محمد عـبــيــد –
يعتبر إقليم إفران من الأقاليم القليلة التي حباها الله بجمالية و رونق الطبيعة ليكون منتجعا سياحيا ذي تراث طبيعي متميز حيث تغطي الغابة غالبية ترابه بأشجار متنوعة من الأرز و الصنوبر على وجه الخصوص و بفضل توافر منابع المياه و شلالات كشلالات عي فيتال الشهيرة إلى جانب الضايات و البحيرات ليكون الإقليم غنيا من ناحية الكثافة الايكولوجيـة و من أعلى المستويات .
من ناحية المواقع الايكولوجية القديمة فمجمل القول أن هذه الظاهرة تتعدد نقطها بتراب إقليم إفران ، مثل: زروقة ـ منظر يطو ـ و غابة البجر التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري ، إضافة إلى الصخور و القلعات ، مثل:÷ قلعة المهدي بن سوالة ـ قلعة تاولة المتواجدة قرب تيمحضيت و التي يعود تاريخها إلى عه الموحدين। و على مدى حكم الدولة العلوية ، يمكن الحديث عن القصبتين المؤسستين من قبل السلطان المولى إسماعيل : قصبة أزرو ـ و قصبة عين اللوح ـ فضلا عن الزوايا ، ك: زاوية سيـــدي عبدا لسلام ـ زاوية وادي ايفران ـ زاوية سيدي المخفي ـ زاوية سيدي المهدي ـ زاوية بن الصميم ـ زاوية سيدي إبراهيم التي يعو تاريخها إلى القرن الثامن عشر و فجر القرن التاسع عشر। أما بخصوص التراث الشعبي ، فانه كذلك متنوع بتنوع أصل ساكنته إلى جانب غناه الطبيعي يمكن من إفران أن يحظى بمكانة متميزة من خلال التقاليد و الفنون خاصة من ناحية كيفية العمل و نمط الحياة ، إذ الملابس و الصناعة التقليدية و المطبخ و الزينة و الفلكلور الغنائي و الرقص الشعبي الأمازيغي/أحيدوس/...
هذا و إذا ما تعمقنا الحديث عن غنى التراث التاريخي و الواقع الإركولوجية القديمة ، فلا يمكننا أن نغفل ذكر مواقع تعود لما قبل التاريخ ، مثل: أقشمير الكبير بآزرو و الذي يصنف تراثا وطنيا بظهير وزاري في تاريخ 16/4/1948 ، فضلا عن كوديات إفران التي كذلك تم إقرارها بظهير وزاري بتاريخ 1/7/1953 ثم شلالات عين اللوح بقرار وزاري بتاريخ 31/12/1942 و قبلة بظهير شريف مؤرخ في 29/12/1942 ، و زاويـة سـيدي عبد السلام بجماعة تيزكيت بقرار في 6/9/1947 فضلا عن مواقع أخرى ، مثل: تيم ولولين و ضاية إيفــر و ضاية أفورار و ميشليفن و أكلمام و نشاط كورت و ضاية عوا و الشريف و عين مرزوقة و عين تاغميلات و أصاكا نهدوم و عين الكحلة........ فيما يعود تواجد المواقع الايكولوجية ل : إيفري أوبريد ـ ضاية حشلاف ـ واد تاوجطات ـ واد تيزكيت ـ تاكرفورت ـ و تودرين إلى ما قبل التاريخ .
هذه الكثافة و التنوع في الموارد الطبيعية والأثرية التي تعم مناطق إقليم افران تثير من جهتها الاهتمام السياحي نظرا للطابع الخاص بإفران حيث القرميد الأحمر و الشوارع الفسيحة و المنتشرة عبر حدائق الأزهار فضلا عن المناخ الجميل هي حافز لكل عاشق للسياحة الجبلية كي يدفعه فضوله للإقامة بها لفترة من الزمن كلما سنحت له ظروفه سواء صيفـا حيث الحرارة معتلة أو شتاء حيث التهاطلات الثلجية تغري بممارسة الرياضات الشتوية /التزحـلق/ و حتى خلال الفصلين الآخرين حيث تنظم خرجات و جولات لهواة تسلق الجبال و ممارسي الدراجة الجبلية.......
2ـ الوجه الآخـر لإفـران من الناحية التاريخية/الثقافية:
إذا كان إقليم إفران يعرف كمصطاف سياحي يشتهر بطقسه المعتدل صيفا و البارد شتاء و ما يزخر به م مؤهلات طبيعية خلابة و وديا و ضايات و شلالات و غابات و مناظر جميلة جذابة ، فان واقع الجانب الثقافي و التاريخي الغني يجهله الكثير علما أن المخزون التاريخي و التراثي يعود إلى العصور الحجرية القديمة و إلى الحقب التاريخية المتوالية...
فمن الناحية التاريخية ، فان مدينة إفران كانت تسمى سابقاOURTI ـ أورتي ـ و هي كلمة أمازيغية تعني حديقة أو بستان ، و تجد المدينة أصلها في كلمة ـ افري ـ ...... IFRI.....ـ جمع افران و تعني الكهوف وبالامازيغية المغارات و هو الاسم الذي كانت تحمله في السابق زاوية ايت سيدي عبد السلام /قرية تبعد عن افران بحوالي7كلم/. فلقد كانت خصوصية الطقس و مناظر المدينة الطبيعية الخلابة و تدفق المياه أهم دافع لإحداث مدينة افران باقتراح من المقيم العام للحماية
3- إفران ، مدينة بعيون جديدة:
اليوم افران أصبحت صورة جذابة للزوار و المستثمرين مكنتها من التموقع كموجهة متميزة و كمدينة ذات مشاريع بنيوية مهمة مواكبة للتجديد قوى من جهته شعور ساكنتها بالانتماء إليها ، افران بطابع عصري و ديناميكي بنظرة متفائلة للمستقبل تجمع بين الأصالة و المعاصرة بمكونات قوية تنفرد بها تتجلى في البيئة الجبلية و الغابوية و البنايات ذات القرميد و لتكون لها مكانة بارزة ضمن أقاليم المملكة و لها دورها التربوي من باب تحسين نمط العيش بها في ظل التوازن التي تفرضه طبيعتها و ثقافتها.
و لعل الزائر سيلاحظ ذلك التغيير المثير في فضائها بوسطها فضاء للراجلين يشكل متنفسا و فسحة للقاء الأصدقاء و فضاء للنزهة العائلية خال من إزعاج السيارات و في مجال نقي ، فضلا عن ساعة عمومية و فضاء دائم الاخضرار أمام قاعة المناظرات مما عززها بطابع" المدينة-المنتزه"فضاءات مؤثثة بتجهيزات مريحة و بآليات إضاءة للتزيين.
غير بعيد و بأقل جهد بدني يمكن للزائر الاستمتاع بفضاء وادي تيزكيت ذي طابع بيئي سليم من التلوث و الازدحام كذلك يربط وسط المدينة بعين فيتال عبر تهيئة معبر للراجلين يسمح بالعودة إلى المنبع و يمكن من اكتشاف جمالية الأمكنة في جو نقي و خال من مخلفات تلوث السيارات.
4- مؤهلات طبيعية هائلة في حاجة إلى التفعيل لإقلاع حقيقي للنشاط السياحي:
إن كانت افرن قد حافظت منذ أمد بعيد على مكانتها السياحية كمركز للاستجمام بالدرجة الأولى ثم كذلك كمحطة شتوية أغلب الوافدين عليها من السياح المغاربة، فإنها تتجه نحو خلق منتوجات سياحية إضافية تستجيب لمتطلبات وأذواق فئة أخرى من السياح ولاسيما الأجانب منهم.. وعلى وجه الخصوص السياحة الإيكولوجية وسياحة التربصات الرياضية...
فان الملاحظ هو طغيان بعض الإكراهات التي يعاني منها القطاع، يمكن إجمالها في غياب وكالات الأسفار والسياحة والتي من شأنها القيام بتسويق وترويج المنتوج السياحي المحلي، وغياب رؤية واضحة وموحدة من طرف المهنيين في القطاع للتعريف بالمنتوج وتسويقه، والنقص في وسائل التعريف بالإمكانيات السياحية من خرائط ومطويات، وفي وسائل الدعاية والترويج للمنتوج المحلي. بهدف التمكن من بلورة إستراتيجية عمل مندمجة تتوخى تعزيز صيرورة الإقلاع الاقتصادي التنموي المنشود بإقليم افران ضمن مقاربة شمولية قوامها التماسك والتكامل في الأدوار والوظائف بين مختلف قطاعات ومجالات التنمية، وكذا الاستغلال الأمثل والعقلاني لإمكانيات التنمية بالإقليم، وانطلاقا من اعتبار الإقليم يتوفر على معالم أساسية ورئيسية لاستثمار الجانب السياحي به كونه يعد قطبا سياحيا فتيا يفتقر للعديد من المقومات التي تجعل مؤهلاته الطبيعية وارثه الثقافي وعادات ساكنته قابلة للاستهلاك وجديرة بالزيارة والمعرفة والاستطلاع من جهة واستثمار مؤهلاته الطبيعية والحيوانية والسياحية التي تتميز بالتنوع والغنى تتمثل في البحيرات ،المنابع المائية الشلالات ،الغابات ،الوحيش، المجالات الطبيعية.. كما أن الإقليم يتوفر كذلك على تراث ثقافي وفني متنوع بالإضافة إلى مهرجانات ومواسم مختلفة من بينها على الخصوص مهرجان تورتيت الدولي (افران) ،المهرجان الوطني لأحيدوس( عين اللوح) ، مهرجان البحيرات( ضاية عوا)، مهرجان ...(آزرو)، بالإضافة إلى عدة أنواع من فنون الصناعة التقليدية كالنحت على الخشب ، صناعة الزريبة...وبالتالي فان استغلال جل هذه المكونات والمؤهلات سيساهم في خلق وصياغة منتوج سياحي متنوع ومتكامل مما سيحتم اتحاد تدابير وإجراءات من طرف مجموعة من الفاعلين والمعنيين بالقطاع لضمان إنعاش سياحي من خلال اعتماد بنك للمعطيات خاصة بالمؤهلات السياحية والطبيعية ووضع تدابير خاصة بالتهيئة السياحية – إحداث تجهيزات بباحات للاستراحة ،تهيئة مجالات الصيد والقنص والتشجيع على إقامة بنايات للإيواء تتلاءم وطبيعة المنطقة كالمآوي السياحية الجبلية بالإضافة إلى تكوين المرشدين السياحيين من أبناء المنطقة وتوجيههم في مجال لتنشيط لسياحي.. مادام القطاع السياحي يعتبر من إحدى أهم الركائز لتحريك دواليب النشاط الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الإقليم، وتراهن عليه جميع الأطراف المتدخلة لكي يلعب على المدى المتوسط دور محوري وقاطرة للتنمية المحلية...
وفي هذا الصدد، هناك منتوجات كلاسيكية يتم العمل على دعمها وتقويتها كالسياحة الاستجمامية بتأهيل المراكز الحضرية بالإقليم ومحيطها والتركيز على جانب التنشيط والترفيه السياحيين، فضلا عن خطة إدماج إفران في برنامج تنمية السياحة الداخلية في إطار ما يسمى ب"مخطط بلادي" بحيث تم تخصيص منطقة على مساحة
كما أن القطاع السياحي بإقليم إفران يعتمد بشكل كبير على السياحة الشتوية، على أساس أن الإقليم يعرف تساقطات ثلجية خلال الفترة الشتوية وتتواجد بها محطتان للتزحلق(ميشليفن و هبري) والانكباب حاليا على وضع تصور لتأهيل المحطتين وخلق تظاهرات مرتبطة بنشاط التزحلق.
ومن بين المنتوجات السياحية التي يتم العمل على تقويتها وتنميتها، هناك السياحة القروية في إطار مخططين يعملان بشكل متكامل، ويتعلق الأمر ببرنامج « فضاء الاستقبال السياحي لإفران» الرامي إلى تنمية السياحة القروية و «المنتزه الوطني لإفران» هذا الأخير الذي وجب الذكر انه يمتد على مساحة تفوق 53.000 ألف هكتار، مشكلا نموذجا أمثل للأوساط البيئية التي تحتويها جبال الأطلس المتوسط، إن كان ذلك من وجهة تركيبته الجيومرفولوجية أو النباتية، أو المرفولوجية والمناخية، مما جعل المنتزه الطبيعي لإفران يمتاز عن غيره بتنوع مناظره الطبيعية، التي تشكل تارة سفوحا مفتوحة وفسيحة وتارة مرتفعات مكسوة بغابات كثيفة، وما يزيده بهاء ما تضفيه عليه البحيرات والضايات الطبيعية والمنابع والوديان والعيون والكهوف، من مشاهد جمالية أخاذة، تكسوه غابات أرز الأطلس إحدى أكبر الغابات امتدادا بالمغرب.
فلقد شكلت فضاءات المنتزه الشاسعة، موطنا لأروع الحيوانات أهمها أسد الأطلس والنمر والعناق و القضاعة، جرى حاليا تحديد 37 صنفا من الوحيش الغابوي الذي ما زال يعيش بمحمياته، مؤلفا أساسا من الثدييات يأتي على رأسها القرد "زعطوط" من حيث الوفرة، إضافة إلى 142 صنفا من الطيور و33 صنفا من الزواحف والضفادع ويمثل الغرن النهري من بين أهم الفقريات التي تعيش في بحيرات وأنهار المنتزه الوطني لإفران الذي يروم إلى تطوير السياحة الإيكولوجية داخل فضاءاته ،وقد تم في هذا الإطار قطع مراحل مهمة في تثبيت هذا المنتوج وجعل من إفران وجهة سياحية وقطب السياحة الإيكولوجية على المستوى الوطني...
كل هذه المبادرات تأتي في سياق دعم التميز الذي تحظى به مدينة إفران كمنتجع جبلي يرتكز على السياحة الداخلية وينفتح تدريجيا على السياحة الدولية، وذلك بما ينسجم مع إستراتيجية الدولة التي تسير في اتجاه تكريس التميز والتنوع والجودة.
و لكي يتحقق الرقي بالسياحة في إقليم إفران إلى مصاف الوجهات السياحية الرئيسية على المستوى الوطني. وفي إطار الحديث عن القطاع السياحي، رأت مصادر مسؤولة ضرورة تظافر جهود جميع الأطراف، من سلطات إقليمية وإدارة ومنتخبين ومهنيين، و العمل على توفير الظروف الحقيقية للإقلاع السياحي للمدينة والإقليم وفق برنامج طموح وتصور واضح.
وتتجلى تصورات هذا العمل أساسا في :
*أوراش التأهيل العمراني والسياحي لمدينة إفران و أزرو ومحيطهما والمراكز القروية (المساحات الخضراء، الإنارة العمومية، الترصيف، النظافة...).
* الاهتمام بالجانب التنشيطي والترفيهي ببرمجة مجموعة من التظاهرات ذات الطابع الثقافي التنشيطي والترفيهي على مدار السنة.
* تأهيل المؤسسات السياحية وتقوية البنية السياحية، وذلك عبر المراقبة بشكل دوري لتوفير جودة في الخدمات بالوحدات الإيوائية، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمار في مجالات أوسع (فنادق، إقامات، مآوي قروية، وكالات أسفار...). من اجل توفير عرض سياحي متكامل ذي جودة ويستجيب لميولات وأذواق واسعة.
* خلق جمعيات مهنية ( المجلس الإقليمي للسياحة، جمعية المآوي الجبلية وجمعية المرشدين السياحيين الجبليين)، بغية تنظيم المهنيين وبالتالي إشراكهم في البرامج والتصورات المتعلقة بالنشاط السياحي، و تأطيرهم لتنظيم المهن واخذ المبادرات سيما على مستوى التسويق والإنعاش.
* الحرص على تنوع المنتوج السياحي باستغلال محكم للمؤهلات الهائلة التي يتوفر عليها الإقليم ولاسيما الطبيعية منها، والغرض هو أولا التخفيف أو الحد من ظاهرة موسمية النشاط السياحي، ثم كذلك محاولة استقطاب زبناء من أذواق و ميولات متنوعة.
وتأتي هذه الأهمية بالقطاع نظرا طبعا للإمكانيات والمؤهلات الهائلة التي يتوفر عليها الإقليم والتي من شأنها أن تضمن إقلاعا حقيقيا للنشاط السياحي، ومن بين هذه المؤهلات ان ثلث مساحة الإقليم تتكون من الغابة خصوصا غابة الأرز، والتنوع في التشكيلات النباتية والحيوانية والتنوع في المناظر والمواقع الطبيعية من ضايات وشلالات وأودية...
كما انه موقع جغرافي متميز إذ يقع الإقليم وسط الأطلس المتوسط على علو 1600م وبالقرب من أهم المدن المغربية فاس ومكناس (حوالي 60 كلم) وبالإضافة إلى وجوده في مدار سياحي يشمل المدن العتيقة والمنتوج الصحراوي... فضلا عن انه تراث ثقافي غني يتنوع بين الفنون الشعبية والطبخ والصناعة التقليدية، والطابع المعماري الخاص يزيد من جمالية وجاذبية مدينة إفران ومحيطها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق