الصفحات

الجمعة، 27 ديسمبر 2013

الفائض من الاساتذة بين السنة والفرض في افران

الفائض بين السنة والفرض في قطاع التعليم الإبتدائي
أو
حين تصبح وضعية فائض امتيازا يتنافس عليه المتنافسون في قطاع التعليم بنيابة إقليم إفران
البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط/آزرو-محمد عبيد
في الوقت الذي اعتاد فيه العاملون بقطاع التعليم خلال السنوات الماضية التسابق على ضمان مقاعد لهم بحجرات الدراسة مخافة السقوط في وضعية فائض وما يترتب عن ذلك من مخاطر التكليف بمواقع الخصاص، أضحى الوضع مقلوبا خلال الفترة الحالية بعد أن أصبح مصطلح فائض أو احتياطي مرادفا في كثيرا من الحالات للبقاء في عطلة مفتوحة وتقاضي الأجرة دون أداء أي مهمة.
والمتتبع  للشأن التعليمي الإقليمي بنيابة إفران وقف على الكيفية التي تم تدبير الموارد البشرية بهاته النيابة،ذلك أن هذا الموسم 2014/2013 عرف البت في جل إجراءات الحركات الانتقالية والتعيينات الجديدة، عمليات تدخل في إطار الترتيبات والإجراءات المتخذة من طرف مصالح النيابة لضمان دخول مدرسي مستقر، تماشيا مع استراتيجية الوزارة في هذا الشأن، كما قدم النائب الاقليمي للوزارة قبيل افتتاح الموسم الدراسي توضيحات وتوجيهات لمدراء المؤسسات التعليمية، حاثا على مستوى تحسين تدبير الزمن المدرسي بسلك التعليم الابتدائي لإعطاء نفس جديد للمدرسة العمومية المغربية وتوفير مناخ ملائم يراعي حاجات التلاميذ للارتقاء بأدوار المدرسة العمومية المغربية وحماية الحق في التعلم الجيد بالنسبة لتلميذات وتلاميذ القطاع العمومي...
وإذا ما أجمعنا على أنه عادة ما يسبق كل دخول مدرسي تطلعات وتنبؤات تبعث على القلق والتخوف من تحقيق انطلاقة سليمة عادية، فالموسم الدراسي لهذه السنة 2014/2013 سبقته قرارات جاءت لضبط الاختلالات وإقرار توازن بين المؤسسات التعليمية وكذا من أجل إرجاع المصداقية التي كانت مفقودة في المدرسة العمومية….
و بالوقوف هلى واقع الدخول المدرسي بهذا الاقليم، فجدير بالذكر أن الدخول المدرسي بإقليم إفران ألزم الفاعلين والشركاء في هذا القطاع الحيوي بضرورة التعاون من أجل التدبير الجيد للموارد والطاقات المتوفرة والمتاحة، مع تحديد ما هو أولوي وأساسي لضمان دخول مدرسي في مستوى تطلعات المجتمع... مشاكل من العيار الثقيل ومعطيات تجبر المصالح النيابية رغم أنفها إلى سن حلول ترقيعية في ظل قوانين تحاصر صلاحيات النواب لتدبير الشأن التعليمي الإقليمي مما يجعلهم أمام قساوة المساطر وجمودها وضرورة الالتزام بها وفي وضعيات يصعب فيها تكييف القرار والالتزام بمضمونه...  وقد سجل المتتبعون بكل أسف الشلل الواضح في تدبير فائض بالوسط الحضري مقابل خصاص بنفس الوسط، مما يؤدي إلى الإكتضاظ وضم المستويات الدراسية وتفشي شبح العشوائية وبقاء تلاميذ بدون أستاذ سيما في ظل تواجد الفائض خاصة بالتعليم الابتدائي بالوسط الحضري.. الفعل الإداري التربوي الذي أفرزته المذكرة الوزارية رقم 97، التي خلفت جدلا واسعا في أوساط الشغيلة التعليمية لعدم فهم مضمونها وعادة ما تسبب هذه المذكرة في ارتباك العملية التعليمية في ظل تماطل الإدارة في عدم البت في عملية إعادة انتشار الفائض لسد الخصاص في المؤسسات المجاورة مما قد ينتج  توقفات عن الدراسة ويكون الضحية هو التلميذ..
إن أمر الواقع يدعو إلى وجوب التحلي بكثير من الخبرة والتمحيص لرصد هذا الواقع الغريب في العديد من المؤسسات التعليمية خاصة بالمجالات الحضارية، حيث أفضى تراكم الأطر التربوية بمؤسسات المدن – خاصة السلك الابتدائي بآزرو – إلى عطالة عشرات الأطر التربوية في ظل محدودية المجالات المتاحة لتشغيلهم بعيدا عن القسم، اللهم بعض الاجتهادات المحسوبة على رؤوس الأصابع حيث يتم تشغيل البعض من هؤلاء الاحتياطين في تقديم حصص لدعم المتعلمين أو القيام بمهام إدارية.
حلقة أخرى من حلقات هذا المسلسل الدرامي عايش الرأي العام التعليمي  كتابة فصولها حين أقام بعض الفائضين الدنيا ولم يقعدوها لا لشيء إلا لأنهم كلفوا بمهمة التدريس بصفة مؤقتة بمؤسسة أخرى تعاني خصاصا في هذا الإطار، وكأن في ذلك مسّا خطيرا بحق مقدس من حقوقهم واعتداء شنيعا على مكسب انتزعوه بشق الأنفس وأصبح التنازل عنه من سابع المستحيلات، وبطبيعة الحال لم يكن صعبا على هؤلاء إيجاد المبرر الملائم للتهرب من مسؤولياتهم التي يتقاضون أجورهم لقاء القيام بها، فهناك المذكرة 97 المشؤومة التي فتحت الباب للمتقاعصين عن أداء واجبهم حتى ينعموا براحة مدفوعة الأجر بدعوى أن مجموع نقطهم يحميهم من أي تكليف، كما أن الصورة لن تكتمل واقعيتها السوداوية إذا لم تتم الإشارة إلى استقواء البعض الآخر بانتمائهم النقابي أو معارفهم من ذوي النفوذ القادرين على التدخل لجعلهم في منأى من أي تكليف قد يعكر صفو عطلتهم المستمرة منذ شهور الصيف.
في كل هذا الواقع المرير يحز في النفس أن تقع الإدارة الإقليمية في خطأ الرضوخ لضغوط هؤلاء على حساب حق الأطفال الصغار في تمدرس تتوفر فيه أبسط الضروريات (حجرة دراسية وأستاذ)، وإلا كيف يفسر التخبط الذي عالجت به الإدارة الإقليمية مشكل الخصاص بمدرسة فاطمة الفهرية  بآزرو حين كلفت أستاذتين وأنهت تكليفهما دون أن تتجاوز مدة التحاق كل واحدة منهما - بهذه المؤسسة - الأسبوع الواحد،  لتعودا أدراجهما إلى مؤسستهما الأصلية حيث بلغت تخمة الفائضين بها إلى رقم قياسي +8، مخلفتين وراءهما قسما من 30 تلميذا لم ينعموا بدراسة عادية كزملائهم منذ بداية الموسم إلى حد الساعة، وضع كاد ان يفجر احتجاجات عارمة لأمهات وآباء وأولياء هؤلاء التلاميذ الذين ضاقوا ذرعا من منظر أطفالهم وهم يعودون كل يوم بخفي حنين من مدرستهم في ظل الغياب المزمن لأستاذ في مدينة يقارب فيها عدد الفائضين من المعلمات والمعلمين حوالي الأربعين .
وحتى نكون موضوعيين بما للكلمة من معنى فلابد من التأكيد على أن الأمانة الأخلاقية تستدعي الاعتراف بأهمية العمل والإخلاص الذي يتحلى به بعض هؤلاء الفائضين واجتهاداتهم في المساهمة الإيجابية للرقي بواقع التعليم في مؤسساتهم، اجتهاد تعكسه مواظبتهم اليومية في ارتياد مقرات عملهم والتزامهم بالفترة الزمنية القانونية مع الانخراط  في كل نشاط من شأنه مساعدة طاقم التدريس والإدارة في أداء رسائلهم على الوجه الأكمل، غير أن هذه الفئة الغيورة على المدرسة العمومية لا يمكن مقارنتها بفئة أوسع احترفت الغياب المستمر أو الظهور والانصراف المفاجئين من مقرات العمل  خاصة في ظل تراجع الحضور الوازن والقوي للمفتشين بالمؤسسات التعليمية، لتبقى الآمال  في تغيير هذا الواقع المرير مرتبطة بالأساتذة الفائضين أنفسهم والمدعويين إلى المساهمة الفعالة في تطوير الواقع التعليمي بمؤسساتهم، وكذا  قدرة رؤساء المؤسسات التعليمية على تشغيل الفائض المتوفر لديهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق