السبت، 22 ديسمبر 2012


ويل للمضللين؟؟؟

قضية و موقف//
محمد عبيد (آزرو)


من سوء الحكم المترتب عن سوء الفهم وسوء التقدير ميل كثير من الناس إلى تعميم صفتي الصلاح أو الطلاح على عموم أفراد قطاع من القطاعات. ومن المعلوم أن صفتي الصلاح و الطلاح صفتان متناقضتان تلغي الواحد الأخرى، ولا يجتمعان أبدا في شخص واحد... والصلاح هو نقيض الفساد، ويعتبر صالحا كل قائم بما عليه من حقوق وواجبات تجلب المنافع وتدفع المضار... و الطلاح هو نقيض الصلاح وهو الفساد ، ويعتبر فاسدا الذي لا يقوم بما عليه من حقوق وواجبات، وتترتب عن ذلك المضار بالصالح العام .... ومن غير العدل والإنصاف أن يكون في قطاع من القطاعات صلاح ـ بضم الصاد وفتح اللام مع التضعيف ـ أو طلح ـ بضم الطاء وتضعيف اللام ـ فيسري حكم الصفتين على كل أفراد هذا القطاع... ومن غير المنطقي أن يذكر بعض الناس لهم  مصالح أو مشاكل مع فرد أو بعض أفراد قطاع من القطاعات فيعممون الحكم على كل أفراده صلاحا أو طلاحا. والموضوعية والإنصاف  يقتضيان تطبيق قاعدة " لا تزر وازرة وزر أخرى ، ولا يحمل عن مثقلة حملها ، ولا يؤخذ أحد بجريرة غيره ". ويبدو كل من يميل مع فكرة تعميم صفتي الصلاح أو الطلاح على مجموع  أفراد قطاع من القطاعات تافها وسفيها ومغفلا، وهو يفضح نفسه بهذا التعميم حيث يسهل معرفة السبب وراء حكمه بصلاح  مجموع أفراد قطاع أو بطلاحهم. فأصحاب المصالح الشخصية إذا ما حصلوا على منافع خاصة،وكان وراء ذلك بعض من مكنهم منها عمموا  حكم الصلاح على كل أفراد القطاع دون مبالاة بما قد يوجد فيه من طالحين ، والعكس يصح أيضا. فإذا ما وجد وزراء أو مسؤلو قطاعات كبار سمتهم الصلاح أو الطلاح فلا يعقل أن تأخذ وزاراتهم  أو قطاعاتهم  صفاتهم صلاحا أو طلاحا. وكذلك الشأن بالنسبة لكل موظفي الوزارات والقطاعات، فلا يمكن أن تنسحب صفاتهم صلاحا أو طلاحا على الوزراء والمسؤولين الكبار، وإن كان أحيانا القانون يحمل المسؤولين الكبار مسؤولية  طلاح الموظفين الصغار ويحاسبهم عليه، وفي المقابل لا يكافئهم في حال صلاحهم .فكم من وزير أو مسؤول كبير اضطر لتقديم استقالته بسبب خطأ موظف تابع لوزارته أو قطاعه، وكان بذلك كبش فداء أو ضحية. ومشكلة الصلاح والطلاح  تكمن في الاختلاف حول تحديد مفهوميهما، حيث يكون الصلاح عند بعض الناس طلاحا والعكس صحيح. ومع أن الصلاح  هو القيام بما يجب من حقوق وواجبات جلبا للمنافع ودرء للمفاسد الخاصة والعامة،فإن كثيرا من الناس يرون الصلاح في عدم القيام بما عليهم من حقوق وواجبات، ولهذا عندما يواجهون بهذه الحقيقة يرون فيمن يواجههم بها الطلاح. وبيان هذا الإشكال أن المفاهيم أحيانا تختلط وتتضارب بسبب شيوع الفساد، فيصير الصلاح طلاحا والعكس... فإذا ما وجد في قطاع من القطاعات مجموعة كبيرة  من الأفراد المتواطئين على المفاسد الجالبة للمضار، فإن وجد من ينكر عليهم طلاحهم ناصبوه العداء والحقد وحاربوه حربا لا هوادة فيها لمجرد أنه لحن صالح ناشز وسط  طغيان سنفونية الطلاح. وفي المقابل إذا ما وجد في قطاع من القطاعات مجموعة كبيرة من الأفراد المجتمعين على المصالح والمنافع العامة، فإن وجد بينهم طالح،فإنه سيعاديهم  ويمقتهم لأنه يسبحون عكس تيار طلاحه. وقد يحدث هذا في الغالب عند مسؤول طالح ينصب على مجموعة أفراد صالحين، فيعانون من طلاحه خصوصا عندما  يستغل مكانته وسلطته للتعسف عليهم . والمسؤول الطالح لا يستطيع أن يمارس فساده وإفساده إلا إذا أحاط نفسه ببطانة من الطالحين يستعين بهم  كبلطجية أو شبيحة فاسدة تحارب من ينكر عليه فساده، وتحاول بهرجة فساده وإفساده أمام الرأي العام من أجل مخادعته، وإظهار المسؤول الطالح إنسانا صالحا وفاضلا، وما هو إلا طالح في سره وعلانيته، تفوح منه رائحة الفساد حيثما حل وارتحل، وتزكم الأنوف، ولا يذكر إلا ملعونا بلعنة الشيطان الرجيم. وقد يحاول الإنسان الطالح التودد لأهل الصلاح من أجل تضليل الرأي العام ظنا منه أن هذا الأخير إذا رآه يحتك بأهل الصلاح، ويتودد إليهم سيظن به الصلاح أيضا. وقد يكون الطالح بليد الحس وهو يظن بنفسه الشطارة والذكاء والدهاء، فيظن الغفلة بأهل الصلاح، ويحاول مخادعتهم بإظهار قناع الصلاح الذي يخفي خلفه وجه الطلاح المكشوف، وهم على علم بخداعه يسخرون من غفلته وهو لا يشعر... ويجتهد أهل الطلاح في الحيل والمكائد ، و لا هم لهم سوى البحث عنها لاعتمادها في التمويه على طلاحهم... وتنشأ بين الطالحين علاقة مصالح شخصية تجعلهم متعاطفين فيما بينهم بسببها، ويغطي بعضهم على بعض من أجل التمويه على مفاسدهم الفاضحة.  وللطالحين أجهزة مخابرات عتيدة ينشرونها في كل اتجاه من أجل استغلالها للتمويه على فضائحهم. وقد يعتمد المسؤول الطالح على صغار الطالحين فيسرب لهم المعلومات خصوصا عندما يستهدفون بالافتحاص والمراقبة لأنه يخشى أن يفضي افتضاح طلاحه من خلال افتضاح طلاحهم. وقد يظن هذا المسؤول أيضا بنفسه الدهاء والشطارة، فيخفي وجه الطلاح بقناع الصلاح، ويتظاهر بألا علاقة تربطه بالطالحين المتورط معهم في طلاحهم، ويظن أن أمره قد خفي، والحقيقة أنه إنما يعرض نفسه لسخرية من لا يخفى عليهم طلاحه وتورطه مع الطالحين. ومن غباء الطالحين أنهم يغفلون عن عين الذي لا تأخذه سنة ولا نوم سبحانه وتعالى، والذي يملي لهم ليأخذهم الأخذ الأليم والوبيل بعد استدراجهم حتى يستنفذوا كل كيد، فيجعل كيدهم في تضليل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق