قضية و موقف// عفاريت الزمان و تماسيح المكان
هل نحتاج معها إلى القراءة عليها بالرقية الشرعية؟
هل نحتاج معها إلى القراءة عليها بالرقية الشرعية؟
محمد عبيد (آزرو)
التخبط في الأقوال وفى الأفعال من أبرز علامات الجني أو العفريت (مثلا
يكون يتحدث في موضوع ثم يدخل في موضوع ثان لا صله بالحديث) أما في الأفعال فإنه لا
يثبت على حال؟؟، فهو قلق دائما دون سبب فتراه يقف أو يمشى أو يجلس دون سبب.. أو يفتعل
ضجة و الإصرار على سلوك هذا الطريق...مؤكد أن هناك شيء أكثر قيمة يحصلون عليه بالمقابل...ولكن
ما هو هذا الشيء؟؟؟
"كنا مجموعة أطفال ، تجمعنا شقاوة الصبا ، نقطن حيا من الأحياء
الصفيحية بالمدينة الإسماعيلية مكناس، وكان محيط الحي عبارة عن بساتين كثيفة
الأشجار كثيرة الثمار نقصدها كل يوم من أجل استكمال نصيبنا اليومي من التغذية..وسط
هذه الحقول والبساتين كان هناك مكان معروف تحج إليه النساء للتبرك والاستشفاء، ونقصده
نحن لننتفع فيه بما يجود به من طعام.
فقد كانت عادة الآنسات العوانس و النساء اللواتي لم يرزقن بأطفال، أن يزرن المكان ويتبركن به طلبا في الزواج أو الإنجاب، و كان للمكان شرط أو قربان وحيد عبارة عن "قصعة" كسكس غني باللحم و الخضر...فلأنه موجه لأهل المكان أي الجن و العفاريت فإنه يكون خاليا من الملح...كنا نتربص بالنساء القادمات إلى هناك حاملات أطباقا من الكسكس الشهي المزين بالخضر المختلفة الألوان و قطع اللحم اللذيذة، يضعن قرابينهن في مكان معزول يشبه حفرة بئر، طالبات القبول من ساكني المكان، وكان للمكان مدخل آخر لا يعلمه إلا نحن، كنا نتسلل إليه نلتهم كل ما تجود به النساء، وكم كانت الفرحة تغمرهن عندما تجدن الأواني فارغة ظنا منهن أنها علامة على الاستجابة و قبول للطلب...عشنا لسنوات على هذا النحو نمثل دور جن وعفاريت المزار وتماسيحه، نأتي على كل ما تحمله النساء من طعام،عشنا لسنوات نقتات على أحلامهن وآمالهن عشنا نتغذى على آلامهن و معاناتهن، فألفنا بذلك أكل الطعام بدون ملح، ولم تعد لهذا الأخير مكانة عندنا ولا قيمة كالتي له في ثقافة الأسوياء من أبناء هذا المجتمع".
فقد كانت عادة الآنسات العوانس و النساء اللواتي لم يرزقن بأطفال، أن يزرن المكان ويتبركن به طلبا في الزواج أو الإنجاب، و كان للمكان شرط أو قربان وحيد عبارة عن "قصعة" كسكس غني باللحم و الخضر...فلأنه موجه لأهل المكان أي الجن و العفاريت فإنه يكون خاليا من الملح...كنا نتربص بالنساء القادمات إلى هناك حاملات أطباقا من الكسكس الشهي المزين بالخضر المختلفة الألوان و قطع اللحم اللذيذة، يضعن قرابينهن في مكان معزول يشبه حفرة بئر، طالبات القبول من ساكني المكان، وكان للمكان مدخل آخر لا يعلمه إلا نحن، كنا نتسلل إليه نلتهم كل ما تجود به النساء، وكم كانت الفرحة تغمرهن عندما تجدن الأواني فارغة ظنا منهن أنها علامة على الاستجابة و قبول للطلب...عشنا لسنوات على هذا النحو نمثل دور جن وعفاريت المزار وتماسيحه، نأتي على كل ما تحمله النساء من طعام،عشنا لسنوات نقتات على أحلامهن وآمالهن عشنا نتغذى على آلامهن و معاناتهن، فألفنا بذلك أكل الطعام بدون ملح، ولم تعد لهذا الأخير مكانة عندنا ولا قيمة كالتي له في ثقافة الأسوياء من أبناء هذا المجتمع".
هذه القصة الواقعية التي تسجل في ذكريات
هؤلاء من رجال اليوم صبيان الامس، تحيلنا على ما يجري في
السياسة ببلدنا هذا الزمان، حيث كثر الحديث عن العفاريت و التماسيح و المخلوقات ولا
أحد يعرف من هي ولا أين هي؟ و ان كان البعض رأى ان هذا مصطلح "ميتافيزيقي"
جديد ضمه رئيس الحكومة للقاموس الذي خص به أعداءه والمناهضين له، وبعد التماسيح
والعفاريت فاجأ عبد الإله بنكيران محاوره في لقاء خص به إحدى القنوات الأردنية
بذكر مصطلح جديد هو "الساحرات"... فخلال حديثه عن محاربة الفساد الذي
أكد أنه "واجب وطني"، تساءل رئيس الحكومة إن كانت محاربة الفساد "تعني
مطاردة الساحرات"، ما دفع محاوره ليذكره بمصطلحي "التماسيح والعفاريت"
بشكل يظهر مدى شهرة هذين المصطلحين وارتباطهما بالقاموس المستعمل من طرف بنكيران....
مصطلح التماسيح و العفاريت التي كانت في البداية مصدرا للتندر و
التنكيت و أصبحت اليوم مصدرا للتعبير عن جيوب المقاومة بشكل اقرب إلى الموروث
الثقافي للمغاربة. اعتقد بان إقران الخطاب السياسي لرئيس الحكومة بالوهم والوعد والتمني
التي جاءت في القران الكريم مقرونة بطبيعة الشيطان، فيه تطاول وتجريح كبيرين
لشخصية مسلمة معروفة بصدقها واستقامتها قبل ان تكون مسؤولة حكوميا. ثم ما موقع
الشعراء و شياطينهم الذين يتبعهم الغاوون في هذه المقارنة الغير موفقة لإعطاء
القارئ مسحة من المصداقية عليها و على ما جاء في بابها الأول كما كان ان ذكر ان الجن
ينقسم إلى ثلاثة أصناف كما صنفهم لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال :
"الجن ثلاثة أصناف، فصنف يطير فـي الهواء، وصنف حيات وكـلاب ،وصنف يحلون
ويضعنون".. أما العفريت فهو ماله من القوة والقدرة ما ليس لغيره من الجن
كالعلوم الصعبة وجلب الأخبار والبناء والسرقة وحمل ما يعجز الإنسان عن حمله وله
سلطنة وحكم وخدام من الجن يخضعون لأوامره وكلما كبر العفريت كبرت سلطته وكثر خدامه...و
نحن نفتخر كوننا الشعب الوحيد الذي يستفيد من أمواله أشخاص دونا عن الآخرين، و
توزع خيراته بالانتقاء، وتختلف حقوق أفراده باختلاف انتماءاتهم، و بين مقالع
الرمال و المأذونيات و تفويت الأراضي و المشاريع آلاف الحكايات تعيش بين أسطرها
مختلف أنواع الفساد والريع والرشوة تشكل عنوانا بارزا لمملكة الريع، و لو أن قطاع
الماء و الكهرباء بإحدى الدول التي تحترم نفسها عرف عجزا ولو بشكل بسيط لأجري
تحقيق مفصل عن مسبباته حتى تتم معاقبة كل من ساهم فيه بشكل أو بآخر، لكن في دولة
يقترن فيها مفهوم السعادة بتوفر الخبز والشاي فلا أحد مهتم بمن ينهب أموالها، و
إلى أن يستوعب الشعب المغربي جيدا مفهوم ما له و ما عليه سيؤدي "سوبر الجن"
فروض الولاء و الطاعة التي ستبقي في فمه "الرضاعة"...
التماسيح و العفاريت في المغرب معروفين و هم من يتحكمون في المغرب بما يسمى
''المغرب العميق'' أو ''المطبخ السياسي'' أو ''حكومة الظل'' أو ''حكومة الخفاء''
يتحكمون في البلاد في شتى المجالات و القطاعات... هل تنكر يا سيد بأنك لم تصادف في
حياتك تمساحا او عفريتا في الإدارة في السياسة في المقاولة في مرفق عمومي أو خاص
في الشارع في الحياة العامة؟ هل لا تعلم بان البلاد تعج بهم و أعشاشهم تكاثرت بفعل
الزمن والسنين و قد تكون حولك وبجانبك ولا تعلمها؟ ما يهم المغاربة ليس هو فضح
الناس والتشهير بأسمائهم وإنما المهم هو قطع الطريق مستقبلا أمام المفسدين... إن
الفساد في المغرب كان مؤسسا على القوانين التي نسجت على مقاس وأن من نهبوا قبلا نهبوا
بقوة القانون.. تزويق الواقع بمختلف المساحيق او نفي الاعتراف بالمشاكل والأزمات
التي يتخبط فيها المجتمع ووصف الواقع بمصطلحات حيوانية او عفريتية وشيطانية فهذا
سلوك يرجع بالمواطن إلى الوراء... بعد الربيع الديمقراطي والدستور الجديد والحكومة
الجديدة اعتقد المواطن المغربي بأنه سيدخل عهدا جديدا ستقطع فيه الحكومة ومؤسسات
الدولة مع سلوكات الماضي التي تتميز بالغموض والتواكل والاتهامات والهروب من تحمل
المسؤولية. ولكن نلاحظ نفس السلوك وما تغيرت إلا الوجوه والشعارات والمصطلحات
كالتماسيح والعفاريت. لا داعي لتشخيص المرض ولكن وصف الدواء، ومن بين الأدوية التي
ستعالج المرض هي الاعتراف بالواقع كما يعيشه اغلب المغاربة والشفافية والوضوح
وتسمية الأشياء بأسمائها والاعتماد على البحث العلمي. الدواء الثاني هو تحمل
المسؤولية وربطها بالمحاسبة، وهذا يتطلب من أي مسؤول أن يكون شجاعا. تحمل
المسؤولية لا تقتصر فقط على الحكومة فالبرلمان
مسؤول والمجتمع المدني كذلك. كلنا مسؤولون عما نحن فيه، لأنه الواقع، والواقع لن
يظهر فيه لا تمساح ولا عفريت ولا ضفدع ولا سبع ولا نمر …فقط ستظهر فيها أنت وأنا
وعامة الشعب…لأنهم يا هذا يستمتعون برؤية بعضنا يتفرج على بعض، ويصرون على تركنا
هكذا لا يشغلنا إلا الوقت الذي سنتفرج فيه على بعضنا البعض…لأنهم كما قيل: تماسيح
للدماء تسيح … وعفاريت لنا تستبيح وبغفلتنا تستريح… وذي قصة لا تفهم ولا
تدرك بعلامات إقران الجن بالإنسان التي تنقسم إلى قسمين:علامات ظاهرة و علامات
باطنة.. عفاريت الزمان و تماسيح المكان، فهل نحتاج معها إلى القراءة عليها بالرقية
الشرعية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق