الأربعاء، 27 يوليو 2011

 

 إفران
بين الماضي و    الحاضر..
ذاكرة طبيعة و حضارة
انجاز : محمد عبـيـــد 
"محلى  إفران و محلا جمالو… محلاها عشية مابين اغصانو.........
 انا وحبيبي عايش فرحان ...مابين سواقي و اشجار و ويدان .............
 سواقي جارية و أشجار و ويدان…و مياه صافية تروي العطشان…....
 محلاها عشية فغابة فران........... محلى  إفران و محلا جمالو "
و إن كان المرحوم إبراهيم العلمي قد تغنى بجمالية الطبيعة و تنوع التضاريس بإقليم افران ، فان المعطى الايكولوجي بهذه المنطقة يشكل إرثا تاريخيا يمكن إفران من أن تلعب دورا أساسيا في الثقافة الايكولوجية الوطنية و منح بلدنا المغرب مكانة أكثر رقيا على الصعيد العالمي في المجال السياحي لو استحضرت الفعاليات الإقليمية و الوطنية على حد السواء حسن التدبير و العقلانية في التعامل مع هذه المكتسبات لتساهم في الحفاظ عليها كتراث وطني متميز يعود بالنفع على الساكنة بالإقليم و يمنحها مستوى معيشي أفضل من خلال الاستثمار السياحي..
يقال إن "افران" تعني الكهوف وتسميتها مستوحاة من المغارات المنتشرة حول محيطها الطبيعي، واسمها القديم باللهجة المحلية هو "أورتي" أي الحديقة أو البستان، وهي بالفعل كذلك، يحميها أسد وتظللها الأشجار و المغروسات الخضراء على مدار السنة، وتسكن رحابها أنواع من الطيور النادرة.
وفي الوقت الذي التصقت فيه غابات بلدة إفران في وقت مضى بتاريخ المقاومة المغربية، حيث كانت الوجهة التي يقصدها المقاومون الفارون من قبضة المستعمر الفرنسي، أصبحت فيما بعد من أفضل الأماكن التي يقصدها الزوار للاستمتاع بالجو اللطيف والمعتدل وأصبحت منتزها للعديد من الأسر المغربية و السياح.
ولا بد لعين زائر إفران أن تلاحظ من أول نظرة طبيعة المدينة الخضراء وشوارعها الأنيقة وشلالاتها المعروفة بقربها من عين " فيتيل المائية الكبيرة والتي توفر جولات قصيرة عبر مراكب صغيرة يمكن إيجارها في عين المكان."
إفران المدينة عاصمة الأطلس المتوسط ايكولوجيا و جوهرته سياحيا:

 سماها البعض بالجوهرة، وأطلق عليها البعض الآخر لقب «سويسرا المغرب»، نظرا لمواصفاتها ومؤهلاتها السياحية، اشتهرت بانتشار شلالات وبحيرات، غابات ووديان، تلال وسهول عبر ترابها ... ثلوج في الشتاء، زهور في الربيع، اعتدال مناخي في الصيف، هدوء في الخريف تغنى بها الشعراء والمبدعون عبر الأزمان والأجيال، ومن بينهم المغني المغربي الراحل إبراهيم العلمي، الذي أنشد أغنيته الشائعة «ما أحلى إيفران وما أحلى جماله». و ظلت الأغنية حية بعد موته، على السنة الناس حتى الآن، رغم مرور أكثر من أربعة عقود على تسجيلها، يتذكرونها فيستحضرون في بالهم، معالم وتضاريس هذه المدينة...إنها مدينة إفران، أشهر منتجع سياحي لعشاق السكينة والطبيعة، في عمق جبال الأطلس المتوسط ... مدينة ذات طابع خاص، لا تشبه في هندستها ومعمارها بقية المدن المغربية الأخرى.. وكل من قادته قدماه إليها يخيل إليه لأول وهلة، أنها بلدة اقتطعت من أوروبا، وزرعت هنا وسط جبال الأطلس المتوسط، بقرميدها الأحمر، وشوارعها الشاسعة، وساحاتها الفسيحة، وبيئتها الفيحاء، واحترامها التام لخصوصيات زوارها من المواطنين والسياح الذين يقبلون عليها شتاء للتزلج، وربيعا للتنزه، وصيفا للاستجمام والتخييم في ربوعها، وخريفا للتمتع بالهدوء الذي لا يكسره سوى تساقط الأوراق الصفراء المذهبة على جذوع الأشجار.. تتوسطها صخرة هي عبارة عن تمثال «أسد إيفران» معلمة مشهورة من معالم المدينة، يتصدر دائما بطاقاتها البريدية ومطبوعاتها السياحية الحاملة لاسمها، وقد أصبح رمزا وعلامة لها. ولا يكتمل برنامج زيارة المدينة، إلا بأخذ صورة تذكارية مع هذا الأسد الوقور حيث يتحلق حوله أطفال العائلات، مبتهجين بوداعته واستسلامه لمداعباتهم له، من دون أن يكشر عن أنيابه، أو يرفع صوته بالزئير، احتجاجا على هذا الشغب الطفولي، الذي يقلق راحته الأبدية، وكأنه تمثال «أبو الهول» في صمته الأزلي، ومما زاد المسألة غموضا انعدام أي كلمة مكتوبة أسفله أو بجانبه تشير إلى ظروف بنائه في هذه الساحة بالذات... و هذا ما فسح المجال واسعا أمام تناسل الأقاويل والروايات الشفوية حوله. وهي في غالبيتها لا تستند إلى أي أساس أو مصدر مرجعي تاريخي، ويقال إن أسيرا من جنسية ألمانية في الحرب العالمية هو الذي تكفل بنحته مقابل إطلاق سراحه. ومن المرجح أيضا أن يكون صاحب التمثال هو أحد الفرنسيين، وكان يعمل في الرباط، واسمه «هنري جان مورو»، كما تؤكد منشورات صادرة في فرنسا،ويقال إن الأسد كان في الأصل صخرة في هيئة أسد، بدليل أن الساحة، كانت قديما تحمل اسم صخرة الأسد، قبل عملية النحت، التي قام بها الفرنسي مقابل مائة فرنك، بمساعدة سجينين اثنين أو ثلاثة، لأن العادة جرت في ذلك الوقت أيام الحماية الفرنسية في المغرب، أن يعمل السجناء في ورش المدينة المختلفة، ومن بينهم سجناء أجانب ألمان وايطاليون وبرتغاليون وغيرهم... وقد قضى النحات الفرنسي المذكور ربع قرن من حياته في المغرب، وأبدع في انجاز عدة أعمال ومنحوتات فنية، أشهرها تمثال الأسد الذي أنجزه في النصف الأول من يوليوز 1930. ويبلغ طوله سبعة أمتار، وعرضه متر واحد ونصف المتر وعلوه متران اثنان...

وفي ضواحي المدينة فضاءات أخرى، ومنها «ضاية عوا» وهي عبارة عن بحيرة مائية وسط الأشجار، وتعتبر من الأمكنة المفضلة لدى عامة العائلات والسياح للاصطياف والتنزه، بالإضافة إلى «ضاية يفرح» وهي من أكبر بحيرات الأطلس المتوسط وغالبا ما تكون مغطاة بالثلوج، في منظر أخاذ يسحر الألباب.. وتزخر المنطقة أيضا بالعديد من الوديان التي ينساب فيها الماء رقراقا، ويبعث الحياة والخضرة والخير على الضفاف، ومن أشهرها واد «تزكيت» و«سيدي ميمون» و«عين مرسى. وتوفر هذه البحيرات والوديان إمكانية واسعة، أمام محبي الصيد لممارسة هواياتهم، في أفضل الظروف لوجود أنواع كثيرة من الأسماك المتنوعة. وتبقى منابع «فيطيل» و(تسمى أيضا «شلالات العذراء»)، و«رأس الماء» وشلالات «زاويات واد إيفران» من أجمل الأماكن التي يقبل عليها المصطافون بكثرة للتنزه، نظرا لما تتيحه أمامهم من فرص التنزه والراحة.. وأمام تزايد إقبال السياح والزوار على إفران فإن الرسم البياني لوضعية القطاع السياحي في المنطقة يعرف نموا متواصلا، خاصة بعد تنظيم سلسلة من التظاهرات التي استهدفت الترويج للمنتوج السياحي، بكل أنواعه وأصنافه، داخل المغرب وخارجه..
إحداث إقليم افران :
بعد كان فقط باشوية تابعة لإقليم مكناس ، تم إحداثه كإقليم في سنة 1982 ... إقليم افران ينتمي إلى جهة مكناس تافيلالت ويمتد على مساحة 3.573 كلم 2 يحده من الشمال إقليما صفرو والحاجب, و من الجنوب إلى الغرب إقليم خنيفرة و من الشرق إقليم بولمان. ، إذ  يتموضع الإقليم  في الأطلس المتوسط المتميز بتنوع تضاريسه الجبلية, حيث نجد امتداد التلال في الشمال الشرقي, و القمم على طول الجنوب الغربي, إذ يصل أوج الارتفاع إلى 2409 م عند جبل حيان. تهيمن على الإقليم ثلاث تضاريس كبرى: - الهضبة الوسطى في الشمال الغربي- الأطلس المتوسط غربا. تتميز بتنوع المناظر الجيولوجية, حيث نجد كثرة الصخور التي يرجع أصلها إلى الحجر البازلتي من العصر الرابع, و الصخور الطينية من الحقبة الترياسية (الثلاثية ), و الأحجار الأولية والرواسب. بالنظر إلى الطبيعة الجيولوجية للإقليم فان ما يناهز 70℅ من الموارد المائية الجوفية تغدي حوضا سايس و بهت ويساهم بالتالي في تنمية الثروات الفلاحية والاقتصادية بهما.

يعتبر إقليم إفران من الأقاليم القليلة التي حباها الله بجمالية و رونق الطبيعة ليكون منتجعا سياحيا ذي تراث طبيعي متميز حيث تغطي الغابة غالبية ترابه بأشجار متنوعة من الأرز و الصنوبر على وجه الخصوص و بفضل توافر منابع المياه و شلالات كشلالات عي فيتال الشهيرة إلى جانب الضايات و البحيرات ليكون الإقليم غنيا من ناحية الكثافة الايكولوجيـة و من أعلى المستويات .
من ناحية المواقع الايكولوجية القديمة فمجمل القول أن هذه الظاهرة تتعدد نقطها بتراب إقليم إفران ، مثل: زروقة ـ منظر يطو ـ و غابة البجر التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري ، إضافة إلى الصخور و القلعات ، مثل:÷ قلعة المهدي بن سوالة ـ قلعة تاولة المتواجدة قرب تيمحضيت و التي يعود تاريخها إلى عهد  الموحدين  و على مدى حكم الدولة العلوية ، يمكن الحديث عن القصبتين المؤسستين من قبل السلطان المولى إسماعيل : قصبة أزرو ـ و قصبة عين اللوح ـ فضلا عن الزوايا ، ك: زاوية سيـــدي عبدا لسلام ـ زاوية وادي ايفران ـ زاوية سيدي المخفي ـ زاوية سيدي المهدي ـ زاوية بن الصميم ـ زاوية سيدي إبراهيم التي يعو تاريخها إلى القرن الثامن عشر و فجر القرن التاسع عشر أما بخصوص التراث الشعبي ، فانه كذلك متنوع بتنوع أصل ساكنته إلى جانب غناه الطبيعي يمكن من إفران أن يحظى بمكانة متميزة من خلال التقاليد و الفنون خاصة من ناحية كيفية العمل و نمط الحياة ، إذ الملابس و الصناعة التقليدية و المطبخ و الزينة و الفلكلور الغنائي و الرقص الشعبي الأمازيغي/أحيدوس/...
هذا و إذا ما تعمقنا الحديث عن غنى التراث التاريخي و الواقع الإركولوجية القديمة ، فلا يمكننا أن نغفل ذكر مواقع تعود لما قبل التاريخ ، مثل: أقشمير الكبير بآزرو و الذي يصنف تراثا وطنيا بظهير وزاري في تاريخ 16/4/1948 ، فضلا عن كوديات إفران التي كذلك تم إقرارها بظهير وزاري بتاريخ 1/7/1953 ثم شلالات عين اللوح بقرار وزاري بتاريخ 31/12/1942 و قبلة بظهير شريف مؤرخ في 29/12/1942 ، و زاويـة سـيدي عبد السلام بجماعة تيزكيت بقرار في 6/9/1947 فضلا عن مواقع أخرى ، مثل: تيم ولولين و ضاية إيفــر و ضاية أفورار و ميشليفن و أكلمام و نشاط كورت و ضاية عوا و الشريف و عين مرزوقة و عين تاغميلات و أصاكا نهدوم و عين الكحلة........
فيما يعود تواجد المواقع الايكولوجية ل: إيفري أوبريد ـ ضاية حشلاف ـ واد تاوجطات ـ واد تيزكيت ـ تاكرفورت ـ و تودرين إلى ما قبل التاريخ .
هذه الكثافة و التنوع في الموارد الطبيعية والأثرية التي تعم مناطق إقليم افران تثير من جهتها الاهتمام السياحي نظرا للطابع الخاص بإفران حيث القرميد الأحمر و الشوارع الفسيحة و المنتشرة عبر حدائق الأزهار فضلا عن المناخ الجميل هي حافز لكل عاشق للسياحة الجبلية كي يدفعه فضوله للإقامة بها لفترة من الزمن كلما سنحت له ظروفه سواء صيفـا حيث الحرارة معتلة أو شتاء حيث التهاطلات الثلجية تغري بممارسة الرياضات الشتوية /التزحـلق/ و حتى خلال الفصلين الآخرين حيث تنظم خرجات و جولات لهواة تسلق الجبال و ممارسي الدراجة الجبلية.......
 

الوجه الآخـر لإفـران من الناحية التاريخية/الثقافية: 
إذا كان إقليم إفران يعرف كمصطاف سياحي يشتهر بطقسه المعتدل صيفا و البارد شتاء و ما يزخر به م مؤهلات طبيعية خلابة و وديا و ضايات و شلالات و غابات و مناظر جميلة جذابة ، فان واقع الجانب الثقافي و التاريخي الغني يجهله الكثير علما أن المخزون التاريخي و التراثي يعود إلى العصور الحجرية القديمة و إلى الحقب التاريخية المتوالية...
فمن الناحية التاريخية ، فان مدينة إفران كانت تسمى سابقاOURTI ـ أورتي ـ و هي كلمة أمازيغية تعني حديقة أو بستان ، و تجد المدينة أصلها في كلمة ـ افري ـ ...... IFRI.....ـ جمع افران و تعني الكهوف وبالامازيغية المغارات و هو الاسم الذي كانت تحمله في السابق زاوية ايت سيدي عبد السلام /قرية تبعد عن افران بحوالي7كلم/. فلقد كانت خصوصية الطقس و مناظر المدينة الطبيعية الخلابة و تدفق المياه أهم دافع لإحداث مدينة افران باقتراح من المقيم العام للحماية

إفران ، مدينة بعيون جديدة: 
اليوم افران أصبحت صورة جذابة للزوار و المستثمرين مكنتها من التموقع كموجهة متميزة و كمدينة ذات مشاريع بنيوية مهمة مواكبة للتجديد قوى من جهته شعور ساكنتها بالانتماء إليها ، افران بطابع عصري و ديناميكي بنظرة متفائلة للمستقبل تجمع بين الأصالة و المعاصرة بمكونات قوية تنفرد بها تتجلى في البيئة الجبلية و الغابوية و البنايات ذات القرميد و لتكون لها مكانة بارزة ضمن أقاليم المملكة و لها دورها التربوي من باب تحسين نمط العيش بها في ظل التوازن التي تفرضه طبيعتها و ثقافتها.
وإذا كانت مدينة إفران تجذب المخيمات الدراسية على طول العام وخصوصا في فصل الصيف والربيع وتجذب عشاق الرياضات الجليدية، فإن السياحة في مدينة إفران التصقت في الماضي بنوع خاص من السياح الذين يبحثون عن الراحة والهدوء والابتعاد عن صخب المدن الكبرى، إلا أنه أصبحت أخيرا تستقطب الشباب أيضا رغم عدم وجود ترفيه ليلي صاخب خصوصا بتواجد جامعة «الأخوين» إحدى أشهر الجامعات في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط..
و لعل الزائر سيلاحظ ذلك التغيير المثير في فضائها بوسطها فضاء للراجلين يشكل متنفسا و فسحة للقاء الأصدقاء و فضاء للنزهة العائلية خال من إزعاج السيارات و في مجال نقي ، فضلا عن ساعة عمومية و فضاء دائم الاخضرار أمام قاعة المناظرات مما عززها بطابع" المدينة-المنتزه"فضاءات مؤثثة بتجهيزات مريحة و بآليات إضاءة للتزيين.
غير بعيد و بأقل جهد بدني يمكن للزائر الاستمتاع بفضاء وادي تيزكيت ذي طابع بيئي سليم من التلوث و الازدحام كذلك يربط وسط المدينة بعين فيتال عبر تهيئة معبر للراجلين يسمح بالعودة إلى المنبع و يمكن من اكتشاف جمالية الأمكنة في جو نقي و خال من مخلفات تلوث السيارات.
مؤهلات طبيعية هائلة
   في حاجة إلى التفعيل لإقلاع حقيقي للنشاط السياحي:    

إن كانت افرن قد حافظت منذ أمد بعيد على مكانتها السياحية كمركز للاستجمام بالدرجة الأولى ثم كذلك كمحطة شتوية أغلب الوافدين عليها من السياح المغاربة، فإنها تتجه نحو خلق منتوجات سياحية إضافية تستجيب لمتطلبات وأذواق فئة أخرى من السياح ولاسيما الأجانب منهم.. وعلى وجه الخصوص السياحة الإيكولوجية وسياحة التربصات الرياضية...
 فان الملاحظ هو طغيان بعض الإكراهات التي يعاني منها القطاع، يمكن إجمالها في غياب وكالات الأسفار والسياحة والتي من شأنها القيام بتسويق وترويج المنتوج السياحي المحلي، وغياب رؤية واضحة وموحدة من طرف المهنيين في القطاع للتعريف بالمنتوج وتسويقه، والنقص في وسائل التعريف بالإمكانيات السياحية من خرائط ومطويات، وفي وسائل الدعاية والترويج للمنتوج المحلي.  بهدف التمكن من  بلورة إستراتيجية عمل مندمجة تتوخى تعزيز صيرورة الإقلاع الاقتصادي التنموي المنشود بإقليم افران ضمن مقاربة شمولية قوامها التماسك والتكامل في الأدوار والوظائف بين مختلف قطاعات ومجالات التنمية، وكذا الاستغلال الأمثل والعقلاني لإمكانيات التنمية بالإقليم،  وانطلاقا من اعتبار الإقليم يتوفر على معالم أساسية ورئيسية لاستثمار الجانب السياحي به كونه يعد قطبا سياحيا فتيا يفتقر للعديد من المقومات التي تجعل مؤهلاته الطبيعية وارثه الثقافي وعادات ساكنته قابلة للاستهلاك وجديرة بالزيارة والمعرفة والاستطلاع من جهة واستثمار مؤهلاته الطبيعية والحيوانية والسياحية التي تتميز بالتنوع والغنى  تتمثل في البحيرات ،المنابع المائية الشلالات ،الغابات ،الوحيش، المجالات الطبيعية.. كما أن الإقليم يتوفر كذلك على تراث ثقافي وفني متنوع  بالإضافة إلى مهرجانات ومواسم مختلفة من بينها على الخصوص مهرجان تورتيت الدولي (افران)  ،المهرجان الوطني لأحيدوس( عين اللوح) ، مهرجان البحيرات( ضاية عوا)، مهرجان ...(آزرو)، بالإضافة إلى عدة أنواع من فنون الصناعة التقليدية كالنحت على الخشب ، صناعة الزريبة...وبالتالي  فان استغلال جل هذه المكونات والمؤهلات سيساهم في خلق وصياغة منتوج سياحي متنوع ومتكامل مما سيحتم اتحاد تدابير وإجراءات من طرف مجموعة من الفاعلين والمعنيين بالقطاع لضمان إنعاش سياحي من خلال اعتماد بنك للمعطيات خاصة بالمؤهلات السياحية والطبيعية ووضع تدابير خاصة بالتهيئة السياحية – إحداث تجهيزات بباحات للاستراحة ،تهيئة مجالات الصيد والقنص والتشجيع على إقامة بنايات للإيواء تتلاءم وطبيعة المنطقة كالمآوي السياحية الجبلية بالإضافة إلى تكوين المرشدين السياحيين من أبناء المنطقة وتوجيههم في مجال لتنشيط لسياحي.. مادام القطاع السياحي يعتبر من إحدى أهم الركائز لتحريك دواليب النشاط الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الإقليم، وتراهن عليه جميع الأطراف المتدخلة لكي يلعب على المدى المتوسط دور محوري وقاطرة للتنمية المحلية...
وفي هذا الصدد، هناك منتوجات كلاسيكية يتم العمل على دعمها وتقويتها كالسياحة الاستجمامية بتأهيل المراكز الحضرية بالإقليم  ومحيطها والتركيز على جانب التنشيط والترفيه السياحيين، فضلا عن خطة إدماج إفران في برنامج تنمية السياحة الداخلية في إطار ما يسمى ب"مخطط بلادي" بحيث تم تخصيص منطقة على مساحة 40 هكتار لاستقطاب بنيات استقبالية ومنشآت ترفيهية قصد تعزيز وتقوية المكانة السياحية للمدينة كقطب وطني للسياحة الداخلية. 
كما أن القطاع السياحي بإقليم إفران يعتمد بشكل كبير على  السياحة الشتوية، على أساس أن الإقليم يعرف تساقطات ثلجية خلال الفترة الشتوية وتتواجد بها محطتان للتزحلق(ميشليفن و هبري) والانكباب حاليا على وضع تصور لتأهيل المحطتين وخلق تظاهرات مرتبطة بنشاط التزحلق. 
ومن بين المنتوجات السياحية التي يتم العمل على تقويتها وتنميتها، هناك السياحة القروية في إطار مخططين يعملان بشكل متكامل، ويتعلق الأمر ببرنامج « فضاء الاستقبال السياحي لإفران» الرامي إلى تنمية السياحة القروية و «المنتزه الوطني  لإفران»  هذا الأخير الذي وجب الذكر انه يمتد على مساحة تفوق 53.000 ألف هكتار، مشكلا نموذجا أمثل للأوساط البيئية التي تحتويها جبال الأطلس المتوسط، إن كان ذلك من وجهة تركيبته الجيومرفولوجية أو النباتية، أو المرفولوجية والمناخية، مما جعل المنتزه الطبيعي لإفران يمتاز عن غيره بتنوع مناظره الطبيعية، التي تشكل تارة سفوحا مفتوحة وفسيحة وتارة مرتفعات مكسوة بغابات كثيفة، وما يزيده بهاء ما تضفيه عليه البحيرات والضايات الطبيعية والمنابع والوديان والعيون والكهوف، من مشاهد جمالية أخاذة، تكسوه غابات أرز الأطلس إحدى أكبر الغابات امتدادا بالمغرب.

فلقد شكلت فضاءات المنتزه الشاسعة، موطنا لأروع الحيوانات أهمها أسد الأطلس والنمر والعناق و القضاعة، جرى حاليا تحديد 37 صنفا من الوحيش الغابوي الذي ما زال يعيش بمحمياته، مؤلفا أساسا من الثدييات يأتي على رأسها القرد "زعطوط" من حيث الوفرة، إضافة إلى 142 صنفا من الطيور و33 صنفا من الزواحف والضفادع ويمثل الغرن النهري من بين أهم الفقريات التي تعيش في بحيرات وأنهار المنتزه الوطني لإفران الذي يروم إلى تطوير السياحة الإيكولوجية داخل فضاءاته ،وقد تم في هذا الإطار قطع مراحل مهمة في تثبيت هذا المنتوج وجعل من إفران وجهة سياحية وقطب السياحة الإيكولوجية على المستوى الوطني...
كل هذه المبادرات تأتي في سياق دعم التميز الذي تحظى به مدينة إفران كمنتجع جبلي يرتكز على السياحة الداخلية وينفتح تدريجيا على السياحة الدولية، وذلك بما ينسجم مع إستراتيجية الدولة التي تسير في اتجاه تكريس التميز والتنوع والجودة. 
و لكي يتحقق الرقي بالسياحة في إقليم إفران إلى  مصاف الوجهات السياحية الرئيسية على المستوى الوطني. وفي إطار الحديث عن القطاع السياحي، رأت مصادر مسؤولة ضرورة تظافر جهود جميع الأطراف، من سلطات إقليمية وإدارة ومنتخبين ومهنيين، و العمل على توفير الظروف الحقيقية للإقلاع السياحي للمدينة والإقليم وفق برنامج طموح وتصور واضح.
وتتجلى تصورات هذا العمل أساسا في :
*أوراش التأهيل العمراني والسياحي لمدينة إفران وآزرو ومحيطهما والمراكز القروية (المساحات الخضراء، الإنارة العمومية، الترصيف، النظافة...). 
* الاهتمام بالجانب التنشيطي والترفيهي ببرمجة مجموعة من التظاهرات ذات الطابع الثقافي التنشيطي والترفيهي على مدار السنة.
* تأهيل المؤسسات السياحية وتقوية البنية السياحية، وذلك عبر المراقبة بشكل دوري لتوفير جودة في الخدمات بالوحدات الإيوائية، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمار في مجالات أوسع (فنادق، إقامات، مآوي قروية، وكالات أسفار...). من اجل توفير عرض سياحي متكامل ذي جودة ويستجيب لميولات وأذواق واسعة. 
* خلق جمعيات مهنية ( المجلس الإقليمي للسياحة، جمعية المآوي الجبلية وجمعية المرشدين السياحيين الجبليين)، بغية تنظيم المهنيين وبالتالي إشراكهم في البرامج والتصورات المتعلقة بالنشاط السياحي، و تأطيرهم لتنظيم المهن واخذ المبادرات سيما على مستوى التسويق والإنعاش.
* الحرص على تنوع المنتوج السياحي باستغلال محكم للمؤهلات الهائلة التي يتوفر عليها الإقليم ولاسيما الطبيعية منها، والغرض هو أولا التخفيف أو الحد من ظاهرة موسمية النشاط السياحي، ثم كذلك محاولة استقطاب زبناء من أذواق و ميولات متنوعة.
 وتأتي هذه الأهمية بالقطاع نظرا طبعا للإمكانيات والمؤهلات الهائلة التي يتوفر عليها الإقليم والتي من شأنها أن تضمن إقلاعا حقيقيا للنشاط السياحي، ومن بين هذه المؤهلات أن ثلث مساحة الإقليم تتكون من الغابة خصوصا غابة الأرز، والتنوع في التشكيلات النباتية والحيوانية والتنوع في المناظر والمواقع الطبيعية من ضايات وشلالات وأودية... 

كما انه موقع جغرافي متميز إذ يقع الإقليم وسط الأطلس المتوسط على علو 1600م وبالقرب من أهم المدن المغربية فاس ومكناس (حوالي 60 كلم) وبالإضافة إلى وجوده في مدار سياحي يشمل المدن العتيقة والمنتوج الصحراوي... فضلا عن انه تراث ثقافي غني يتنوع بين الفنون الشعبية والطبخ والصناعة التقليدية، والطابع المعماري الخاص يزيد من جمالية وجاذبية مدينة إفران ومحيطها.  

معطيات عن واقع التراث الوطني بإقليم افران
مواقع أثرية لفترة ما قبل التاريخ بإقليم إفران:

مواقع أثرية للفترة الممهدة للتاريخ بإقليم افران:

لائحة بأسماء مواقع و معالم إقليم افران المصنفة في التراث الوطني








عادات وطقوس في حفلة زفاف بالقرية الإفرانية:
تتميز مراسيم حفلة الزفاف في العالم القروي بإفران  بعاداتها المختلفة عن عادات قرى أخرى من وطننا، وبين القرى نفسها يمكن أن نلاحظ اختلافات خفيفة تميز كل منطقة على حدة. وحفلة الزفاف في منطقتنا تدوم ثلاثة أيام ، وتتم في فصل الصيف خاصة ،وذلك بعد الانتهاء من عملية الحصاد ،وطلاء جدران المنزل بالجير الأبيض و تهيئ ما يتطلبه العرس من فحم من أجل منح هذه الحفلة ما تستحقه من اهتمام.
 فمن تقاليد العالم القروي بالأطلس المتوسط عموما و افران على وجه الخصوص ، أنه لا يتم العرس إلا بعد موافقة أب العريس ، باعتباره المسؤول الأول عن تكاليف العرس المادية ، ويتم هذا خاصة في اليوم الذي ينعقد فيه السوق الأسبوعي ، فتقاليد الزواج عندنا تقضي بأن لا تستشار المرأة في أمر زواجها ، أو أخذ رأيها في الموضوع الذي يهمها بالدرجة الأولى .
 ومن طقوس الخطوبة أن تحمل إلى بيت الفتاة قوالب من السكر وحلويات من الصنع التقليدي وحليب وبيض ...و ذلك كل حسب إمكاناته المادية ، ويتفق الطرفان على قيمة المهر (الصداق) وغالبا ما يتكون من ألبسة و أفرشة تقليدية وحلي من الفضة محلية الصنع ، يعقبها كتابة عقد الزواج و تقرأ فاتحة الكتاب ، ثم تنتهي بالدعاء بالخير و البركة والحياة السعيدة للزوجين. 
تبدأ مراسيم العرس في بيت العريس، ويسمى هذا اليوم بيوم الحناء، حيث الفتيات من أقارب العريس يقمن بأعمال..تهيئ الحفل ، ويرافق ذلك أهازيج و رقصات غنائية أمازيغية تحمل في مضمونها القيمة الدينية و الاجتماعية للزواج ، و الأهم في هذا اليوم ما يصطلح عليه ب" الدفوع " حيث يرسل العريس إلى منزل خطيبته ما تحتاجه إليه من جميع مستلزمات نفقة العرس.
   ومن مظاهر الابتهاج في هذا اليوم أن يزين عجل بسجادة و تخضب أجزاء منه بالحناء ، يقوده صبي يتصف بالشجاعة وذلك في موكب ترافقه أهازيج وأغاني أمازيغية تصطحبها نغمات البندير و أصوات الأطفال و زغاريد النساء وفي كل لحظة يكبر الموكب الذي يضم إليه العديد من سكان الدواوير المجاورة. في بيت العروسة يستقبل أهلها "الدفوع" بكل بهجة و سرور ...
في الداخل تجلس العروسة مع مجموعة فتيات و حولهن امرأة تقوم بدق الحناء في مهرا تقليدي الصنع ، وفي نفس الوقت يرددن أغنية الحناء بإيقاعات لحنية معروفة و متوارثة: وفي ليلة نفس اليوم تخضب العروسة بالحناء ومن العادات أن توضع الحناء في قصعة تتوسطها بيضة ويزين الكل بالشموع. في اليوم الموالي تذبح ذبيحة كثور أو عجل حسب عدد المدعوين وذلك من طرف أحد شيوخ القبيلة.
 والجو داخل المنزل يتسم بالحركة والهرج و المرج، نساء يعدن طعام الغذاء أو العشاء وهن ينشدن أغاني وكل واحدة تظهر براعتها في فن الغناء التلقائي، ومن المعروف عن النساء القرويات أنهن شاعرات بالفطرة، يقدم طعام العشاء أو الغذاء للمدعوين ، الذين سبق استدعائهم ، يجمعهم الحديث و الثرثرة عن انشغالاتهم اليومية وخاصة ما يتعلق بالأمور الفلاحية و التجارية و ضمنهم فقهاء من حفظة القرآن الكريم يتلون من حين لآخر آيات من الذكر الحكيم .
والنساء المدعوات يجتمعن في بيت مخصص لهن داخل المنزل ، وعند الانتهاء من تناول وليمة العرس تبدأ ما يسمى بالفرجة و ذلك مع أغاني أمازيغية ولوحات أحيدوس الممزوجة بزغاريد النساء وإيقاعات البنادر. ويعمل أفراد هذه المجموعات الغنائية ـ على جمع " غرامات " نقدية من الحاضرين.
 يلبس العريس جلبابا وسلهما ابيض ، فتوضع له حناء على كفيه بعد أن يجلس على أريكة وبينه صبيتين تحمل كل واحدة منهما شمعة ، ومن التقاليد أن يقوم بالضرب على حائط بيته بواسطة كفه المحناة لاعتقادات موروثة معقدة الفهم لاتزال حية إلى اليوم. أما العروسة فتزين بالكحل و السواك و يمشط شعرها و يعطر بعطور وكالعادة يصحب هذه العادات أنغام وأهازيج مختلفة .
وتقوم امرأة كبيرة السن معروفة بالصدق وحفظ الأمانة و حسن السلوك بجمع ما يسمى بالغرامات من المدعوات حيث تقدم هدايا نقدية و عينية للعروسة . ومن أجل زف العروسة ، يتم تزيين فرس وذلك بسرجه إذ توضع فوقه سجادة من الحرير ، يقوده صبي شجاع ، ووراءه موكب ضخم من أهل القرية نساء و رجال وفتيان ...تتعالى أصواتهم سماء القرية مع زغاريد النساء قاصدين منزل العروسة.
 خاتمة : من الطبيعي عندنا بقبائل الأطلس المتوسط، أن تتسم جميع عاداتنا وطقوسنا بترتيب و إتقان محكمين، وضمنها نرى أن الموروث الثقافي والتاريخي و الأعراف الاجتماعية و الدينية.. المتداولة في مثل هذه المناسبات الاحتفالية أصبحت بمرور الزمن راسخة لا يجوز الاعتراض عنها. وهذا هو السر في بقاء جزء مهم منها ما زال متداول حتى اليوم.
تحقيق: فضاء الاطلس المتوسط 

هناك 3 تعليقات:

  1. مدونة تستحق التنويه لما تتضمنه من معلومات ومغطيات هامة حول مدينه أحسب نفسي من المتيمين بها ,
    حز في نفسيالاهمال الذي بدأ يطال منتزهاتها وخصوصا تلك التي تتاخم المدينة فقد تحولت إلى مزابل
    على المسؤولين والغيورين غلى المدينة الجميلة أن يتفقدوا محيط إقامات جبل هبري ومسجد النيجر ليقفوا على الحقيقة المرة . كفى من سياسة الفيترينا ,
    حذاري فهناك مشروع مطرح للازبال في طور التكون .

    ردحذف
  2. شكرا لك على تعليقك المحترم جدا و ااحيي فيك روح المواطنة و غيرتك على الاقليم ككل و الله ولي التوفيق

    ردحذف
  3. السلام عليكم ورحمة الله ...
    أنا من المدينة المنورة....
    انا قمت بزيارة هذه المدينة الجميلة الساحرة افران ...من اجمل مدن المغرب وحقيقة أجواء ساحرة وممتعة وتتميز بطيبة اهلها ...
    واتمنى ان اكرر الزيارة
    ابو عزام

    ردحذف