الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

تأملات قلم//...لماذا الصمت؟

تأملات قلم//...لماذا الصمت؟
*/*مدونة "فضاء الأطلس المتوسط" /آزرو-محمد عبيد*/*
يقول مثل مغربي"الهدرة بزاف والسكات احسن؟"...وتقول مقولة عربية:"بكثرة الصمت تكون الهيبة؟".. فيما جاء في مقولة أخرى:"صمتي لا يعني سكوتي!؟"... هنا الفرق بين الصمت والسكوت.
القافلة مجموعة عربات مترابطة، إذا انفصلت منها عربة ضاعت القافلة كلها... تلك النِّسبية أو الخيط الرفيع في حياتنا في الإحساس وفي التعبير...
فتحية لأولئك الذين لم نكن نعرفهم وباتوا الآن من أقرب الأحبة إلى قلوبنا لا نرضى فراقا ولا بعدا عنهم...
وسلام للذين يقرؤون هذا الكلام وفي كل منهم هموم كالجبال فأبوا أن يمر هذا الكلام على مسامعهم إلا أن يردوا السلام مبهجين القلب بابتسامة تطيل العمر وتنسي الهمّ.
الأغلبية الصامتة أو المتفرجة في ملعب الحياة ومطبخها، والتي أعطت بصمتها وانزواءها الفرصة الذهبية والمتكررة للفساد أن يستفحل، وللجهل أن يعم، وللقانون أن يتلاعب به، وللمؤسسات باختلاف تنوعها واختصاصاتها أن تكون طرف في حماية العابثين بالقانون ولوبيات الفساد، ودورها الجوهري في إقصاء وتهميش الطبقة المطحونة بقانون لا يعترف بالعدالة ولا المبادئ وإنما المصالح الفئوية على حساب الأغلبية التي تعاني التشرذم والنبذ والإقصاء مما يولد ليها حالة من اليأس والجبن والشلل ..
وعندما تتكلم مع أحدهم يقول لك نحن في زمن أصبح حاميها حرميها، في زمن الدوس على الحقوق واغتصابها،  في زمن لا يعير الاهتمام سوى للمادة والمصالح الشخصية...
فالصمت أصبح من شيمنا ومبادئنا،والصمت أضحى لغتنا وموقفنا، يقولون في الصمت ما لا يقولونه في الكلام الجاد فالصمت حكمة، وفي الصمت السلامة، وإن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب، والصمت لغة الحكماء"البلداء"والصمت شيم الأقوياء"الجبناء"... ولا نمارس الصمت سوى في المواقف البطولية والملاحم الأسطورية وفي الجد ولا نتكلم غير في الهزل واللعب والنقاشات الفارغة والانتقادات الواهية والمكان الرحب والمرتع الحقيقي لكي نسمع أصواتنا بعلو حناجرنا هي الملاعب والمقاهي و..
الكل ناقم والجميع ساخط من أوضاعنا التي لا يختلف إثنان على ترديها وفسادها ولكل بلد طريقته للاحتجاج والانتقاد بالأفعال والأقوال لكن نحن وكما نحن استثناء في هذا العالم بكثرة كلامنا "اللغو" وقلة أفعالنا "غير الاستهلاك" وكثرة صمتنا "في الجد"... فطرق التعبير ب"الطبل والغيطة" وكذلك ب"البندير" تارة، وبالشجب والتنديد"وبأقبح الكلام" تارة أخرى...
ومن يتسكع في أزقتنا وشوارعنا فسيندهش كثيرا ويتعجب أكثر لتجاهل الناس، ولسخريتهم من أنفسهم ومن أوضاعهم أليس من الأجدر أن نكبح ألستنا عند الغضب فقط ومن تم نطلق العنان لخيل الكلام إن وجب، ونشهر سيف الحنكة والحكمة، ونكره القول الفارغ والفضول المقيت؟؟
 لماذا يصر البعض على كوننا سطحيون، ولم نصل سن البلوغ بعد وكأنهم أوصياء علينا ونستحق الذي يمارس علينا أليس من الأجدى أن يكون خلقنا حسن الصمت"، إذا تكلم تكلم بعلم، إذا رأى الكلام صوابا، وإذا سكت سكت بعلم، إذا كان "السكوت صوابا" طول الصمت، فإن ذلك من أخلاق الأنبياء، كما أن سوء الصمت وترك الصمت من شيم الأشقياء، والعاقل لا يطول أمله، لأن من قوي أمله ضعف عمله، ومن أتاه أجله لم ينفعه أمله.
وكما قيل قديما:"فالعاقل لا يبتدئ الكلام إلا أن يسأل ولا يقول إلا لمن يقبل، ولا يجيب إذا شُوتم، ولا يجازي إذا أُسمع، لأن الابتداء بالصمت وإن كان حسناً، فإن السكوت عند القبيح أحسن منه"...
استمر في الصمت...اغرق في عالم الصمت... ولكن!؟إياك أن تسكت!... صمتك لا يعنى سكوتك... وكلام الحق لا يعنى الطريق إلى جهنم... بل العكس تماما.والصمت لا يعنى السكوت.. ولو كان الصمت سكوتا...  لما قلنا "سكتة قلبية"... بل قلنا "صمتة قلبية".
فالصامت يصمت ليقي نفسه من التكلم في كلام لا فائدة فيه... ولكن ما الغرض الذي يسكت الساكت من أجله؟
أظنك سمعت بالمقولة التي تقول:(الساكت عن الحق شيطان أخرس).
الساكت عن الحق هو الذي يرى الأخطاء تقع أمامه ولا يتكلم ويستمر في سكوته... ظنا منه أنه يصمت... ولكنه يصمت عن حقه... وحق غيره... ويتخلى عن حقوقه من أجل ظالمه.
قال صلى الله عليه وسلم:"إذا رأيت منكرا فغيره بيدك فإن لم تستطع فبلسانك فإن لم تستطع فبقلبك وذلك أضعف الإيمان".
إذن فالساكت عن الحق ضعيف الإيمان....وهكذا نعرف أن الصمت والسكوت هناك خيط رفيع وأنهما لا يمكن أن يتساويان أبدا.
شيء آخر:"الصمت يتولد من الأدب...أما السكوت فيتولد من الخوف"...أما السكوت فيتولد من الخوف"..كما أن الصمت هي النقطة الأخيرة لكل الأشياء الموجعة.
وكذلك الصمت متعة في زمن الثرثرة... فصمتك وقت فوزك ثقة... ووقت غضبك قوة... ووقت عملك إبداع... وصمتك عند سخريتهم منك ترفع وسمو... وصمتك وقت نصيحة الناس لك أدب... وصمتك وقت حزنك صبر واحتساب لنيل الأجر والثواب.
وهناك ذاك الحزن الراقي الذي يحرق العيون دون دموع... ويسكن في أيسر الصدر ويتخذ من القلب وطنا له ولا أحد يشعر ويعلم به، لأن صاحبه لا يشكيه ولا يبكيه بل يتعايش معه فيه.
ومن يريد لجرحه أن يشفى عليه أن لا يدع أحدا من لمسه، لأن لمسه يعني إحياء ألمه من جديد.
فهل الصمت حكمة أم لغة للضعفااء؟... استمر في الصمت... اغرق في عالم الصمت... ولكن!؟... إياك أن تسكت!.... صمتك لا يعنى سكوتك؟!.... وكلام الحق لا يعنى الطريق إلى جهنم؟!..... 
بل العكس...... تماما.