الثلاثاء، 2 يوليو 2013

بلوكاج سياسي

قضية و موقف//
         بلوكاج سياسي

البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط" /آزرو- محمد عبيد
يعرف المشهد السياسي بالمغرب صراعا صبيانيا من شأنه قتل ما تبقى من أمل المغاربة في رؤية بلدهم يسير في اتجاه إقرار ديمقراطية حقيقية والالتحاق بنادي الديمقراطيات العالمية... هذه الظاهرة التي يتواجد فيها عدة أحزاب سياسية، تتنافس على الوصول إلى السلطة في الدولة، و قد تتشارك الأحزاب في حكم الدولة، كما هو الحال في الحكومات الإئتلافية.
منذ انطلاق ما بات يعرف اصطلاحا بثورات الربيع العربي والساحة الوطنية تغلي بفعل التأثير الذي خلفته بحكم الترابط الثقافي بيننا وبين هذه الدول من حيث الظلم والقهر والاستبداد والفساد المنتشر فضلا عن تخلف فئة من الشعب ونفاقه وانجرارها خلف أية سياسة يبتليها الله بها منذ استقلال البلاد إلى اليوم باستثناءات قليلة، هذا الشعب الذي رغم ما يقال عنه في محاربة الأمية لا يزال أميا سياسيا مما يجعله عرضة للذل والهوان ولا يستحق أدنى رحمة ولا شفقة من أولى الألباب السياسية، حيث الطاغي أن هاته الأحزاب تتشدق بشعبيتها الزائفة وبعباراتها المملة  كونها جلها تتشكل من مجموعة شخصيات لها أفكارها الخاصة والتي جعلت منها مرجعية لجمعياتها (أحزابها) على ما يبدو.
صحيح أن التعددية الحزبية لها الدور الايجابي في خلق الجو الديمقراطي..لكن كثرة الأحزاب السياسية والأنظمة السياسية تخلق لدى المواطن نوعا من عدم الثقة خصوصا مع انعدام المصلحة التي تعود عليه أو التي يرى أنها حققتها له، في نظري المتواضع المشهد السياسي المغربي منقسم إلى ثلاث أصناف:
الصنف الأول ينتمي إلى الأغلبية ببرامج مختلفة وأهداف متناقضة ناهيك عن الإيديولوجيات،و صنف المعارضة من أجل المعارضة وعرقلة كل مبادرة لتحقيق ولو1في المائة من النماء المنشود، والصنف الثالث أحزاب تبحث عن موقع قدم في المشهد السياسي مهما كانت الوسائل  لكثرة هذه الأصناف...
 و لعلني أستحضر و أحيل على كتاب الباحث الأمريكي "جون واتربوري" لكتابه أمير المؤمنين الملكية و النخبة السياسية بالمغرب، فهو كتاب رائع يعطي لنا صورة واضحة عن الأحزاب السياسية والتعدد الحزبي وتاريخ هذه الأخيرة أي الأحزاب والأسس التي تعتمد عليها ومنهجيتها وأدائها السياسي.
التعددية السياسية بالمغرب منذ انطلاقها شلت حركة التنظيمات السياسية ولم تجعلها تلعب الدور الأساسي في اتخاذ القرارات، إذ أنها ظلت تلعب دور جماعات المصالح لا أكثر، أضف إلى ذلك أن أغلب المحللين السياسيين يعتبرون التعددية السياسية التي عرفها المغرب سنة 1960 لم تكن عبارة عن نشر دم سياسي جديد و إنما كانت عبارة عن نوع من التمايز الطارئ في صيرورة إعادة ترتيب الركح السياسي المغربي..
وعليه فإن أحزابا هذا شكلها سواء كانت موالية أو معارضة أولى بها أن تتوارى وتتفكك لأنها عجزت عن تحقيق طموح المواطن البسيط الذي يسعى إلي توفير لقمة عيش كريمة كذبت عليه الحكومات المتعاقبة في توفيرها وتاجرت به أحزاب أخرى لنيل مبتغى صعب التحقيق .
وصفت التعددية السياسية في المغرب من طرف الملك بالعشوائية، وانتقد المزايدات السياسية التي لا تهتم ببناء برامج واقعية في الإصلاح، وفي هذا السياق دعا إلى تركيب أقطاب سياسية متجانسة قادرة على تأطير المجتمع وتأهيل النخب، وذلك من أجل مشهد سياسي معقلن، وقادر على بلورة برامج سياسية واجتماعية واقتصادية لمواجهة تحديات الواقع المغربي في صورها المختلفة.
المشهد السياسي اليوم خير دليل على تمييع العمل السياسي والاستهتار بمطالب المواطنين، هذا إن دل على شيء وإنما يدل على أن التعددية المغربية في الأخير تفرز لنا تحالفات غير وازنة وغير منسجمة، وخير دليل هو التجربة الحالية.
في رأيي المتواضع، التعددية كآلية هي شكل جيد للبلد وليس لأحد الحق أن يحدد سقف أو عدد ما للأحزاب أو الدفع إلى خلق أقطاب بشكل قسري لأن هذه الدعوات ربما هي ذريعة ومطية لمنع أو تصفية حسابات لمجموعة قد تظهر وتنافس من هم الآن في الساحة بسبب عدم قدرتهم على الخلق والإبداع ومسايرة المجتمع ويريدون بذلك تحفيظ ممتلكاتهم السياسية... من يدري قد يظهر حزب يساهم بفعالية في خدمة البلد؟ وهل أجيال الغد مفروض عليهم قبول أفكار الأحزاب الحالية؟ وإذا كانت لهم أفكار أخرى أليس لهم الحق في الدفاع عنها داخل أحزاب تمثلهم؟ قد يفهم كلامي على أنه دفاع عن الوضع الحالي... لا بالعكس فأفضل حزبين أو ثلاث بقوة تمكنهم من تسيير البلاد.... لكن كيف؟ أنا أدعو إلى خلق هذا الوضع بوعي المواطنين، فهم الذين لهم الحق بواسطة الانتخابات في فرز هذا الوضع وليس بقرار من أي جهة غير المواطنين... هذا يجرنا إلى التركيز على الدعوة إلى تغيير قانون الانتخاب الذي يشجع على البلقنة ويمنع أي قوة من الحصول على نسبة تمكنها من التدبير تحت ذريعة الاستفراد وأين العيب إذا اختارهم الشعب؟.. الاستفراد هو ما يحصل عند تشتيت الأحزاب حيث يصبح كل حزب يقول لست أنا وحدي من يسير ويختبئ وراء تعدد مكونات الحكومة الذي يحول دون محاسبته على برنامجه الانتخابي. كيف يمكن لحزب مواجهة الناس وهو في أفضل الأحوال لا يمكنه تجاوز نسبة 25 بالمائة، فدائما سيقول إننا نعمل وفق برنامج الأغلبية وليس برنامج الحزب... دائما سيقول أعطوني الأغلبية وسأنفذ ما وعدتكم به أما وأنكم منحتموني نسبة أقل من الربع وتطلبون مني تنفيذ البرنامج الانتخابي؟؟؟؟؟
إذن التركيز لابد أن يكون على قانون الانتخاب ودعوا الشعب يخلق الأقطاب و الأحزاب القوية بالديمقراطية وليس بالقرارات.
 لو تأملنا دور الأحزاب المتعلق بتأطير المواطنين والاستماع لمطالبهم والعمل على تنفيذها كما هو مدرج في إطار قانون الحريات العامة لوجدنا اختلافا لايقاس مقارنة مع الواقع المعاش ....
ما نلاحظه اليوم من بلوكاج سياسي لعمل الحكومة وسيادة خطاب شعبوي دنيئ، ينم عن رفض النخبة السياسية التقليدية لقواعد اللعبة الديمقراطية، وعدم قدرتها على مسايرة المتغيرات الجديدة التي يعرفها المغرب، بسبب تعودها على الالتصاق بالكراسي، واللجوء إلى المنشطات في كل سباق انتخابي مزيف، مضمون النتائج مسبقا.
نعم، هناك مؤاخذات على عمل الحكومة الحالية، وخاصة فيما يتعلق بمحاربة الفساد ومباشرة أوراش الإصلاح، وتنزيل بنود الدستور الجديد، وفقا للتعاقد الذي أبرمته مع الشعب إبان الانتخابات الماضية، لكن بدل ممارسة العرقلة والشعبوية، وجب على المعارضة العمل ميدانيا لتأطير الساكنة وتنويرها تحضيرا لمعاقبة الحكومة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
إن عدم قدرة الفرقاء السياسيين على انتظار المواعيد الانتخابية من أجل التناوب على السلطة وفقا لما تمليه الإرادة الشعبية، يؤكد الحاجة إلى ليس فقط إلى تغيير جذري في الوجوه السياسية التي ملها الشعب، ولم يعد قادرا على رؤيتها بسبب إرثها الثقيل، وفشلها الذريع في الإجابة عن انتظارات الساكنة، بل في الثقافة السياسية التي تعتبر الأحزاب مقاولات لجني الأرباح والمكاسب الشخصية.
الصراع الغير المفهوم، الذي نشب حاليا من داخل الأغلبية الحكومية، بعد مرور سنة ونصف فقط على عمل الحكومة، بعد فشل المعارضة في أداء دورها الدستوري، يجعل الإجابة على انتظارات المواطنين مؤجلة إلى أجل غير مسمى
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق