الصفحات

السبت، 24 أغسطس 2013

الجميل في مهرجان أحيدوس بعين اللوح .....

 محمد زروال / باحث فغي الثقافة الأمازيغية- خنيفرة
 (البوابة الالكترونية "فضاء الأطلس المتوسط" آزرو)
العالم جميل يكفي أن نملك المنظار الخاص لاكتشاف ذلك الجمال والتأمل فيه والاستمتاع به،  والانغماس فيه إلى درجة الحلول حسب تعبير رجال التصوف،  العالم جميل ما علينا إلا أن نسرق لحظات من حياتنا المليئة بالهموم والمحن لننفرد بذواتنا في زوايا تسمح لنا باكتشاف منابع الجمال .  حطت عيناي الرحال مؤخرا ببلدة عين اللوح الجميلة على هامش مهرجانها السنوي لأحيدوس الذي أصبحت له مكانته الخاصة ضمن جغرافية المهرجانات الثقافية بالمغرب.  احتفت ساكنة عين اللوح وزوارها هذه السنة بالدورة الثالثة عشر للمهرجان على أمل مواصلة هذا التقليد في السنوات القادمة بإبداعات جديدة شكلا ومضمونا.
الجميل في مهرجان عين اللوح أن الوصول إليه  من الطريق الوطنية رقم 8  يجعلك تولي وجهك شرقا لتواجهك أشجار البلوط الأخضر التي ترسم لوحات تشكيلية على السفوح المطلة على بلدة عين اللوح ، التي ارتبطت عند سكان " فازاز" الأطلس المتوسط منذ عقود بالفن الأمازيغي الأصيل رفقة اليوسفي بن موحى المعروف برويشة عين اللوح والفنانة فاطمة أتحديدو وأشعار زاقا عسو  والمعروفة أيضا  بفاكهة الكرز " حب الملوك  " اللذيذة.
الجميل في مهرجان عين اللوح أن رجال الدرك لا يشددون طيلة أيام المهرجان في مراقبة سيارات النقل السري للسماح لأكبر عدد من سكان القرى والبلدات والمدن المجاورة بحضور المهرجان ، وفعلا فسكان أمغاس وسيدي عدي وسوق الأحد وعيون أم الربيع ...  يغتنمون الفرصة للهروب من ثقل العمل اليومي وروتينيه و يهرب الفلاحون من مشاكل  حياتهم الزراعية وتعب فصل الصيف  ليهاجروا موسميا  إلى حيث الرقص والشعر والمرح والجمال،  والأجمل أن الرحلة إلى عين اللوح لا تستثني إلا  من يحرسون المنازل والمواشي،  ومن لم يحضر في اليوم الأول يحظى بالحضور في اليوم الثاني أو الثالث .
الجميل في مهرجان عين اللوح هو ذلك الفضاء الذي يحتضن فعالياته ، فهو على شكل ساحة طبيعية تشبه  " الأكورا" عند الإغريق ،  يتوسطها الملعب البلدي لكرة القدم وفي جانيه الأيمن تتربع المنصة الرسمية التي تتعاقب عليها الفرق المشاركة ابتداء من الثامنة ليلا إلى ما بعد منتصف الليل طيلة أيام المهرجان.  وفي جنبات الملعب من جهة الشرق أقيمت مدرجات لمتابعة مباريات كرة القدم ويتنافس عليها الجمهور الذي يحضر للمهرجان لأنها تسمح بمشاهدة بانورامية للمهرجان والجلوس فيها أحسن من  الجلوس بمقربة من المنصة الرسمية، وفي المستوى الثاني من جهة الشرق دائما يصطف جمهور غفير بمحاذاة الطريق الرئيسة التي تخترق وادي أجعبو في اتجاه عيون أم الربيع.
الجميل في مهرجان عين اللوح هو تلك الخيمة الأمازيغية الأنيقة الشامخة التي تربعت العشرات منها في " أجعبو ن عين اللوح"، خيام تستهوي بأحجامها و اكسسواراتها ونقوشها زوار البلدة، الجميل كذلك داخل الخيام تلك الزرابي الحمراء و" إحربل ن موزون" الأمازيغي الذي ألهمت رموزه كبار الفنانين التشكيليين، والأجمل أن الحرف الأمازيغي" ياز" حاضر بقوة في الخيام الأمازيغية وأكثر من ذلك حضر العلم الأمازيغي في أمكنة كثيرة قي فضاء المهرجان  رغم حرص المنظمين على أن لا يصل إلى المنصة الرسمية .
الجميل في مهرجان اللوح أن الضغط الذي حصل في شبكة الاتصالات بسبب كثر ة الزوار جعلت الكثير من الذي حضروا إلى عين اللوح يعودون إلى نمط حياتهم العادية قبل تعميم شبكة الاتصالات وأصبح البحث عن صديق أو قريب كالبحث عن الإبرة وسط كومة من القش.
الجميل في مهرجان عين اللوح هو تلك الرقصات العفوية التلقائية التي تسبق الاحتفالات الرسمية فأمام كل خيمة ووسط الساحة ينخرط العشرات من الزوار ذكورا وإناثا رفقة الفنانين في رقص جماعي شعبي بدون شروط ، يستمر في بعض الأحيان حتى بعد بداية الحفل الرسمي.
الجميل في مهرجان عين اللوح أنك تلتقي أناسا يحبون الحياة ويقبلون عليها دون تعقيدات ، وتلتقي أصدقاء تجمعك معهم نفس النظرة للحياة، يستمتعون بالأشعار الأمازيغية ويحللونها ويغوصون في دلالاتها ومعانيها .
الجميل في عين اللوح أن منظمي المهرجان يفكرون من الآن في النسخة الموالية للمهرجان ويعدون زوار و سكان المدينة بتقديم الأفضل وتجاوز هفوات  الدورات السابقة وفاء لاستمرار عاداتنا وتقاليدنا و انتمائنا، وأختم بالقول أن مهرجان أحيدوس لا يستهدف الرقص فقط ، بل له نتائج عميقة على مستوى حفظ ذاكرة الإنسان الأمازيغي التي تستهدف ليل نهار  من طرف التيارات العروبية وألسنة العولمة المتوحشة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق