«الاعتراف بالإخفاق فضيلة »
يا ربابنة سفينة كرة القدم الوطنية!
عرى الواقع حسابيا و رقميا أن كرة القدم المغربية تعيش كارثة لا تحسد عليها لعدة أسباب لا يمكن حصرها مع توالي الصدمات الصاعقة..ألفنا معها تواري المسؤولين عن الأنظار ...و في أحسن الأحوال ظهورهم بخرجات بلاغية تكذب على الذقون المغربية ...جعلت الحديث عن مستقبل الفريق الوطني وعلاقته بواقع كرة القدم الوطنية...
مرة اخرى و مباشرة بعد مهزلة نتيجة البياض امام منتخب مغمر منتخب افريقيا الوسطى ، كشف النقاب عن حقيقة و واقع كرتتنا الوطنية ليتضح ضرورة العودة لخيار الصفر، مادامت التجربة علمتنا أن الحلول الترقيعية لم ولن تكون في يوم من الأيام مدخلا صحيحا لمعالجة الأزمة. فمنذ مجيء السيد علي الفاسي الفهري بفريقه وتركيبته الرباعية، تمنينا له كامل التوفيق، وانتظرنا على غرار باقي المغاربة مجريات الأحداث على أمل تحقيق المعجزة، مع أن الرهانات وتنوعت الروايات والسيناريوهات، وكثرت التصريحات التحفيزية، والجميع كان على يقين أن هزيمة الغابون كانت مؤشرا حاسما على الإقصاء... . لكن الحقيقة كما هى بدون رتوش ولا تأويلات، كانت في ليلة رمضانية من السبت الاخير بالمركب الرياضي مولاي عبدالله بالرباط تفرج عليها العادي و البادي على شاشة التلفزيون و وقف على تواضع مخجل، أداء باهت، تراخي، ارتباك، وطاقم تقني لم يعرف ما يقدم وما يؤخر، واسلوب كروي غير مبرر ..
مسيرة كرتنا الوطنية التي اصبحت حبلى بكل أنواع التضليل والتجهيل، وصل إليها البعض عن طريق غير طريق الكفاءة والدراية والنزاهة ، لتعري على نوعية "وزيعة " المناصب والصفقات والمقاعد التي تفشت في أوساط المشرفين على الشأن الكروي- و اضف الى ذلك ايضا لجسم الإعلامي - فما بالك يا مسكين بما يجري في ميادين أخرى أكثر ارتباط بهموم الشعب ... فما يجري في ميدان الرياضة، ينطبق على الميادين الأخرى ولا ينظر إلى قطاع الرياضة باعتباره قطاع نشاط ينعزل عن باقي الأنشطة الأخرى.
والآن بعدما وقعت الفأس في الرأس، نقول للمسؤولين كفى من التشبث بالوهم، والاستمرار في ممارسة التغليط، فكرة القدم المغربية مريضة والنزيف مستمر، والحل يكمن في مسألة واحدة لا ثاني ولا ثالث لها، لنكن واقعيين مع انفسنا و ذواتنا وما ننتظره من تاهيل لكأس إفريقيا ، بما يحمله هذا الخيار من مرارة وحزن، لنتفق على أن الضرورة تفرض علينا الجلوس على الأرض والاعتراف بالإخفاق، ولنقر بأن الركب تجاوزنا بكثير، ولنبدأ من الصفر نعم الصفر ، فليس هناك من المكونات الحالية لكرة القدم الوطنية ما يدفع للتفاؤل أندية ضعيفة ومتجاوزة، عربيا، جهويا وإفريقيا، دون الحديث عن التصنيف الدولي، لاعبون عبارة عن عرائس من قصب سواء بالنخبة الوطنية او بالبطولة المحلية ، فئات صغرى غير موجودة، مسيرون متهافتون على المصالح ،قوانين متجاوزة، تكوين ضعيف، بيع وشراء وسمسرة، ملاعب بوضعية مزرية، أخطاء تحكيم قاتلة، عصب شكلية، جامعة ضعيفة، تمثيلية منعدمة داخل الهيئات العربية والقارية والدولية...
الواقع الاليم الذي تعيش عليه كرتنا الوطنية ليس بطريق مسدود اذا ما توفرت العزيمة و الارادة لدى كل مسؤول في هذا الوطن ، واقع في حاجة إلى من يدفع به الى طريق النجاح وبلوغ الانجاز الإنجاز ورسم معالم العملية السليمة ، ليس على مستوى مهندسي الجامعة الكروية بالمغرب واجهزتها المتفرعة عنها وحسب، بل على مستوى الدولة ككل ، ولكن النجاح المرغوب فيه حلم صعب المنال، لأن جامعتنا جُبِلت على المحاولة والخطأ والإخفاق الاليم ، والإخفاق ليس رذيلة -كما يعتقد الكثيرون- ما لم يكن المحطة الأخيرة في ارض الواقع -، بل يصبح الإخفاق فضيلة حين يكون دافعًا للنجاح، وسلمًا للصعود والنهوض والدفع باتجاه الأفضل وتحقيق الأهداف. وهناك مرجعيات في شان تفسير الإخفاق ، مرجعيات تقف على معاني الاخفاق في أبسط دلالاته ، يعني الإخفاق في تحقيق أو إنجاز أهداف محددة مسبقًا، وهو يصيب الإنسان في حياته أو عمله أو دراسته أو في إدارته، ودائمًا ما يثير الإخفاق لدى الناس الخوف والإحباط نظرًا لارتباطه بالعقاب الذي يتدرج من التوبيخ والازدراء إلى العقوبات الماديّة والمعنويّة (الخصم أو الضرب أو الفصل .. الخ) من جانب الآخرين، لكن الخوف من الإخفاق والشعور الدائم بالذنب والتخلي عن مهارة المحاولة والخطأ هو الإخفاق بعينه..بطبيعة الحال لا نستطيع أن نتجنب الإخفاق تمامًا، ولكن عندما نعلم أسباب الإخفاق عندئذ يمكننا علاج تلك الأسباب، وتحويل هذا الإخفاق إلى نجاح، وقد حدّد علماء النفس وخبراء الإدارة أسبابًا كثيرة للإخفاق منها: ما يتعلق بالفرد نفسه من ضعف الهمة وقلة الخبرة، وتعجُّل النتائج والتسرع بالإضافة إلى نقص القدرات والنمطية والخوف المرضي من الإخفاق وعدم الثقة بالنفس؛ إذ يقع الإخفاق بلا شك حين يحدّث المرء نفسه بأن قدراته ووقته وخبرته لن تمكنه من النجاح؛ فيقول الإنسان: (لن أستطيع أن أفعل .. سوف يعوقني أمر ما.. لن يسمح الوقت لي .. إذا أخفقت فعلي ان اتحمل وخيمة الاخفاق .....الخ..من أسباب الإخفاق كذلك ما يتعلق بالأهداف ذاتها؛ كأن تكون الأهداف مثلاً مشوشة وغير محددة، أو تكون غير واقعية كأن تضع إدارة مؤسسة ما هدفًا لإنجاز مشروع ما خلال (6) أشهر في حين أن الوقت اللازم لإنجاز هذا المشروع (10) أشهر مثلاً، كذلك يقع الإخفاق عندما تكون الأهداف روتينية لا ترتبط بالإثابة والتحفيز. ومن أسباب الإخفاق ما يرتبط بالجماعات وبالقائمين على الإدارة أنفسهم، وهنا يبرز أحد أهم أسباب الإخفاق وهو النزاع وكثرة الخلافات، وهنا يحذرنا ديننا الحنيف من النزاع الذي يؤدي للإخفاق (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم .. ) [الأنفال: 46]. كما تخفق الإدارة عندما تتعدّد وتتضارب الأوامر والتوجيهات الصادرة للأفراد أو عند تعدّد القيادات للعمل الواحد، وتخفق الإدارة حين ينقصها المنهج والتخطيط العلميان، وحين تسند الأمور إلى غير أهلها.للنجاح طريق واحد، وللإخفاق أبواب عدة، فمن السهل أن نجد ذرائع كثيرة نرجع إليها الإخفاق، لكن من الصعب حقًا هو أن نفسر لماذا ننجح؟!.. فهل ننجح عندما نضع أهدافاً واضحة ومحددة، ونسلك درب الاجتهاد والجد والمثابرة للوصول لهذه الأهداف عبر خطط علمية مدروسة؟ أم النجاح رهن بالإدارة الجيدة؟ أم أن النجاح منهج شامل يأتي محصلة لأسباب كثيرة؟ وهذا هو الفارق بين النجاح والإخفاق.. فحين تسأل شخصًا لماذا أخفقت؟ لا تعييه الإجابة (لم أذاكر.. لا أعرف .. نسيت أن أفعل.. لم يحالفني الحظ .. أخطأت التقدير......الخ) ولكن المنهج السليم لتحويل الإخفاق إلى نجاح يأتي بالمحاسبة والمراجعة لجوانب التقصير وتلافيها، وما يمكن أن نسميه "المنهج التحويلي" أي تحويل الإخفاق إلى نجاح، والذي يستلزم بدوره عدداً من المهارات لإحداث هذا التحويل لعل أبرزها الثقة بالنفس، والمعرفة الجيدة بالقدرات والسّمات الشخصية أي أن يعرف المرء ماذا يميزه عن الآخرين، فليس الأذكياء والعباقرة فقط هم من يصنعون النجاح، ولكن كل منها عبقريّ في إطار ما يملك من مقوّمات للإنجاز وقدرات خلاّقة، ومن مهارات المنهج التحويلي أيضًا التعلّم من خبرات الآخرين والقراءة الجيدة لتجارب الناجحين،، وفيما يتعلّق بالعمل الجماعي فتحويل الإخفاق لنجاح يتطلب التوزيع الجيد للأدوار، والمراجعة المستمرة للخطط التي تضعها الإدارة، وإعادة رسم الأهداف، وترك مساحة للأفراد من المحاولة للخطأ، بحيث تبرز مهارات الإبداع والابتكار، وتكون الإدارة قادرة على نزع الخوف من الإخفاق من نفوس العمال أو الموظفين، والإدارة تستطيع أن تصنع من إخفاق أحد عناصرها نجاحًا عندما لا تقتصر الإثابة والتحفيز على من ينفذون أعمالهم بشكل آلي روتيني خال من الإبداع، بل عليها أيضًا إثابة من يمكنهم التحوّل من الإخفاق إلى النجاح وتجاوز الإخفاق.إن تجاوز الإخفاق عبر جسر النجاح يصنعه أصحاب الإرادة القوية، وهم من نصفهم بـ "صُنّاع النجاح" فإذا كان الإخفاق يمثل خطوة إلى الوراء؛ فإن تحويل الإخفاق إلى نجاح يمثل خطوات للأمام تدفع صاحبها لمزيد من الإنجاز. ولعل ما يستدعي منا النظرة العميقة والتحليل أن غالبية النجاحات العظيمة تنطلق من حالة من الإخفاق...دافعية النجاح هي أهم سلاح لمواجهة الإخفاق، فعلى الأفراد أن ينمو داخلهم دافع النجاح والتفاؤل، ويدعّموه بمزيد من العمل والاجتهاد والتخطيط والمثابرة، وكذلك على الإدارة في مختلف المؤسسات أن تدعم داخل موظفيها أو عمالها دافع النجاح، والإدارة الناجحة تصنع من الإخفاق نجاحًا بتغيير إستراتيجياتها وسياساتها، وبداية التخلص من الإخفاق هو الاعتراف به كعثرة في طريق النجاح، ومن ثم دراسة أسبابه ومعالجتها وليس الهروب أو الاستسلام للإخفاق. وعلينا أن نعي جيدًا أن جميعنا قد يخفق في شيء ما، أو في مرحلة من مراحل حياته، ولكن يمكننا أن نتعلم من هذا الإخفاق ونتعامل معه، وأن نعتبر الإخفاق حلقة في سلسلة النجاح، وكما تقول الحكمة: "راحت السكرة وجاءت الفكرة"، فعلينا أن نخرج من سكرة الإخفاق و الإحباط إلى الفكرة التي تصنع النجاح، وإذا استطعت أن تجيب عن السؤال: لماذا أخفقت؟ فستكون الإجابة أكثر يسراً عندما تسأل: كيف أنجح؟...النجاح في أنفسنا و لكننا نحتاج إلى تحريكه،حتى لانستسلم للفشل.
إنها الحقيقة كما هي، و هي ترتبط بواقع كرتنا الوطنية ، واقع معالجته تتطلب الكثير من الجرأة والتجرد والتفكير في المستقبل بعيدا عن الحسابات الخاصة والمصالح الضيقة والحلول الترقيعية والتشبث بالأوهام وأحلام اليقظة... و كفى من التغليط ،فالاعتراف بالإخفاق فضيلة يا سادتنا في قيادة سفينة كرة القدم الوطنية! إنها الحقيقة كما هى بدون رتوش ولا تأويلات و كفى " الكوايرية" المغاربة ممارسين و تقنيين و جمهورا شر الفتنة...
يا ربابنة سفينة كرة القدم الوطنية!
عرى الواقع حسابيا و رقميا أن كرة القدم المغربية تعيش كارثة لا تحسد عليها لعدة أسباب لا يمكن حصرها مع توالي الصدمات الصاعقة..ألفنا معها تواري المسؤولين عن الأنظار ...و في أحسن الأحوال ظهورهم بخرجات بلاغية تكذب على الذقون المغربية ...جعلت الحديث عن مستقبل الفريق الوطني وعلاقته بواقع كرة القدم الوطنية...
مرة اخرى و مباشرة بعد مهزلة نتيجة البياض امام منتخب مغمر منتخب افريقيا الوسطى ، كشف النقاب عن حقيقة و واقع كرتتنا الوطنية ليتضح ضرورة العودة لخيار الصفر، مادامت التجربة علمتنا أن الحلول الترقيعية لم ولن تكون في يوم من الأيام مدخلا صحيحا لمعالجة الأزمة. فمنذ مجيء السيد علي الفاسي الفهري بفريقه وتركيبته الرباعية، تمنينا له كامل التوفيق، وانتظرنا على غرار باقي المغاربة مجريات الأحداث على أمل تحقيق المعجزة، مع أن الرهانات وتنوعت الروايات والسيناريوهات، وكثرت التصريحات التحفيزية، والجميع كان على يقين أن هزيمة الغابون كانت مؤشرا حاسما على الإقصاء... . لكن الحقيقة كما هى بدون رتوش ولا تأويلات، كانت في ليلة رمضانية من السبت الاخير بالمركب الرياضي مولاي عبدالله بالرباط تفرج عليها العادي و البادي على شاشة التلفزيون و وقف على تواضع مخجل، أداء باهت، تراخي، ارتباك، وطاقم تقني لم يعرف ما يقدم وما يؤخر، واسلوب كروي غير مبرر ..
مسيرة كرتنا الوطنية التي اصبحت حبلى بكل أنواع التضليل والتجهيل، وصل إليها البعض عن طريق غير طريق الكفاءة والدراية والنزاهة ، لتعري على نوعية "وزيعة " المناصب والصفقات والمقاعد التي تفشت في أوساط المشرفين على الشأن الكروي- و اضف الى ذلك ايضا لجسم الإعلامي - فما بالك يا مسكين بما يجري في ميادين أخرى أكثر ارتباط بهموم الشعب ... فما يجري في ميدان الرياضة، ينطبق على الميادين الأخرى ولا ينظر إلى قطاع الرياضة باعتباره قطاع نشاط ينعزل عن باقي الأنشطة الأخرى.
والآن بعدما وقعت الفأس في الرأس، نقول للمسؤولين كفى من التشبث بالوهم، والاستمرار في ممارسة التغليط، فكرة القدم المغربية مريضة والنزيف مستمر، والحل يكمن في مسألة واحدة لا ثاني ولا ثالث لها، لنكن واقعيين مع انفسنا و ذواتنا وما ننتظره من تاهيل لكأس إفريقيا ، بما يحمله هذا الخيار من مرارة وحزن، لنتفق على أن الضرورة تفرض علينا الجلوس على الأرض والاعتراف بالإخفاق، ولنقر بأن الركب تجاوزنا بكثير، ولنبدأ من الصفر نعم الصفر ، فليس هناك من المكونات الحالية لكرة القدم الوطنية ما يدفع للتفاؤل أندية ضعيفة ومتجاوزة، عربيا، جهويا وإفريقيا، دون الحديث عن التصنيف الدولي، لاعبون عبارة عن عرائس من قصب سواء بالنخبة الوطنية او بالبطولة المحلية ، فئات صغرى غير موجودة، مسيرون متهافتون على المصالح ،قوانين متجاوزة، تكوين ضعيف، بيع وشراء وسمسرة، ملاعب بوضعية مزرية، أخطاء تحكيم قاتلة، عصب شكلية، جامعة ضعيفة، تمثيلية منعدمة داخل الهيئات العربية والقارية والدولية...
الواقع الاليم الذي تعيش عليه كرتنا الوطنية ليس بطريق مسدود اذا ما توفرت العزيمة و الارادة لدى كل مسؤول في هذا الوطن ، واقع في حاجة إلى من يدفع به الى طريق النجاح وبلوغ الانجاز الإنجاز ورسم معالم العملية السليمة ، ليس على مستوى مهندسي الجامعة الكروية بالمغرب واجهزتها المتفرعة عنها وحسب، بل على مستوى الدولة ككل ، ولكن النجاح المرغوب فيه حلم صعب المنال، لأن جامعتنا جُبِلت على المحاولة والخطأ والإخفاق الاليم ، والإخفاق ليس رذيلة -كما يعتقد الكثيرون- ما لم يكن المحطة الأخيرة في ارض الواقع -، بل يصبح الإخفاق فضيلة حين يكون دافعًا للنجاح، وسلمًا للصعود والنهوض والدفع باتجاه الأفضل وتحقيق الأهداف. وهناك مرجعيات في شان تفسير الإخفاق ، مرجعيات تقف على معاني الاخفاق في أبسط دلالاته ، يعني الإخفاق في تحقيق أو إنجاز أهداف محددة مسبقًا، وهو يصيب الإنسان في حياته أو عمله أو دراسته أو في إدارته، ودائمًا ما يثير الإخفاق لدى الناس الخوف والإحباط نظرًا لارتباطه بالعقاب الذي يتدرج من التوبيخ والازدراء إلى العقوبات الماديّة والمعنويّة (الخصم أو الضرب أو الفصل .. الخ) من جانب الآخرين، لكن الخوف من الإخفاق والشعور الدائم بالذنب والتخلي عن مهارة المحاولة والخطأ هو الإخفاق بعينه..بطبيعة الحال لا نستطيع أن نتجنب الإخفاق تمامًا، ولكن عندما نعلم أسباب الإخفاق عندئذ يمكننا علاج تلك الأسباب، وتحويل هذا الإخفاق إلى نجاح، وقد حدّد علماء النفس وخبراء الإدارة أسبابًا كثيرة للإخفاق منها: ما يتعلق بالفرد نفسه من ضعف الهمة وقلة الخبرة، وتعجُّل النتائج والتسرع بالإضافة إلى نقص القدرات والنمطية والخوف المرضي من الإخفاق وعدم الثقة بالنفس؛ إذ يقع الإخفاق بلا شك حين يحدّث المرء نفسه بأن قدراته ووقته وخبرته لن تمكنه من النجاح؛ فيقول الإنسان: (لن أستطيع أن أفعل .. سوف يعوقني أمر ما.. لن يسمح الوقت لي .. إذا أخفقت فعلي ان اتحمل وخيمة الاخفاق .....الخ..من أسباب الإخفاق كذلك ما يتعلق بالأهداف ذاتها؛ كأن تكون الأهداف مثلاً مشوشة وغير محددة، أو تكون غير واقعية كأن تضع إدارة مؤسسة ما هدفًا لإنجاز مشروع ما خلال (6) أشهر في حين أن الوقت اللازم لإنجاز هذا المشروع (10) أشهر مثلاً، كذلك يقع الإخفاق عندما تكون الأهداف روتينية لا ترتبط بالإثابة والتحفيز. ومن أسباب الإخفاق ما يرتبط بالجماعات وبالقائمين على الإدارة أنفسهم، وهنا يبرز أحد أهم أسباب الإخفاق وهو النزاع وكثرة الخلافات، وهنا يحذرنا ديننا الحنيف من النزاع الذي يؤدي للإخفاق (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم .. ) [الأنفال: 46]. كما تخفق الإدارة عندما تتعدّد وتتضارب الأوامر والتوجيهات الصادرة للأفراد أو عند تعدّد القيادات للعمل الواحد، وتخفق الإدارة حين ينقصها المنهج والتخطيط العلميان، وحين تسند الأمور إلى غير أهلها.للنجاح طريق واحد، وللإخفاق أبواب عدة، فمن السهل أن نجد ذرائع كثيرة نرجع إليها الإخفاق، لكن من الصعب حقًا هو أن نفسر لماذا ننجح؟!.. فهل ننجح عندما نضع أهدافاً واضحة ومحددة، ونسلك درب الاجتهاد والجد والمثابرة للوصول لهذه الأهداف عبر خطط علمية مدروسة؟ أم النجاح رهن بالإدارة الجيدة؟ أم أن النجاح منهج شامل يأتي محصلة لأسباب كثيرة؟ وهذا هو الفارق بين النجاح والإخفاق.. فحين تسأل شخصًا لماذا أخفقت؟ لا تعييه الإجابة (لم أذاكر.. لا أعرف .. نسيت أن أفعل.. لم يحالفني الحظ .. أخطأت التقدير......الخ) ولكن المنهج السليم لتحويل الإخفاق إلى نجاح يأتي بالمحاسبة والمراجعة لجوانب التقصير وتلافيها، وما يمكن أن نسميه "المنهج التحويلي" أي تحويل الإخفاق إلى نجاح، والذي يستلزم بدوره عدداً من المهارات لإحداث هذا التحويل لعل أبرزها الثقة بالنفس، والمعرفة الجيدة بالقدرات والسّمات الشخصية أي أن يعرف المرء ماذا يميزه عن الآخرين، فليس الأذكياء والعباقرة فقط هم من يصنعون النجاح، ولكن كل منها عبقريّ في إطار ما يملك من مقوّمات للإنجاز وقدرات خلاّقة، ومن مهارات المنهج التحويلي أيضًا التعلّم من خبرات الآخرين والقراءة الجيدة لتجارب الناجحين،، وفيما يتعلّق بالعمل الجماعي فتحويل الإخفاق لنجاح يتطلب التوزيع الجيد للأدوار، والمراجعة المستمرة للخطط التي تضعها الإدارة، وإعادة رسم الأهداف، وترك مساحة للأفراد من المحاولة للخطأ، بحيث تبرز مهارات الإبداع والابتكار، وتكون الإدارة قادرة على نزع الخوف من الإخفاق من نفوس العمال أو الموظفين، والإدارة تستطيع أن تصنع من إخفاق أحد عناصرها نجاحًا عندما لا تقتصر الإثابة والتحفيز على من ينفذون أعمالهم بشكل آلي روتيني خال من الإبداع، بل عليها أيضًا إثابة من يمكنهم التحوّل من الإخفاق إلى النجاح وتجاوز الإخفاق.إن تجاوز الإخفاق عبر جسر النجاح يصنعه أصحاب الإرادة القوية، وهم من نصفهم بـ "صُنّاع النجاح" فإذا كان الإخفاق يمثل خطوة إلى الوراء؛ فإن تحويل الإخفاق إلى نجاح يمثل خطوات للأمام تدفع صاحبها لمزيد من الإنجاز. ولعل ما يستدعي منا النظرة العميقة والتحليل أن غالبية النجاحات العظيمة تنطلق من حالة من الإخفاق...دافعية النجاح هي أهم سلاح لمواجهة الإخفاق، فعلى الأفراد أن ينمو داخلهم دافع النجاح والتفاؤل، ويدعّموه بمزيد من العمل والاجتهاد والتخطيط والمثابرة، وكذلك على الإدارة في مختلف المؤسسات أن تدعم داخل موظفيها أو عمالها دافع النجاح، والإدارة الناجحة تصنع من الإخفاق نجاحًا بتغيير إستراتيجياتها وسياساتها، وبداية التخلص من الإخفاق هو الاعتراف به كعثرة في طريق النجاح، ومن ثم دراسة أسبابه ومعالجتها وليس الهروب أو الاستسلام للإخفاق. وعلينا أن نعي جيدًا أن جميعنا قد يخفق في شيء ما، أو في مرحلة من مراحل حياته، ولكن يمكننا أن نتعلم من هذا الإخفاق ونتعامل معه، وأن نعتبر الإخفاق حلقة في سلسلة النجاح، وكما تقول الحكمة: "راحت السكرة وجاءت الفكرة"، فعلينا أن نخرج من سكرة الإخفاق و الإحباط إلى الفكرة التي تصنع النجاح، وإذا استطعت أن تجيب عن السؤال: لماذا أخفقت؟ فستكون الإجابة أكثر يسراً عندما تسأل: كيف أنجح؟...النجاح في أنفسنا و لكننا نحتاج إلى تحريكه،حتى لانستسلم للفشل.
إنها الحقيقة كما هي، و هي ترتبط بواقع كرتنا الوطنية ، واقع معالجته تتطلب الكثير من الجرأة والتجرد والتفكير في المستقبل بعيدا عن الحسابات الخاصة والمصالح الضيقة والحلول الترقيعية والتشبث بالأوهام وأحلام اليقظة... و كفى من التغليط ،فالاعتراف بالإخفاق فضيلة يا سادتنا في قيادة سفينة كرة القدم الوطنية! إنها الحقيقة كما هى بدون رتوش ولا تأويلات و كفى " الكوايرية" المغاربة ممارسين و تقنيين و جمهورا شر الفتنة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق