صمت الدولة وحياد المسؤولين بإقليم إفران
يزيد من جشع بائعي الذهب الأسود لنهب جيوب
المواطنين
*/*مدونة"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو- محمد عبيد*/*
يتفاجأ المواطن العادي بإقليم إفران عموما وبمدينة آزرو على وجه الخصوص ومنذ حلول شهر شتنبر الأخير 2018 بالزيادة الغير المفهومة كل أسبوع من50 الى100درهم في سعر الطن الواحد عن السعر المألوف سابقا لاقتناء حطب التدفئة...
فلقد تسلطت الصدمة على قلوب سكان إقليم إفران عموما عندما وجدوا أنفسهم أما أسواق حطب التدفئة وقد عرفت تصاعدا في الأثمنة بلا حسيب ولا رقيب، بعد أن كان البعض قد اقتنى فقط قبل حلول شهر شتنبر الأخير الطن الواحد ب900درهم، وبعده بأسبوع من ذات الشهر ارتفع السعر إلى1000درهم، ليصل خلال الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري إلى 1050درهما...
وأمام هذا الارتفاع المفاجئ كل أسبوع وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فالعرض مرشح للارتفاع في الأسابيع القادمة، إذ يتوعد بائعو هذه المادة بمزيد من رفع سعر الطن الواحد إلى1200درهم فما فوق بحسب تصريحات تلقاها مواطنون من بعض باعة هذا الذهب الأسود....
فأين هي الدولة من حماية مواطنيها من هذا الجشع المتفشي عند مستغلي الغابة والذي يبدو أنه لا يخلي مسؤولية تواطؤ خفي قد يتقاسمه المسؤولون المركزيون سواء في وزارة عبد العزيز أخنوش -وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات- أو في إدارة عبد العظيم الحافي- المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر-... فضلا عن المسؤولين بعمالة إقليم إفران؟
فأين هم مراقبو الأسعار؟ ومن يحمي المستضعفين في هذا الإقليم؟
فمع حلول موسم الشتاء تتجدد ليس فقط معاناة السكان بهذه الرقعة بمنطقة الأطلس المتوسط مع الأجواء الطقسية والوضعيات البنيوية للمنطقة، بل تتعداها إلى تجديد صرخات مبحوحة في شأن ما تتعرض له جيوبهم من نهب مكشوف وقهر معيشتهم عندما تفرض الظروف الطقسية والمناخية عليهم استعمال وسائل التدفئة لإنعاش أجساد مقهورة لدى غالبية هؤلاء السكان؟ حيث تعرف مستودعات بيع الحطب إقبالا كبيرا عليها، بدافع التخوف من المضاربة في الأسعار وما تعرفه نقط البيع من ارتفاع ثمن الطن الواحد من الحطب بشكل ميزاجي..
ويذكر أنه كلما حل موسم البرد إلا وانشغل سكان إقليم إفران بالبحث عن حطب التدفئة كالبحث عن عملة نادرة الوجود، ومع موجة البرد والصقيع والعواصف الثلجية، التي تجتاح المنطقة، يتزايد معه الطلب على حطب التدفئة...
إذ أن سكان الأطلس المتوسط عموما وإقليم إفران على وجه الخصوص لا هم لها عدا التفكير والانشغال في اقتناء حطب التدفئة لمواجهة المناخ الصعب المتميز بالبرد القارس والصقيع المهيمنين خلال فصل الشتاء..
فدرجة البرودة في انخفاض وسعر الطن الواحد لحطب التدفئة في ارتفاع صاروخي أمام تراجع الدولة عن دعمه بإقليم إفران، التجار -إن لم نقل المضاربون- في سوق استغلال الغابة يستغلون الظروف القاسية سواء منها المناخية أو المادية للمواطن الإفراني لبيع الطن الواحد بما لا يقل عن ألف درهم (1050)...
عائلات دخلها جد محدود تعيش على حرف موسمية وصناعة تقليدية وفلاحة لا تتوفر على إمكانيات لشراء سواء حطب التدفئة أو وسيلة بديلة لها من آلة التدفئة فحتى ما يتردد من استعمال الطاقة الشمسية فهو هراء بطبيعة المنطقة..
وتقدر حاجيات الأسرة من حطب التدفئة خلال السنة مابين2طن الى4أطنان، تضاف إلى المصاريف الأخرى، فيما القدرة الشرائية لا تسمح لها باقتناء هذه المادة التي تعتبر بالذهب الأسود مما يعجز معه الكثير عن شراء الحطب...
ويلجأ البعض أمام غلاء حطب التدفئة إلى الاستعاضة عن الحطب باستعمال المسخن الكهربائي أو الغازي، ولهذا يطالب الموطنون في كل المناسبات الجهات المسؤولة تخفيض ثمن الكهرباء والغاز الطبيعي، خاصة في فصل الشتاء، حتى يتمكن السكان من تسخين مساكنهم إلا أن الذي يحصل هو إقرار زيادات جديدة، ويرى العديد من المتخصصين في المجال الغابوي أن دعم استهلاك الغاز والكهرباء للتدفئة يعزز المحافظة على الغابة التي تعرف استنزافا خطير، سيكون له عدة تداعيات وخيمة على البيئة مستقبلا...
وإذا كانت أسعار السلع على اختلاف أنواعها لا تزال تغرد خارج سرب إمكانيات الأسرة الإفرانية، فإن واقع الحال يكشف وبالملموس ما كابده وما يزال يكابده هؤلاء المواطنين من الأمرين بسبب الغلاءٍ الهستيري الذي بدأت وثيرته ترتفع تصاعدياً مع حلول فصل الشتاء بعد تحليق أسعار مستلزمات التدفئة إلى مستويات غير مسبوقة ستكون كفيلة على ما يبدو بجعل شتائها أكثر برودةً في ظل انعدام الرقابة التموينية على أسواقها؟ علماً أن هذا الفراغ المقصود بشكل أو بآخر قدم على طبق من فضة وصفة الربح السريع لتجار الأزمات ومن خلفهم كبار المفسدين، الذين يديرون خيوط اللعبة في الخفاء مستغلين حاجة المواطنين لشراء سلع لا يستطيعون الاستغناء عنها مهما غلا ثمنها كاحتياجات الموسم الشتوي، التي تعرض الأسواق خيارات متنوعة من أصنافها بأسعار متفاوتة لكن الغلاء يبقى المسيطر بشكل يتعذر على أصحاب الأجور المحدودة شراءها أو قد يقتنون منتجات منخفضة الجودة، فإلى متى سيبقى المستهلك يدفع الثمن مضاعفاً بينما تغط وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك المحدثة من أجل حماية حقوقه في نومٍ عميق لم يمنع مسؤوليها من تكرر سيناريو التصريحات ذاته حول إرجاع مسؤولية "فلتان" الأسعار إلى قلة عدد المراقبين، التي بقي حلها معلقاً على الرغم من عمر الأزمة الطويل مع أن تسوية هذه القضية لا تستلزم ابتكار آليات عبقرية وإنما تحتاج فقط إلى قرار جدي يخرجها من إطار التنظير والأماني المشكوك في نياتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق