الصفحات

الجمعة، 26 سبتمبر 2014

مهزلة القضاء:حكاية جعجعة بلا طحن في قضية بين مكناس وآزرو

مهزلة القضاء بين جاهزية المساطر وعجزها
 حكاية جعجعة بلا طحن في قضية بين مكناس وآزرو
البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد
منحت المحكمة الابتدائية بأزرو السراح المؤقت في حق موظفين بالمستشفى الإقليمي ومستخدم بمحطة للبنزين فيما أمرت بإيداع السائق (العامل بالمستشفى) السجن مع وضع المسرحين تحت ذمة التحقيق...
وجاء هذا القرار بعد أن كانت قد تفجرت قضية مقايضة بونات بنزين بالمال ادعى مدير المستشفى أنها تمت خلال فترة عطلته الصيفية، وقد جرت التحقيقات الأولية بوضع المشتبه فيهم والمشاركين في هذه العملية رهن الحراسة النظرية كانت مثار استنفار المدير الذي اجتهد في التنازل عن متابعة الموظفين والمستخدم متشبثا بمتابعة السائق فقط  وكون النيابة العامة لم تخضع مباشرة لهذا التنازل تم سلك طريقة مناوءة للمسطرة القانونية المتعلقة باختلاس المال واستعمال أختام الدولة والتزوير والمشاركة فيها، ولتعرف القضية جملة من التطورات التي خلفت في شأنها العديد من علامات الاستفهام حول تنازل مدير المستشفى وحول المراحل التي رافقت مرحلة وضع المتورطين رهن الحراسة النظرية، من بين هاته التساؤلات: لماذا تشبث المدير بمتابعة السائق فقط؟ وهل فعلا هي عملية انتقامية كما يروج بقوة داخل الجسد الصحي لتصفية حساباته مع السائق النقابي؟ وهل هناك فعلا أيادي أو جهات أخرى تدخلت في الموضوع لستر الفضيحة التي ارتبطت باختلاس أموال الدولة؟ وهل السائق وحده مسؤول عن هاته الفضيحة؟ وكيف للمدير أن طمأن عائلات الموقوفين بأنه يعمل جاهدا على عدم تقديم الموقوفين للمحاكمة ولو اقتضى الأمر تقديمه استقالته من منصبه كما سمعه البعض في مكان عمومي على مستوى شارع الحسن الثاني بالمدينة عند حديثه لأحد الأشخاص المقربين من أحد الموقوفين؟.. وهل فعلا أن فضيحة مقايضة البونات حديثة العهد؟....
 هذه النتيجة المتحصل عليها مساء بإبقاء السائق وحيدا متهما رئيسيا في الواقعة سبقها صباح نفس اليوم استغراب الرأي العام بمدينة آزرو لخبر تلف المسطرة التي ستمكن العدالة سواء بأزرو أو بمكناس من التسطير على أو تحت العنوان المناسب للملف المرتبط بتورط 5اشخاص من بينهم 4موظفين تابعين للمستشفى الإقليمي بأزرو في اختلاسات أموال عمومية واستعمال أختام الدولة والتزوير والمشاركة فيه والذي كان موضوع شكاية تقدم بها مدير المستشفى يوم 23شتنبر الجاري...إذ بعد أن تم فتح التحقيق من قبل الضابطة القضائية للشرطة بالمدينة وبعد وضع المشتبه فيهم تحت الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المحلية والتي بعد استقبالها للموقوفين وجهت ملفهم للوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمكناس صبيحة يومه الجمعة 26شتنبر 2014 تحت مبرر عدم الاختصاص إلا أن هذا الأخير بعض اطلاعه على الملف وعدم وقوفه على عنوان القضية التي لم تحددها النيابة العامة بمحكمة آزرو بدوره أعلن عن عدم اختصاصه في النازلة وليتم إرجاع الموقوفين إلى محكمة آزرو..وما أثار الغرابة في هذا الملف -حسب مصادر ضليعة- كون الوكيل العام استفسر عن نوعية الملف: أهو جنحي أم جنائي؟؟؟؟؟؟؟؟
استغراب الرأي العام الآزروي رافقته بعض مواقف الامتعاض وأخرى الاستهزاء من هذه الإجراءات حيث لاكت الألسن تساؤلات مثيرة حول سير القضاء المغربي منها: أفعلا أصبح القضاء المغربي عاجزا عن معالجة مسؤولة لملفات الفساد التي تشعشع في الإدارات العمومية والتي يتلقى عنها شكايات عنوانها بارز"جناية" لمال عام يدخل في اختصاص هذا القضاء سواء من خلال توصله بالشكايات أوأيضا بتدخله المباشر في جرائم مال عام انتشرت أخبارها وشاعت بل زكمت روائحها في إدارات عمومية؟...
هذا الموقف المثير يذكرنا بالرواية العالمية للشاعر والكاتب الإنجليزي وليام شكسبير في مسرحيته "جعجعة بلا طحن/Much Ado About Nothing" والتي تجمع بين عناصر المرح القوي مع تفكر أكثر جدية على الشرف والسياسة...دفع الرأي العام أيضا إلى الاستغراب كيف أن هذا القضاء يسهل عليه الحكم في قضايا مشابهة تهم بسطاء الناس في سرقات ذات صبغة اجتماعية (حالة خادمة والية جهة الغرب) في حين يقف موقفا حرجا أمام قضايا تهم المال العام؟ إشارات أخرى يثيرها الرأي العام بخصوص سير القضاء ذلك عندما نكشف الهمسات المتداولة في المجالس الخاصة والعامة بخصوص موقوفين في قضايا المخدرات وأنواعها، إذ يستحضر هذا الرأي العام بإقليم إفران أنه إذا كانت شرطة مكافحة المخدرات تجتهد في إيقاف المتعاطين أو المتاجرين أوالمروجين لهذه السموم فكيف أن المساطر والأحكام تكون جاهزة لتفعليها على أيها الناس في حين يتم إطلاق سراح البعض ممن ليسوا من أيها الناس؟ ومن النماذج المسجلة هذه الأيام الأخيرة إيقاف الشرطة القضائية بالمنطقة الإقليمية بمدينة إفران لطالب من جامعة الأخوين و4أشخاص بتهمة ترويج مادة الكوكايين إلا أن الطالب تم إطلاق سراحه في حين تم الاحتفاظ بالباقين؟... الحديث عن الأحكام الغير المتباينة في قضايا أخرى هي مواضيع الرأي العام بإقليم إفران الذي فسر أن بعضا منها فقط لدرء الرماد في الأعين... أحكام مثيرة للجدل سبق وأن تطرقت إليها أيضا الألسن منها أحكام قضية أداروش في قتل الأبقار وما عرفته من تأخير (بدعوى التحقيقات) ليكون النطق مطابقا للمقولة الرائجة"تمخض الجبل فولد فأرا"؟..
لا نشكك ولا نطعن في نزاهة رجال القضاء بالمنطقة لكن ما يدعو للإثارة هو:"هل فعلا يخضع هؤلاء لضغوطات في أداء مهامهم رغم ما يرفع من شعار استقلالية القضاء؟" خصوصا وأن موضوع استقلالية القضاء يستأثر بالاهتمام والنقاش سواء داخل الجسم القضائي أو خارجه للتعبير عن استقلال هذا القضاء وإصلاح منظومة العدالة في المغرب والذي لن"يتحقق إلا باستقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية"، أمام عدم  تفعيل مبادئ الدستور الجديد لضمان حرية واستقلالية أوسع للعمل القضائي وجعل القضاء سلطة مستقلة عن باقي السلطات، حيث ينص الدستور على أن "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية، وأن الملك هو الضامن لاستقلال القضاء فضلا عن أن هناك  نقطة، ركز عليها الفاصل التاسع بعد المائة (109) الذي يحمل القضاة مسؤولية استقلاليتهم عندما منع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء مشددا على أن "القاضي لا يتلقى بشأن مهمته القضائية أي أوامر أو تعليمات ولا يخضع لأي ضغط" إلا أنه مع ذلك وفي المقابل ترى هيئات وجمعيات حقوقية أن "القضاء ما يزال يخضع لتعليمات وتدخلات سياسية"؛ ما يؤثر على نزاهته واستقلاليته، كما أن ظروف عمل القضاة ماتزال في حاجة إلى استقلالهم أثناء البت في القضايا المطروحة أمامهم مما يؤدي أحيانا إلى اختلالات في تدبير القضايا في ظل عدم استقلالية القضاء رغم ما يتم تداوله من استقلالية تعطي الفرصة للسلوكات الشاذة النفسية والاجتماعية ويكون تحرير المحاضر القضائية غير موضوعي ولا نزيه ولا عادل لأنه يخضع بالضرورة إلى تدخل أطراف أخرى كما يدل على ذلك الواقع المغربي... ففي إطار دولة ليس فيها فصل السلط/الفصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية فإنه يؤدي إلى أن تصبح الهيأة القضائية لا تملك استقلالا قويا، ولا تكون قراراتها موضوعية ومستقلة في الحكم والتنفيذ، وخاضعة لمنطق القانون، ففي الغالب تخضع الهيأة القضائية في ظل عدم فصل السلط لأهواء و توجيه بعض النافدين، وللسلطة التنفيذية ولوزارة الداخلية أوغيرها ( نخب سياسية )، ولأهواء ومصالح الهيأة القضائية نفسها المتمثلة في السعي إلى أغراض شخصية... ولسنا في حاجة إلى أن نعود إلى /مونتيسكيو/ الذي قال أنه في كل دولة توجد ثلاثة أنواع من السلط مفصول فيما بينها /السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والقضائية/ الشيء الذي يضمن الحرية السياسية للمواطن وهي/ طمأنينة النفس التي تنتج في التصور الذي يكونه كل فرد عن أمنه الخاص/ وهذا لا يتأتى إلا بفصل السلط عن بعضها عندما تجتمع السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في يد هيأة واحدة، فإنه لا يكون هناك مكان للحرية وسنكون أمام قرارات وسلوكات منحرفة، كما يقول /مونتيسكيو/ ولن تكون هناك حرية ولا عدل، وإن كانت السلطة القضائية غير منفصلة عن السلط الأخرى، ومستقلة بذاتها ويصبح الحكم الممارس على المواطنين اعتباطيا وغيرعادل مقابل حماية محظوظين ونخب حتى وإن تعلق الأمر بمال الدولة، فإن كل شيء سيتعرض للضياع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق