فضاء الأطلس المتوسط
يسجل التاريخ أنه منذ أن تم إحداث عمالة إقليم إفران في سنة 1979 بعد انفصاله عن إقليم مكناس، عرف هذا الإقليم مع توالي المسؤولين على هرم هذه العمالة بدء من المرحوم حسن ناظر ولحسن العلام وكريم قاسي لحلو وجلول صمصم ومحمد بنريباك، وعبد الحميد المزيد تفاعلات غير منسجمة مع تدبير وتسيير هذا الإقليم...
كل منهم اجتهد حسب تكوينه وشخصيته وضميره واستحضاره لروح المسؤولية وكذا للضوابط التي تفرضها عليه مهمته ممثلا لجلالة الملك لرعاية أوفيائه بهذا الإقليم الفتي، للوقوف على قضايا هذا الإقليم من كل جوانبها سواء الإدارية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو القطاعاتية ككل.
وإذا كان التاريخ يحتفظ لمن سبق من العمال على إقليم إفران بإيجابياتهم وحتى سلبياتهم والتي راكمتها مساراتهم على رأس الإدارة الأولى بهذا الإقليم، وحتى نعمل عملا يوازن بين الحقوق المترتبة، ولكي نعطي لكل ذي حق حقه دون إفراط ولا تفريط، نقف من خلال هذه الورقة الاستثنائية على مسار العامل الحالي السيد إدريس مصباح، وقد تجاوز النصف سنة من مزاولته لمهمته على هرم الإدارة الترابية باقليم إفران، والذي رغم قصر المدة يبرز اسمه وشخصيته كاستثناء لافت...
رجل هادئ لا يبحث عن الأضواء، بل يعمل بصمت وبتأنٍ، يمشي بخطى ثابتة لا تتسرع، يلاحق الأثر بدلاً من الضوء.
السيد إدريس مصباح الذي خبر كثيرا في قطاع الغابة حيث شغل فيه مهمة مفتش عام في إدارة المياه والغابات، مكنه من معرفة معمقة بالبيئة وتوازناتها الحساسة وبالتالي من هندسة الغابات إلى هندسة الدولة، حيث يرسم مسارات التنمية بحس بيئي وعين خبيرة.
السيد إدريس مصباح يتولى مهمة عامل على إقليم إفران الذي يحمل عنوان الإيكولوجيا، إذ لا يمكن اختزال تعيينه في مجرد تغيير إداري، بل هو انتقال من مسار مسؤولية تدبير قطاع إلى مسار الإشراف على تسيير إدارة ليشكل عينا ثالثة ترى ما لا يراه الإداري العادي..
ويرى مهتمون ومتتبعون بأن إفران في مرآة رجل دولة منذ تعيينه منذ تقلده تدبير وتسيير شؤون إقليم إفران أفرز أنه ليس رجل مكتب بقدر ماهو ابن الميدان، والخرائط الطوبوغرافية، ومخططات التهيئة الغابوية...
يعرف جيدًا أن أي خلل في التوازن الطبيعي يُخلّف خسائر صامتة، تمامًا كما أن أي خطأ في القرار العمومي يُعمّق الهشاشة بصمت قاتل... لهذا يعمل منذ تعيينه لتأكيد على أن إفران في مرآة رجل دولة.
ولذلك، حين تسلّم مسؤولية إقليم إفران، لم يأتِ بخطاب شعبوي ولا بجلبة إعلامية، بل بدأ بإعادة ترتيب الأسئلة:
ما الذي يجب الحفاظ عليه؟ ما الذي يمكن استثماره؟ وأين تكمن القيمة الحقيقية لهذا المجال الحيوي؟
بدأ إدريس مصباح يُعيد صياغة العلاقة بين الإدارة والمجال، بين التسيير اليومي والتخطيط الاستراتيجي. يتنقّل في الإقليم بنظرة الباحث لا المراقب، يقرأ تضاريسه كأنها وثيقة حية، ويُحدّث خريطة الاستثمار انطلاقًا من معرفته العميقة بقيمة الماء، والغابة، والإنسان.
الهدوء الذي يخفي إرادة صلبة بعيدًا عن الصخب، يُمارس الرجل عمله بتركيز لافت... لا ينخرط في صراعات ثانوية، ولا يُطلق الوعود جزافًا... بل يُؤمن أن الأقاليم تُبنى بالاستمرارية، والثقة، والإقناع، لا بالشعارات.
وهذا ما يجعل كثيرين يراهنون عليه: ليس لأنه صاخب، بل لأنه هادئ بما يكفي ليكون فعالًا، تبين من خلال الحقبة أنه يوظف تجربته ليقود مسيرة التنمية بهذا الإقليم، المبنية على الجدية والحكامة الجيدة، وهو مازال يختزن الكثير من التجارب الميدانية، وهو الذي خبر جغرافية الشأن المحلي ومشاكله ومعيقاته التنموية... بالوقوف على قضايا هذا الإقليم من كل جوانبها سواء الإدارية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو القطاعاتية ككل...
لابد وأن نقف وقفة إجلال وإكرام لهذا الرجل الذي يسلك مسلكا جد متزن جعل منه رجلا ذي اعتبار قوي جسده من خلال تفاعله مع قضايا المواطنين عبر مختلف نقط الإقليم حضريا وقرويا والتي تعتبر إحدى الركائز في النهج الذي يتم به التعامل مع قضايا المواطنين داخل أروقة مقر العمالة كشفت عن وجود سلوكات مسؤولة تزداد رسوخا ومتانة بين جميع هياكل ورؤساء المصالح بالعمالة نفسها بفضل المعاملة الجيدة واللباقة المهنية لدى جميع ممن وكل إليهم التنسيق والإشراف على ربط جسر التواصل معه والسكان ومواكبة لقضاياهم استحضارا بل تفعيلا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده التي دعت وماتزال تدعو إلى تقريب الإدارة من المواطنين لتحقيق انخراط فعلي لمغرب الحداثة والديمقراطية والتنمية... السياسة التي تخلق الارتياح العميق لدى سكان الإقليم الذين مافتئوا في أحاديثهم سواء العامة والخاصة من التعبير عن ثقتهم في هذه الخطوات التي تتوج يوما بعد يوم بالنتائج الإيجابية..
لِمَ لا وهو الذي خلال تواصله وتفاعله مع مختلف جماعات الاقليم كان يدعو الى العمل على استحضار برامج تندرج بشكل بارز في التنمية المستدامة.