الاثنين، 23 يوليو 2018

سلمات... سلمات... يا حبايبي يا غاليين!!! "-هكذا سأبقى أعيش كالنهر عملاقا-"

سلمات... سلمات... يا حبايبي يا غاليين!!!
-"هكذا سأبقى أعيش كالنهر عملاقا-"

*/*مدونة"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/*
أتقدم في بداية هذه التدوينة الخاصة بالشكر والامتنان مفعمة بكثير من الاحترام والتقدير لكل الأهل والأحباب والصديقات والأصدقاء والمعارف الذين عبروا عن تهانيهم بمناسبة عيد ميلادي ال63... لطف كبير منكم ما جاء من تعابير التقدير والاحترام كلها زادت من معزتي لكم اتساعا في قلبي... بارك الله حياتكم واسعد عيشكم ووفقكم المولى عز وجل في كل مساراتكم الحياتية في كل اتجاهاتها.
أيتها العزيزات وأيها الأعزاء، الحياة كفاح... وعلاقات وإنسانية.. لكن فقدان الأمان، في الأقرباء كما في الأوطان، هو أفظع إحساس يمكن أن تعيش به، وتعتقد أنك شخص متوازن.
فكما قال دوستويفسكي: "انعزل قدر ما تشاء لتصبح أقوى، مهما رأيت من الوحدة جحيماً لا يطاق هي أفضل بكثير من الأقنعة المتعددة للبشر"... إلا أني بعد تفكير وتمحيص توصلت إلى انه كلما زادت طعنات الزمن لي كلما تحدى عمري النزيف.
الحياة كفاح ولاشيء فيها مستحيل.. فهي كالكعك الذي لا تفوح رائحته الزكية إلا حين تمسها حرارة الفرن!؟.. كذلك في حياتنا، أحلامنا لن تنضج ما لم تمسها قسوة التجارب.. 
وهنا كان لزاما أن أقف بكل ثبات على تجارب هذه الحياة وعلى المميز فيها لأواصل السير.. فالإنسان محظوظ إن تمسك بالقوة والعزيمة والإرادة لمواجهة متاعب الحياة التي مهما تعاظمت تبقى صغيرة..
إن معظم الناس لا يعرف معظم الناس!.. فالمأساة والصمت وجهان لعملة واحدة.. وعندما يكون يوم الإنسان متحفا بخيبات الأمل مغلقا بصدمات خارجة عن سيطرته لدرجة أنها تلجم لسانه، حينها يجد نفسه غارقا في بحر متسائلا: "لماذا يحصل كل هذا معي؟".. خصوصا عندما يشعر أن ملاكه الحارس غاب عنه للحظة أو لفترة ما... وقد لكمته الحياة!.. فيكون لزاما عليه أن يقف باعتدال ويتذكر أنه في نادي! في غفوة سياسة إلغاء!.. سيما عندما يشعر أن العالم من حوله يتدهور ويتحول إلى حطام.. عليه أن يتذكر أنه سينجو، وأنه عليه إعادة بناء حياته من الحطام الذي حوله... وليدرك أنه على مقعد الحياة، وليكف عن النظر إلى ما حوله من ركام؟.. وليمعن النظر في الكأس أمامه... لا يهم إن كانت الكأس ممتلأة أو نصف فارغة!؟.. فليشربها ولينسى التذمر.. أكيد سيعود قلبه للنبض وتستمر معه الحياة... فعلى تلك الكأس كل شيء منقوش... ومع كل نبضة وارتجاف وخفقان سيدرك أنه على مقعد الحياة..
الحياة كفاح، وليس الكل يشقى بمثل ما يشقاه الكل.. الحياة كفاح من أجمل المعاني التي استلهمتها من واقع الحياة: "إذا تحطمت جميع آمالك فلتولد من جديد!"... فلا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة.. البدء دوما من جديد...إن الحياة أكبر معلم.. وشهادتها النهائية لا ينالها أحد.. دروسها مستمرة.. متجددة.. وبدون عدد.. والعمر محدود.. والسنون معدودة.. العمر قصير، والمطامح طويلة، وصاحب التمييز هو الذي لا يُصْدَم من فشل أصابه... أو أن يرى صاحب الاعتقاد بأن الأمور سهلة، والطرق معبدة وربما مفروشة بالفل والورد والياسمين، عليه أن يدرك أن الحقيقة غير ذلك، إذ إن الأمور أحيانا تكون صعبة، ومع ذلك حلاوتها في صعوبتها، لأن الطرق رغم مشاقها يبقى جمالها في مشقتها! ولو كانت ملغومة بالعقارب والثعابين من المنافسين غير الشرفاء.. وهم كثيرون في الحياة.. ولكنهم عادة يتهاوون بسرعة.. أما الذي لا يتقن المثابرة فإنه يتهاوى أمام المنافسة الشريفة قبل المنافسة غير الشريفة.
فكلما زادت طعنات الزمن لي كلما تحدى عمري النزيف.. إن الاعتقاد السائد لدى الغالبية منا أن الصدمة العاطفية هي تلك الناتجة عن فشل في علاقة ود بين طرفين ظنا صاحبيها أو أحدهما بأنهما مانعتهما قوة علاقتهما من الوصول للنهاية المؤلمة.. لكن تبين بعد ذلك أنها علاقة أوهن من بيت العنكبوت فكانت الصدمة.. ومع قناعتي بأن التأثير صغر أم كبر لابد واقع وهو نتيجة طبيعية للصدمة العاطفية أو النفسية!؟.. سمها ما شئت أن تسميها!؟.. إلا أنه لابد للمرء أن لا يسمح المرء لنفسه بأن يكون التأثير كبيرا وأن يوطن نفسه بأن يتوقع كل شيء في هذه الحياة، فكما يقال: "لا تثق كثيرا في الأشياء والأشخاص فحتى ظلك يتخلى عنك في الظلمة"!؟.. وبالرغم من سوداوية ذلك القول، وشخصيا لست معه على الإطلاق إلا أن البشر لابد أن يضعوه نصب أعينهم من باب الاحتياط حتى لا يكون تأثير الصدمة العاطفية مهلكا متعبا لهم.. أحمي ظهري من طعنات غدر الأعزاء وأترك صدري يتنفس الحياة، فلم يعد باستطاعتهم وضع عينيهم صوب عيناي مجدداً.. 
أنا صديق النهر والفقراء والمبدعين والمتعلمين والمعلمين والنهر بالنسبة لي، يعني نفسي، وجهي، صوتي، ويعني جذري الأول، والمصبات الفاتنة التي أرنو إليها كي أصل مدن الجمال.
في الأسطورة اليونانية، وفي إحدى معجزات -هرقل- يواجه أحد التيتان من العمالقة، وكلما صرعه -هرقل- وألقاه أرضاً، استمد العملاق قوة إضافية من الأرض.. أنا أشبه ذلك العملاق، ولكني أستمد قوتي من النهر ملاذي وجسر الخلاص، وهو يشكل حالة حضور باذخ في كتاباتي.. وقد انتبه أكثر من ناقم وناقد إلى أن أغلب قصصي وكتاباتي وتدويناتي وتفريداتي سواء الخاصة أو العامة المرتبطة بالقضايا والأحداث وما يلزمها من مواقف، تستحضر النهر بأشكال عدة ورموز كثيرة.
فقبل أيام، عشت تجربة روحية ونفسية مركبة وشائكة نتيجة خيانة من افترضت أنهم أصدقاء، ولم أجد ملاذاً أكبر من النهر ليمتص همومي.. فأنا كلما هطل الثلج الأسود على روحي وغمر قلبي، ألوذ إلى النهر لأسترد روحي من جديد.. أحس أنني أعرف طقوس النهر.. ومنذ طفولتي كنت سباحاً ومغامرا ماهراً أمتلك طاقة خاصة من حيث علاقتي بالنهر، كنت أسبح وأتيه مع بناة أفكاري، وفي طاحونات وعلى مدى أزمنة شهور شتنبر ودجنبر ومارس، وأغسطس، بطقوسها القارسة والحارقة... وأصدقائي وهم أحياء، يعرفون ذلك، فقد كنا منذ سنوات مضت، نسبح من منطقة رغم صعوبة تضاريسها وأشكالها البيولوجية أو الايكولوجية إلى الجسر الثابت، من دون أن نأخذ معنا أية عدة مساعدة في السباحة.. فعلاقتي مع النهر روحية فكلما دهم السخام روحي، وكلما نث الرماد على أعماقي، أنفض روحي وأسترد ذلك القميص الأبيض الجميل الذي هو نفسي، لكي أطأ وأسحق الغدر والخيانة والتواطؤ وكل النذالات والتفاهات والسخافات التي تورثني القلق، وربما يصل الأمر أن أجدني وقد أرتفع ضغط دمي..
إن النهر يقدم لي، ينابيع الفتنة، وينابيع الدهشة والإبداع... وبدوري أحسن العلاقة مع النهر، ولعلي أدرك بحدسي الداخلي وبنوع من الاستبطان، زمن فيضان النهر، وأعرف طقوسه ومتى يتغير وينقلب لونه، وأين يرق ويصفو، وأين يتعكر مزاجه.. وأعرف أين أجد عمقه.. وأعرف أين أجده غير عميق.. إنها حياة كاملة عشتها مع النهر ومع طقوس صيد الأسماك وصيادي الحجل، وعالم -الجمّاسة- وغير ذلك من متممات العلاقة مع النهر، فالنهر صديقي الأول والأخير، وهو وجهي، والقراء يذكرون أن مجموعة كتابات لي قد حملت عنوان، ذلك النهر الغريب.. عشت طويلاً قرب النهر، من تغير الإنسان أم النهر؟ النهر لا يتغير!؟.. لا يكف عن الجريان، إنه كائن يعدو بلا قدمين.. البيئة تتغير، المكان يتغير، وديان النهر ومساراته تتغير... أما النهر فلا يتغير، إنه يعلمنا الحكمة والدهشة والجنون، ويدعونا لمحاصرة جنيات الماء والرقص مع سحر الأعماق..
فلقد تساءل واستغرب البعض مع طول مساري الإعلامي قائلا: "أنت تحول كل أزمة تلازم الوضع إلى إبداع، فكيف يتم تعاملك مع الأزمات؟
سؤال ذكي ودقيق، فأنا بالتأكيد، أحول كل أزمة إلى إبداع ولا أريد للأزمة أن تأخذني إلى الهاوية أو الاستسلام، وأنا مؤمن بمقولة إرنست همنغواي: "من الممكن تحطيم الإنسان، ولكن ليس من الممكن هزمه،!.. فمن الممكن أن يخسر الإنسان معركة، ولكن لا ينبغي له أن ينهزم، وليفكر بمعارك أخرى قادمة".. الأزمات تثير وتذكي جذوة الإبداع في زهرة قلبي وتجعلني أشتعل بالخلق والمعرفة، وأنكفئ على عالمي الداخلي وأستبطن أعماقي لكي أصنع وأولد الكتابة والنتاج الذي يتجاوز الأزمة.
لقد أصبت بصدمات قاومتها كي أحول تجربتي معها إلى إبداع، لا بل أردت أن أسجن كسر القلم في قفص، صادقت القلم وآخيته وأصبح أليفاً بالنسبة لي، إن لم أقل تركت التكسار وراء ظهري..
كان بعض المتتبعين والمتزلقين خاصة منذ حملي القلم الإعلامي يتوقعون أن أرحل عن عالم الكتابة خلال أشهر، ولكن والله عظيم الحمد، مضت  بقليل مافوق30سنة، وبقيت أقاتل الأزمات وأقارعها. الحروب والصدمات والاضطهادات قرضت عمري، وتجارب الغدر والدسائس من الصغار وناكري الجميل، ومن المخنثين الذين استفزوا المارد في داخلي، هي الأخرى أثرت على تجربتي الإبداعية والمعرفية.
ومع كل هذا اللا منتهي..هناك ختم للكلام:
"لـــــقــد كــــتـــبـــت كــــــــل مـــــــا أريــــد".()... وســـــــــــــــــــــــــــــــــلام يا من كنت صاحبـــــــــــي./.
لكل غاية مفيدة:
"من فضلك لا تخبرني عمن يكرهني أو يتكلم عني.. اتركني أضحك وأضحك مع الجميع وأشعر أن الجميع يحبني، ولنترك القيل والقال".. فرسول الأمة يقول: "لا تنقلوا لي شيئا عن أصحابي، فإنني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق