فضاء الأطلس المتوسط - محمد عبيد
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة للمراقبة أو الكشف، بل يُساء استخدامه لأغراض خبيثة.
ففي مكافحة الجرائم الالكترونية أصبح أداةً للمفترسين ومصدر أمل للضحايا.
كان هناك وقت -بالكاد بالأمس- حيث كان رعب الجرائم كامنًا على هامش الواقع، مُلتقطًا في الظل بكاميرات مسروقة، ومُوزّعًا سرًا، ومُدانًا ببطء.
أما اليوم، فهو مُصنّع. مُنتَج بكميات كبيرة... بواسطة الآلات.
يُتيح الذكاء الاصطناعي المُولّد الآن إنشاء صور للإساءة للأشخاص بدون كاميرات، بدون صراخ، بدون آثار جسدية، ولكن بواقعيةٍ كبيرةٍ لدرجة أن الخط الفاصل بين المزيف والحقير ينهار.
لا يتطلب الأمر سوى بضع نقراتٍ لتحويل صورةٍ بريئة - أحيانًا مأخوذة من وسائل التواصل الاجتماعي - إلى مشهدٍ مشوِّه ذي مصداقية، والذي تُعدّله الآلة وتُضخّمه وتُخيّله.
هذا المحتوى، الذي يتم إنتاجه حسب الطلب، يتم تداوله على المنتديات المشفرة، مما يغذي دوافع أولئك الذين لم يعودوا يبحثون عن الواقع، بل عن محاكاته المثالية.
الأمر الأكثر إثارة للرعب هو أن هذه الصور لا تُظهر أحيانًا أشخاصًا حقيقيين... ومع ذلك، فإنها تُغذي نفس الشبكات، ونفس الدوافع، ونفس الأفعال.
وقد تطورت تقنية الذكاء الاصطناعي (AI) بسرعة هائلة، حيث أثرت وغيرت في العديد من جوانب حياتنا الحديثة.
ومع ذلك، يخشى بعض الخبراء من إمكانية استخدام هذه التقنية لأغراض ضارة، كما أنها قد تشكل خطرا على استمرارية بعض الوظائف.
ويجري حالياً استخدام أنظمة لتمييز الصور الأصلية (العلامات المائية)، لكن الذكاء الاصطناعي الجنائي يتطور بوتيرة أسرع من الذكاء الاصطناعي الوقائي.
القانون لا يزال يواجه صعوبة في مواكبة هذا التطور.
ففي العديد من الدول، لا يزال القانون لا يعاقب على إنتاج أو حيازة صور إباحية للأطفال مُولّدة بالذكاء الاصطناعي، لعدم تحديد هوية أي طفل حقيقي، وتسعى فرنسا إلى معالجة هذه المشكلة.
ويهدف قانون مقترح إلى معاقبة أي إنتاج أو حيازة صور إباحية سيما للأطفال مُولّدة رقمياً... إلا أن المعركة القانونية لا تزال في بدايتها.
ثم هناك العنصر البشري... في الواقع، يمكن للطب النفسي، بل يجب عليه، أن يلعب دورًا محوريًا... لا يقتصر الأمر على التتبع فحسب، بل يشمل الفهم أيضًا.
يتعلق الأمر بمعرفة ما يدفع الفرد إلى البحث عن هذا النوع من المحتوى، حتى المحتوى المُولّد.
كما يتعلق الأمر بتحديد ملفات تعريف المخاطر، وتوقعها، وتثقيف الناس... لأن الجناة ليسوا جميعًا وحوشًا معزولة. إنهم أحيانًا معلمون، وآباء، وجيران. إنهم لا يعيشون على الهامش، بل يعيشون بيننا.
الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا ولا حلًا... إنه المُضخّم.
قد يكون مرآة سوداء أو منارة؟... ليس من حقه الاختيار، بل من حقنا.
ما دمنا نترك الآلات في أيدي أولئك الذين ينتهكون حياة الأشخاص خاصة حياة الطفولة سرًا، فسنكون مسؤولين عن كل صورة، وكل جريمة، وكل صمت.
ولكن إذا جعلناهم حلفاء، وإذا شرّعنا، وإذا ثقّفنا، فربما لن تكون هذه المعركة ضرورية يومًا ما.
إلا أن ذلك اليوم لن يأتي، وحدنا يجب بناؤه... تصميمه... برمجته... كرد فعل بشري على الانحراف التكنولوجي.
"الخيال الذي يغذيه الذكاء الاصطناعي لا يهدأ أبدًا، يصبح العالم الافتراضي تدبيرًا مُسبقًا... تصبح الشاشة بوابةً"
الذكاء الاصطناعي الإجرامي لم يعد مُفترسا.
اليوم بحاجة للتواصل أو المخاطرة.
وإن كان للذكاء الاصطناعي بديلا: محتوى مُصمم خصيصًا، يضمن الإثارة ويسعى للإفلات من العقاب.