الأربعاء، 20 أغسطس 2014

من واقع التنمية الغير المادية في خاصرة إفران الوردة.. روبورطاج عن عالم منسي

من واقع التنمية الغير المادية في خاصرة إفران الوردة
روبورطاج عن عالم منسي
البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد- عبيد
روبرطاج مصور بعدسة: مصطفى ملكاوي
يتغنى الكثيرون بجمال وحلاوة إفران، ويهتم هؤلاء الكثيرون بمظهر خداع لصور إفران التي تلمعها سياحيا وإيكولوجيا وطبيعيا.. ولكن هل يعلم هؤلاء الكثيرون أن إفران الوردة في الظاهر تتستر عن شوكتها في الباطن التي تفضح لنا عالما لايمكن إلا تلخيص صورته وحضوره الأليم في عالم من عوالم الدول المتخلفة تنمويا واجتماعيا ..
 وقد يستغرب المرء عندما نكتشف من خلال هذا الروبورطاج الذي انجزته " بوابة فضاء الأطلس المتوسط" تواجد رقع في جغرافية إقليم إفران المزعوم بجوهرة الأطلس المتوسط بل بسويبسرا إفريقيا تعيش بها جماعات من الناس لا يعرفون من التنمية بمختلف أنساقها و مفاهيمها أي شيء عدا عيشهم دون درجات الفقر و الهشاشة وانعدام البنية الاجتماعية والتنموية أساسا التي تتغنى بها الكثير من الجهات معتبرة أن إقليم إفران يشكل حضارة مميزة في خريطة التنمية للأسف أطلق عليها تنمية بشرية ؟ و لا حياة كريمة للبشر فيها ....
بوابة "فضاء الأطلس المتوسط" وهي تثير هذه الديباجة تدعوكم لتتبع  تفاصيل هذا الواقع الأليم من خلال الصور الصادمة و التصريحات بأصوات مبحوحة من قلب إقليم إفران الذي يئن من متطببات الفقر والتجاهل المعتمدين تجاه فئة من المواطنين الذين يعيشون بؤسا شديدا واليأس يقتل نفوسهم ببطء من طول انتظار الذي قد يأتي أو لايأتي مما يسمعون عنه من تنمية بشرية وتنمية اجتماعية و تنمية بنيوية؟
أفود أۥوعسال...تتساءل عن حظها من التنمية الغير المادية أو المنطقة التي لا يوجد في قاموسها معنى ولا مفهوم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية:
عندما وصلنا إلى منطقة  أفود أوعسال الواقعة بتراب الجماعة القروية تيكريكرة الشاسعة المساحة الطابع الفلاحي والتي تقع على بعد حوالي 7كلم من مقر الجماعة تجاه الطريق الرابطة بعين اللوح ومدخلها من النقطة الكلمترية 3 عند مفترق الطريق بينها وبين مدخل قرية حشادة، طريق غير مجهزة كلها تراب بمدخل القرية انتشرت بعض الحقول الصغيرة لأنواع من الأشجار المثمرة (خوخ، تفاح، سفرجل، ذرة...)...أوحى لنا المنظر أن القرية تعيش على فلاحة معيشية تعفيها من ويلات اجتماعية وأساسا .. إلا إن تواصلنا مع أهلها كشف المستور و عرى عن واقع أليم..
القرية التي لا يتجاوز عدد نسمتها الألف، عبارة عن خندق انتشرت برقعته تجمعات سكنية هنا وهناك... أطفال صغار يستقبلونك بكثير من السرور، نظرات ساكنة مُفعمة بالدهشة وبعض الاستغراب من كائن جديد يقتحم خلوة القرية.....
القرية التي أتيناها من أجل الوقوف على حياتها وظروف معيشتها  ولم نكن ننتظر أن تكون صدمتنا أكثر حين معرفتنا غياب ابسط شروط الحياة الكريمة وبل غياب ابرز ما تتغنى به الدولة من اقتحامها 
العالم القروي بإحداث مؤسساتها الأساسية من مدرسة أو مستوصف.... فالأطفال الراغبين في التمدرس مجبرون قطع ما لايقل عن 4كلم للالتحاق بأقرب المدارس (مدرسة تافبولوت اويشيل) و قد اضطرت العديدة من الفتيات إلى الانقطاع عن الدراسة ... فيما يخص التطبيب والعلاج  فهو اسم يروج بينهم في غياب أي مستوصف.... أما عن الخدمات الإدارية فحدث و لاحرج أية وثيقة سكنى أو اعتراف بالهوية مكلف من حيث الواجبات الخاصة بالتنقل لأكثر من مرة... 
سكان القرية يعتمدون أساسا على الرعي، من أفقر القرى التي تتعرض للتجاهل بوجودها  بإقليم إفران، لم تستفد من مبادرات التنمية البشرية ولا من مشاريع رفع الضرر الجماعي، كل هذه المعطيات على لسان رئيس جمعية ثاثفي أوضاروش يوسف طاعوش...حكا لنا سكان من القرية وشبابها (مراد اعسال و مراد حسيسو ...) عن انعدام فرص الشغل والقهر التي تعيشها المرأة والطفل، عدم توفر أي شرط من شروط العيش الكريم، عن معاناة أهل القرية مع قنطرة مهترية للعبور تهدد حياتهم  في فصل الشتاء، خاصة وأن هؤلاء المواطنين يجبرون على التنقل إلى الغابات القليلة المجاورة من أجل البحث عن حطب التدفئة..
يقول أحد شباب القرية:" ملي كتطيح الشتا..كيتقطع علينا كولشي.."..ثم يُسهب في الحديث عن معاناة أهل القرية في فصل الشتاء، عندما تُقطع الطريق المؤدية إلى اقرب دوار (حشادة)  الأمر الذي يتسبب في عدم تمكننا من المواد الغذائية التي تُستهلك بكثرة بسبب برودة الطقس، غياب  سيارات الإسعاف لنقل للمرضى والنساء الحوامل، مما قد يؤدي إلى مآسي قد تكون الوفاة أحد عناوينها..
خلاصة هذه الزيارة هي انه عندما يبدأ الليل بسدل أولى ستائره على سماء القرية، يدلف السكان إلى بيوتهم باكرا،.... السكان الذين  يسمعون عن التنمية البشرية..ومحاولات وسعي الجهات المسؤولة إلى فك قطع العزلة عن العالم القروي.. ولكن تبقى بالنسبة لهؤلاء المواطنين المنسيين عبارة عن شعارات لا وجود لها في قاموس حياتهم المعيشية.

مكان حيث تم اعداد حمام يستحم فيه ساكان القرية بجلب الحطب لتحسين الماء
دوار حشادة...أزمة اجتماعية وحكرة بنيوية:
"عيش الدبانة فالبطانة"
غير بعيد عن قرية أفود أوعسالو نحن نغادرها دفعنا فضولنا الى اقتحام قرية حشادة وهذا ليس بفضول ولكنه الحقيقة التي سنكتشفها في هذه الزيارة لهذا التجمع السكني القروي الذي تناهز نسمته 1600 فرد، الملاحظات التي سجلتها زيارتنا مع مدخل القرية أعمدة كهربائية منتصبة ولا خدمة عدا مصباح وحيد لأكثر من 6أعمدة موزعة في الطريق لمدخل القرية، ومجرد أن تـطــأ قـدمـــا الـزائـــر لـــهـذا التـجــــمع السكني سيندهش لتواجد مجرى مياه آسنة تصب في مجرى وادي القرية لتنشر مياه ملوثة تحت قنطرة وبمنطقة قال لنا سكان القرية أنها بها تقوم النساء بغسل الألبسة...
 حيوانات (بقر وغنم،...) تشارك الساكنة هذه المجاري .... وقع الفقر والتهميش والمعاناة التي يكابدها شريحة من سكان هذه القرية لايقل شانا عما سبق ذكره مما يعيشه العالم القروي من حكرة سواء من حيث الفقر والأمية وضعف في البنيات التحتية...ناهيك عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بمجالات البيئة وبمستوى العيش والتعليم وظروف السكن والصحة والشغل.
 ابرز موقف تعيش عليه قرية حشادة انتشار الدور الآيلة بالسقوط، زيارة الجريدة التي اقتحمت سكنيات منها ما يمكن وصفها بآثار دمار ومنها ما تعيش تحت وطأة الانهيار كلما أراد لها القدر ذلك...ما لايقل عن 20دارا..حسب رئيس الجمعية المحدثة أخيرا(جمعية النهوض الشامل بالدوار والنواحي) محمد رضوان أن الأمر أصبح يتطلب اليقظة والعمل على تفادي الكوارث وأن ابرز ملف تستهدفه الجمعية في مباشرة تواصلها مع الجهات المسؤولة سواء في الجماعة القروية أو في العمالة هو إيلاء الاهتمام بهذه الوضعية المثيرة والمقلقة...قبل استفحال الوضع وفرض اختناق اجتماعي...دور آيلة بالسقوط سبق وان أحصيت وتمت إعادة إحصائها دون جدوى رغم أن بعضها يشكل خطورة كبيرة على قاطنيها ..نأمل إن تنتبه إليها بالجدية عيون اليقظة في كل اختصاص ومجال لتفعيل التنمية الشاملة واستحضار الخطاب الملكي الأخير حول التنمية الغير المادية التي تستهدف بالأساس البشر(تعليم، صحة..)، والطبيعة(موارد غابوية، السياحة، الثقافة ...)، ...
لم يخف شبان بالدوار معاناتهم مع البطالة والمحن اليومية من أجل العيش الكريم بل حكوا بمرارة ظروف الإقصاء والتهميش والحيف الذي يطال الدوار لا يزال يفتقر إلى مقومات العيش الكريم من طرق معبدة و مركز صحي ، وأن بعض الدواوير المجاروة (كدوار آيت قسو و حدو) لم تشملها الاستفاذة من المبادرة الوطنية للتنمية والبشرية ومحاربة الهشاشة الاجتماعية من فقر وأمية ومايرافقها من ضعف في البنيات التحتية والتي من شأنها تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
 نداءات وصرخات يبدو أن لا آذان تسمعها ، محليا أو إقليميا، "راحنا عايشين عيشة الدبانة فالبطانة" يقول أحدد الشباب والذي فضل إنهاء كلامه بالجملة الشهيرة "ما خفي كان أعظم".
ودعتنا ساكنة الدوار بكثير من السرور..ولسان حالها يقول"آهل الحال يا آهل الحال..إمتى يصفى الحال؟"... ونحن نختزل السؤال في أعماق أنفسنا عن واقع المغرب العميق وما يتوغل فيه من عيش لمثل هؤلاء البشر، أناس بسطاء لا يرون من الحياة سوى ضرورياتها وعلاقات المودة فيما بينهم التي تُسهل عملية بقائهم قيد الحياة..
وليبقى الموقف يفرض معه طرح الكثير من علامات الاستفهام خصوصا عندما يفرض الواقع أن "الحكرة" مازالت تتسلل جذورها في أعماق العالم القروي الذي يعيش التهميش ليعلن بالواضح عن المرادف لزمان التبهذيل والتكرفيس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق