الصفحات

الثلاثاء، 6 يونيو 2017

انصرام لعشرة الأوائل من رمضان .. فاللهم انشر رحمتك

انصرام لعشرة الأوائل من رمضان .. فاللهم انشر رحمتك

البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو -محمد عبيد 
أنهينا والحمد لله العشر الأولى من شهر رمضان الفضيل، عشر الرحمة، التي يتجلى الله بها على عباده، فينشر رحمته، ويعم فضله، ويكرم بها عباده، وهي العشر التي بشر بها الرسول الكريم، بأنها بشائر الشهر، وخيرات الصوم، وعطاءات الله، التي لا يشبهها عطاء، ولا يساويها فضل، في الرحمة والمثوبة والأجر.
إلا أن الزمان قد تبدل وتغير، فقد غابت أجواء شهر رمضان الفضيل في أغلب بلداننا العربية والإسلامية في هذه الأعوام، فلم نعد نشهد طقوسه الجميلة التي ورثناها واعتدنا عليها منذ زمنٍ طويل، والتي ينتظرها المسلمون ويشتاقون إليها، ويستبشرون بها، ويفرح بها الصغار والكبار، ويستعدون لها بشغفٍ وشوقٍ قبل حلوله بفترة، ويتنافس في إحيائها الكثير من صبية الحي ورجاله، وتتهيأ له عامة النساء والأمهات.
فلا "طبال" يحمل طبلته ويجوب في الشوارع والطرقات، وفي الأزقة وبين البيوت، ينبه الناس ويوقظهم، ويدعوهم لنيل بركة طعام السحور، يترنمُ بصوتٍ جميلٍ ريان، رمضان كريم، يا نائم وحد الدائم، فيرد عليه الناس من بيوتهم فرحين مستبشرين ببدء صيام يومٍ جديد.
ولا فوانيس ملونة يحملها الأطفال، ويختالون بها في الشوارع والطرقات، يلوحون ويوشحون بها عالياً، ويسيرون بها في الشوارع فرادى وجماعات، أمام أهلهم وفي حضرة أفراد أسرهم، فرحاً بها، وسعادةً بحملها واقتنائها، في تقليدٍ جميل مضى عليه أكثر من ألف سنةٍ.
ولا ديوانياتٍ عائلية ولا عشائرية، ولا تجمعاتٍ في القرى والمدن، حول موائد الإفطار، التي اعتاد أن يجتمع فيها الصبية والرجال، كلٌ يحمل ما تيسر من الطعام والشراب، يشارك به في الديوانية، ويصر على أن يأكل من طعامه كلُ من حضر، ففي ذلك بركةٌ، وإحساسٌ كبيرٌ بالسعادة والرضا.
ولا سرادقاتٍ عامة للفقراء والمساكين وعابري السبيل، يقيمها الأغنياء والميسورون، يسمونها موائد الرحمن، يصنعون فيها أطيب الطعام، ويقدمون فيها أشهى المأكولات، ويتنافسون في جلب الناس إليها، ودعوة الغرباء والمحتاجين ومن شاء من عامة الناس، ويفتخرون بتقديم الطعام لهم بأيديهم، وحمله إليهم، فضلاً عن توزيع الطعام على العائلات المستورة، والبيوت الفقيرة، ممن لا يقدرون على المشاركة في موائد الإفطار، من النساء والأطفال والعجزة والمسنين، فيسرع القائمون على موائد الرحمن على تقديم الطعام لهم بمحبةٍ، في أوانٍ نظيفة، وعلبٍ أنيقة، بما لا يذهب بجمال الطعام ولا لذة مذاقه.
أما المساجد فما زالت على قديمها، عامرةً بالرجال والنساء، كلٌ يصطحب أطفاله وصغاره، يعودهم على الصلاة في المساجد، يؤدون صلاة العشاء والتراويح في جمهرةٍ كبيرة، وجموعٍ غفيرة، بتبتلٍ وخشوع، وتوجهٍ إلى الله بدعاءٍ ودموع، أن يفرج الكرب، وأن يزيل الهم والغم، وأن يعيد الطمأنينة إلى النفوس، والأمان إلى البلاد، والسلامة للعباد، وأن ينتقم من الظالمين، الفاسدين المفسدين، الذين أساؤوا إلى العباد، وخربوا البلاد، وكانوا سبباً في مصائب الأمة.
إنها عشر الرحمة في هذا الشهر الفضيل، التي ينتظرها الناس ويستبشرون بها، ولكن كما تغيرت مظاهر الشهر وعادات الناس فيه، فقد ابتلي المسلمون فيه بمحنٍ كبيرة، ومصائب عظيمة، كانت وغيرها السبب في الحزن والألم، وفي فقدان السعادة والفرح، وفي خلق موجاتٍ من الهجرة والتشرد واللجوء، فما عاد المسلمون يحتملون ما يصيبهم، ويقدرون على مواجهة ما يحيق بهم، أو يصبرون على ما لحق بهم، إذ أن ما أصابهم كبير، وما لحق بهم جدُ خطير.
فلقد سادت الفوضى أوطاننا، وتآمر على الحق رجالنا، وتحالف مع العدو بعض أهلنا، وانقلب فريقٌ على الشرعية، وخالف نتائج الديمقراطية، وأعلن الحرب على فئةٍ من الأمة، بلا ذنبٍ ارتكبته سوى أن الشعب قد اختارهم، وفضلهم على غيرهم، فكانت نتائج الانتخاباتِ لصالحهم، فأغاظهم فوزهم، وأزعجهم نصرهم، فتآمروا عليهم، وقبضوا ثمن تآمرهم، وحرضوا بألسنتهم وأقلامهم عامة المواطنين، وساقوهم إلى الميادين والساحات، ليكونوا لهم مطية، وفي أيديهم ورقة، يستخدمونها لصالحهم، ويستغنون عنها عند تحقيق مأربهم.

لن نيأس من عشر الرحمة، ولن نقنط من وعد الله لنا، فنحن نصدق نبينا، ونؤمن بكلام رسولنا، فقوله الحق، ووعده الصدق، وبشارته وحيٌ من السماء، فهو لا ينطق عن الهوى، إنما هو وحيٌ يوحى، علمه شديد القوى، وستبقى عشر الرحمة قائمة، وسيتحقق وعد الله لنا، وستتنزل علينا رحماته، وستتحقق أمانينا في الحرية والكرامة فالله لا يكذبنا وعده، وسيظللنا في عشره برحمته، وسيشملنا في شهره برعايته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق