الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

مواجهة عنف ارتفاع الأسعار..عندالآخر وعندنا؟ سياسة الطنزعلى الشعب

عنف ارتفاع الأسعار
سياسة الطنزعلى الشعب
البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد
أجمل ما قرأته مؤخرا هاته القصة التي افتتح بها عمودي هذا الأسبوع لن تصدق ماذا فعل الشعب الأرجنتيني عندنا قام التجار برفع أسعار البيض !!!
والله أذكياء!!
قبل بضع سنوات استيقظ الشعب الأرجنتيني صباح أحد الأيام وإذا بتجـّار الدواجن والبيض قد اتفقوا على رفع سعر البيض كلهم مرة واحدة، عقدوا اتفاقهم دون أن يفكروا في لحظة واحدة أن هناك من لا يستطيع أن يجد قوت يومه وأن هناك من يكّد النهار والليل ليسـّد رمق أطفال جياع... هل تعلمون لماذا ؟ لأنهم تجـّار جشعين لا يهمم إلا أن يملؤوا جيوبهم بأموال الناس كيفما اتفق .
فماذا حصل بعد ذلك ؟ لقد كان المواطن الأرجنتيني ينزل إلى السوبر ماركت ويأخذ البيض وعندما يجد سعره مرتفعاً فإنه يعيده إلى مكانه..(خلاّوه يفسد). فماذا تتوقعون أن يحصل بعد ذلك ؟
بعد أيام وكالعادة تأتي سيارة التوزيع الخاصة بشركة الدواجن لتقوم بتنزيل الكميات الجديدة من البيض ولكنهم فوجئوا بأن أصحاب المحلات يرفضون إنزال أي كميات جديدة فقام التجـّار بإعادة الكميات إلى مستودعاتهم وقالوا لنصبر أياماً قليلة لعل وعسى أن يعود المواطنون لشراء البيض... انتظر التجـار أياماً وانتظر الشعب أياماً وانتظروا.. وانتظروا ،،، ،،،،، وتورط التجـّار (الجشعون) بالبيض الذي تكدس في الثلاجات والمخازن والمستودعات والبقالات دون وجود مشترٍ....و لم تنته القصة..
وبعد عدة أيام اتفق التجـّار، ولكن هذه المرة اتفاقاً جديداً وهو بيع البيض بسعره السابق قبل الارتفاع، ولكـّن الشعب الأرجنتيني الأبّي رفض أن يشتري البيض مرة أخرى، وذلك لكي يتأدب التجـّار ولا يعودوا لمثلها، فعاد التجـّار وخفضوا من سعر البيض مرة أخرى.
وهل انتهت القصة هنا؟؟؟  لا!..
ولكن الشعب العظيم لم يشتر البيض... فكاد عقول التجـّار ينفجر، فالخسائر تتراكم والموت قادم.
أخيراً، وبعد كل هذا، اتفق حثالة التجّار الخاسئون بأن يبيعوا البيض بربع سعره قبل الارتفاع مع تقديم اعتذار رسمي للشعب في الصحف بعدم تكرار ما حدث.
هنا انتهت القصة؟؟؟

وأصبح الشعب الأرجنتيني العظيم فائزاً في معركته مع التجار وفائزاً بأنه يشتري البيض بخصم 75 % من سعره الأصلي. وهنيئاً للشعب الواعي، الشعب المتفق فكرياً والعارف بمصلحته، لقد فازوا بالمعركة على التجار الجشعين ونحن ها الزيادات جايا وسنحاربها بالتصفاق والبلابلا من أراد أن يفوز في معركة فلابد أن يصبر. 
هذه القصة تدفعنا للتمعن في واقعنا المغربي من حيث ارتفاع الأسعار الذي مس بشكل مهول المواد الأساسية الاستهلاكية للفقراء، من حليب وخضر وزيت ولحوم ودجاج وطحين والغاز الذي بعد أن كان قد عرف الزيادة في ثمنه بطريقة غير مباشرة كي لا يثير اهتمام الناس، بواسطة النقص من كمية الغاز في القارورة، سيدخل هذا الأسبوع الزيادة المرتقبة في تسعيرته، ثم الارتفاع المهول في ثمن المحروقات من بنزين السيارات إلى بنزين الدرجات النارية، ليفضح تلك الأكذوبة التي كان قد خرج علينا بها السي بنكيران، بعد الزيادة الأولى في أسعار المحروقات، وأكد للمغاربة بأن قراره سليم وأن أسعار المواد الأساسية لن تتغير وخصوصاً "البنان"...  وفعلاً ارتفعت بعد ذلك أثمنة كل المواد الأساسية إلا " البنان" الذي لا يمكن للمغاربة الفقراء الاستغناء عنه في حياتهم اليومية... حتى استلذ المغاربة أجمعين "قشور البنان"، هذا فضلا عما عرفته أسعار الأدوية من زيادة صاروخية، وتقليص إن لم نقل انعدام الخدمات الأساسية للمواطن من تطبيب واستشفاء وتعليم، والارتفاع الصاروخي في أثمان العقار والإيجار بفضل الاحتكار والجشع، والتواطؤ بين المنعشين ومختلف السلطات،الخ... كل هذا يبين الدور الطبقي للحكومة وكونه المحرك السياسي، بل المحرك الأول والأساسي لشره التجار والاحتكاريين وإقبالهم الجيد على أكل لحوم المستهلكين الفقراء في مجتمع الغلبة فيه للأقوى والويل كل الويل للمستضعفين في الأرض...
سياسة الطنز و"ديني على قد عقلي"... دابا غير واش السي بنكيران كان كيطنز على المغاربة ولا شنو؟
 أحسن ما عرفه المغرب في شأن الانتفاضة ضد الزيادات في الأسعار هو كثرة صدور البيانات التنديدية من مختلف قوى المجتمع المدني إن المنظم أو غير المنظم، كشف أولا عن طبيعة التناقض المجتمعي لحشد القوة الكامنة في المجتمع (سياسيا، اجتماعيا، اقتصاديا و ثقافيا) قبل أن يعمد الى تنظيم وقفات احتجاجية ضد غلاء المعيشة وضد الارتفاع المهول في الأسعار بقيت عبارة عن مواقف استهلاكية دون مفعول لردع واقع الغلاء الذي مس المعيشة والقدرة الشرائية لغالبية الشعب المغربي، خاصة الطبقة الكادحة في جل المواد الحيوية لعيشها لأجل قطع الطريق عن  اللغط الدائر حول الشعرات والاحتجاجات التي لن تعفي هذا الشعب هموم تكاليف العيش والمعيشة.. ومما لاشك فيه أن جدلية الصراع بين الحكومة الطبقية وبين المجتمع المتعدد الطبقات والفئات ستبقى قائمة ومتواصلة بفعل التناقض التركيبي ذاته، ولكن المسالة، سياسيا، تتحدد في معرفة نتائج هذا الصراع، وفي توضيح كيفية جعل قوى الصراع ترجح إلى جانب الفقراء والمظلومين والمستلبين بقدر ما تنفصل القوى المضطهدة عن مضطهديها لتستغل سياسيا، وتكافح ببسالة وتواصل لإسقاط منظومة الاحتكاريين الرأسماليين الذين لا يتوانون لحظة واحدة في نهبها اقتصاديا، جامعين بين عنف المال وعنف السلطة. فالغلاء عنف اقتصادي وسياسي، والعنف لا يقاوم بالتظاهر وترديد الشعارات وقراءة الأشعار على الناس وهي تتذوق جوعا ومرضا، بل لا بد من تحرك ضاغط يلزم الدولة بالتدخل في الإنتاج والاستيراد والتصدير لمصلحة الشعب لا لمصلحة الأقلية المركانتيلية التي لا يهمها إلا مصالحها. إن هذا التحول لا يمكن أن يحصل إلا بتصادم مع قوى النهب والاستغلال والاغتيال الشعبي، وهذا وحده الأسلوب القادر على إحداث التوازن الأخلاقي والاجتماعي داخل المجتمع. فليس بغريب ما يعيشه الفقراء في المغرب فهو نتيجة صمت وانحناء الرأس وعدم البحت عن البد يل كان العيش المدلول لاغنى عنه .

هل استوعبنا نحن في المغرب الفرق بين شعوب أخرى على غرار القضية المتوجة لهذا العمود أم أننا استلذذنا أن كل شيء فيه زيادة... كيف تمت مواجهة الزيادة عند شعب الأرجنتين وكيف تتم مواجهتها عندنا كشعب مغربي؟؟ عندما كان الالتحام الصادق للمعاناة مع هموم الحياة لدى شعب الأرجنتين والعبرة التي تم استخلاصها في مواجهة عنف الزيادة بطريقة عقلانية، فهل نرى هذا الموقف في شعبنا المغربي؟؟؟ لا اعتقد جازما القول، لأن هذا الشعب المغربي لن يستطيع المواجهة لأنه مات من زمان... إوا فيقو!؟...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق