الصفحات

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

قضية وموقف: أخشى أن يطاردني بؤس واقع حياتنا حتى في قبري!!!

قضية وموقف:
أخشى أن يطاردني بؤس واقع حياتنا حتى في قبري!!!
*/*مدونة"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو- محمد عبيد*/*
كم أتألم كثيرا حين أجدني واقفا مشدوها وأنا أتأمل في واقع مأسوف عليه!؟... واستنتج أن هناك شيء ما يحصل عصي على الفهم؟... شيء يجري بسرعة جنونية لا تأبى حواسي ولا مشاعري إدراكه؟... أتأمل وأتساءل داخل جوارحي: ما هذه المعركة التي تجري الآن تحاول أن تعيدنا إلى الوراء بقرون ضاعت معها كل المكتسبات عوض تقويتها بالعقلانية والموضوعية واستخلاص العبر؟...
معركة تطغى عليها سلوكات وممارسات عكسية تغلب عليها مواجهة المنطق بقوة القوة؟... في وطن تجلد فيه العباد وينعيهم مكرا الفساد.
وأنا أعاني من معاينة الظلم والجور والقهر والقمع المتفشيين هذه الأيام بموطن إقليمي العزيز... في هذه الرقعة من وطني الحبيب... تتبادر إلى بناة أفكاري الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الواقع الجديد وأية يد ساحرة تسلطت على هذا الإقليم وناسه البسطاء والطيبين والساعين إلى العيش الكريم لا غير؟...
فكثيرا ما أتسأل كيف سيكون القادم الذي يمطرنا على غير ميعاد؟!... طال المغيب وضاعت البشائر، هذا العالم بوسعه ضاق علينا، الهواء خانق واليوم مثل الأمس، نفوس مريضة، قرارات غير مسؤولة... أفكار مترددة وشاردة، لا ثبات ولا رسوخ في الرأي، قتلتنا المبادئ الكاذبة والألسن المزمرة!...
أفكر بكل هذا وغضب وثورة يطحناني، أريد أن أثور واسمع العالم ضجيجي الذي لا يصمت… غاضب لأن وطني المغرب أصبح يُخاف منه!...
أصبحنا في موضع الشك وفي دائرة الاتهام والفساد! وثورة تجتاحني هي حنينًا وشوقًا وحزنًا على كل ما يسلب منا: الأمان، الكرامة، الوجود، الأرض، الاسم… كيف لهذه جميعها أن تعود؟!.
الوطن الذي بوسعك أن تعيش فيه مرفوع الرأس... تعطيه كل ما لديك... عندما ينكسر عمق الناس، لا يمكن تصليحه بسهولة... فهو مثل الزجاج الشفاف... إذا انكسر، انكسر... يظل العطب قائما... وكل ما نخشاه كسر لا يجبر... الحياة صعبة... مسكين  هو هذا الموطن المغربي أنه لا يطلب الكثير؟ إنه فقط يحمل في بناة أفكاره مجرد أمنية بسيطة عسى له تتحقق؟ ولكن مع ذلك هي مستحيلة الحصول في ظل واقعه!
سنين وسنين تمضي إلى غير رجعة وهو ما زال يعيش المعاناة باختلافها… فكم من مغربي ما زال الحلم يورقهُ؟ وكم من مغربي ما زالت الأرض تنبذه؟!.. أصبح كل شيءٍ لهُ مستحيل بل أصبح يعيش المستحيلات، العالم من حوله في حراك وهو ما زال في سكون وصمت وتراجع دائمي، ما زال في نقطة لا يستطيع تجاوزها، لا يعرف كيف يخطوّ للأمام ولا يعلم كيف يُسمع صوته، كل ما يعرفه أنه لابد وأن يكون راضخا وتابعا لكي يتابع ما يجري من أحداث ويواكبها بعيون وعقول غيره!.
هناك يدٌّ تلوح بالبقاء وأخرى تُمدّ للأعناق، هناك صراخ من أجل الهروب، عيون دامعة تودع الأحباب… أبواب تغلق قبل حلول المساء… آذان مترقبة تنصت يمينًا وشمالاً… عقول مرهقة وأفواه مُكممة…
هنالك صوت خافت وكأن به رعشة الخوف ينادي من بعيد بالنجاة… لغة تنشأ من اختلاط الحروف... هنالك كيان مغربي يُبنى على الأنقاض والمخلفات… هنالك أرضًا يطالها الجراد… الأحداث والمناسبات التي فيه وكأنها مآتم مُقامة على الدوام…
المال يُسرق ليوزع للغرباء وأيادي تصافح من تحت الطاولات… مراهنات، مزايدات، منافسات، صراعات، تقسيمات، تزييف للحقائق، تحريف التاريخ، تعصب، تطرف، تحولات خطيرة، العبث بالتسميات وتحويرها، سلب الكرامة… كل هذا وغيره موجود في المغارة المنسية، التي فقط الغروب عنوانها والضياع مسكنها.
كثر الحديث وقل الفعل!... جملة تناقضات، ظهور أنماط متأثرة بالبيئة تجد في التعايش والتفاهم صعوبة بالغة وعدم تكييف، أنماط لا تقبل بغير ما مرسوم في دائرة أفكارها وما مخطط في عقولها وما موجود في واقعها المحصور، إنها لا تستقبل ما يخدم وما يُنمي بل تبث ما يحطم!... ما زالت الدائرة نفسها منذ أعوام كما هي والكل يدور في فلكها، وكأن الحياة محصورة من ضمنها أو ربما من يتخطاها سوف يتوه ولا يعرف العودة إليها... إنها الدائرة ذاتها لا تغيير مسهّا ولو طفيفًا وكأن حدودها صنعت من فولاذ يصعب تجاوزه!... ما زالت الأفكار تنسخ وتُعاد والنتيجة غائبة ومجهولة وملغية… الحماس الأعمى يلهبهم ومع الوقت يخمدون ويعودون إلى الركود!... تمضي الحياة بالأشخاص أنفسهم وأفكارهم ذاتها تنتهج نفس القالب والمضمون!.
وهذه هي المشكلة التي تعاني منها الأكثرية وهي العيش في ظلال أفكارهم وزمانهم وعمرهم، والزمن من حولهم يدور وهم عن الوعي غائبين وفي سبات مستديم، السنين تتقدم بهم وانقسامهم الواحد ضد الآخر يزداد ويكبر وكأنهم يربون وحشًا يلتهّم من يأتي في طريقه بدون رحمة... الصراعات الدائمة نتيجتها إلغاء وتهميش!... إنها السياسة العقيمة المنتهجة من أجل مصالح وغايات... ومجتمعنا ككل بحاجة إلى وخزة ضمير من أجل أن يستفيق وينهض للحياة، السبات الذي هو فيه لسنين طويلة نتيجته هو بسبب كونه لا يقبل على التجديد ولا يرضي بغير ما هو موجود في حدود فكر غيره، إنه خائف ومتردد من الإقدام خوفًا، من الفشل والمنافسة!... تلك الأفكار التي كانت في زمن ما زالت تعيش وتتكاثر نحو الأسوأ والسيئ!... وهذا واضح مما هي الأمور والأوضاع تؤول إليه في هذا البلد...
كل من أعطى لنفسه المسؤولية لابد وأن يحرك دوامة أفكاره باستمرار من أجل استمرارية دائمة ومواكبة الحدث بنتائج إيجابية!... لابد من دراسة الواقع كما هو في لحظته من أجل مستقبل أفضل وأنضج وأوضح، ومن أجل النجاة والفرج من المصائب التي البعض بعيدين عنها وآخرين من يقعون في مصيدتها.
فأليس من حق المغربي أن يحلم حتى وإن كان حلما مستحيلا؟... المهم أنه يبادر بالمحاولة من أجل أن يلمس ويعيش لحظات يتمناها في الواقع المرير؟!..
أتذكر هنا أنه عندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب:"عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته".
أخشى أن يلحقني ملك الموت وغضة، بل وألم مغلغل في قلبي ينتقل معي إلى قبري!... 
فرجاء لا تدفعوننا إلى الحقد على وطننا وابتلائنا بسياسة تجعلنا نكفر به والبقاء فيه ونعتب عليه حبا؟ وجعلنا نحلم بمغادرته والعيش بعيدا لأنه لا يحق لنا ان نقول فيه لا؟... وإلا سميتهم بالعمالة والخيانة والجحود؟ فنبكي وطننا، فلا نجد أمامنا إلا العلم لنحتضنه!...  ونبكي أسفا على ما حرمنا منه، ولا نجد شفاء لدواخلنا عدا عتابه ولومه واتهامه بأنه هو من دعانا قسرا للخروج منه؟ مادمنا لم نحصل فيه على عيش كريم وفضل أن يجرنا إلى المقابر. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق