قضية وموقف
الاحتيال السياســي
البوابة الالكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو- محمد عبيد
أبو سعد
حين يضحك سياسيو الاحتيال
السياسي على ضحاياهم، فإنهم في نفس الوقت،يكشفون عن خوائهم الأخلاقي والروحي
والإنساني. فعندما يفكر واحد من هذه الفئة في اللحاق بالسلطة من بعد طول معارضة أو
صمت، فإنه يتفنّن في صياغة بيت الشعر السياسي المُـبَرِّرِ لحيازة الوزارة، أو
التربّع على رأس الإدارة.
في الحقيقة ،إن أحجام التصريحات التي يسوقها المهرولون الجدد "الظرفاء" إلى بوابة السلطة تختلف في مقاديرها الفكرية، و الثقافية، و الأخلاقية.. فبعض المثقفين الذين ينضوون حديثا تحت مظلة السلطة، يركزون على مخادعة العقل الجمعي وتخويفه بما لا يحب طبعا.، فالإرث الثقيل الذي خلفته الحكومات السابقة يبقى ـــ من غير ما تحتسب ـــ تجارة رائجة ومُربحة لهم ،حين يحمّلونها وِزْرَ إخفاقهم وتخبطهم غير المحســوب.
فالتحايل على الوطن وأهله يبدأ بتكميم الأفـواه، وخلق اتجاه واحد للرأي، وتحطيم فاعلية النقابات،ومؤسسات المجتمع المدني، ومحاربة الإبداع والمبدعين، ومحاصرة النشر الثقافي، وسن رقابة قبلية على الصحف، والمحاباة الأيديولوجية والإثنية في توظيف الأجهزة الخدمية، وما إلى ذلك من الكدر السياسي الذي يلازم البناء الوطني ، هذا الأخير الذي يستدعي استجماع كل القوى السياسية والفكرية والاقتصادية ،وصبّها في بوثقة واحدة تنصهر فيها كل الإثنيات والأعراق ، وتتعايش فيها كل الكائنات الحزبية و النقابية والاجتماعية والثقافية،من أجل التعبير عن كيان واحد وهوية واحدة تعكس الصورة الحضارية للشعب المغربي، وتكرس العمق التاريخي للمغرب.
وما دام أن الواقع عكس ذلك، فعلى أي أساس يمكن أن يبنـى الوطن بالشكل الذي يحقق تقدمه وحلمه؟ وعلى أية مرجعية يتم الحـوار والتشاور والمشاركة؟ وما هي قيمة الحوار أصـلا إذا كان الطرف الآخر لا يجد حتى فرصة الإنصات إليه بشكل مسؤول وجاد؟ وإذا ارتأى الطرف المالك للسلطة الآن ،أن لغة العصا الغليظة أبلغ من أي لغة للحوار؟؟.. ومن اعتقد غير ذلك ،فليجرب النّزول إلى الشارع صادحا بالحق،ليرى بأم عينه إلى أي مدى تَـرَدّى الاستقواء بالسلطة بالبعض ،وخاصة الذين كانوا بالأمس القريب يشتكون من التضييق و التهميش والملاحقة.
حين ينظر سياسيو الاحتيال بعين الموضوعية إلى الواقع، سيجدون أن لا تأثير إيجابي في واقـع الناس بانضمامهم إلى السلطة.. ولكنهم يخادعون الناس، ويخادعون الله ، وأي إلـه وأي شعب يخادعون !؟.
الشهود المحلفون أيضا ،سيجدون كذلك أن لا قيمة لحوار مع حكومة دلت كل التجارب على أن الحوار بالنسبة لها ،لا يعني غير استيعاب المخالف في الرأي، وتوريطه في الفساد، والتحايل على ما تم تدوينه في مسودة الاتفاقات معه..كما سيشهدون أيضا أن الحكومة بدأت تتملص من مجمل وعودها والتزاماتها حيال الشركاء السياسيين والنقابيين والفاعلين الاقتصاديين ، وحيال المواطنين،متذرعة بالأزمة العالمية التي سقطت عليها بـردا وسلاما،فراحت تُعلّـق عليها كل إخفاقاتها وتعثراتها ، بل و تُهيء الأنفس لتَقَبُّلِ الأسوءِ أيضا، ودائما يبقى التعليق على نفس المشجب.
إن آفة الاحتيال السياسي التي خبرها الكثير من ساسة هذا الوطن،لم ولن تؤدي سوى إلى تفريخ المزيد من الحوانيت السياسية ، وسماسرة الانتخابات وباعـة الأحلام والأوهـام المتجوّلين،والرّحّــل المُتسيّسيــن ؛كما لن تـؤدي أيضا سوى إلى نفور الناس من السياسة و أهلـها وكل ما يحيط بهـا من قريب أو من بعيد،وما النسب المتدنية جدا للمشاركين في الانتخابات الأخيرة و التي قبلها ،سوى مؤشر أولي على ذلك، الشيء الذي سيُخلي الساحة لمحتالي السياسة ، ومُقامري المصالح الحزبية والمآرب الشخصية، ليعيثوا فسادا في مصائر البلاد و العباد.
المأمول ــ والأمل مبـاح ــ أن يعمل القائمون على شؤون البلاد و العباد ،على إبادة كل الطفيليات السياسية والشوائب البشرية التي أفسدت الحرث و النسل،وذلك بتفعيل كل قوانين الراقبة والتخليق، التي لدينا منها ما يكفي لتطهير الحياة السياسية و العامة ،بالشكل الذي يحررها من عقالها ، ويتيح لها فرصة التقدم والنماء والتطور،وكل في سبيل الوطن وأهلـه.. أما إذا بقيت مرهونة لدى مُمتَهِني الاحتيال السياسي ، فرحمة الله على الأحــلام و الآمــال، وإلى ربيــــع قــادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق