بالزيادة في الأجر وتحسين
التقاعد، ليس في التعاضدية العامة بل في القرض الفلاحي.
هكذا أصبح بالقرض
الفلاحي إدارة البنك وجمعياتها ولجانها "الشعبية" من جهة في مواجهة
الشغيلة والنقابة الوحيدة الموجودة داخل البنك إلى يومنا هذا، الجامعة الوطنية
لمجموعة القرض الفلاحي المنضوية في إطار الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.
لقد بحثت عن وضع
كهذا داخل قطاع الأبناك على الصعيد الوطني والعربي والإفريقي والأوروبي والعالمي
ولم أعثر عن شيء يشبه ما يقع داخل القرض الفلاحي. وجدت أن في الدول الديمقراطية، هناك
نقابات تشتغل داخل الأبناك وليس هناك أي اثر للجنة إنقاذ أو جمعية أو ما شابه ذلك.
أما في دول أخرى فلا نجد نقابات وإن وجدت فهي نقابات رسمية تابعة للحزب الوحيد أو
لإدارة البنك، حتى في هذه الدول لا مجال للجنة إنقاذ أو جمعية. الغريب أنه وجدتُ
أنَّ الصين الشعبية حيث النقابة موجودة ولكن تابعة للحزب وللإدارة تم الإقرار
مؤخرا أن التنافسية والاحتقان الاجتماعي والضغط الدولي، يتطلبان فتح تدريجيا باب
الترشيح والتصويت السري وتمكين الشغيلة من انتخاب مندوبها النقابيين وليس
الجمعويين أو الإنقاذيين.
إنه وضع استثنائي
وفريد لمؤسسة القرض الفلاحي للمغرب التي مكنت من إفراز وتشجيع هذه الأشكال
التنظيمية الهجينة والتي لا سند قانوني لها لا في الدستور المغربي الجديد ولا في
قانون الشغل وهذا الأمر يجب أن يشغل بال كل النقابات والأحزاب وجمعيات ومنظمات
حقوق الإنسان، لأنه يطرح إشكالا قانونيا وسياسيا ومجتمعيا. تصوروا أن يتم تعميم
هذا النموذج داخل الإدارات والمؤسسات، فإننا سنصبح أمام "سيرك" حقيقي
للتمثيلية الاجتماعية.
أما غرائب وعجائب
هذا الزمن هو كوننا نجد شخصا واحدا يترأس هذه الإطارات الثلاثة، هكذا فإن
عبدالمولى عبدالمومني، رئيس التعاضدية العامة، هو في نفس الوقت رئيس لجنة الإنقاذ
ورئيس الجمعية ورئيس لجنة ممثلي القرض الفلاحي في التعاضدية العامة؟؟
سيقول قائل وما
العلاقة ما بين عبدالمولى عبدالمومني ورسالة عتاب وتوضيح لجريد "الأحداث
المغربية"؟
سيكون جوابي على
هذا السؤال بعض إمداد القارئ الكريم وطاقم جريدة "الأحداث المغربية"
بمعطيات لا تصل إلى القارئ والمتتبع للشأن الاجتماعي والسياسي الوطني حول ما يدور
داخل القرض الفلاحي.
لقد كنت وجهت
رسالة إلى عبدالمولى عبدالمومني في بداية شهر يونيو 2012 (رسالة إلى صديق...
تجدونها عبر تصفح موقع البحث غوغل) أوضح
من خلالها صفقة عبدالمولى عبدالمومني مع إدارة بنك القرض الفلاحي مقابل تخليه عن
هيئة مندوب الأجراء المناضلين وفكه الارتباط بهم، وطالبته وأنا صديقه منذ 1996 إلى
حدود يونيو 2011، بالرد الأخوي على أسئلتي. هل تعلمون ماذا كان رده؟ هو المطالبة
عبر رسالة موجهة لإدارة البنك وتم نشرها في المواقع الإلكترونية ( تجدونها أيضا
عبر تصفح موقع البحث غوغل) تقديمي للعدالة وإلا سيكون مضطرا تقديم هذا العبد
الضعيف ورئيس القرض الفلاحي للعدالة.
بطبيعة الحال لم
يقدمني للعدالة ولا قدم رئيس إدارة البنك للعدالة. أما الأسئلة الموجهة إليه فبقيت
بدون جواب إلى يومنا هذا. وحتى يتمكن القارئ من معرفتها، اعيد تقديمها في ما يلي:
-
هل مول القرض الفلاحي كل
سفريات عبدالمولى عبدالمومني بالطائرة ومصاريف الإقامة في إفريقيا وأوروبا وأمريكا
الشمالية والجنوبية ضمن المهام الدولية للتعاضدية العامة ؟ وهل يحق له كرئيس للتعاضدية
أن تكون له مصالح مالية شخصية مع أطراف لها علاقة بالتعاضدية العامة كون شغيلة
القرض الفلاحي منخرطة في التعاضدية العامة؟ هل لا يشكل هذا مساس باستقلالية قراراه
الإداري والمالي؟ وهو إن صح فهو كاف لتقديمه الاستقالة من رئاسة التعاضدية.
-
هل حقا استفاد عبدالمولى
عبدالمومني بزيادة شهرية في حدود 15.000 درهم في أجره منحته له إدارة بنك القرض
الفلاحي؟ وهل يعتبر أن هذه الزيادة معقولة ومستحقة خاصة أن كل جهده وعمله كان
متوجها إلى التعاضدية العامة وهذا ما دوام هو بنفسه على إخبار الرأي العام الوطني به
عبر بلاغات صحفية عن مهامه العديدة وطنيا ودوليا في إطار التعاضدية العامة؟
-
هل بالفعل يتوصل بأجره
الشهري كاملا من القرض الفلاحي حتى بالنسبة لتلك الأيام التي يكون فيها في مهام
داخل وخارج الوطن في إطار التعاضدية العامة ؟
-
ما هي الامتيازات الممنوحة
له منذ تبوءه رئاسة التعاضدية وقراره فك الارتباط مع مندوب الأجراء المناضلين
الذين واكب مسيرتهم منذ سنة 1996 إلى يونيو 2011؟
لقد طرحت عليه
هذه الأسئلة لأنه كان وما زل يدعي النضال والدفاع عن الحقوق والمستضعفين وسأزيده
اسئلة أخرى علانية خاصة أنه ما زل نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام
بالمغرب وأصبح منذ المؤتمر الأخير للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عضو مجلسه
الإداري.
قلت أنني أنتظر
أجوبة على أسئلتي السابقة وسأزيده أخرى أعرف أنها ستؤلمه ولكن هذه هي ضريبة أن
يصبح الإنسان وجها عموميا ومعروفا، عليه أن يقدم كلما طلب منه ذلك حسن سيرته حتى
يستطيع الحصول على ثقة من يريد تمثيلهم والتحدث باسمهم والدفاع عنهم.
لقد أصبحت مطالب
الشفافية والمحاسبة شعارات المرحلة. وأصبح القانون يلزم كبار المسؤولين الإداريين
بتقديم جرد لممتلكاتهم وممتلكات عائلتهم عند تبوئهم مناصب المسؤولية وحين مغادرتهم
لتلك المناصب. فما بالك بالمناضلين والداعين الدفاع عن الشعب وقضاياه العادلة.
في هذا الإطار
أود وأكيد سيود القارئ معرفة الوضع الاجتماعي لعبدالمولى عبدالمومني قبل وبعد تبوئه
لمهام رئيس التعاضدية العامة؟ هل هو مستعد للدخول في هذه اللعبة وقبولها وخاصة أن
معركته ضد الرئيس السابق للتعاضدية كان دائما يطالب منه، أي من محمد الفراع، جردا
لممتلكاته وممتلكات عائلته وأرصدته وأرصدة عائلته قبل وبعد أن أصبح، محمد الفراع،
رئيسا للتعاضدية.
وحتى أساعده على
القيام بهذه المهمة النبيلة والضرورية، أخبره بوضعي ووضع عائلتي. أنا إطار ببنك
القرض الفلاحي منذ ما يزيد عن 29 سنة، أي أكثر قدما من عبدالمولى عبدالمومني، وأتوفر
على دبلومات عليا أكثر منه، لكن وضعي الإداري لا يصل إلى ربع وضعه وأجري أكيد لا
يتعدى 25 في المائة من أجره والامتيازات التي يحظى بها لا يمكن لي أن أحلم بها.
فهل يتفضل ويشرح للقارئ الكريم كيف حصل على هذه الامتيازات وعلى سلم إداري عالي ومنصب
مدير كبير؟
أطلب منه أن لا يتوقف
عن القراءة، هناك المزيد... أخبره وهو المُطَّلِع على كل شيء بالقرض الفلاحي أن
أجري الشهري الخام لا يتعدى 28.000 درهم وأن أجري الصافي لكوني أنتمي إلى الفئة
المتوسطة الغارقة في الديون هو 9.000 درهم ناقص اقتطاعات خارج البنك لفائدة إحدى
مؤسسات القروض، يبقى بالتمام والكمال 6.000 درهم. ولدي عائلة من طفلين ما زلت
أتحمل عبئهما مع زوجتي التي تشتغل وتوفر ما يكفي لكي نعيش. هذا الأجر لم يتغير منذ
سنين.
فهل يتفضل ويتشجع
وهو العضو القيادي بالهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب بالإعلان عن أجره
الخام والصافي قبل وبعد تبوؤه مسؤولية التعاضدية العامة وما هي الزيادات التي منحت
له خلال الفترة الأخيرة وهل صحيحا أن أجره أصبح يفوق بقليل أو كثير أجر رئيس الحكومة
المغربية السيد عبدالإله ابن كيران؟
وحتى تكون
المقارنة شاملة، أخبره وهو يعرف ذلك، أنني أمتلك سكن اقتنيته بقرض من البنك سنة
2000 وما زلت أقطن فيه إلى يومنا هذا وأسدد أقساطه وسأبقى أسدد هذه الأقساط إلى أن
يصل سني 65 سنة أي خمس سنوات من بعد تقاعدي وهذا يشكل لي ضغطا نفسيا قويا كَوْنه يعرف
أن معاشي ومعاش العديدين من أمثالي بالقرض الفلاحي ضعيف وهزيل للغاية. كما أملك
سيارة حتى هي سأسدد أقساطها للبنك لفترة طويلة. هذا كل ما أملك أنا وعائلتي، أما
رصيدي البنكي فهو دائما في حدود الصفر إن لم يكن تحت الصفر.
أما، عبدالمولى
عبدالمومني، فكان خلال فترة نضاله النقابي السابق ومحاربته للفساد بالتعاضدية
العامة يحكي لنا أنه يكتري بيتا بسلا وأن سيارته اقتناها مستعملة وأنها تخلق له
متاعب كل مرة. من بعد وضع، عبدالمولى عبدالمومني، طلبا مع المئات من المستخدمين
والأطر للفوز بإحدى المنازل ضمن العمارات التي بناها القرض الفلاحي بالرباط لفائدة
مستخدميه. وبالفعل فاز بواحدة منها سنة
2010 قبل أن يصبح رئيسا للتعاضدية العامة.
بعد مرور سوى
ثلاث سنوات على اقتنائه لهذا السكن بقرض بنكي، تتحدث الألسن عن اقتنائه لعقار بالشمال
وتتحدث خاصة عن بناءه لسكن فاخر (فيلا بالفرنسية) والذي هو في طور البناء بضواحي
الرباط. إن تكون العقارات في اسمه أو اسم عائلته فهذا لا يمنعه من التصريح
بممتلكاته العقارية بعد أن أصبح رئيسا للتعاضدية العامة وكذا أرصدته البنكية.
ألا يجد،
عبدالمولى عبدالمومني، الأمر غريبا. أنا أملك سكن بقرض منذ سنة 2000 وما زلت أسدد
أقساطه إلى يومنا هذا وهو لم يمتلك سكنه إلا سنة 2010 ومن بعد ما أصبح رئيسا للتعاضدية
العامة وفي حدود سنتين بدأ في بناء مسكن فاخر ويقال مساكن فاخرة بتمارة ويقال أيضا
بالصخيرات؟ وبالمناسبة، هل المسكن الفاخر الذي يشيده عبر قرض بنكي أم بالكاش أم
بماذا؟ إنه سؤال عادي لأنه إطار ببنك ولديه قروض فكيف يمكن له الحصول على قروض
أخرى. أناشده أن يعطي وصفته السحرية للطبقة المتوسطة المغربية الغارقة في الديون
والتي تبحث كيف الحصول على قروض أخرى وتحسين وضعها الاجتماعي وهكذا سيقينا شر السياسات
العمومية التي لم تستطيع منذ عقود من حل هذه الإشكالية الكبرى.
لأوضح شيء أساسي.
إنني لست ضد حق المواطن امتلاك العقارات والتوفر على الأرصدة بل بالعكس أفرح حين
أرى أن مواطنا نجح في عمله وتدرج اجتماعيا وأصبح ثريا بعرقه وفكره ومجهوداته. لكني
أتحدث هنا عن من يستعمل النضال وشعارات الشفافية ومحاربة الفساد وحماية المال
العام لأغراض غير تلك المعلنة. هنا من مسئوليتي أن أجهر بالحقائق وأن أدلي بدلوي
وذلك أضعف الإيمان.
وفي انتظار رد
عبدالمولى عبدالمومني على طلباتي، ومحاورتي كمناضل ديمقراطي يؤمن بالنقد وحق الرد
والفصح عن أجره وممتلكاته وعقاراته وأرصدته قبل وبعد تبوؤه رئاسة التعاضدية
العامة، أخبر القارئ الكريم عن تناول العلاقة ما بين ما يقع داخل القرض الفلاحي
وعبدالمولى عبدالمومني ومقالات جريدة "الأحداث المغربية" في الجزء
الثاني من هذا المقال.
إطار بنكي
الرباط، 05 فبراير 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق