السبت، 26 أكتوبر 2013

اعتبروا يا سياسـيينا الكرام ...

قضية وموقف
اعتبروا يا سياسـيينا الكرام ...
البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد
لم يعد الشارع المغربي يتكلف عناء التفكير في السياسة أو في أحوال رجالها الذين يصارعون في الوقت الضائع من أجل مكان داخل المنظومة المريضة بداء الجرب، كما لم يعد المواطن المغلوب على أمره يعرف حتى اللون السياسي الذي يميز المنتخب الذي أعطاه صوته، فالألوان كثرت والأحزاب اختلطت عليه، وبرلماني المدينة في حالة فرار دائم، فرار من واقع مرير وعد يوما  أنه سيسهم في نمنمته وتنميقه بركام من التمني الذي لا يحقق المطالب.فلم يعد المثقف المغربي يمارس فعل القراءة أو يتصفح جريدته اليومية مع قهوة الصباح، ليسبر أغوار ما يجري من متغيرات حثيثة توشك أن ترسم تاريخا جديدا أو أن تصيب الواقع بشيء من النمطية، فالجريدة تلزمها قهوة لاحتواء عالمها والقهوة يلزمها قضيب أو اثنين من الدخان اللعين، كما أن الظرف ليس مناسبا لممارسة الثقافة على حساب الخبز الذي أصبحت صناعته تقتضي مزيدا من التفرغ، ولأن بناء المستقبل وإن كان الغموض يلف كثيرا من جوانبه، يستدعي النضال ولو زائفا بشتى أشكال التعبير التي قد تتخذ مسارا عنيفا كرد فعل طبيعي تجاه ضغط  شديد  تفرضه حياة الضعيف وسط من هم يتمتعون ولو جزافيا بقليل من السلطة. ولم يعد المدرس المغربي يقتحم الفصل على تلاميذه بالابتسامة العريضة التي عهدناها  في الزمن الجميل، فحكماء الوزارة الذين لا ينقطع عطاؤهم و لا ينضب معين نظرياتهم العرجاء،حكموا عليه بالتخندق وسط زخم البيداغوجيات المستوردة، وأثقلوا كاهله بمشاريع كلامية غير قابلة للتنفيذ، ليجد نفسه في الأخير مجرد أداة مستعملة أو جسر لعبور الرداءة. كما لم يعد الزوج يمسك راحة زوجته ويذهب بها في نزهة لمراقبة الغروب، أو لاصطياد فراشات الربيع، لأن زمن الرومانسية أصبح جزء منسيا من التاريخ، بل أصبح في ظل الحراك الاستثنائي الذي يعيشه الشارع، ضربا من الحمق أو صنفا من الجنون، فالكلام عن الحب في زمن الصراع من أجل التواجد، كلام باطل مفرغ من محتواه، وافتراء مقصود على مبادئ التحدي الذي تفرضه أزمة الخبز.
لا شك أن الماضي بتراكماته ورغم رجعية التعامل مع كثير من أحداثه التي أثرت في راهننا السياسي المريض، يبقى فاعلا ومؤثرا أساسيا في حاضرنا، وإذا ما اعتبرنا الأخطاء الجسيمة التي اقترفها سياسيونا الكرام، مجرد هفوات ينبغي نسيانها، فلا بد وأن نفكر بالجدية اللازمة في سبل التخلي عن مبادئنا دون مزيد من الخسائر أو الإحباطات،لأن المبادئ أو المواقف لايمكن أن تضمن للمرء حرية التواجد كفرد مفكر، في طوابير الأغبياء الذين يتنطعون على كراسيهم، ولا يطلون على العالم إلا من خلفية زجاجية لنظارات فاخرة. فأحوال سياسيينا ومنتخبينا وبرلمانيينا الكرام لا تسر الناظرين، متجهمون عابسون غارقون إلى نواصيهم في ترتيب البيت من الداخل، ولملمة الشظايا والأوراق التي بعثرها انشقاق أو خيانة أو وشاية أو عصيان أو استقالة، فالكائنات السياسية يسمع وقع دبيبها في المحافل والمقاهي وحتى في الحانات والمواخير، حراك مستمر وجعجعة تصطك لها الآذان، وحشد من هنا وتأليب من هناك...
ولأن عطر التغيير فاح شذاه في كل الأرجاء، فلا بد وأن يفكر الملازمون لكراس السياسة وإن كانت مهترئة تجود بها عليهم أصوات الصناديق الشفافة، في أساليب جديدة تتماشى مع هبات هذا النسيم، فبعض منهم يدعي النضال بكل مرادفاته القريبة من مثيل الوحدة والتشارك والتلاحم والتصدي والانخراط وغيرها من الألفاظ الدالة، وهو استيلاء مفضوح على أفكار ليست لهم، وتبن ٍ غير شرعي لمواقف بعيدة عن ميولاتهم الرخيصة.. فأما آن الأوان ليفهم هؤلاء أن الزمان قد تغير؟ ويتطلب مع هذا التغيير تغيير العقليات للعمل على إيجاد برنامج استعجالي لإنقاذ البلاد والعباد بما يتناسب مع الشروط الموضوعية، من أجل القضاء على الأسباب المؤدية إلى انتشار الفقر في صفوف الكادحين، كالعمل على القضاء على الأمية، والسعي إلى خلق فرص العمل، وعلى جميع المستويات المحلية والإقليمية والجهوية، وإعادة النظر في البرامج الدراسية المعتمدة حتى تتناسب مع متطلبات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، والتخطيط لربط التعليم بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والسعي إلى إحداث ثورة صناعية من أجل استغلال القدرات والكفاءات المتوفرة للانتقال من الاعتماد على اقتصاد الربح إلى الاعتماد على الاقتصاد الصناعي الإنتاجي، ومن أجل التخلص من العطالة المتفشية في البلاد حتى لا يضيع الشعب، نظرا لما تتكبده هاته البلاد من مصاريف من أجل إعداد الأجيال الصاعدة، وحتى تكون تلك المصاريف مساهمة في تطور وتطوير العملية الإنتاجية. و بالإضافة إلى ذلك، لابد أن تكون الحكومة ديمقراطية ضامنة للخدمات الاجتماعية لجميع المواطنين على أساس المساواة فيما بينهم. كما يتوجب الامر العمل على التخلص من كل عوامل تكريس الاستبداد على أرض الواقع، وذلك، عن طريق العمل على احترام الدستور، باعتباره قانونا للدولة، ومرجعا لكل التشريعات السائدة، وتفعيل المؤسسات التمثيلية الحقيقية، حتى تقوم بدورها في إعداد البرامج، والتشريعات، التي تخدم مصلحة الشعوب العربية، ومحاسبة الحكومات العربية على الالتزام، أو عدم الالتزام بتطبيق تلك التشريعات لصالح الشعب، ومن أجل ضمان إيجاد حلول فعلية، وواقعية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، من أجل الانتقال بالشعب من مستوى التخلف إلى مستوى التقدم والتطور الذي لابد أن يحول الدولة إلى مصاف الدول السائرة على الأقل في طريق النمو قولا وفعلا وميدانيا.
و لعل ما وصلت اليه حال البلاد والعباد هو ما جاء من تعبير صريح في الخطاب الملكى الاخير بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان والنسخة الجديدة للحكومة كزنه خطابا في عمقه و شكله  اعتبر خطابا للمكاشفة ووضع الأصبع على مكامن الخلل وتشريح كل الاختلالات التى تعوق التنمية المحلية التى تعتبر اساس للتنمية الوطن ككل، حيت دعا لتبنى سياسة التنمية فى خدمة المواطن الذى هو محور وركيزة المجتمع عوض الصراعات السياسية والحزبية الضيقة وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، كما نفض الغبار على الكثير من المشاكل التى تعترى التسيير فى غياب للحكامة المحلية والرؤية المستقبلية لدى أغلب المجالس المحلية ولا أدل على ذلك مجلس الدار البيضاء الذى نال الكثير من النقد باعتباره مثالا فاشلا فى التسيير والحكامة المحلية...
وانطلاقا إذن من الخطاب الملكي السامي الأخير، هناك انتظارات كبيرة تنتظر الجماعات المحلية في القيام بمهامها أحسن قيام في ظل دستور متقدم وحكومة جديدة وفي ظل ظروف اقتصادية دولية صعبة، لا يمكن تجاوزها إلا بتفعيل دور الجماعات في شراكاتها مع المجتمع المدني وانخراطها في سياسة القطاعات الحكومية مع ضرورة عدم تمييز وتفضيل جهة على أخرى في السياسات الحكومية.وهى دعوة كذلك لكل المواطنين من اجل التعبئة والانخراط فى الاصلاحات الكبيرة التى وضعها صاحب الجلالة من أجل إنجاح الرهانات المحلية والوطنية عبر اختيار نخب تمتاز بالحنكة وروح المواطنة وبعد النظر من اجل تفعيل الدبلوماسية الموازية والتعبئة الشاملة لمواجهة كل خصوم الوحدة الوطنية وبناء مغرب يتسع ويحتضن كل المغاربة..
فهلا اعتبرتم ياسياسيينا الكرام؟     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق