الثلاثاء، 17 يونيو 2014

رحيل مفكر مغربي عاش كريما لم ينل منه الحصار

قضية و موقف //
رحيل مفكر مغربي عاش كريما لم ينل منه الحصار
د. المهدي المنجرة صاحب:"اذكروا موتاكم بخير"
البوابة الإلكترونية "فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد 
انتقل الأسبوع الأخير(الجمعة 2014/06/13) إلى عفو الله ورحمته المفكر المغربي المهدي المنجزة عن سن يناهز 81سنة...
وكان الفقيد الدكتور المهدي المنجرة المفكر المعروف وعالم المستقبليات البارزقد عانى كثيرا مع المرض الذي أصابه لسنوات عديدة.
رحيل الرجل الذي عاش شريفا ومات كريما لما تميز به من مواقف في مساره الفكري والذي لم تغريه جملة من الإغراءات من اجل التموقع، إذ كان قد حدد موقعه مند البداية "اختار البحث العلمي و الأكاديمي و ابتعد عن موقف واضح و صريح عن السياسة و الشأن العام حين كان بإمكانه أن يكون في مواقع القرار السياسي الذي يختاره.. إلا انه كان يرفض ذلك رغم محاولات جميع أطياف المشهد السياسي استقطابه و حتى النظام حاول معه عدة مرات...اختار الحياد و العمل من موقع العالم ...والعلماء يموتون في محيطهم ... حتى خروجه الى العمل المدني خاصة في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان كان بشروطة ومنظوره الذي لم يستمر طويلا ...
الراحل الذي كان يعد من أبرز علماء الدراسات المستقبلية في العالم، مع تراكم تجربته داخل وخارج المغرب، وأضحى أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية، كما عرف بمواقفه المثيرة للجدل الموجهة لعدد من المنظمات الدولية، التي جال كثيرا من دهاليزيها، عربيا ودوليا مما أثر على مسيرته وجعله محط حصار وتضييق وتهميش.
وفاة الأستاذ المهدي المنجزة خلفت أصداء متنوعة كلها تشهد للرجل بكرامته التي رافقت حياته الفكرية المتنوعة والتي فاقت أصداؤها سماء المغرب بمختلف الأوطان العالمية...ويكفي أنه على إثر وفاة الرجل بعث الملك محمد السادس ببرقية تعزية إلى أفراد أسرة المرحوم الأستاذ المهدي المنجرة...
ومما جاء في هذه البرقية، أن الملك تلقى"بعميق التأثر والأسى نعي المشمول بعفو الله ورضوانه، المرحوم الأستاذ المهدي المنجرة، الذي بوفاته فقد المغرب أحد رجالات الفكر والمناضلين المخلصين عن حقوق الإنسان والمساهمين في تكوين الأجيال المغربية التي تتلمذت على يديه"...
واستحضر الملك"في هذا الظرف العصيب، ما كان يتحلى به الراحل من خصال إنسانية رفيعة، ومن تشبع مكين بالقيم الكونية للحرية والعدالة والإنصاف، حيث كان، رحمه الله، نموذجا للمفكر الملتزم والباحث المستقبلي الجاد، الذي سخر كتاباته للدفاع عن حق شعوب الدول النامية في اكتساب مفاتيح وأسس تحقيق التنمية الشاملة القائمة على تقاسم العلم والمعرفة، مما أكسبه تقدير كل من واكبوا فكره، ونهلوا من علمه ودراساته سواء على المستوى الوطني أو العربي أو الدولي"...
وأعرب محمد السادس، بهذه المناسبة المحزنة، لأسرة المرحوم الأستاذ المهدي المنجرة، ومن خلالها لكافة أهل الفقيد وذويه ولكل أصدقائه ومحبيه من عالم الفكر، عن أحر التعازي والمواساة الصادقة في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، سائلا العلي القدير أن يعوضهم عن فقدانه جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يجزيه الجزاء الأوفى عما أسداه لوطنه من أعمال جليلة، وأن يسكنه فسيح جناته، ويجعله من الذين يجدون ما عملوا من خير محضر.
ويستشف من رسالة الملك محمد السادس الموجهة لعائلة الفقيد المهدي المنجرة التي عبر من خلالها على "أن المغرب فقد في وفاة هذا الرجل أحد رجالات الفكر والمناضلين المخلصين عن حقوق الإنسان، والمساهمين في تكوين الأجيال المغربية التي تتلمذت على يديه"، عندما استحضر الملك أيضا ما كان "يتحلى به الراحل من خصال إنسانية رفيعة، ومن تشبع مكين بالقيم الكونية للحرية والعدالة والإنصاف"، وكيف كان "نموذجا للمفكر الملتزم والباحث المستقبلي الجاد، الذي سخر كتاباته للدفاع عن حق شعوب الدول النامية في اكتساب مفاتيح وأسس تحقيق التنمية الشاملة القائمة على تقاسم العلم والمعرفة"، عندما قال الملك ذلك، أليس من حقنا التساؤل: من يا ترى كان في مملكتنا يحاصر فقيدنا المهدي المنجرة الذي لم يلين أو يتراجع عن مواقفه؟ من كان يأمر بإغلاق القاعات العمومية في وجهه ويمنعه من التواصل مع الفاعلين؟، من ظل وراء الإبقاء عليه في الهامش إلى حين قضى في فراش المرض عدة سنوات ومات في صمت؟ من ساهم في تقزيم جنازة هذا المفكر العالمي التي تغيب عنها البارزون في السياسة والثقافة والحكومة ومركز القرار وحضرها الأصدقاء وأفراد العائلة؟، أو ليس الراحل هو من خبر المنظمات الدولية ودرس مواقفها الحقيقية في قضايا الحاضر والمستقبل ؟ أليس هو من عمل مستشارا وعضوا في العديد من المنظمات والأكاديميات الدولية؟ ويعد من أبرز علماء الدراسات المستقبلية في العالم؟ وأوسع المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية؟ وظل معروفا بنضاله من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وكان أول من انتبه إلى المسألة الحقوقية في المغرب ورأى ضرورة العمل على إحداث منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان؟ ترى هل تنبأ الفقيد بالمستقبل حين قال «كل شيء قد بيع في هذا الوطن»، وأن المؤرخين المغاربة متخاذلون بسبب لجوئهم اليومي إلى الماضي دون الحديث عن الراهن المغربي؟ إذن مَن كان يخطط لاغتيال صوت وفكر ومواقف الرجل؟
ولكن ما أسف له الرأي العام المغربي هو أن مراسيم تشييع جثمان المفكر المغربي الراحل الدكتور المهدي المنجرة هو تسجيل أن الحضور خلالها كان أقل مما كان متوقعا بل المنعدم للحكومة المغربية واكتفاء حضور ممثل القصر مما ذهبت معه التعاليق إلى كون هذه اللامبالاة تفرز بل تدل على أن المغرب لا زال يتعامل مع المفكرين والمثقفين والعلماء لعدم تقديرهم وما بالك عند وفاتهم لأن مفهوم البطولات جد ضيق فتدني التعليم والبحث العلمي في بلادنا يولد لنا ما نعيشه من عدم العناية بمفكرينا ومثقفينا، والملاحظ العناية أكثر بالأجانب في أقل فكرة كما لا ننسى ترجمة أفكار مكتوبة وأبحاث مدروسة إلى لغات أو ثقافات فيسلط عليها الضوء باسم آخرين ودعمها من مال المساكين وهذا حالنا فلنتجند جميعا لتسليط الضوء على مفكرينا وأطرنا وعلمائنا و رد الاعتبار لهم... فرحمة الله على الفقيد وعلى جميع موتى المسلمين والرحمة على كل من ترك صدقة جارية بعد وفاته وعند حياته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق