*/*البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/*
وأنا أتأمل في واقعنا المجتمعي وما آلت إليه سلوكات وتصرفات بعضنا من حيث العلاقات والتواصل والقيم الثابتة التي أصبحت في عصرنا هذا عملة ناذرة الوجود، استوقفتني كثيرا بل استحضرتني وبإصرار قوي هذه اللازمة من أغنية مجموعة جيل جيلالة التي تقول ل "وا أسفاه عليك!!!...غادي فالهاوية ولا من ياخذ بيدك"...
نعم أدرك غاية الإدراك بأني لا أقصد بهذا الموضوع إلا من سيُغضبهم قولي هذا، المستكبرون بالباطل.. أقصد المغترون بالإثم..كوننا صرنا نعيش زمانا أكثر مما مضى في مجتمع غريب عجيب يستطيع فيه أي منافق، كذاب، مخادع، جاهل، مُشوّه، متعصّب وحقود أن يهزم كلّ الناس.. أن يُذلّ عقولهم ويُسكت ذكاءهم وأن يُقزّم كل ذوي المزايا دون أن يمتلك مزية واحدة غير تكوير الأكاذيب وخبزها وتقسيمها على المُتفرّجين طبيعة الخير وضوحه وطبيعة الشر غموضه وإبهامه فلا يسوء الطيبين ظهور أعمالهم ولو بدت غاية في البساطة ولا يعيب الأتقياء لو أعلنوا عن أحوالهم فليس فيهم ما يخشوا مغبّته أو يحذروا عقوبته.. شهوة الاستعلاء والاستبداد والجبروت ما فتئت تنبعث من الشقوق لتلدغ على عجل – ثم تأوي إلى أوكارها.. فلقد خلق الله الأرض مباركة التربة موفورة الخير وقدّر فيها أقواتها وأودع فيها أرزاقها، لكن مجتمعنا ابتُليَ بأقوام اعترضوا مجرى الحياة فعاقوه عن مصبّه.. وحبسوه عن انطلاقته كما تعترض الحجارة مجاري الأنهار الكبرى فتحجز الماء وراءها لُجّة صاخبة لتترك أمامها بقاعا جرداء ترتقب الريّ فلا يصلها.. وتتطلع إلى أولئك هم المحتكرون المستغلون المستبدون ممن استولوا على مناكب الأرض وكان أشقاء عباد الله سُلّمهم كما كان تعريض حياة البسطاء للتلف أمر لا يُشكّل حدثا ذا أهمية في عوالمهم المُبهرجة البرّاقة... إن الرِقّ الذي انقضى أمدُه وانحسر عن الإنسانية عهده قد عاد لنا بصور أخرى عبر الرقيق الأبيض ورقيق الأرض ورقيق الآلات ورقيق الكِبر التي تجعل أصحاب "الهمزات الكبيرة" لاينظرون للآخرين إلا نظرة الراعي إلى قُطعانه المُنقادة، لانظرة إنسان رحيم إلى أخيه بالتكوين والخلق والمراحل الإنسانية كلّها وكأنه قد كُتب على بعضنا إن لم يحظى بمنزلة رئيسية في الحياة أن يتقبّل الإهانة والتعالي والتعجرف من كلّ من هم أعلى منهم منزلة وظيفية أو مالية أو اجتماعية.....
نحن مجتمع يحتقر مهنة الجنس، لكنه يشكل زبونها الأول أكثر بكثير من الأجانب، وذلك خلافا للفكرة السائدة... لكنه أول من يشتمها في العلن... مجتمع يبدع الدروس حول القيم الجميلة، لكنه في الواقع يركز اهتمامه على المظاهر، يحكم عليك من خلال نوع سيارتك وماركة حذائك والحي الذي تسكن فيه...مجتمع ينتفض ضد مشهد قبلة في فيلم، لكنه لا ينزعج أبدا من مشاهد العنف والقتل في الأفلام نفسها...مجتمع يلوم شخصين يعيشان علاقة حب صادقة... يعتبرها فسادا... لكنك حين تتزوج شخصا لا تحبه، يجمعكما فراش بارد وروتين يومي، فقط لأن له مكانة اجتماعية، لأنه سيمكنك من دخول مؤسسة الزواج، أو لأن الآخرين يفعلون نفس الشيء، سيبارك لك الجميع..مجتمع ينبذ الغش في الخطاب، لكنه يطبع معه بسهولة في الواقع، في الامتحانات، في العمل... يجد له كل التبريرات الممكنة..مجتمع ينزعج من منظر امرأة بتنور قصيرة، لكنه لا ينزعج أبدا من منظر طفل مشرد في الشارع..مجتمع لا يطالبك بأن لا تأتي السوء... المهم أن لا يعرف بذلك الآخرون...مجتمع لا يطالبك باحترام ضميرك الشخصي، بل بالخضوع لرقابة الجماعة.... افعل كل ما تشاء، لكن في السر...
أجل،نحن مجتمع مبني على كل التناقضات... مجتمع غير ممارس للديمقراطية وغير مثقف ديمقراطياً... ومجتمع لا يزال يمارس طقوسه... نحن بحاجة إلى تغيير أفكارنا كي نكون فعلا مجتمعا متحررا من العادات والتقاليد التي لاتفيد ولا تزيدنا إلا تضيق الخناق على أنفسنا وتقودنا إلى الرجوع إلى أيام لا نفرق بها ما بين الصح والخطأ...لكن، ما الجديد في كل هذا؟ سلوك المغاربة في زماننا هذا أصبح يلزم علينا الوقوف على سر عبارة التعجب"وا أسفاه عليك!!!.." التي تغنت به مجموعة جيل جيلالة في يوم من الأيام.
لقد أضحت غالبيتنا تعمل للأسف بمبدأ "راسي يا راسي" بدون إبداء أدنى اهتمام للمصلحة الجماعية... غالبا ما نتكلم عن أنانية رجل التعليم ورجل السلطة والطبيب والقاضي والسياسي وننسى أننا نحن "المغاربة قاطبة".. نحمل فيروس الأنانية الخطير في دمائنا... هذا الفيروس الذي تظهر مضاعفاته بوضوح في تصرفاتنا اليومية: كثرة حوادث السير هي دليل على حضور الأنانية في سياقتنا، نظافة بيوتنا وقذارة شوارعنا هو دليل على أنانيتنا، اكتضاض محاكمنا هو دليل على أنانيتنا، سكوتنا عن الظلم هو دليل عن أنانيتنا، الانتشار المهول للرشوة والمحسوبية هو دليل عن أنانيتنا، تزايد دور العجزة هو دليل آخر على أن الآباء لم يسلموا بدورهم من أنانيتنا.
والمُلاحِظ لسلوكات المغاربة في مختلف جوانب الحياة اليومية سيميل في إجابته على هذا السؤال إلى النفي، لأن الأنانية التي أصبحت تسري في دماء مغاربة اليوم، أو لنقل أغلبهم حتى لا أقع في فخ التعميم، قد أدخلت مجتمعنا فعلا في أزمة اجتماعية وأخلاقية بدأنا نعاين عواقبها بالواضح المكشوف في معيشتنا اليومي.لقد أضحت غالبيتنا تعمل للأسف بمبدأ "راسي يا راسي" بدون إبداء أدنى اهتمام للمصلحة الجماعية... غالبا ما نتكلم عن أنانية رجل التعليم ورجل السلطة والطبيب والقاضي والسياسي وننسى أننا نحن "المغاربة قاطبة".. نحمل فيروس الأنانية الخطير في دمائنا... هذا الفيروس الذي تظهر مضاعفاته بوضوح في تصرفاتنا اليومية: كثرة حوادث السير هي دليل على حضور الأنانية في سياقتنا، نظافة بيوتنا وقذارة شوارعنا هو دليل على أنانيتنا، اكتضاض محاكمنا هو دليل على أنانيتنا، سكوتنا عن الظلم هو دليل عن أنانيتنا، الانتشار المهول للرشوة والمحسوبية هو دليل عن أنانيتنا، تزايد دور العجزة هو دليل آخر على أن الآباء لم يسلموا بدورهم من أنانيتنا.
تغريدتي هاته أختمها بما انطلقت به من إيقاع غيواني/جيلالي، وهذه المرة بتوجيه اللائمة لشخصي ولشخصك أيها القارئ العزيز"وا أسَفاه اعْلِيَّا واعْلِيكْ!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق