الصفحات

الاثنين، 14 مارس 2016

"التبرع بالأعضاء" في ندوة علمية للمجلس العلمي المحلي لإفران

"التبرع بالأعضاء" في  ندوة علمية للمجلس العلمي المحلي لإفران
*/*البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/*
استفاد حوالي 120 من الأئمة والخطباء والوعاظ والمرشدين والمرشدات بمختلف مساجد إقليم إفران من لقاء علمي في موضوع: "التبرع بالأعضاء ، صدقة جارية وترسيخ لقيم التضامن والمواطنة الصادقة"..
 هذا اللقاء التواصلي والتكويني  الذي احتضنته قاعة العروض بدار الشباب أقشمير بمدين آزرو يوم الأحد (13مارس2016)، نظمه المجلس العلمي المحلي لإفران بتنسيق مع مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإفران جاء إدراكا لدور الخطاب الديني في التوعية والتنوير استحضارا لأهمية التحسيس بالبعد الإنساني للتبرع بالأعضاء..
وقال الأستاذ سليمان خنجري رئيس المجلس العلمي المحلي في كلمته الافتتاحية أن الملتقى يسعى  إلى تعريف الناس بالفوائد الكبيرة التى تنتج عن التبرع بالأعضاء ، فكثيرون لا يعرفون أن الإنسان عندما يتبرع بأعضاء جسمه يمكن أن ينقذ حياة عشرة أشخاص أو يظللهم بالصحة والعافية بقية حياتهم، ويعتبر التبرّع من الأعمال القائمة في سبيل الخير، لأنها من قبيل العطاء بدون مقابل وتفضيل الغير على النفس، فتغدو من أجمل الأفعال التي يقوم بها الإنسان في سبيل الخير. ومشروعية التبرع مستمدة أساساً من تعاليم ومبادئ الديانات السماوية، إذ شرّع الله التبرع لما فيه من تأليف بين القلوب وتوثيق لعرى المحبة بين الناس، حيث تدعو جميع الكتب السماوية إلى المحبة والعطاء... مشيرا إلى أن نسبة إقبال المغاربة على هذه العملية جد ضعيفة إذ أن سنة 2015 لم تتجاوز نسبة التبرع بالأعضاء 0،4 في المائة  لذلك ارتأى المجلس العلمي لإفران تنظيم هذا اللقاء لفائدة المؤطرين الدينيين بالإقليم لتحسيسهم بمدى أهمية هذا الموضوع ..
 لتنطلق العروض المبرمجة في هذا اللقاء بالجلسة العلمية الأولى تحت عنوان"التبرع بالأعضاء:المفهوم والجدوى" حيث تطرق المحاضر الدكتور الطبيب توفيق التويمي بنجلون (رئيس الجمعية المغربية لمحاربة التدخين والمخدرات بمكناس) إلى عدة جوانب تهم الموضوع من حيث التبرع وزرع الأعضاء خاصة وأن عشرات الحالات من ضحايا حوادث السير القاتلة تفد على مختلف المستشفيات يوميا مستعرضا حقائق ومفاهيم طبية  ومذكرا بأول عملية زراعية ناجحة جرت سنة 1905 قبل أن يعرض جملة من الأرقام الدالة عن عمليات زراعة الأعضاء التي عرفها المغرب تنوعت بين الكبد والكلية والقلب والقرنية.. ومستعرضا المفاهيم المرتبطة بالتبرع والزرع للأعضاء عبر التاريخ إن دوليا أو وطنيا ومتحدثا عن الفصائل النسيجية موضحا  لماذا لا يمكن زرع كل الأعضاء لكل الناس؟ مبرزا أن هذه المواقف المترددة والرافضة أحيانا لدى فئة غير هينة من المغاربة لا تستقي مرجعيتها من تعاليم الدين الإسلامي، أو من أسس أخلاقية ما، وإنما هي مواقف لا سند مرجعي لها، وتقع في النقيض المخالف لهذه التعاليم، خاصة في ظل استحضار القاعدة الربانية "ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميع" (سورة المائدة 32)..و مفسرا من هو المتبرع؟ ومن هو المستفيد؟ وكيف تتم عملية التبرع؟ ومتحدثا عن المخاطر والتكلفة... وكيف ينبغي أن يكون للعلماء المتخصصين، سواء من الشريعة أو الطب أو الفكر أو الدعوة والتربية، مشاركة فعالة في التوعية بهذه المناحي الهامة والمنافع الدقيقة والمفاهيم العالية؛ للعمل على توعية المجتمع وبيان أن التبرع من الأعمال الصالحة التي أفتى العلماء بجوازها حتى يساهم المؤطرون الدينيون من جهتهم في خلق رأي عام جماعي في هذا الاتجاه الهام والحساس في حياة كل فرد منا.
 الدكتور عبد الرحمان بوكيلي (أستاذ جامعي) تناول في عرضه تحت عنوان"التبرع بالأعضاء:أحكام ومقاصد" إلى موقف الشريعة من التبرع بالأعضاء؟ وهل هو فعلًا من أفعال الخير والصدقات؟ وما الشروط الواجب توفرها حال التبرع بالأعضاء؟ وما الأعضاء التي يمكن التبرع بها وما الأعضاء التي لا يمكن التبرع بها؟ وكيف يمكن إشاعة مثل هذه الثقافة بين الناس؟ وأيهما أعظم أجرًا التبرع حال الحياة أو حال الممات.. موضحا  أن التبرع بالأعضاء من الأعمال الصالحة التي ينبغي على المسلم أن يعي دوره فيها، لافتا إلى أنه صدرت الفتاوى من هيئة كبار العلماء بجواز التبرع بالأعضاء لإحياء إنسان محتاج لها بأخذها من شخص متوفى دماغيا، وبين الأطباء بالتقارير الطبية أن هذا الشخص لا يمكن أن تستقيم حياته، فيمكن أن تؤخذ وتزرع في إنسان آخر يستفيد منها سواء كان الكبد والكلية والقرنية وغير ذلك مما يستفيد منه..وأن التبرع بالأعضاء يعد في منحى من مناحي الحياة من أعظمها فائدة وأكثرها نفعا؛ لأنها من الصدقة الجارية التي تكون من الحي للحي أو من الميت للحي، وركز المحاضر على تدعيم مريدي الخير ومحبي النفع على أن يكون لهم نصيب أعظم من الأجر بذلك؛ فالنية لها منزلة عظيمة في الثواب، والإنسان إذا نوى ذلك وأعلن تبرعه بعد الوفاة كان الواقف هو الذي تسبب في الصدقة، بينما الأفضل والأعظم أجرًا عندما يتبرع وهو حي.... مؤكدا على أهمية التأمل والتفكر والحرص لإعطاء هذا الأمر مزيدًا من العناية والإحسان، كما قال الله تعالى: (وأحسنوا أن الله يحب المحسنين) وأي إحسان أعظم من أن يكون الإنسان سببا في بقاء حياة إنسان آخر، ودفع الأذى عنه وعن أسرته وقال سبحانه (أن الله يأمر بالعدل والإحسان) مشيرًا إلى القيم والمبادئ الإسلامية التي تدعم مثل هذا الموضوع وتجعلنا نعيش في سعادة وخير كبيرين.نوع من الإيثار، داعيا كل المؤطرين الدينيين تثمين هذه المواقف وتبنيها فكلهم مشاركون في الصدقة الجارية، لأنهم أنقذوا إنسانًا من الموت ومن طول المعاناة.
الجلسة الثالثة همت الجانب القانوني في موضوع"التبرع بالأعضاء والترسانة القانونية المنظمة"، أوضح خلالها الأستاذ أنور الملالي (قاضي الأسرة والتوثيق بالمحكمة الابتدائية بآزرو) أن التبرع بالأعضاء يعد من العمل الصالح، وأن المشرع المغربي يسمح بالتبرع بالأعضاء البشرية حيث تعددت في شأنه جملة من القوانين عبر مراحل متفرقة في القانون المغربي (الجنائي)، كان أبرزها وأوضحها القانون الصادر سنة 2005 القانون الذي يهدف إلى تسهيل وتخفيف الظروف على المتبرعين، إذ يبدأ القانون رقم 16-98 المتعلق بتبرع الأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها المتمم بمقتضى القانون رقم05-26 بتعريف مفهوم العضو البشري الذي تحدده المادة 2 ب :كل جزء من جسم الإنسان سواء أكان قابلا للخلفة أم لا والأنسجة البشرية باستثناء تلك المتصلة بالتوالد.. متحدثا عن تنصيص المادة 4 بشكل صريح في قضية أخذ الأعضاء،إذ لا يجوز أخذ الأعضاء إلا بعد أن يوافق المتبرع مسبقا على ذلك. ويمكن للمتبرع إلغاء هذه الموافقة في جميع الحالات.وتفصل المادة 5 في القضية معتبرة التبرع بعضو بشري أو الإيصال به عملا مجانيا لا يمكن بأي حال من الأحوال وبأي شكل من الأشكال أن يؤدى عنه أجر أو أن يكون محل معاملة تجارية. ولا تعتبر مستحقة سوى المصاريف المتصلة بالعمليات الواجب إجراؤها من أخد وزرع الأعضاء ومصاريف الاستشفاء المتعلقة بهذه العمليات.. وأن المادة 6  حددت مكان إجراء العمليات في المستشفيات العمومية المعتمدة. وطالبت المادة 7 بضرورة التكتم على اسم المتبرع إذ لا يجوز للمتبرع ولا لأسرته التعرف على هوية المتبرع له، كما لا يجوز كشف أي معلومات من شأنها أن تمكن من التعرف على هوية المتبرع أو المتبرع له باستثناء الحالات المنصوص عليها في المادة 9، أو إذا كان ضروريا لأغراض العلاج. فيما حددت المادة 8 مسؤولية إعلام المتبرع بالمخاطر التي قد يتعرض لها إذ لا يجوز تعريض صحة أو حياة المتبرع للخطر . وتقع مسؤولية إعلام المتبرع بالأخطار المتوقع أن تترتب عن عملية التبرع من الناحية الجسدية والنفسية... وذكر المحاضر أن الباب الثاني من القانون تطرق إلى التبرع بالأعضاء البشرية أو الإيصاء بها ، في شقين، يتناول الأول التبرع بالأعضاء البشرية وأخذها من الأحياء، إذ لا يجوز أخذ عضو بشري من شخص حي للتبرع به إلا من اجل المصلحة العلاجية لمتبرع له معين يكون إما أصول المتبرع أو فروعه .كما يمكن الأخذ لفائدة زوج أو زوجة المتبرع شريطة مرور سنة على زواجهما..كما يجب على المتبرع أن يعبر على موافقته على أخذ عضو منه أمام رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها المستشفى العمومي المعتمد الذي ستتم فيه عملية الأخذ و الزرع ، أو أمام قاض من المحكمة المعنية يعينه الرئيس خصيصا لذلك الغرض بمساعدة طبيبان يعينهم وزير الصحة باقتراح من رئيس المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية . ثم يتم استطلاع رأي وكيل الملك في الموضوع بطلب من رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب. ثم يحرر محضر بموافقة المتبرع وتسلم نسخة منه موقعة من طرف رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب والطبيبين المعنيين إلى الأطباء المسؤولين عن العملية..علما انه لا يجوز أخذ عضو لأجل زرعه من شخص حي قاصر أو من شخص حي راشد يخضع لإجراء من إجراءات الحماية القانونية... كما استعرض الأستاذ الشق الثاني من القانون بخصوص التبرع بالأعضاء لأغراض علاجية من أشخاص متوفين عبروا قيد حياتهم وفق الأشكال والشروط المنصوص عليها عن إرادتهم ترخيص أخذ أعضاء معينة منهم بعد مماتهم...تصريح يكون لدى رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها محل إقامة المتبرع أو لدى القاضي المعين خصيصا لهذا الغرض.. قبل أن يعرج الأستاذ على مضمون المادة 16 إذ يمكن إجراء عمليات أخذ الأعضاء لأغراض علاجية أو علمية من أشخاص متوفين لم يعبروا وهم على قيد الحياة عن رفضهم الخضوع لعمليات من هذا النوع في مستشفيات عمومية معتمدة تحدد قائمتها من طرف وزير الصحة، إلا في حالة اعتراض الزوج وإلا فالأصول وإلا فالفروع مع الالتزام بتسجيل ذلك في سجل خاص ...
وليفسح المجال أمام الحضور من أجل المناقشة... الحضور الذي من جهته عبر عن مدى أهمية الموضوع واستفادته من العروض المقدمة ومبرزا استعداده للإسهام في توضيح المواقف لدى العموم من خلال عروض ولقاءات دينية تساهم في إشاعة روح التضامن وترسيخ قيم المواطنة وإشعاع مثل هذه الثقافة في المجتمع... 
وجدير بالإشارة إلى أنه في بداية هذا اللقاء العلمي كان أن أشار رئيس المجلس العلمي المحلي في كلمته إلى استهجان القيمين الدينيين باقليم إفران مما تفوه به بان كي مون في شأن القضية الوطنية، معبرين عن استنكارهم الشديد لهذا التصريح اللا مسؤول أمميا... حيث وقف الحضور لتحية العلم الوطني على أنغام النشيد الوطني تضامنا مع المواطنين المتظاهرين بالرباط تلك اللحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق