الصفحات

الثلاثاء، 2 أبريل 2013


قضية و موقف//



محمد عبيد (آزرو)    

هل يوجد دخـــــان من غير نـــــار؟
 نار بدون دخان.. مثل شعبي .... لماذا هناك دخان أبيض ودخان أسود... أسود من الليل، أبيض من اللبن، أخف من الريش، أثقل من الجبل بمثابة غاز... ماذا يدعى لهب النار الخالص الذي لا دخان فيه..
في بعض الأحيان يكون المثل صحيح و يكون فعلا هناك سبب او اثر دل على حدوث شيء ولكن في بعض الأحيان تكون النار والدخان بفعل فاعل..
"لا دخان بدون نار"، مقولة تتناقلها الألسن بشكل واسع جدا.. فعلا  المجتمع يستخدم هذه المقولة كثيراً ولكن ليس لفرض الإشاعات كمقولة ، يؤمنون بها.. ولكن كأخلاق وسلوك ، تنطلق هذه العبارة حين ترويج كلام يعتبر بالإشاعة او سماع كلام على شخص و من غير تأكد من صحة هذا الكلام كمقولة خاطئة أم صائبة .. فإذا كان الجل يسلم بان الإشاعات أمر مفروغ منه، فان المقولة : "لا دخان من غير نار" برأي العديد من المناقشين لها، أنها كلام على شخص ما  صحيح و إلا لما انتشر عليه...
ولا خبر في الدنيا من غير أن يكون هناك نار تشعله ....لن أتحدث عن الأمر من ناحية فيزيائية، لأن الأمر شبه محسوم...فما هي حقيقة المقولة؟
فلقد اعتاد أكثر الناس عند سماعهم خبرا أوله " نفى فلان او نفت الجهة الفلانية ....." وكأن كلمة نفى مرتبطة ارتباطا أزليا من المقولة المذكورة !!.. دعونا نتساءل بداية  أليس ما يسمى بالشائعات دخان بلا نار … اقصد هل تحتاج الشائعة لتصبح على قيد الحياة أي نار..إذن فهناك أدخنة بلا نار وهذا ينفي صحة المقولة أعلاه.
والحق أنني لا اعلم هل لا زالت مقولة لا دخان بلا نار صحيحة- من ناحية علمية بعد التقدم الهائل الذي حصل في العلم و التكنولوجيا وما شابه منذ قيلت المقولة او المثل المذكور أم لا؟- لكنني اعلم ان هناك قنابل دخانية لا نار لها، وان ظن البعض ان دخانها ناتج عن نار..
ولو صدقنا مقولة "لا دخان بلا نار" لوجب علينا تصديق كل الأكاذيب التي تردنا يومياً، وفي هذه الحالة فكلمات مثل: كذب وتلفيق وافتراء، يجب حذفها من القواميس اللغوية، لأنه (لا دخان بلا نار!!!). وأوضح الأمثلة على وجود النار بلا دخان هي ما يسمى بالإشاعات في العامية والشائعات بالفصحى …فليس أسهل على من يتقنون فن التضليل الإعلامي والتلويث الفكري من ان يخترعوا خبرا لا أصل له ولا فصل، وربما كان مناقضا بشكل واضح للعقل والنقل ..ومع ذلك يجدون من الجهلة و السذج والمغفلين -إضافة إلى الخبثاء والمفسدين -من يتلقف الخير ويردد مقولة لا دخان بلا نار …لا دخان بلا نار…. أما سمعتم مقولة جوبلز – وزير إعلام هتلر أيام النازية " اكذب.. اكذب.. اكذب" …فسرعان ما يصدقك الناس"؟؟!! قال تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً}...و "لو خرجوا فيكم مازادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا اخلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم"
وهكذا شخّص القرآن نقاط الضعف في الصف الإسلامي التي تتسلل من خلالها الإشاعات المعادية إلى داخل الصف {وفيكم سماعون لهم} …والمرجفون هم الناس الذين يرددون أخبارا مختلقة بقصد إشاعة الرعب في صفوف الأمة ولهذا وصفوا بالمرجفين. و السماعون لهم هم الذين يتلقفون الخبر ويرددونه بلا إعمال للعقل ولا رجوع للأحكام الشرعية. ولهذا فإنني أقول ان هناك الكثير من الأدخنة التي لا نار لها ..ومخترعو هذه الأدخنة ان لم يتوبوا – واجزم بان بعضهم لن يتوب ،لأنه لا يؤمن بوجود جنة و لا نار في الآخرة – فنار جهنم ودخانها مثوى لهم!!!
ولنأخذ مثالا مشهورا جدا عند المسلمين كنموذج لخبر بناقض مقولة ” لا دخان بلا نار”…فقد ورد في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه فلما أراد التوجه لغزوة بني المصطلق خرجت القرعة على أم المؤمنين عائشه، فتوجهت معه، وجعل لها هودج… فلما كان آخر ليله من رجوعهم إلى المدينة تخلفت في طلب عقد كان لأختها أسماء، فساق المسلمون الهودج وساروا به دون ان ينتبهوا ان صاحبته ليست فيه،لأنها كانت خفيفة الوزن آنذاك…فلما رجعت عائشة بعد رحلة بحثها عن العقد ،لم تجدهم فمكثت مكانها متوقعة أن يعلموا بفقدها فيعودوا ليأخذوها فغلبها النوم، فمر بها صفوان بن المعطل-وكان يعرفها قبل آية الحجاب- فبرك ناقته و ولاها ظهره وصار يذكر الله جهرا حتى استيقظت ،فحملها على الناقة ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم صحوة، فأشاع عبد الله بن ابي سلول- لعنه الله- الافك..واتهم أم المؤمنين عائشة والصحابي الجليل صفوان بن المعطل بالعلاقة الآثمة!! وانتشر الخبر ..وتباينت ردود فعل القوم آنذاك تجاه الخبر ما بين قائل لا دخان بلا نار، ومابين مكذب للخبر الذي يتناقض مع عقيدة المسلمين في الرسل وأزواجهم الطاهرات …ولنسمع للخبر وردود الفعل المختلفة عليه من الناس في المجتمع الإسلامي آنذاك لنر موقف القران من مقولة لا دخان بلا نار. قال تعالى”إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرَّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ” إذن القرآن وصف الخبر- الذي يتناقض مع الإسلام الذي قرر ان نساء الرسول طاهرات لا يزنين ولا يأتين بفاحشة – وصف الخبر بأنه افك، أي مخترع، ولا أصل له... وهكذا يوصف كل خبر يناقض القطعي من الأدلة الشرعية او العقلية فلو سمعنا عن رسول انه زنى – كما ورد في بعض الكتب التي يسمونها مقدسة – فواجبنا الشرعي يحتم علينا وصف ذلك الخبر بأنه افك، لان الأنبياء معصومون عن الخطأ بأمر الله ،فيستحيل عليهم ان يرتكبوا المعاصي..
فليس كل دخان يدل على ان هناك نارا ..بل هناك أدخنة مخترعة بلا نار!! ويحذرنا الله من تكرار مقولة لا دخان بلا نار في كل مرة نسمع فيها خبرا.. في قوله تعالى "يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق