الصفحات

الخميس، 13 فبراير 2014

رجاء..لا تجعلوا المجتمع المدني قبضة في أيديكم كعرائس من قصب؟

رجاء..لا تجعلوا المجتمع المدني قبضة في أيديكم كعرائس من قصب؟

قضية و موقف//
البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو/محمد عبيد   
تعتبر رياح السموم من أشهر أنواع الرياح الموسمية في العالم، وهي من أكثرها ضرراً وأذى، وتهبُّ على مجتمعنا المغربي في فصل الربيع، وتمتد حتى مطلع فصل الصيف غالباً، وهي رياح الخماسين، إلا أنَّ رياح السموم أقوى بكثيرٍ من رياح الخماسين.. تؤدي هذه الرياح في المناطق التي تهب فيها، إلى ظهور الحيوانات الضارية بكثرة مع نشاط الأفاعي والعقارب، وقد تتسبب في إحداث بعض الأعاصير، فينتج على إثر هذه الأعاصير التي يصاحبها نشاط هائل للرياح والأتربة والرمال، مع سقوط الأمطار الغزيرة. يبدو أن رياح السموم والخماسين التي تهب على مجتمعنا، هي نفسها التي أصيبت بالإعصار، وحلت بها الكارثة، ونزلت بها المصائب.. وكما كان بعض المغاربة  يظنون أن هذه الرياح تحمل معها سحائب الأمطار، وبركة السماء، فكانوا يخفون لاستقبالها، ويستبشرون لهبوبها، ويتهيأون بعدها لجني حصادهم، وجمع ثمارهم، خصوصا وان المغاربة كسائر العرب استبشروا خيراً بحلول الربيع، فصفقوا له، واستبشروا به، وخرجوا في الشوارع مهللين ومرحبين به، ظانين أنه موسم الخير، وفصل العطاء، وفيه ستحل البركة، وستنزل الرحمة، وسيتساوى المواطنون، وستعود إليهم كرامتهم، وستعاد إليهم حقوقهم، وسينعمون بالحرية والديمقراطية، وسيعم مناطقهم الإنماء والإعمار، وسيكونون كغيرهم منعمين مرفهين، يتمتعون بخيرات بلادهم، ويستفيدون من ثروات أوطانهم، فكانت فرحتهم بالربيع القادم عليهم كبيرة، لا تضاهيها فرحة، ولا تقلل منها دروس الماضي ولا عبر التاريخ... ولكن الربيع العربي كان كالسموم العربية شتت الشعوب، وهبت رياحه الساخنة على كل مكانٍ، محملةً بالأتربة والغبار، فأعمت العيون، وصدعت الرؤوس، وأصابت النفوس بالمرض، بعد أن أعيتها درجات الحرارة المرتفعة، التي أضرت بالعقول والشيوخ، فأضاعت الحكمة، وتاه الحكيم وحار الحليم، وتشتت ذهن المفكرين المستبصرين، فما عادوا يفقهون ما يحدث، ولا يعرفون كيف يخرجون من مأزقهم، ولا كيف يرجعون إلى سابق عهدهم، وماضي أيامهم.
وكما كانت رياح السموم الحارة، والخماسين المتربة المعفرة، تخرج الأفاعي من جحورها والعقارب من أوكارها، وكل الضواري من مكامنها، تلدغ وتقتل، وتخيف وترعب وترهب، ولا تفرق في الاعتداء على فريساتها، بين طفلٍ صغير، أو امرأةٍ، ولا بين شابٍ وكهلٍ وعجوز، فقد أخرج الربيع العربي أفاعي الأمة وعقاربها، وأطلق شياطينها ومردتها، فتآمروا عليها، وانقلبوا على أحلامها، وافسدوا كل إصلاح منشود وأسقطوا أمانيهم، وهووا بآمالهم العظيمة.
عندنا مجتمع يصطلح عليه تسمية"مخمج"؟ من وراء هذا الخمج؟ الأحزاب السياسية أساسا .. و سياسة تمييع خلق بل تفريخ من صلبها أفول جمعيات كعرائس من قصب  تدسسها وسط المجتمع وتدعي أنها مجتمع مدني؟ للأسف.. التشويش و تمييع سياسة التفرقة بين المجتمع سيما منه بعض المجتمع الذي للأسف لا يمكن وصفه إلا ب"المخمج" عندما تمارس بل تعتمد على رياح السموم والخماسين، فهل تتوقف بعض العقليات المتحكمة في عقول قاصرة اجتماعيا وسياسيا عن تمييع ودس رياح السموم والخماسين؟ أخشى أن تأتي هبوب هذه السموم في آخر محطة على بقيتها التي اعتادت اللعب بالنار أن تهب عليها؟.. و هذا ما لا يخدم البلاد والعباد والوطن كاملا بقدر ما يكرس لسياسة تكليخ الشعب ومغالطته بهبوب رياح التغيير التي فقط تبقى شعارات أمام تحكم لوبي القرار في الشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية من نخب تستفيد بل تستغل "كلخ" المجتمع وتزيد من تكليخه مع ظهور "الربيع الذي لا يمكن أن نصفه إلا بالحشيش العربي" ( وقفات احتجاجية باش ما جاب الله بحال فليو غير حك شويا ويعطر الجو كامل..و لقاءات لا تستند على الموضوعية في مواضيعها تتحكم فيها عقلية التصفية سواء الشخصية أو السياسية من اجل التموقع وتبادل مواقع التموقع...و أفراد من المجتمع غير متشعبطين في القوافل هاته -على شكل "الكوتشيات" كأطفال "عاجباهم التقليزة وراء الكوتشي" ولا يهمهم شيء آخر من عواقب تلك "التقليزة"؟؟؟
فكيف نريد من شعب أن يكون مخلصا وصادقا، وهذا الشعب يعيش الغبن ويضحي بحياته في سبيل كل ما ارتبط بالوطن؟..وعندنا في المغرب عقليات لا هم لها عدا استعباد العباد وترى في هذا الشعب سوقة  جهلةٌ وغوغاء، لا يفهمون ولا يعقلون، وكالبهائم يساقون، تقودوه بعصا كالقطيع، وتغره بالعشب والكلأ ظناً منها أن شرفاء أبناء هذا الشعب جياعٌ فقط، يبحثون عما يملأ بطونهم، ويروي ضمأهم. وتتناسى أن هذا الشعب حر أبي لا يقبل الضيم ولا ينام على الظلم، وتهمه كرامته ويسعى لتحقيق عزته، عقليات أصبحت تتحكم في أرزاق الناس وأعمالهم، ظانة أن المواطن العادي مهما كان غبيا لا يفهم ولا يعي، وعبدا مسلوب الإرادة لا يثور ولا يغضب.
الواقع صار حافلا بالمتناقضات، التي صارت ملهاة للبعض، ومأساة للبعض الآخر بالاستعباد والاستبداد والاستغلال وامتهان الكرامة الإنسانية، ومن هذه المتناقضات، التي أصبحت متداولة بكثافة في الأوساط السياسية والفكرية، والحقوقية: الديمقراطية، والأصولية، نظرا لغياب الديمقراطية بمعناها الحقيقي من واقع المجتمع المغربي، وفي مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. التناقض الذي يتجلى، بالخصوص، في كون الحضور المكثف للأصولية، كمعبر عن الهوية، التي تميز الشعب المغربي، كبقية شعوب البلدان العربية، وباقي بلدان المسلمين، يؤدي، بالضرورة، إلى حضور الاستبداد القائم، بنفس الكثافة في الحياة في الحياة اليومية، للمغاربة، أو من أجل حضور ما يمكن تسميته بالاستبداد البديل، الذي يسعى إلى الوصول إلى السلطة، وبنفس الكثافة.
إنها حربٌ في كل مكان، وفي كل زمان، وهي مرضٌ ووباء ومصيبةٌ وابتلاء، وهي ظاهرةٌ سيئةٌ لا يكاد يخلو مجتمعٌ أو دولةٌ منها، مهما إدَّعى الناسُ الصدق والإخلاص، والتجرد والتفاني والولاء وحب الوطن والتضحية من أجله، والفناء في سبيله، ومهما علا شعار "الله، الوطن، الملك"، فإنهم يكذبون فيه وينافقون برفعه، ويتظاهرون بالدعوة إليه، ويخدعون الناس بترداده، لأنهم في الحقيقة يعملون لأنفسهم، ويسعون لمصالحهم، ولا يهمهم الشأن العام، ولا مصالح العباد، إنما الذي يعنيهم من الأمر كله أن يكونوا هم في المواقع المتقدمة، ويتصدرون المناصب الرئيسة والمراكز الأولى، ولو كان ذلك على حساب الكفاءات والطاقات، وأهل الفضل وأصحاب الحق، ممن يستحقون المنصب أكثر منهم،الذين ثبت إخلاصهم، وتحقق ولاؤهم، وظهرت أمارات تجردهم، وصدق زهدهم وعفافهم.
كلُ من يبحث عن منصبٍ، أو يسعى لموقعٍ ومكانة، أو يرغب في إزاحة غيره، وعدم تمكين منافسه، رغم أن الذي يدفع ثمن هذا التنافس، وضريبة هذا التدافع المقيت، هو الشعب وحده، الذي يفقد أمنه وسلامته، ويخسر استقراره وطمأنينة باله على نفسه وبيته وأهله.
النتيجة جمود البلد، وتعطل الحياة، وانكماش الاقتصاد، وتدهور أحوال الناس المعيشية، وانشغالهم جميعاً بلقمة العيش ونفقات الحياة...فارفعوا أيديكم عن دس سمومكم في أوساط المجتمع المدني ولا بد لهذا الآخر أن ينتفض لكي لا يبقى مجرد عرائس من قصب في أيدي المتربصين به لخدمة أغراضهم المسمومة مستحكمين به، ومسيطرين عليه، وآخذين بتلابيبه، تكاد تخنق أنفاسها، وتنهي الحياة على أرضها، وقد جعلتها خراباً، وقلبت عاليها سافلها؟ وبالتالي يفرز لنا مجتمعا بل "مخمجا" مدنيا تتلاعب به الأقدار والقدرات النخبوية بكل مستوياتها فرجاء..لا تجعلوا المجتمع المدني قبضة في أيديكم كعرائس من قصب؟.. فأخطر أنواع البشر في المجتمع هم أولئك الذين يمثلون دائما دور الضحية...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق