الصفحات

الأحد، 20 سبتمبر 2015

تدجين السياسة... "كعكة الساسة والسياسويين...

قضية وموقف:
تدجين السياسة...
"كعكة الساسة والسياسويين للقبض على الجماعات
 والجهات ومجالس العمالات والأقاليم"    
*/* البوابة الإلكترونية "فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/* 
إنه لمن المعيب والمخجل أن يتسابق القادة السياسيون على المقاعد وأن يغفلوا أن هناك نسبة من الشعب ضحت من أجل إرساء الديمقراطية الحقة ومن أجل أن ينعم المغرب بالتقدم والازدهار المنشودين منذ عقود...
فها قد أغلقت الملهاة المسماة انتخابات جماعية وجهوية، على إيقاع فصل آخر من مسلسل العبث السياسي الذي ليس في مصلحة البلاد والعباد لتحقيق الانتقال إلى انتخابات ديمقراطية ذات رهانات سياسية حقيقية...
التفاصيل العبثية لمشهد انتخابات 4 شتنبر، من استعمال واسع للمال وشراء للذمم والأصوات والبلطجة والمواجهات الدامية، ومن نسبة رسمية للمشاركة مطبوخة ومنفوخ فيها للتعمية على المقاطعة الشعبية الواسعة، ومن طعن واسع في الأجواء التي جرى فيها الاقتراع ومرت فيها الحملة، ومن رسم للخارطة السياسية على مقاس البلقنة المفضية إلى التحالفات الهجينة والهشة والخاضعة للسيطرة....هذه التفاصيل كان طبيعيا الانتهاء عندها لأن الأساس الذي تنبني عليه هذه الانتخابات فاسد...
فلقد جرت الانتخابات وعشية يوم الاقتراع انبرى الكثير من قادة الأحزاب المشاركة في الحديث عن خروقات بالجملة شابت العملية، وطعن بعضهم في نزاهة الانتخابات مؤكدين وقوع اختلالات كبرى، ووصل الأمر حد تهديد أحزاب بالطعن في العملية الانتخابية برمتها... ومع ذلك، وكما في التجارب السابقة، فرغم تظلم الجميع وتشكي الجميع تقريبا لم تتغير النتائج واستقر المشهد على مآلاته لأن أصحاب الحال لا يسمحون بأكثر من ذلك..
جرت الانتخابات تحت إشراف فعلي لوزارة الداخلية التي أعلنت أن نسبة المشاركة بلغت 53,67 في المائة، في تزوير مكشوف وتلاعب مفضوح بالأرقام وتضخيم للنسبة للإيهام بأن رهان المشاركة الشعبية الذي يؤرق النظام قد تحقق في حين كل المناطق مدن وقرى شاهد عاين ووقف المتتبعون كيف استفحل المال الحرام في التوزيع يمينا وشمالا وسرا وعلانية كشف بدقة حقيقة التلاعب بالأرقام المعلن عنها... وخلال وبعد الانتخابات ليوم 04شتنبر 2015 كل أنواع الأقنعة أصبحت بادية للعيان وحتى للأعمى.. وجوه من شتى الألوان .. ألوان تنكرية.. مهرجان شبيه بالكرنفال ..كل يطلب الود.. كل يصطنع الابتسامة.. كل يصطنع لغة التصعيد... التصعيد لجعل المخاطب (بفتح الطاء) يعطف على المخاطب (بكسر الطاء).. الكل يدعي أن الوضع الذي عليه أنت وأنت وأنا غير صحيح.. كل يدعي أننا نستحق عيشا كريما.. و أن السابقين لم يعطونا حقنا فيه.. كل يدعي أنه صاحب العصا السحرية.. كل يدعي انه أجدر من سابقه بالتبندير عفوا بالتدبير العقلاني للشأن المحلي.. كل يدعي أن التيـســيــر عفوا التســيـيـر هو أهل له...
فالواقع الذي نعيشه كشعب "بوزبال" يحيلنا على المشهد السياسي المغربي الحالي، الذي يعطي الانطباع المهول بموت السياسة والسياسيين، بالرغم من مقاومة البعض وجماعات صغيرة من الحرس القديم لجيل الاستقلال، نظرا للجو المحموم من الانشقاقات و التصدعات داخل الأحزاب والتكتلات السياسية والحرب الكلامية واعتبارا أيضا للشتات الذي تعيشه الساحة السياسية ببلادنا من أحزاب وهيئات ونقابات وغرف مهنية وتجمعات جمعوية.. وإن كان هذا الشتات تتخلله بين الفينة والأخرى تحركات وحدوية بين قوى أو تيارات متقاربة إيديولوجيا أو متفاهمة على أرضية دنيا.
 ففي بلد صغير جغرافيا كالمغرب نسجل تضخما هائلا في المقاعد الجماعية والبرلمانية النيابية والاستشارية – زهاء ست مائة منتخب - تعادل عدد برلمانيي الهند التي تفوق ساكنتها المليار نسمة – هذا التضخم المريب نجده في تعداد الأحزاب التي تتجاوز الثلاثين .. منها ما هو معطوب لا يقوى على التحرك من مكانه ومنها ما هو منهوك القوى لا تحركه سوى الهيئات الإدارية والمناسبات الرسمية والانتخابات..
فالسؤال المطروح: ليس لماذا؟ فالجواب بيّــن و يعرفه الجميع، بحيث أن المقاربات السياسية في تدبير الشأن السياسي منذ أزيد من نصف قرن من الاستقلال أتت على كل شيء صالح للبلاد والعباد ، ما عدا ثلة قليلة من الشرفاء والنزهاء والديمقراطيين الذين قاوموا ضد التيار وضد الاستهجان وضد ترويض السياسي للفرقاء...
إن السؤال الملح والمخيف في نفس الوقت هو، إلى متى؟
فالغريب هو أن التجربة السياسية المغربية بالرغم من سلبياتها وعدم اكتمالها كانت دوما السباقة في فتح آفاق واعدة في التحرر والديمقراطية والانفتاح على كل المكونات المجتمعية والسياسية (تجربتا: منتدى المصالحة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان – نموذجا-)..وبدل تقوية هذه التجارب الرائدة في العالمين الإسلامي والعربي وترسيخها على أرض الواقع بشكل لا رجعة فيه يتم إجهاضها أو اختراقها أو ابتذالها بحيث تصبح مجرد أداة شكلية على شكل المجالس الوطنية، من بين الأدوات الجاهزة المسخرة لتدجين الساسة والهيئات السياسية... 
هذا شيء يصعب فهمه في محيط عالمي سريع الوتيرة ومتحول وقاس، وفي محيط مغربي غني بتراكماته السياسية.. لكن يبدو أننا لسنا بحاجة إلى وثائق تثبت جرائم سياسيينا للاستناد إليها، ربما لأن في بعض الحالات يكفي الأخذ بالإجماع الذي يعد مصدرا من مصادر اتخاذ القرارات، رغم وجود معارضة له، تعمل وفق مقتضيات أهوائها، وبالتالي فإننا ندعو- بعد استقرائنا لأوضاعنا السياسية المحلية - إلى أخذ الحيطة من القوى المساندة لمجانيننا السياسيين، لأننا نسعى هنا إلى هدم كل القوى الضالة التي تعمل على كسر أجنحة العمل السياسي النزيه، تفاديا لبروز كل ما من شأنه أن يؤدي إلى خلق أزمة العمل السياسي.
خلاصة القول، أقول لبلادي لتطمئن على كعكتها المنقوصة ويرتاح بالها كما تطمئن إلى مقعد خالي ولكن لابد آن تترك لنفسها فسحة التفكير والأمل في مستقبل بناء امة قوية بكعكة كاملة لاينهشها احد من الغرباء اسمها كعكة الساسة والسياسويين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق