الخميس، 19 يناير 2012


الحدث:
بعد انتظار وحلم طويلين منذ 1976:
هل يتحقق حلم المغاربة

في معانقة كاس المونديال الإفريقي؟

محمد عبيد
باسم الله مجراه و مرساها، ينطلق هذا السبت بالأدغال الإفريقية  بكل من الغابون وغينيا الاستوائية المونديال الإفريقي و انطلقت معه  الأحاديث عن الكأس الإفريقية المنتظرة، متسائلين معها عن الفجر الجديد الذي ننتظر بزوغه للكرة المغربية وللمنتخب بشكل خاص خصوصا بعد الاستفاقة الأخيرة للكرة الوطنية على المحفل الإفريقي من خلال الأندية ومن خلال المستويات المتصاعدة التي أصبحت تقدمها المنتخبات الوطنية.
ما يجب أن نتفق عليه في البداية ، أن التأهل ل "الكان" الإفريقي ليس إنجازا يستحق أن نهلل له كثيرا كما يحاول البعض إقناعنا بذلك ، لأنها ليست المرة الأولى التي ننجح فيها في تحقيق الأمر، كما أن قيمة الكرة المغربية التاريخية لا تسمح لنا بذلك، لأن فيه كثيرا من القدح في مكانتها وفي سمعة اللاعبين القدامى من مختلف الأجيال الذين أنجبتهم هاته الأرض الطيبة والذين صنعوا أمجاد الكرة المغربية التي كان يضرب لها ألف حساب ،وفيه استهزاء بطموح الجمهور المغربي العاشق لكرة القدم ،الجمهور الذي اشتاق لرؤية منتخبه في منصات التتويج ، بالإضافة إلى  أن الاهتمام الذي أصبحت تحظى به الرياضة والمبالغ الطائلة المرصودة لها يجعلنا نرفع سقف الطموحات إلى أبعد حدوده.لكن، ولكي لا نكون قاسين كثيرا ،فإن ما جعل هاته الهالة الكبيرة تحيط بالمنتخب هو المستوى المبهر الذي أصبح يقدمه المنتخب ، فمنذ مدة بصراحة لم نشاهد هذا الأخير يلعب بهذا الأداء المتوازن الذي يحمل بين ثناياه كثيرا من الإمتاع والإقناع والانسجام الممزوج
 بخليط من العقلانية والصرامة التي أضفاها غيريتس على النخبة الوطنية الشابة ، وكذلك ذلك السبات العميق أو لنقل الموت الدماغي والشلل التام الذي عشنا فيه لسنوات وذقنا خلاله مرارة الإخفاقات والأداء الهزيل والعبثية و ظلام ليل دامس لم ينقشع دجاه إلا ببزوغ نور فجر جديد يوم الرابع من يونيو جراء مجهودات كبيرة وجراحة قيصرية طالت جسد المريض الذي تعافى شيئا فشيئا بفضل الله ، فكان بذلك من البديهي أن نشاهد فرحة أهل المريض بتعافي هذا الأخير و باستفاقته من موتته الدماغية.
لنعد للواقع الآني ، نحن على بعد أيام معدودات من الكأس الإفريقية ، الهدف الموضوع مسبقا هو بلوغ نصف النهائي ـ هدف يبدو بقدر كبير من الواقعية نظرا لما مرت به الكرة المغربية وغيابها عن لعب دور رئيسي في المسرح الإفريقي منذ مدة ، ففي ظل غياب القوى الكبرى تبدو موازين القوى تميل لمنتخبات كالكوت ديفوار والمغرب وغانا وربما تونس والسنغال ولمالا حدوث المفاجأة من بعض المنتخبات التي توصف بالصغيرة... ـ بحسب بند الأهداف بين الجامعة والوزارة والمدرب ، هذا الأخير الذي من جانبه لم يجد بدا في التأكيد غير ما مرة على  كبر طموحه في المحفل الإفريقي ، وأحييه شخصيا على ثقته العالية في نفسه وفي مجموعته وعمله عكس بعض المدربين السابقين غير المأسوف عليهم الذين لطالما أتحفونا بتصريحاتهم المحبطة منذ الوهلة الأولى تحت سقف '' الرغبة في تحقيق نتائج إيجابية '' ولا أحد يعلم ماذا يقصدون بالعبارة الأخيرة ، لكن سرعان ما اكتشفنا دائما بعد أن تطير الطيور بأرزاقها أنها تعني الخروج من الدور الأول. الشارع الرياضي بدوره و إلى جانب الإعلام كل رفع سقف الطموح لأعلى درجاته ، درجة التفاؤل كبيرة بالمنتخب ، كيف لا ، وعمالقة القارة يغيبون عن "الكان "ابتداء بالعملاق المصري ومن ثم النيجيري والكاميروني، كيف لا وجميع المحللين يجمعون على أن المنتخب المغربي يمتلك أفضل مدرب في القارة وجيلا شابا واعدا متجانسا بل ويرشحونه لحصد اللقب الإفريقي  ـ حتى أن الإعلام العربي الذي قليلا ما كان يولي للأمر أهمية يضع منتخبنا في مصاف المرشحين ـ، كيف لا وأغلبية الشباب الطموح هم في أشد الشوق لرؤية عميد المنتخب يرفع اللقب الإفريقي عاليا بعد فشل مغامرة الزاكي الناجحة في تونس ، وهم الذين لم يكونوا شاهدين على أيام الأبيض والأسود وسنوات السبعينات وجيل بابا و حمان والكأس اليتيمة التي اعتراها الغبار. ـ وهو في جميع الأحوال،الجمهور المغربي وحده من له الحق في الحكم وليس بالغباء أو الجهل الذي يمنعه من التقييم العقلاني لحصيلة المنتخب في حالة لا قدر الله لم يتم تحقيق الطموحات ـ.  لمالا والتلفزيون المغربي مشكورا، تفاؤلا منه ومسايرة منه لموجة الثقة ، ضحى بالملايير وبحقوق النقل التلفزي للبطولة والكأس لصالح القناة المحتكرة سعيا منه ليقرب التظاهرة من المواطن البسيط.
إنه الوقت الذي لم يعد فيه مجال لأي أعذار من جميع الأطراف، كل تلك الأعذار الواهية التي عفا عليها الزمن من طقس وملاعب وتحكيم لم تعد مقبولة ، فكيف يرفو جفن للاعبين القدامى لاعبي الزمن الجميل حين يسمعون مثل هذا الكلام وهم من كانوا يعودون مظفرين من الأدغال الإفريقية حينما كانت أدغالا بمعنى الكلمة ، لاشيء فيها سوى الشمس والحجر والشجر، أما الآن فرغم كل شيء فإن التطور قد عرف طريقه لهذه الدول ، وربما تكون بعض ملاعبها أحسن من خاصتنا ، أما المناخ فليكن الجميع مطمئنا لأن المناخ في هذا الوقت من السنة يكون معتدلا بالإضافة للمناخ المداري الرطب الذي تتميز به الدولتان المستضيفتان ، والجامعة من جانبها ـ ولكي لانهضم حقها ـ قامت بإعداد كل ما يلزم بداية بالمعسكر، ما يتعلق بظروف الإقامة ولم تأل جهدا في توفير كل سبل الراحة أمام الكتيبة الوطنية.
الأهم من هذا كله هو الثقة التي تحف الموكب ، الثقة من جميع الأطراف وهذا هو المطلوب بشكل لا يتناقض مع رغبتنا في الضغط كثيرا على المنتخب ، وعدم استباق الأمور والوقوع في الغرور والتعالي.
 الهدف ببساطة وبدون شك هو اللقب ،الانتظار لا يمكن أن يطول أكثر ، كأس 76 أصبحت في أمس الحاجة لمن يؤنس وحشتها ، وكل الظروف مواتية وعناصر النجاح مهيئة ولا يتبقى سوى دور العناصر الوطنية وقبل ذلك كله توفيق الله عز وجل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق