الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011


من أسباب تدني مستوى التعليم في بلادنا
محمد عبيد 
عرفت المنظومة التعليمية في المغرب تحولات عديدة منذ الاستقلال، مست كل المكونات التعليمية تقريبا بدء بالتعريب مرورا بالبرامج والمناهج وتبني الأهداف التربوية كأساس داخل النظام التعليمي، وصولا إلى الكفايات•
عرف التعليم أيضا تحولات على مستوى الهيكلة بإحداث نظام الأكاديميات وما صاحب ذلك من مراجعة لمضامين المواد
كل هذه الإصلاحات لم تخرج عن نطاق عمليات تجميلية تروم إخفاء الوجه الحقيقي لأزمة التعليم ببلادنا إذ غالبا ما تنتهي صلاحية كل إجراء بانتهاء مهمة المسؤول الذي تبناه، كما أن هذه الإصلاحات منتزعة من بيئات غربية لا تشبه بتاتا واقعنا المغربي، مما جعل عملية الإصلاح كطلاء جميل فوق وجه متغضن، الأكثر من ذلك فإن الوثيرة المتسارعة التي تمشي وفقها الترميمات تجعل من الصعب الحكم على كل مرحلة على حدة: ففي الوقت الذي لا زال فيه المدرس يجتهد للتفقه في التدريس بالأهداف يباغت بانتهاء صلاحياتها لصالح الجيل الجديد الذي يسمونه بالكفايات هذا الأمر جعل الكثير من الباحثين في الميدان يتكسبون من كتاباتهم عبرالترجمة واستنساخ البحوث الأجنبية بل أن باحثا محترما أصدر كتابا في الموضوع سنة 2002 بثمن 36 درهما وأصدر آخرا في سنة 2004 بثمن 38 درهما، والفرق بين البحث الأول والثاني هو فقط تبويب جديد وتغيير طفيف مع نقل حرفي للعديد من صفحات الكتاب الأول إلى الثاني
ما هي النتيجة؟
أولا : على مستوى البلاد: احتل المغرب مرتبة متأخرة في ميدان التعليم دوليا
-
ثانيا: على مستوى المتعلم: تدني المستوى المعرفي و المهاري عند المتعلمين بشكل كبير إلى حد أن العديد من التلاميذ لا يستطيعون التحدث باللغة العربية الفصحى لمدة 5 دقائق متتالية وهم في مستوى البكالوريا ناهيك عن الأخطاء الفادحة التي يرتكبونها بشكل دائم
-
ثالثا : على مستوى المقرر: (سأقتصر على مادة الاجتماعيات) هذه فقط عينة من العديد من الأخطاء المعرفية التي شابت المقررات الجديدة مما يشوش على ذهنية المتعلم خاصة وأن الإصلاح يجعله (أي المتعلم) في عمق العملية التعليمية: منها على سبيل المثال لا الحصر
-
لقد أصبح بحر "أزوف" هو بحر "قزوين" في المقررات الجديدة: انظر الخريطة ص 121 من "الجديد في التاريخ" السنة الأولى أدب نفس الخطأ سيرتكب في الخريطة 96 من "الجديد في التاريخ " السنة الثانية أدب
-
في الخريطة ص150 : تاريخ السنة الأولى أدب تحولت قسنطينة إلى قسطنطينة
-
في الوثيقة 2 ص 90 السطر الثالث من مقرر التاريخ السنة الثانية وردت كلمة مدنيين civiles في إشارة إلى الحضريين citadins إذا كان الخطأ في النص الأصلي المقتطف من "الحرف والحرفيون بمكناس من الازدهار إلى الانحطاط"، فلاداعي للاستشهاد به
-
في الخريطة ص 71 من " الأساسي في الجعرافيا"، السنة الثانية أدب يغيب اسم هنغاريا عن خريطة دول الاتحاد الأوروبي
يضاف إلى هذا العديد من الخرائط غير المضبوطة والمتداخلة الألوان والتواريخ الخاطئة مما يعقد العملية التعليمية لهذه الأسباب تأخر التعليم بأجمل بلد في العالم
موسم دراسي جديد.. بأية حال عدت يا موسم؟
ها قد حل الموسم الدراسي ...، فهل ستكون وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي في الموعد؟. الموعد الذي يهمنا هنا، ويعني الوزير اخشيشن، بل ويدركه،، يختزل في الانشغالات الأساسية للمتمدرسين ولأسرهم، ولرجال ونساء التعليم الأكثر تضررا. انشغالات تتجدد مع كل موسم جديد .لقد تعودت عليها الأجيال ،فهل ستغيب خلال الموسم القريب جدا؟.
 ففي مطلع كل عام دراسي تطل مشاكل متعددة، منها الروتينية التي اعتاد عليها الآباء ومنها المتجددة. مشاكل ترتبط عادة بالتسجيل وبالمقررات، بالخصاص في هيئة التدريس وبتكدس التلاميذ ،بتعدد المستويات في القسم الواحد، وهلم جرا من المتاعب... في مرحلة أخرى من الموسم الدراسي، تظهر للعيان مشاكل من نوع آخر، و هي ذات علاقة بوضعية المنشئات التعليمية وبتجهيزاتها. في هذا المضمار، اعتدنا على احتجاجات الآباء والأمهات كلما اصطدموا بمشكل ما.مشكل قد يتمثل في انهيار مرفق دراسي، مثلا، أو تأخير في إنجاز أشغال أو في تغيير مؤسسة بأخرى من أجل الترميم والإصلاح... المشاكل السالفة الذكر، أصبحت معروفة ومألوفة من شدة تكرار نفسها في كل موسم دراسي، وكانت، وما زالت إلى اليوم، تشكل مصدر قلق واستياء للأسر المغربية. وفي العمق، هي مشاكل تعكس بعض مظاهر تعثر العملية التعليمية و تعثر مشروع إصلاح التعليم ككل في المغرب. من أجل تدارك هذه المشاكل وغيرها، تم التوقيع على تسع اتفاقيات بين وزارة التربية الوطنية وعدد من القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية. التوقيع جرى في بداية شهر شتنبر الماضي بالرباط، وترأسه الملك الذي ما فتئ يحث في كل مناسبة على ضرورة النهوض بالقطاع. ومعلوم أن هذا التوقيع جاء خلال حفل قدم خلاله الوزير أحمد اخشيشن عرضا حول البرنامج ألاستعجالي للوزارة "2009 ـ 2012". هذا، وكان جلي أن المتوخى من التوقيع على تسع اتفاقيات شراكة كان بالأساس هو تفعيل هذا البرنامج، الذي جاء بدوره لتصحيح وتدارك ما اعترى تطبيق مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين من اختلالات وتشوهات. من جهة أخرى، إن من أهداف الاتفاقيات الموقعة هو إنجاز مهام وعمليات محددة ترمي إلى حل مشاكل وصعوبات مطروحة، عجزت الوزارة وحدها على حلها. وللمثال لا الحصر، تهدف الاتفاقية مع وزارة الداخلية، إلى وضع برامج وآليات للتنسيق وعمليات متكاملة تخدم مصلحة المدرسة العمومية بما في ذلك الجانب الأمني. الاتفاقية المبرمة مع وزارة الشبيبة والرياضة تهدف إلى تنمية الممارسة الرياضية بالمؤسسات التعليمية مع التوظيف المشترك لإمكانياتهما البشرية والمادية والتنظيمية. وتروم اتفاقيات شراكة أخرى، مبرمة مع وزارات ومؤسسات عمومية، إلى توفير الماء الصالح للشرب، خاصة بالوسط القروي، وبناء المرافق الصحية وإرساء نظام الصرف الصحي وغرس نباتات وتزيين الواجهات والفضاءات داخل المؤسسات التعليمية. ويراد منها أيضا إيصال شبكات الماء الصالح للشرب إلى المؤسسات التعليمية، سيما المتواجدة بالمناطق النائية والعالم القروي، وتعميم الولوج إلى الكهرباء، وصيانة وتأهيل التجهيزات والمؤسسات. وحتى تعميم استعمال تقنيات الإعلام والتواصل في منظومة التربية والتكوين لم ينسى في إحدى الاتفاقيات. لقد مر على توقيع هذه الاتفاقيات منذ ما يقرب من سنة. وإلى جانب هذه الاتفاقيات هناك التزامات حكومية، وهناك تعهدات شركاء من داخل وخارج المغرب، وكل هذه المصادر التمويلية والإمكانات المادية واللوجيستيكية كان من المفروض أن توظف في خدمة المؤسسات التعليمية، ومن أجل معالجة المشاكل التي تعاني منها. بلغة المنطق، وبمقاربة الممكن، كان من المفروض خلال الصيف الحالي أن تتحول أغلبية المؤسسات التعليمية ،في القرى والحواضر، إلى أوراش للترميم والإصلاح والتجهيز وفق تعهدات الاتفاقيات والالتزامات المذكورة. ترى، هل حصل هذا؟ هل التزمت القطاعات الحكومية المعنية بوعودها؟ وهل قامت وزارة التربية الوطنية بواجباتها، أم أن مسئوليها المركزيين والجهويين والمحليين فضلوا الاستمتاع بالعطلة أولا، وعندما يأتي موعد الدخول الرسمي، ربما، قد نلمس ونسمع الشروع في بعض الإصلاحات العشوائية والترقيعية؟. والحالة هذه، وباستثناء حالات اشتغال متواضع هنا وهناك، إن ما لا لوحظ، وفي عدة مناطق، لا يطمئن على أن عقلية المسؤولين المباشرين، ومقارباتهم، قد تغيرت تجاه العملية التعليمية ومستلزماتها. ومن جهة أخرى، إن سلوكا على هذه الشاكلة لا يضمن التطبيق السليم والمنتظر لمقتضيات برنامج سمي استعجاليا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق