الأحد، 23 أكتوبر 2011


مرور81سنة على ظهور" الظهير البربري" :
فعاليات تقترح عقد جامعة صيفية مغاربية بثانوية طارق بن زياد بآزرو ؟؟؟

 محمد عبيــــد - آزرو-
و قد مرت  81 سنة على إحداث "الظهير البربري" (في تاريخ 16 مايو 1930)  ، ترى فعاليات تربوية و ثقافية بإقليم افران أن ثانوية طارق بن زياد التي تعتبر معلمة وطنية في تاريخ المغرب أنه آن الأوان لعقد جامعة صيفية مغاربية بمدينة آزرو بصفتها مركزا  ل : " الظهير البربري" تجمع بين أساتذة و شهود و مفكرين و باحثين من بلدان مغاربية ،بكون الموضوع لم يكن يقتصر فقط على المغرب وحده، لتدارس كل الجوانب التي ظلت مغمورة حول موضوع الظهير البربري.
فبقيام جرد "كرونولوجي" حول المدة التي كان على الفرنسيين قضاءها للسيطرة على الأطلس المتوسط الغربي  فقط سنجد أن الأمر تطلب أكثر من 14 سنة و هي مدة لم تكن في حسبان القادة الفرنسيين من حيث نفاذ عتادهم و فقدان الكثير من رجالهم.. لقد كانت البداية سنة 1912م عندما تمت السيطرة على قبائل زيان ولماس و بني امطير (آيت ادراسن) ثم بداية السيطرة على قبائل بني امكيلد .. بعد ثاني حملة 1913 التي انطلقت من ولماس للسيطرة على آزرو الذي سيصبح مركزا لانطلاق باقي الحملات و التي كان أهمها:
-                         1914: مولاي بوعزة -"أكموس"- خنيفرة – عين اللوح. 
-                         1915: منطقة بني امكيلد الشرقية و تيمحضيت.
-                         1917: البقريت – آيت ويرة أشقيرن – سخمان.
هذه المدة الطويلة التي كلفت الفرنسيين متاعب عسكرية و سياسية كبيرة، فرضت على قاداتهم الاعتراف بشجاعة و بسالة القبائل الامازيغية و استماتتها في المقاومة و بالتالي جعلت الكتابات الفرنسية تتعدد حول موضوع"الظاهرة" خاصة منها ما اعتمد على الجانب الاثنولوجي لهذه القبائل، و هو ما حذا بدهاقنة الاستعمار الفرنسيين إلى التفكير في عزل الامازيغ عن إخوانهم بباقي المناطق بغية استمالتهم إلى الفكر الأوربي المسيحي الامبريالي و جعلهم بالتالي أجسادا مغربية بأفكار مسيحية استعمارية مهمتهم ردع العناصر الأخرى؟
 لقد استنتج بعض المفكرين الفرنسيين في هذا الإطار أن الإسلام لم يتجدر بعد بين الامازيغ لذلك فمن السهل نشر المسيحية بينهم بل ذهب "بولمارتي—Paul Marty—في كتاب " مغرب الغد"—1925 إلى القول أن الامازيغ لا علاقة لهم من حيث الأصل بباقي المغاربة وأن أصلهم ينحدر من أوروبا  من الجنس الآري على وجه التحديد ن و أنهم لا زالوا يحافظون على عمل المرأة خارج البيت و العمل الجماعي و لون البشرة و زرقة العين..
لذلك ذلك كله الكتابة في تاريخ الحركة الوطنية متعثرة تعتمد على نوعين من المصادر:
·        أولهما ما يمكن نعته "التاريخ الاستعماري" و هي الكتابة التاريخية التي أنجزها كتاب لخدمة الاستعمار.
·        ثانيهما "التاريخ الوطني" أي الكتابة التاريخية التي أنجزها كتاب وطنيون لخدمة أهداف الحركة الوطنية.
·        فالتاريخ الاستعماري كانتا مهمته اصطناع مشروعية لتبرير الوجود الامبريالي بالمغرب ، أما التاريخ الوطني فهو يبدأ من إثبات لا مشروعية الوجود الاستعماري بالمغرب.. إذن فالموضوعية تبقى بعيدة المنال في كلتي الحالتين غير انه إذا كان هناك ما يبرر هذا في مرحلة الحماية، فهل من مبرر معقول لاستمرار تاريخ الحركة الوطنية في نفس المنظور بعد الاستقلال؟
فما هو ملح في الوقت الراهن هو تمكين الباحثين من الوسائل الأدبية و التنظيمية و المادية لإحداث التراكم الضروري، و من هذه الرؤى جاءت فكرة عقد جامعة صيفية مغاربية بمدينة آزرو "مركز الظهير البربري"...
"الظهير البربري" يعود التخطيط إليه في عام 1914 بين المفكرين و الساسة الفرنسيين في الكتمان و السرية التامتين حتى على السلطان محمد الخامس، رغم تسميته ب " الظهير" على أن عبد اللطيف الشبيهي مترجم الإقامة العامة آنذاك هو من أفشى السر.
و "الظهير البربري" هو عبارة عن مجموعة قوانين تحتوي على ثمانية فصول أصبحت سارية المفعول في تاريخ 23 مايو 1930 بعد توقيعها عن "لوسيان سان" المقيم العام تعلن فصوله عن اشاء محاكم خاصة بالامازيغ تعتمد على "إيزرف"(العرف) في حل جميع القضايا المدنية،أما الجنحية و الجنائية فهي تدخل ضمن قضايا المحاكم الفرنسية، بينما تهدف هذه الفصول إلى تحقيق ثلاث نوايا استعمارية مبيتة:
1- عزل الامازيغ عن أحكام الشريعة الإسلامية، خاصة و أن الحركة السلفية في أوج غليانها (أبو شعيب الدكالي – محمد بلعربي العلوي) تدعو المسلمين إلى التمسك بالإسلام .. فيما عرفت المساجد قراءة اللطيف.
2- عزل الامازيغ عن باقي إخوانهم في إطار سياسة "فرق تسد" و زرع سموم التنافر بين العنصرين على غرار ما وقع بتيزي وزبين القبائل و باقي إخوانهم، ثم القضاء على روح الوطنية المتجدرة عند الامازيغ.
3- عزل الامازيغ عن سلطان المغرب ، و قد ظهر هذا في الفصل السادس من الظهير الذي نص على أن " للمحاكم الفرنسية وحدها الحق في النظر في الجرائم المرتكبة في بلاد الامازيغ، يعني أن الأحكام لن تصدر باسم جلالة الملك (حذف هذا الفصل بعد معارضة من طرف السلطان).
و قد اعتمد الفرنسيون على إنشاء مدارس بربرية، هي الأداة الوحيدة لزرع سموم "الظهير البربري " فأنشأت المدرسة "الأولى" بإيموزار سنة 1914 ضمت 13 تلميذا، بعدها انتشرت المدارس بالقرى و الجبال على طول الأطلس المتوسط.
و يعتبر الجيش الفرنسي أول من افتتح هذه المدارس، أما المدرسون فهم غالبا ضباط صف أو مترجمون(ترجمان) إما من أصل فرنسي أو جزائري(القبائل) أو بربري(مغربي).. على أن المدرس يجب أن توفر له العناية الفائقة كالسكن المجهز و بعض الامتيازات ، و أن المدرسة يجب أن تتوفر على حقل خاص لتطبيق التجارب الفلاحية...
 و بالنسبة للمواد المدرسة فقد شملت :
+ اللغة الفرنسية(لغة الحديث و الكلام).
+ مبادئ الحساب –ARITHMITIQUE
+ الجغرافيا و التاريخ (أغلبها يتناول "عظمة فرنسا"
+ النظافة ---L’HYGIENE
بعد هذه المرحلة أصبحت الإدارة العامة للتعليم العمومي تهتم بإنشاء مدارس " فرانكو-بربرية"، فتغير بها المنهاج لخلق تعليم يصبح فيما بعد جهازا لتطبيق السياسة الاستعمارية (استغلال اقتصادي فكري..)
 أما من حيث التعليم الثانوي، فقد أنشئت بمدينة آزرو سنة 1927 مدرسة جهوية تحولت فيما بعد سنة 1931 إلى ثانوية تحت اسم –«  Collège BERBERE » : و هي التي تخمل حاليا اسم " ثانوية طارق بن زياد" تحتوي على داخلية تأوي أبناء المناطق المجاورة يختارون بدقة 'حسب الوسط الاجتماعي- الطبقي) بعد استكمالهم للدراسة بآزرو، يتوجه التلاميذ إلى معهد الدراسات المغربية العليا بالرباط حيث دراسة اللهجات البربرية و الانثنوغرافيا على أن المناهج  التعليمية رغم التغيرات التي طرأت عليها كان يجب أن تهدف إلى خلق مواطن "فرانكو-بربري" في نهاية تعليمه كما جاء في تحليل "لويس مسنيون" أحد بحاقنة الاستعمار البارع في الايسمولوجيا و الأستاذ في –« Collège de France » حيث اتضح كتاب " مغرب الغد" لصاحبه بول مارتي –Paule MARTY—أن المدرسة الفرنكو-بربرية هي مدرسة فرنسية من حيث التعليم و الوسط بربرية من حيث التلاميذ، ليس هناك مجال لأي وسط أجنبي ، و كل تعليم للعربية ، كل تدخل للفقيه، كل مظهر للمظاهر الإسلامية ينبغي إبعادها بكل صرامة.
لم نتطرق في هذا الموضوع بكيفية مستفيضة لرد فعل المغاربة ضد "الظهير البربري" لن المجال لا يسمح بذلك، إنما تجب الإشارة إلى أن الضجة التي عمت مجموع العالم الإسلامي و صار من شانها الحط  من "قيم الفرنسيين" مما دفع باليسار الفرنسي إلى إعلان موقفه و المطالبة بإلغاء "الظهير البربري" رغم بعد هذا اليسار عن الشخصية السياسية المغربية في الحقوق و الحريات العامة في جميع المجالات.
و قد بروزت هذه المطالب في يونيو 1933 حيث كتبت مجلة –« MAGHREB » -- بعنوان بارز" يجب إلغاء الظهير البربري" في مقال مطول للصحفي "جون لونكي"، لذلك لم يعتبر الظهير البربري مهدا للحركة الوطنية السياسية المغربية فحسب ، و لكن كذلك فتيلا أحدث انقسامات سياسية بفرنسا و جعل اليسار الفرنسي يعلن موقفه ويساند الحركة الوطنية المغربية.


المراجع:     *"أضواء على مشكل التعليم بالمغرب" ذ. محمد عابد الجابري.
                 *"الأصول الاجتماعية و الثقافية للحركة الوطنية بالمغرب" ذ. عبد الله العروي (أطروحة دكتوراه).
                 *"جريدة "صباح الصحراء" العددان في تاريخي: 85.5.16 و 85.5.16
                  * "جريدة الاتحاد الاشتراكي" عدد في تاريخ:88.2.29
                 *"اليسار الفرنسي و الحركة الوطنية بالمغرب" جورج أوفيد.
                 * "أنوال الثقافي" عدد26/453 نونبر 1988 – مقال لإبراهيم ياسين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق