هل أصبح من حقنا في مغرب الألفية الثالثة أن نتحدث عن ثورة الحمير، بنفس الحرقة التي كان يتكلم بها المناطقة عن
فبعد الانتفاضتين الحميريتين اللتين وقعتا أمس بمديني الناظور وبني ملال احتجاجا على الفساد الانتخابي، وما وصلت إليه الذمم البشرية من سقوط ووضاعة في السوق الانتخابية.. وبعد الانتفاضة المشهودة لحمار بإقليم افران ضد مالكه، الذي كان يستغله أبشع استغلال، نظن أنه أصبح من حقنا الحديث عن ثورة الحمير، دفعا بالذمم البشرية الرخيصة لكي تنتفض على نفسها، قبل أن تنتفض ضد مستغليها.... حكاية الحمار الثوري، الذي استفرد بصاحبه في جماعة تزكيت (أنظر الخبر أعلاه)، حيث أفرغ فيه عنفه، وجعل أهله ينقلونه إلى المستشفى في حالة حرجة، فقد فعل ذلك انتقاما لنفسه من صاحبه القاسي.. أما حمير الناظور، فلم تفعل الشيء نفسه انتقاما لذواتها، وإنما فعلته من باب إعلان تضامنها المطلق مع الفقراء والمهمشين من بني البشر، الذين يقعون في شراك بعض السياسيين الفاسدين، فيتم استغلالهم أبشع استغلال مقابل دريهمات معدودة... في حين، اختارت حمير بني ملال أن تتخلص من الرمزية والتجريد، فتحمل على ظهرها رمز التراكتور لصاحبه الأصالة والمعاصرة، ورمز السنبلة لصاحبته الحركة الشعبية، بصفتهما نموذجين بارزين للفساد الانتخابي بالمدينة... منذ زمن ليس بالقريب، والديمقراطيون الحقيقيون في هذا البلد المفتوح على كل شيء، ينبهون إلى مخاطر استعمال المال الانتخابي على الديمقراطية، لكن وكما تقول العرب: "لا حياة لمن تنادي"•• وهاهي أوضاعنا مع الأسف باقية على حالها، تعيد إنتاج نفسها بنفس الحدة والمرارة واليأس والبؤس، لتبقى انتخاباتنا تسير على مقاس أصحاب السلطة والنفوذ والمال، بشكل مخدوم يُبقي دار لقمان على حالها... وفي انتظار أن يستخلص من يهمهم الأمر الدروس المضمرة في ثورة الحمير، ويدركوا أن المغاربة الغيورين على وطنهم، أصبحوا يستنجدون بالحيوان للرفع من وعي بني الإنسان.. لا يسعنا إلا أن نذكرهم طلبا للطف الله، بما قاله الشاعر الفطحل أبو الطيب المتنبي في ثنائية العقل والجهل: ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
يقال بألمانيا قديماً أن تقبيل الحمار يمكن أن يخفف ألم الأسنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق