الأحد، 7 أكتوبر 2018

همسات/// معادن الناس: رأيـتُ النـــاسَ أشـكـــالا...

همسات///
معادن الناس:
رأيـتُ النـاسَ أشـكـالا...
*/*مدونة"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو- محمد عبيد*/* 
الشرف يكتسب من الواقع، بحكم التفاعل مع مختلف المكونات الثقافية، التي تزود المجتمع بنبل القيم، التي ترفع مستوى الأفراد إلى درجة الشرفاء، الذين يعتز بهم الشعب، ويعتز بهم الوطن...أليست الشروط الموضوعية، والذاتية، التي يعيشها الإنسان، أي إنسان، ومهما كان هذا الإنسان، هي التي تتحكم في تحديد ما يكونه الإنسان: شريفا، أو غير شريف، حريصا على إشاعة الشرف في المجتمع، أو غير حريص عليه؟
ولماذا نجد أن الشرفاء منعدمون بين العاملين في الإدارات العمومية، ولا يتواجدون فيها إلا نادرا؟
أعتقد أن الشرف يولد مع الإنسان... فلا يمكن أن لا تعتبر الرضيع شريفا... لكن سيتنازل عن هذه القيمة الاجتماعية أو يتشبت بها حسب مختلف الشروط التي ذكرت... إن الإنسان الذي لا يقاوم أو لا يرفض أو لا ينقد أو لا يحتج أو لا يطمح... إن هذا الإنسان فاقد المستويات... إنه إنسان بلا تفاسير الإنسان.فالناس معادن، فكما أن المعادن لا تخرج إلا بالتنقيب عنها من داخل الأرض... فكذلك البشر لا يعرفون إلا بالتنقيب عن طرق التجريب.صحيح قد يكون مظهر بعضهم غيرَ مرغوبٍ فيه، ولا مرضي، وإن كان الجمال مطلب لكل إنسان، والله جميل يحب الجمال، إلا أنه قد تتغلب بعض الظروف على بعضهم فيكون هذا حاله، وهذه طبيعته... ولكنَّه يحمل في جوفه قلباً أبيضَ، ونية صافية أصفى من الماء، وسريرة بينه وبين الله، تستجاب بها دعوته... وكما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:"ربَّ أشعثَ أغبر ذي طمرينِ مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّه"...(أو كما في الحديث(.
والقلوب التي في الصدور كالجواهر المكنونة، التي لا تعرف قيمتها إلا إذا أخرجت من مكنونها، فالمظهر ليس بدليلٍ قطعي على المخبر... وقيمة الناس عند الله بالقلوب لا بالمظاهر والأجسام... وكما في الحديث:"إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم".والعجيب أن القلوب هي الميزان عند الله في الدنيا... ويوم القيامة لا يدخل الجنة إلا صاحب القلب السليم، كما قال عز وجل:"يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم."(سورة الشعراء: 88، 89(.
فالناس لا تعرف إلا عند الضيق، والحاجة، والمحن، والشدائد، وعند الكروب والحروب!... فلا يغرنك لمعان البرق حتى يمطر... ولا هتان المطر حتى يسيل... فكم من مليح فصيح كاذب؟!... ومن كسير الثنيتينِ دليع اللسان صادق؟!... والمخادعون بمظاهرهم كثير... لا يعرفون إلا وقت الخذلان على نهج ابن أبيّ... عندها تنكشف الحقيقة ويعرف الصادق من الكاذب.
قال الشاعر:
"إن الأفاعي وإن لانت ملامسُها... عند التقلب في أنيابها العطبُ".
***وصدق الأديب والشاعر اللبناني "زين الدين ديب" حين قال:
رأيـتُ النـــاسَ أشـكـــالا... وصـار الفـهــم إشـكــالا
فهــذا يعشـــق الـدنيــــا...  وآخـــر يعـبــدُ المـــــالا
وآخــر طـالبــا جــاهـــا...  يظـنّ الـــجــــــاه لا زالا
وثالثُ باعـها الـدنـيــــا... ولم يُلـــقي لـهـا بـــــــالا
وقـال لهــا إلى غيـــري... تَبِــعْتُ الصّحــــبَ والآلا
ألم تـنصـت لقــول الله؟... أو تسمــــع لمـــا قـــــالا؟
ففـي القــــرآن علمنـــا... وزاد العــلــــم أمـــثــــالا
فـذا قـــارون ذا مـــــال... لـه المفــتـــــاح إثـقــــالا
فـإذ بالمـــال يـقـتـلــــه... وعاش الخسف أهـــــوالا
فمــن ذا كان ينصــره؟... إذا مــا مــــــــالــــــه زالا
وذا فـرعــون ذا جـــاه... فهـل دامـــت لــه حـــــالا؟
بمـاء البحـر أغــرقـــه... ولـلـنـــيــــــــران قــــد آلا
فهــذه الأرض يملكهـا... إلــــــه للـــــــورى قــــــالا
إلا من جاء بالحسنــى... فخيــــر منـهـا قــد نـــــــالا
ومـن يعمــل بسيـئـــة... جـــزاءً مـثــــل مـــــا كـــالا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق