الصفحات

الأربعاء، 4 أبريل 2018

السياحة بإقليم إفران مقاربة شمولية للنهوض بالقطاع

السياحة بإقليم إفران 
مقاربة شمولية للنهوض بالقطاع
*/*مدونة"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/*
لا يجادل اثنان في القول أن مدينة إفران مدينة سياحية بامتياز نظرا لما توفره من إمكانيات ومؤهلات كبيرة ومتنوعة ولخصوصياتها الطبيعية كقربها من الأقطاب السياحية الجهوية مكناس وفاس.. ووجودها في محور طرقي مهم... هذا فضلا عن المميزات المناخية التي تتسم باعتدال الجو خلال الصيف وتساقط الثلوج في الشتاء... علما أن القطاع السياحي يعد من إحدى أهم الركائز لتحريك دواليب النشاط الاقتصادي والاجتماعي على مستوى إقليم إفران، وكل الفعالية الإدارية والجمعوية تراهن عليه لكي يلعب على المدى المتوسط  دورا محوريا وقاطرة للتنمية المحلية...
ويعد إقليم إفران من الأقاليم التي تختزن مؤهلات وإمكانيات تؤهلها أن تلعب دورا كبيرا في السياحة الداخلية بالخصوص،نظرا لموقع هذا الإقليم في الجهة الهضبية للأطلس المتوسط الجزء الغربي منه جعله يتوفر على مؤهلات طبيعية مهمة على سبيل المثال: مساحات غابات الأرز والصنوبر والبلوط الأخضر، في مجال هضبي يصل ارتفاعه إلى مستوى 1600 متر عن سطح البحر...
هذا الوضع الجغرافي هو الذي جعل المعمرين يكتشفون هذه المنطقة كمنتجع يتوافد عليه المعمرين منذ سنة 1927 وهي سنة انطلاق عدة مراكز استجمامية في مختلف أنحاء المجال الغابوي بالإقليم.
وتتوزع بالإقليم عدة عيون معروفة على المستوى الوطني مثل عين فيتال وعين رأس الماء وشلالات العذراء قريبا مأوى إفران وشلالات وادي إفران، إضافة إلى العديد من الضايات المعروفة كضاية عوا وافونورير وضاية حشلاف ووادي تزكيت وعدد من السدود المخصصة لصيد أسماك قوس قزاح مثل سد زروقة وسد عين مرشة وسد امغاس...
غير أن ما يعطي للإقليم طابع الميزة السياحية تعدد المناظر المستقطبة للسياح مثل منظر إيطو ومنظر تيزي نتغطن المطلة على هضبة تزكيت ومنظر أجعبو بعين اللوح ومناظر خرزوزة إضافة إلى تعدد المناظر الطبيعية ذات الشهرة العالمية كمواقع سياحية كشجرة ارزكورو هذه الشجرة التي يتحدد عمرها في 9 قرون، يبلغ علوها 42 متر وقطرها 9 أمتار ومنظر محطة مشليفن للتزحلق على الجليد والتي في نفس الوقت ذات مناظر غابوية ووحيش متنوع وبجوارها حقول أحجار الوطواط كما تنتشر بجوار المدينة (إفران) عدة كهوف ومغارات كما هو الشأن بقرية سيدي عبد السلام، ومن هنا جاء اسم المدينة الذي هو إفران والتي تعني بالأمازيغية مجموعة كهوف، حيث صنفت مؤخرا ضمن المواقع السياحية الوطنية.
والملاحظة الايجابية التي وجب الوقوف عليها هي ان  القطاع السياحي  بإفران -- فضلا عما يتوفر عليه من شبكة فندقية تتوزع بين المصنف فيها من فنادق ذات نجوم بدرجات متفاوتة ما بين الممتاز و5نجوم إلى 3هناك فنادق غير مصنفة ومآوي سياحية منتشرة عبر مختلف الجماعات القروية ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في دعمها كوحدات تستضيف زوارا من مختلف الشرائح المجتمعية ذات الدخل المحدود نظرا للأسعار العادية المعروضة سواء للإقامة المطولة أو لتلك التي تدخل في إطار زوار عابرين...
إن هذا النمو الذي حققه القطاع السياحي على مستوى مدينة إفران يرجع بالأساس إلى عدة عوامل منها على الخصوص تحسين البنيات التحتية للقطاع من خلال تنفيذ العديد من المشاريع السياحية التي استهدفت الرفع من الطاقة الإيوائية للمدينة... إن كانت إفران قد حافظت منذ أمد بعيد على مكانتها السياحية كمركز للاستجمام بالدرجة الأولى ثم كذلك كمحطة شتوية أغلب الوافدين عليها من السياح المغاربة، فإنها تتوفر على منتوجات سياحية إضافية تستجيب لمتطلبات وأذواق فئة أخرى من السياح ولاسيما الأجانب منهم.. وعلى وجه الخصوص السياحة الإيكولوجية وسياحة التربصات الرياضية...
إلا ان الملاحظ هو طغيان بعض الإكراهات التي يعاني منها القطاع، يمكن إجمالها في غياب وكالات الأسفار والسياحة والتي من شأنها القيام بتسويق وترويج المنتوج السياحي المحلي، وغياب رؤية واضحة وموحدة من طرف المهنيين في القطاع للتعريف بالمنتوج وتسويقه، والنقص في وسائل التعريف بالإمكانيات السياحية من خرائط ومطويات، وفي وسائل الدعاية والترويج للمنتوج المحلي بهدف التمكن من  بلورة إستراتيجية عمل مندمجة تتوخى تعزيز صيرورة الإقلاع الاقتصادي التنموي المنشود بإقليم إفران ضمن مقاربة شمولية قوامها التماسك والتكامل في الأدوار والوظائف بين مختلف قطاعات ومجالات التنمية، وكذا الاستغلال الأمثل والعقلاني لإمكانيات التنمية بالإقليم،  وانطلاقا على اعتبار ان الإقليم يتوفر على معالم أساسية ورئيسية لاستثمار الجانب السياحي به كونه يعد قطبا سياحيا فتيا يفتقر للعديد من المقومات التي تجعل مؤهلاته الطبيعية وارثه الثقافي وعادات ساكنته قابلة للاستهلاك وجديرة بالزيارة والمعرفة والاستطلاع من جهة واستثمار مؤهلاته الطبيعية والحيوانية والسياحية التي تتميز بالتنوع والغنى تتمثل في البحيرات المنابع المائية الشلالات،الغابات،الوحيش، المجالات الطبيعية.
كما أن الإقليم يتوفر كذلك على تراث ثقافي وفني متنوع بالإضافة إلى مهرجانات ومواسم مختلفة من بينها على الخصوص مهرجان إيتكل (آزرو)المقبور حاليا، بالإضافة إلى المهرجان السابق تورتيت الدولي (إفران) الذي تم استبداله بمهرجان إفران الدولي ،المهرجان الوطني لأحيدوس(عين اللوح)، مهرجان البحيرات(ضاية عوا)، عدة أنواع من فنون الصناعة التقليدية كالنحت على الخشب، صناعة الزريبة...
وبالتالي  فان استغلال جل هذه المكونات والمؤهلات  من شأنها المساهمة في خلق وصياغة منتوج سياحي متنوع ومتكامل مما سيحتم اتحاد تدابير وإجراءات من طرف مجموعة من الفاعلين والمعنيين بالقطاع لضمان إنعاش سياحي من خلال اعتماد بنك للمعطيات خاصة بالمؤهلات السياحية والطبيعية ووضع تدابير خاصة بالتهيئة السياحية – إحداث تجهيزات بباحات للاستراحة ،تهيئة مجالات الصيد والقنص والتشجيع على إقامة بنايات للإيواء تتلاءم وطبيعة المنطقة كالمآوي السياحية الجبلية بالإضافة إلى تكوين المرشدين السياحيين من أبناء المنطقة وتوجيههم في مجال لتنشيط لسياحي.. مادام القطاع السياحي يعتبر من إحدى أهم الركائز لتحريك دواليب النشاط الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الإقليم، وتراهن عليه جميع الأطراف المتدخلة لكي يلعب على المدى المتوسط دور محوري وقاطرة للتنمية المحلية....
وفي هذا الصدد، هناك منتوجات كلاسيكية يتم العمل على دعمها وتقويتها كالسياحة الاستجمامية بتأهيل المراكز الحضرية بالإقليم ومحيطها والتركيز على جانب التنشيط والترفيه السياحيين، فضلا عن خطة إدماج إفران في برنامج تنمية السياحة الداخلية في إطار ما يسمى ب"مخطط بلادي" بحيث تم تخصيص منطقة على مساحة 40 هكتار لاستقطاب بنيات استقبالية ومنشآت ترفيهية قصد تعزيز وتقوية المكانة السياحية للمدينة كقطب وطني للسياحة الداخلية.
كما أن القطاع السياحي بإقليم إفران يعتمد بشكل كبير على  السياحة الشتوية، 
على أساس أن الإقليم يعرف تساقطات ثلجية خلال الفترة الشتوية وتتواجد بها محطتان للتزحلق(ميشليفن و هبري) والانكباب حاليا على وضع تصور لتأهيل المحطتين وخلق تظاهرات مرتبطة بنشاط التزحلق. 
ومن بين المنتوجات السياحية التي يتم العمل على تقويتها وتنميتها، هناك السياحة القروية في إطار مخططين يعملان بشكل متكامل، ويتعلق الأمر ببرنامج " فضاء الاستقبال السياحي لإفران" الرامي إلى تنمية السياحة القروية و"المنتزه الوطني  لإفران"، هذا الأخير الذي وجب الذكر انه يمتد على مساحة تفوق 53.000 ألف هكتار، مشكلا نموذجا أمثل للأوساط البيئية التي تحتويها جبال الأطلس المتوسط، إن كان ذلك من وجهة تركيبته الجيومرفولوجية أو النباتية، أو المرفولوجية والمناخية، مما جعل المنتزه الطبيعي لإفران يمتاز عن غيره بتنوع مناظره الطبيعية، التي تشكل تارة سفوحا مفتوحة وفسيحة وتارة مرتفعات مكسوة بغابات كثيفة، وما يزيده بهاء ما تضفيه عليه البحيرات والضايات الطبيعية والمنابع والوديان والعيون والكهوف، من مشاهد جمالية أخاذة، تكسوه غابات أرز الأطلس إحدى أكبر الغابات امتدادا بالمغرب.  
فلقد شكلت فضاءات المنتزه الشاسعة، موطنا لأروع الحيوانات أهمها أسد الأطلس والنمر والعناق والقضاعة، جرى حاليا تحديد 37 صنفا من الوحيش الغابوي الذي ما زال يعيش بمحمياته، مؤلفا أساسا من الثدييات يأتي على رأسها القرد "زعطوط" من حيث الوفرة، إضافة إلى 142 صنفا من الطيور و33 صنفا من الزواحف والضفادع ويمثل الغرن النهري من بين أهم الفقريات التي تعيش في بحيرات وأنهار المنتزه الوطني لإفران الذي يروم إلى تطوير السياحة الإيكولوجية داخل فضاءاته، وقد تم في هذا الإطار قطع مراحل مهمة في تثبيت هذا المنتوج وجعل من إفران وجهة سياحية وقطب السياحة الإيكولوجية على المستوى الوطني...
كل هذه المبادرات تأتي في سياق دعم التميز الذي تحظى به مدينة إفران كمنتجع جبلي يرتكز على السياحة الداخلية وينفتح تدريجيا على السياحة الدولية، وذلك بما ينسجم مع إستراتيجية الدولة التي تسير في اتجاه تكريس التميز والتنوع والجودة لتحقيق الرقي بالسياحة في إقليم إفران إلى مصاف الوجهات السياحية الرئيسية على المستوى الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق