الأحد، 24 ديسمبر 2017

مَنْ مِنْكُمْ يُقِرُّ ب:"الإدارة العامة للكباب"؟

مَنْ مِنْكُمْ يُقِرُّ ب:"الإدارة العامة للكباب"؟
*/* مدونة"فضاء الأطلس المتوسط"/ آزرو-محمد عبيد*/*
من أجمل ما قرأت هذه القصة الهزلية المضحكة والممتعة في الوقت نفسه، لكنها لاتخلو من بعد واقعي مؤسف وحزين...
القصة للكاتب الساخر أحمد رجب كتاب جميل بعنوان «صور مقلوبة» يستعرض فيه صوراً ساخرة من الحياة اليومية لشخصيات هزلية بطريقة فائقة الإمتاع... 
تقول القصة:
كانت إحدى الشخصيات وهو موظف حكومي مفتون بالأنظمة والروتين قد طلب منه مديره أن يؤمِّن متطلبات حفل غداء لضيف أجنبي قادم لزيارة المصلحة، فيصر الموظف على إجراء مناقصة والإعلان عنها في الصحف لتوريد طعام الغداء، لكن وبعد ضغط من مديره يوافق على تأمين الطعام دون مناقصة لضيق الوقت، ويكاد يمر حفل الغداء بسلام لولا مفاجأة غير متوقعَّة حصلت بعد نهاية الحفل، إذ إن أطباق الكباب وصلت متأخرة بعد انصراف الضيف الذي اكتفى بتناول الملوخية والدجاج ولم يلاحظ تأخر الكباب، هنا يقترح أحد الموظفين (المتهاونين) أن يأكلوا هم الكباب الذي ساقه الله لهم، لكن صاحبنا الموظف الهمام يعترض بشدة ويحذرهم بأن هذا مال الحكومة وأن الكباب أصبح عهدة لا يمكن المساس بها، ويقوم بجردها ويقيس وزن أصابع الكفتة وطولها وحجم السلطات وحتى أوراق البقدونس المفروشة تحت أصابع الكفتة، ويكتب محضراً بالواقعة ويرفعه لمدير الشؤون المالية الذي يحوله لعهدة أحد الموظفين لحفظه كجزء من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها بأي شكل من الأشكال. ويتطور الحال بكيلو الكباب الثمين فالموظف المؤتمن عليه يطلب توفير ثلاجة لحفظه من التلف، وتتم الموافقة على الطلب حفاظاً على المال العام، ثم يرفع طلباً يشتكي من انقطاع التيار الكهربائي ويطالب بصرف لوح ثلج يومياً كإجراء احترازي في حال انقطاع التيار، ولأن التيار يمكن أن ينقطع مساء وخارج أوقات الدوام يطلب أن يعين معه موظفين آخرين لمراقبة تبريد الكباب طوال ساعات اليوم فتصدر الموافقة على طلبه ويتم تعيينه رئيساً عليهم بحكم الأقدمية والخبرة ويستمر الحال هكذا حتى تتشكل بعد فتره إدارة جديدة في الوزارة اسمها:"الإدارة العامة لتبريد الكباب".
القصة الهزلية مضحكة وممتعة في الوقت نفسه، لكنها لا تخلو من بُعد واقعي مؤسف وحزين، فالأنظمة التي وضعت لضبط العمل ومنع الفساد تتحوَّل عندما تطبق بدون وعي إلى عبء على العمل بدلاً من أن تساعد في إنجازه، وتفتح باباً خلفياً واسعاً للفساد والهدر يصعب إغلاقه مع مرور السنين وتراكم الأخطاء.فكيلو الكباب الذي في القصة كان يمكن التخلص منه بعشرات الطرق، بل إن المدير العام عرض على صاحبنا أن يدفع ثمنه للوزارة وينهي القصة، لكن الموظف رفض ذلك الحل لأنه غير نظامي ومخالف للقوانين.ترى كم كيلو كباب افتراضياً تراكم في وزاراتنا ومصالحنا الحكومية؟ وكم من تلك الإدارات تحوَّلت مع مرور السنين إلى إدارة لتبريد الكباب دون أن تشعر؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق