الصفحات

السبت، 16 فبراير 2013



 إصلاح صندوق المقاصة نعمة أم نقمة ؟
قضية و موقف// محمد عبيد (آزرو) 
منذ طرح و مناقشة صندوق المقاصة تعددت التصورات على المستوى السياسي، والنقابي، والجمعوي من حيث طريقة إصلاحه، فبات الموضوع بين الرأي و الرأي المضاد في عدد من المحافل و المواقع... و سنقوم في هذا الركن لإثارة الرأيين معا و لفسح إعادة قراءتهما لمن يهمهم الأمر...
"ثبت أن خمس السكان المغاربة الميسورين يستفيدون من نسبة 43 بالمائة من الدعم الموجه من طرف صندوق المقاصة، لذا أصبح إصلاح نظام المقاصة مطلبا ملحا لأن المقاصة بشكلها الحالي تثقل كاهل الدولة دون أن تتحقق الأهداف الاجتماعية التي وضع من أجلها هذا الصندوق، و ذلك بسبب كلفته التي ارتفعت خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير دون أن يحقق العدالة الاجتماعية المطلوبة...إذن فإن النظام الحالي أثبت محدودية فعاليته وقصور أهدافه الأمر الذي يتطلب بالضرورة تجاوزه...و في نفس الوقت فإن إصلاح هذا النظام الاقتصادي و السياسي له كلفة باهضة لكن الحكومة عازمة و مصرة و لن تتأخر عن المضي في تنزيل هذا الإصلاح بعد استكمال كل مراحله." هكذا يرى احد المسؤولين اقليميا في حزب بنكيران الوضع، و هكذا يتساءل عن إصلاح صندوق المقاصة هل هو ضرورة أم ماذا؟ في حين اعتبر راي  آخر و هو معارض إصلاح  صندوق المقاصة يجب الفهم بأن المشكل لا يكمن في الدعم المقدم، ولكن في أداء الاقتصاد الوطني ككل... وتحسين الأداء يكون بإصلاح التعليم والصحة والقضاء، وبعد ذلك عندما تدور عجلة الاقتصاد ويتضخم منتوجنا الوطني الداخلي سيصبح مبلغ الدعم هزيلاً بالنسبة لما تنتجه الدولة... حكومة السيد بنكيران قررت التخفيف عن أعباء الحياة لحوالي ثلاثة ملايين ونصف مليون بتقديمها منحة شهرية بقيمة 600 درهم على الفقراء، هل سيلتفت أي مغربي بعد ذلك لأي حزب آخر ولأي سياسة أخرى ؟ طبعاً لا، المغربي لا ينتظر 600 درهم كل شهر، المغربي لا يريد صدقة، بل يريد مدرسة ومستشفى في المستوى، ويريد نقلاً عمومياً في المستوى، و يريد شغلاً يكسب منه دخله بكرامة وعزة....بل ينتظر برنامجاً واقعياً لتحقيق الازدهار والإقلاع والإصلاح... تحرير الأسعار بهذه الطريقة العشوائية سيقتل الطبقة المتوسطة التي تحقق نوع من التوازن داخل البلاد، والتي يستحيل تحقيق الإقلاع الاقتصادي دونها... وسيقسم البلاد إلى طبقتين، الأغنياء والفقراء..الأغنياء وهم قلة، والفقراء وهم الشريحة الواسعة التي ستعيش بالدعم المقدم من طرف الحكومة ولن تستطيع الاستغناء عنه في يوم من الأيام.. فالسيد رئيس الحكومة ينوي رفع الدعم تدريجياً على المواد الاستهلاكية الأساسية (الدقيق، السكر، المحروقات، الكهرباء ...)، وتوزيع منحة شهرية بقيمة 600 درهم على 3,5 مليون أسرة فقيرة (حسب تعريف الفقر عند حكومتنا الموقرة).
و يستنتج من الرايين ان صندوق المقاصة هو ضرورة مثل باقي ضرورات الإصلاح التي تهم صناديق أخرى...لكن نسبة كبيرة من المغاربة حذرون من طريقة الإصلاح التي تتبناها الحكومة والتي لا تحتاج فقط للكفاءة بل للجرأة في معالجة هذا التحدي من كل الجوانب، من المنبع ومن المصب... أما اتخاذ القرارات التي تعتبرها الحكومة قرارات شجاعة برفع الأسعار فقط، أضن والله أعلم أنها قرارات سهلة تعتمد على مدى تحمل هذا المواطن الصبور لأعباء العيش والتقشف المتزايد سنة بعد سنة... فأتمنى من حكومتنا الرشيدة أن تراعي شعور ومصالح هذا الشعب وأن تنتبه من غضبه كما قال الشاعر المصري هشام الجخ في قصيدته التأشير "وخافوا إن هذا الشعب حمال وإن النوق إن صرمت فلن تجدوا لها لبناً ولن تجدوا لها ولداً" و في رأي آخر جاء انه لأجل مصداقية حقيقية لما يتم  به التفكير او تسطيره في ان صندوق المقاصة أولا يلزم ان تنفد قوانين الضرائب على مستوردي السلع من الخارج،على الأغنياء أصحاب العديد من السكنيات والفيلات، علي من لا يؤدون ضرائب البيوت والمحلات التجارية، على مرتكبي أخطاء حوادث السير وتوقيف السيارات في الشوارع والدروب الممنوعة،على من يخرق القانون ،وفي نفس الوقت تكوين قطر الإنتاج والتصنيع بالمغرب لتشغيل البطالة، تكوين صندوق دولي خاص بالفقراء والبطاليين والعجوزين والمعطوبين تعود الاستفادة منه للضعفاء والبطالين عن طريق ورقة الكترونية مرتبطة بحساب بنكي كما هو بالولايات المتحدة الأمريكية تحمل رقم كل واحد خاص به لمدى الحياة، وان تفرد الدولة عقوبات صارمة لمن زوروا او حرفوا او تآمروا على السرقة من صندوق الدولة وأموال الضعفاء، ومن الأحسن بناء بيوت لكل الضعفاء ولكل من ليس له بيت يأويه وان تكون مقاولات بنائية خاصة ببناء السكن، وان يساهم باليد العاملة المستنفعون من هذا المشروع فالأراضي موجودة... ولماذا كثرة الفقراء بدون سكن وهذا يخفض من دفع اجر الكراء من الصندوق الدولي . 
"صندوق المقاصة لمن؟ هذه هي الخرافة" هي العبارة الاكثر رواجا بين المناقشين لهاته الحالة ... هذه تحتاج دولة مهيكلة تعرف دخل المواطن..وإذا ما اعترفنا أن الطبقة المتوسطة ( وهي اليوم شبه فقيرة)والطبقة الفقيرة هم 90 في المائة، فلا داعي لمراجعة صندوق المقاصة، المستفيدون قد لا يزيدون عن 15 في المائة، والمراجعة سوف تضُرُُّ ب 85 في المائة، في دولة ليست لها إحصاءات إلا عن طريق الشيوخ والمقدمين، وليس بضوابط علمية و تقنية عملية ... على واضعي و مهندسي هاته العملية ان يرجعوا بأنفسهم إلى الله لأنهم سيساهمون في السرقة قد ستحصل كذلك في أماكن أخرى و يجعلون من صندوق المقاصة ضحية، لاستحلال تفقير هذا الشعب ... إصلاح صندوق المقاصة يبدأ من تخفيض أجور الوزراء أولا وإرجاع سيارة الدولة والاستغناء عن الاستفادة منها لقضاء الحاجات الخاصة و كذا فرض سياسة تقشفية بالنسبة إلى التنقلات والتجهيزات الغير ضرورية مع إزالة كل التعويضات الخيالية للمسؤولين دون ان يترتب عنها أي فائدة عملية سوى اغتناء واستنزاف ميزانية الدولة وليس بزيادة المواد الأساسية التي هي أصلا مرتفعة الأمر الذي يخلق نوعا من عدم الاتزان وتوسيع هامش الفقر وقتل الطبقة المتوسطة ....
يرى البعض من المغاربة ان  صندوق المقاصة يخدم مصالح الفقراء فقط والمشكل هو الكيفية التي وجب ألا تكون نقودا  مباشرة لأنها سوف تصرف وتنتهي، ولا تنتهي هذه الحلقة المفرغة بل يجب ان تعطى كمشاريع مذرة للدخل وهناك الكثير من المشاريع وان بقي شيء من الصندوق وهذا المبتغى ان يرفع الحد الأدنى من الأجور لكي تتماشى مع المتطلبات الكثيرة التي تضمن العيش الكريم لكل المغاربة . زيادة المواد الأساسية والتي ستنهك المواطن العادي.. إصلاح يثقل كاهل المواطن ويقضي على قدرته الشرائية وأي إصلاح يريد توسيع قاعدة الفقراء؟ أي إصلاح يعطي امتيازات و إعفاءات ضريبية لوزراء ويمنحهم سيارات؟ .. هذه هي بعض من أسس إصلاح صندوق المقاصة ان كانت فعلا هناك نيات صادقة و بريئة تريد تحسين شروط العيش و تحقيق التنمية الاجتماعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق