الصفحات

الخميس، 30 مايو 2013

أين لنا بمساحة حب الوطن في القلوب؟



أين لنا بمساحة حب الوطن في القلوب؟
 قضية و موقف
البوابة الإلكترونية "فضاء الأطلس المتوسط"- محمد عبيد/ آزرو
 عندما تصدر منا نسمة حب في حق وطننا الغالي و رموزه، فإننا لا نفعل ذلك ابتغاء مرضات علية القوم، الجسد شفاف، والقلب عفاف، يا وطن الجن، يا وطن الملائكة، يا وطن الإنس إذ يتحذلق بين الكلمات عساه يجد من يتنكر بالتقية بين حرف و صوت.
 لا نفاق في حب الوطن، لأنه أغلى مما يتصور البعض.. حب الله و حب الوطن اختيار و أمانة و شفافية، وليس كمن يعبد الله على حرف أو كمن يقدر وطنه على حرف، فان أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه.
الوطن هو ذاك العالم الذي يعيش فيه الإنسان وينتمى إليه و يحبه و يعشقه بدون شرط أو قيود، و يدافع عنه سرا و علانية ليحميه من أعدائه وممن يريدونه بسوء، وممن يريدون إحداث القلاقل والفتن وإثارة المخاوف والاضطراب، فيتصدى لهذه المواقف التي تحمل من  الفتن ما ظهر منها وما بطن، والإنسان الذي يحدث القلاقل أو يشجع عليها أو يدعو لها ليس بكامل المواطنة بل و الدين كذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المسلم من سلم لسانه ويده". وقال أيضا:"والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضه".
فالوطن في حاجة ماسة لجهود كل أبنائه حتى ينهض من جديد ويتجاوز الأزمات والمحن التي تكاد تعصف باستقراره‏،‏ والشريعة الإسلامية تحمل لنا نماذج رائعة في حب الأوطان. للوطن قيمة ومكانة سامية في النفوس الشريفة، والانتماء للوطن ليس مجرد شعارات أو كلمات بل هو حب وإخلاص وفداء وتضحية، و حب الوطن والانتماء له جزء من العقيدة. والدفاع عن تراب الوطن واجب مقدس.
لا يجوز للمواطن الشريف أن يخون وطنه أو يبيعه مهما كان الثمن، كما لا يجوز الاعتداء على الوطن والنيل من مقدراته والعبث بممتلكاته، مهما لقي الإنسان من ظلم وقهر.
إن الانتماء للوطن ليس مجرد شعارات أو كلمات تموت على الشفاه، بل هو حب وإخلاص وفداء وتضحية، فبقيمة الأوطان ترتقي الشعوب وبصلاح الأوطان تسعد البشرية، ذلك أن الوطن في مفهومه الواسع والشامل هو الأرض التي أمرنا الله عز وجل بإعمارها في قوله تعالى: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" وقوله:"ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون"، والوطن هو الأرض والشعب والنظام والقيم، والإرادة والإدارة، وهناك قاسم مشترك بين الإنسان والوطن الذي يعيش على أرضه، ويتجسد هذا القاسم في التراب الذي تتكون منه أرض الوطن، فمن هذا التراب خلقنا وعليه نحيا وبداخله ندفن إلى أن يبعثنا الله يوم القيامة.. قال سبحانه: "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون"، فالإنسان خلق في هذه الدنيا للإعمار وليس الإفساد، والمؤمن الصادق هو الذي يعرف قيمة وطنه ويعلي انتماءه له فوق كل انتماء، فحب الوطن ليس ترفا أو رفاهة، بل هو واجب شرعي، كما أن الدفاع عن الوطن ضد المعتدين واجب شرعي أيضاً، لا يجوز التخلف عنه بغير عذر.
حب الوطن من الإيمان فالإنسان بلا وطن لاجئ أو غريب لا يشعر بالحرية والكرامة ولا يعيش حياة طبيعية، ولا تتحقق الحرية والكرامة للإنسان إلا بالحياة في وطن ينتمي اليه ويدافع عنه ويحمل جنسيته ويلتزم بالواجبات التي يكلف بها ويطالب بالحقوق التي يرى أنها لم تتحقق، وهذا لا يحدث إلا في وطن الإنسان الذي ولد وعاش فيه مع أهله وأسرته، فإذا لم يكن له وطن ينتسب إليه ويحمل شعاره سيكون متطفلا على آخرين ولا يشعر بالكرامة والعز.
هناك فرق بين الانتماء والموالاة، فالانتماء هو الانتساب إلى وطن أو أم أو أب أو نحو ذلك، ومن ثم فانتماء الإنسان الى شيء أو شخص أو مبدأ ما، معناه انتسابه اليه واعتزازه بهذا النسب وتشرفه به، لأن من معاني الانتماء في اللغة الارتفاع، فكأن من ينتسب الى شيء يرتفع به .. وهنا تحضرني كثيراً تلك الأنشودة التي تقول:"وطني أنت أبٌ لي ثالثٌ للأبوين... وطني أنت حياتي ومنى نفسي وعيني....وغدا أحمي حماك ولك كل جهادي ..أنت أصل وأنا فرع".
للوطن في أعناق أبنائه أمانة يجب عليهم أن يحافظوا عليها لأن حب الوطن من الإيمان، وإن واجب كل إنسان أن يحرص على حماية الأوطان، فلا يمارى امرؤ ومعه عقله أن الوطن بيته، فيجب عليه أن يحافظ على أمنه وسلامته، وأن يدافع عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلا وقد أوجب الإسلام، الدفاع عن الأوطان، وشرع الجهاد في سبيل الله دفاعا عن الدين والوطن والأرض والعرض ومن قتل في سبيل الدفاع عن وطنه كان شهيدا في سبيل الله، ولا تقتصر حماية الأوطان والدفاع عنها على مواجهة العدوان ومقاومة الدخيل فحسب، بل إن من الواجب في حماية الأوطان مناهضة كل فكر مغشوش، أو إشاعة مغرضة أو محاولة استقطاب البعض لمصلحة بعض الأهواء المشبوهة.
كما تشمل حماية الأوطان، المحافظة على أسراره الداخلية، وعدم التعامل مع أعداء الوطن أو من يريدون به السوء. أو الذين ينفثون سمومهم في أجواء المجتمعات بغيا منهم وعدوان.. حب الوطن سرا و علانية. حب الوطن على سغب و طوية أو على شبع و هناء، حب الوطن رافعة المواطن ليدود عن الكرامة، و يكشف الزيف عن كل سياسة تدعي حب الوطن و تسقط الحقوق بعسف و رسف.. حب الوطن ان تخرج من شرنقة المديح الى تصحيح مجريات الواقع الفاسد بما يضمن مسار الوطن الشريف، و الشرف هو الخطى الصالحة التي تربط ميثاق الشرف بين صراط الحق سبحانه و بين ضامن الحقوق و الساهر عليها مولانا امير المؤمنين دام صلاحه و عزه و بين الواقع بكافة تلاوينه افرادا و مؤسسات، نحب الوطن إذا أعطينا حقوقنا، نحب وطننا مهما سلبت منا الحقوق، فذلك دافعنا لمن أسقط حب الوطن من قلبه حتى يعمل على تصحيح مقاصده ..حتى تصير المملكة الشريفة فخورة بأبنائها على اختلاف مواقعهم فالله يرانا، و أمير المؤمنين و صالح المواطنين المؤمنين بحب الله و الوطن... ولهذا سمي حب الأوطان من الإيمان قولا و فعلا ..فهل من ذرة من هذا الإيمان عند العديد من الساسة و السياسيين بهذا الوطن الأمين؟ عندما يتم ترويج خطابات لتبادل الاتهامات المجانبة للروح الوطنية التي لا تتناسب واستقرار أمن هذا الوطن من خلال  تمييع الحياة السياسية بمختلف مظاهرها و بافتعال انشقاقات داخل أقطاب السياسة واختراق بعضها " للقيام بالواجب السياسي من الداخل ". وكل الذين رأوا في بناء الصرح الديمقراطي بالمغرب اعتداء على مصالحهم الذاتية وضربا لتطلعاتهم في تحقيق مخططاتهم المبنية على استغلال النفوذ والإثراء غير المشروع بعدما نسجوا خيوط التآمر على حساب كل من الديمقراطية و الوطن.. وهل بالفعل  ولى "السّيستيم " الذي طبع الحياة السياسية بآلياته ومظاهره بدون رجعة في ظل التحول الديمقراطي الذي أرسى دعائمه خطاب 9 مارس 2011 ووضع قواعده الدستور الجديد ليفتح المجال لبناء صرح ديمقراطي يصبح فيه تمييع الحياة السياسية مجرد " ماكياج "انتهى بانتهاء صانعيه في مزبلة التاريخ.
 خلاصة القول: لا يمكن حفظ شرف استقلال أية أمة أو قومية وحفظ خصائصها الدينية والوطنية إلاّ إذا كان النظام السياسي القائم فيها بمختلف تلويناته منتزعاً منها، وإلاّ ذهب ناموسهم الأعظم وشرف استقلالهم وقوميتهم هباءً منثوراً، وإن بلغوا أعلى درجات الثروة والقوة ونالوا ما نالوا من التقدم والرقي. لهذا وجب العمل على حفظ وصيانة الأنظمة الداخلية للدولة والتربية النوعية للشعب، وإيصال الحق إلى صاحبه، والحيلولة دون ظهور عداوات بين أفراد الأمة، وغير ذلك من الوظائف المرتبطة بمصالح الشعب والدولة. فاين لنا بمساحة حب الوطن في القلوب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق