المرشحون الكبيدة.. ماتت السياسة و عاش المغاربة
فالحملات الانتخابية الجارية هذه الايام تحيلنا على المشهد السياسي المغربي الحالي، الذي يعطي الانطباع المهول بموت السياسة و السياسيين، بالرغم من مقاومة البعض و جماعات صغيرة من الحرس القديم لجيل الاستقلال ، نظرا للجو المحموم من الانشقاقات و التصدعات داخل الأحزاب و التكتلات السياسية و الحرب الكلامية و اعتبارا أيضا للشتات الذي تعيشه الساحة السياسية ببلادنا من أحزاب و هيئات و نقابات و غرف مهنية و تجمعات جمعوية.. و إن كان هذا الشتات تتخلله بين الفينة و الأخرى تحركات وحدوية بين قوى أو تيارات متقاربة إيديولوجيا أو متفاهمة على أرضية دنيا..
ففي بلد صغير جغرافيا- لا تتعدى ساكنته حسب الإحصائيات الاثنين و الثلاثين مليون نسمة – نسجل تضخما هائلا في المقاعد البرلمانية النيابية و الاستشارية – زهاء ست مائة منتخب- تعادل عدد برلمانيي الهند التي تفوق ساكنتها المليار نسمة – هذا التضخم المريب نجده في تعداد الأحزاب التي تتجاوز الثلاثين .. منها ما هو معطوب لا يقوى على التحرك من مكانه و منها ما منهوك القوى لا تحركه سوى الهيئات الإدارية و المناسبات الرسمية و الانتخابات...
فالسؤال المطروح: ليس لماذا؟ فالجواب بيــن و يعرفه الجميع ، بحيث أن المقاربات السياسية في تدبير الشأن السياسي منذ أزيد من نصف قرن من الاستقلال أتت على كل شيء صالح للبلاد و العباد ، ما عدا ثلة قليلة من الشرفاء و النزهاء و الديمقراطيين الذين قاوموا ضد التيار و ضد الاستهجان و ضد ترويض السياسي للفرقاء..
إن السؤال الملح و المخيف في نفس الوقت هو ، إلى متى؟
فالغريب هو أن التجربة السياسية المغربية بالرغم من سلبياتها و عدم اكتمالها كانت دوما السباقة في فتح آفاق واعدة في التحرر و الديمقراطية و الانفتاح على كل المكونات المجتمعية و السياسية .( تجربتا : منتدى المصالحة و المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان – نموذجا-)
و بدل تقوية هذه التجارب الرائدة في العالمين الإسلامي و العربي و ترسيخها على ارض الواقع بشكل لا رجعة فيه يتم إجهاضها أو اختراقها أو ابتذالها بحيث تصبح مجرد أداة شكلية على شكل المجالس الوطنية ، من بين الأدوات الجاهزة المسخرة لتدجين الساسة و الهيئات السياسية..
هذا شيء يصعب فهمه في محيط عالمي سريع الوتيرة و متحول و قاس، و في محيط مغربي غني بتراكماته السياسية..
فماتت السياسة و عاش المغربة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق