الصفحات

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

ارحموا مقابر المسلمين... يرحمكم الله "المقابر بإقليم إفران نموذجا لغياب عقلاني للتدبير والتسيير" فأين لنا من كرامة الميت في دفنه؟

ارحموا مقابر المسلمين...يرحمكم الله
"مقابر إقليم إفران نموذجا لغياب عقلاني للتدبير والتسيير"
 فأين لنا من  كرامة الميت في دفنه؟
*/* البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/*
//قضية وموقف//
لن نناقش في هذه المقالة الظروف التي يتعرض لها أهل الميت عندما يلتحقون بمقبرة لأجل معرفة المكان الذي سيضعون فيه جثة فقيدهم والتي تتعرض لكثير من المعيقات حسب "وجه الأهل" إن كان الشريحة الاجتماعية التي هم منها إن كان من الأعيان فعين مرحبة بدون تردد و إن كان من سائر أي القوم فالقيامة يراها الأهل قبل الميت حيث يكون القبر في موقع غير موقع المحظوظين ليس من الأموات بل الأهل؟... هذا فإذا مازال البعض ولو على قلة عددهم ينظرون إلى المقابر بعين الرحمة ولمن سبقوا إلى جوار ربهم الكريم وينظرون إليها كذلك نظرة إجلال ووقار..فإننا لن نحتاج إلى التذكير بواقع المقابر التي أصبحت مأوي أيضا للخارجين على القانون ويرتكب فيها ما يخطر وما لا يخطر على البال، هذا مع استفحال ظروف أخرى منها عدم وجود أعمدة إنارة بالمقابر أو بمحيطها  وفي حالة تواجدها فهي لا تعمل ولا يتم صيانة أدائها لتظل منطقة المقابر في ظلام حالك مما يفتح المجال لكل ما هو مخالف للقانون...
موضوعنا هنا سيناقش تدبير وتسيير المقابر عموما وبإقليم أفران على وجه الخصوص انطلاقا من واقعتين حدثني عنهم صديقان يقيمان خارج الوطن دعتهما ظروف زيارتهما للإقليم خلال الأسابيع الأخيرة ووقفا من جهتهما على وضعيات مثيرة لحالة مقابر سواء في إفران أو في آزرو... تركتا في قلبيهما حرقة مشتركة.
يقول أولها الزميل سعيد خ.،انه من خلال الذهاب إلى التأمل والصلاة من أجل راحة احد  أقاربه في عداد المفقودين، لاحظ أن المياه لا تزال تقطع وصنبور الوحيد،وانه اتصل بأحد المستشارين الجماعيين بالمدينة الذي لم يجد من رد أو تبرير عدا ادعاء أن استهلاك الماء بالمقبرة يكلف ميزانية الجماعة ؟؟؟ ولم يفكر أي مسئول أن هذا المكان هو نهاية المطاف وأنه سيكون أحد سكانه يوماً ما..قائلا:هذا أول منزل من منازل الآخرة... فإذا صلح؟ صلح ما بعده!.
فيما حكى الصديق الثاني الأخ سليمان س.، أنه في عيد القديسين الذي يحتفل به في 1 نوفمبر هو عيد الموتى بين الكاثوليك، رافق زوجته إلى مقبرة Semouse Sur Loup Saint، لوضع الزهور على الأسرة... مقبرة بالتأكيد، يقول الصديق، ولكن أيضا وقبل كل شيء الفضاء منمق حيث يتم تكريم جميع الموتى لضمان راحتهم في سلام... وملاذا للسلام.
واستذكر انه قبل أربعة أسابيع، وكان أن التحق بالمقبرة في أزرو بالمغرب للترحم على روح والده... لم يجد من مقاربة عدا الاكتفاء بالقولّ: "لا مجال للمقارنة! أشعر بالخجل" ...
كل مقابر العالم تحرم موتاها وتولي قبورهم العناية اللازمة، فإذا كان الإسلام يدعو إلى دفن الميت ويقول كرامة الميت في دفنه، فهل يتم احترام هذا المبدأ؟..
مقابر المسلمين في بلدانهم عموما وبالمغرب على وجه الخصوص تعاني من وضعية مزرية غير مسبوقة... كون الزائر لها أول ما يثيره ويمتعض منه هو انه يجد نفسه داخل مجالا لرمي القمامة ونمو الأعشاب العشوائية، إلى جانب عن هذه الوضعية تمارس بالمقابر سلوكات مشينة ففضلا عن عمليات النبش ومحاولات استخراج الجثة من المقابر واستغلالها في الشعوذة والسحر، واتخاذها مراقد من لدن المتسكعين، تسجل  بدون حياء ممارسة الجنس بين القبور بل الأنكى ممارسة الشدود الجنسي الجداثية(ممارسة الجنس مع الموتى) ناهيك عن مشاكل منها ما يرتبط بتجهيزات المقابر وتدبيرها (التزويد بالماء والكهرباء، والتسوير، والحراسة، وتنظيم القبور، والأمن...)، ومنها ما له علاقة بالاكتظاظ (معاناة البحث قبر عن شاغر)، وهناك مشاكل النظافة والصيانة.
مسؤولية تدهور حالة المقابر بالمغرب عموما تعود إلى تدخل الاختصاصات والمسؤوليات المادية والمعنوية فيما يتعلق بصيانة مقابر المسلمين... فالطرف الذي يتحمل مسؤولية كبيرة في الدفاع عن حرمة المقابر ضد الاعتداءات والإساءات هو مصالح ومندوبيات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على الرغم من أنها ليست مسؤولة ترابية عن تدبيرها، والتدبير الترابي كما هو معلوم مهمة وزارة الداخلية..
وان كانت الدولة في مناسبات اكتفت بالقول دون الفعل أو التنفيذ لضبط المسؤوليات و دعت إلى تفعيل القوانين المتعلقة بصيانة المقابر، ذلك أنه بالرغم من أن النظام القانوني للمقابر الإسلامية ينطوي على لبس مرتبط بتداخل الاختصاصات، ويعد تبعا لذلك مسؤولا مباشرا عن الوضعية المزرية للمقابر، فإنها شددت في تحميل  المسؤولية للجماعات المحلية وأبقتها على هذه الأخيرة  ثابتة نظرا للنصوص القانونية التنظيمية التي تمنحها الاختصاص في تنظيم المقابر وتلزمها بمصاريف حمايتهما وصيانتها...
فإنه من جانب أخر، ولما كانت المقبرة مرفقا عموميا جماعيا، يعود تدبير شؤونها وصيانتها من المهام الملقاة على عاتق الجماعات المحلية بالمغرب ولمصالح وزارة الثقافة دخل، في هذا الشأن، لأنها مسؤولة عن المقابر من أجل حماية قبور المسلمين، فهي تتطلب معها ما يلي:- تفعيل القوانين المتعلقة بصيانة المقابر- تدبير المقابر وصيانتها من لدن الجهات المعنية- إحداث مقابر نموذجية- إنشاء مكتب خاص لإدارة المقابر- إحداث مؤسسة خدمات الجنائز تقوم بالتنسيق مع الجماعات المحلية من أجل تجهيز الموتى المحتاجين- تشجير جنبات المقابر، خصوصا الواقعة فوق ربوة، من أجل وقايتها من الفيضان والسيول.
إن المقاصد العليا للشريعة المبنية على قاعدة "لا إفراط ولا تفريط" تقتضي الاعتناء بمقابر المسلمين، بما يحفظ كرامة الموتى والأحياء، وذلك بتهيئ الشروط الموضوعية لحمايتها من العبث... وانطلاقا من الأسس النظرية التي تبلورت في الفكر الإسلامي حول مقابر المسلمين كمكون جوهري في الثقافة المغربية، وانطلاقا من الأبعاد الكونية لحقوق الإنسان.. وكل هذا  يستدعي معه النظر إلى البعد الديني في التعاطي وشأن الدفن، بما هو ثقافي، يُسَهل وضوح الرؤية، وتحقيق المقارنة من خلال عقلنة الدفن 
يتروم صيانة هوية الأشخاص بتوفير سجلات الدفن، والعمل بنظام الحراسة ببساط الدفن، ومعلمة القبور مادام الحق في الهوية أوسع من الحق في الكرامة، التي تعد لصيقة، في كل جوانبها، بالأحياء، إذا فهمنا أنها تقدير الذات، والاعتزاز بالنفس، وعدم قبول الإهانة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق