الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

التوقيت الإداري المستمر وزغاريد الحمقاء "ما يقول حد غطي راسك آ سي القاضي"..

*/* قضية وموقف*/*
التوقيت الإداري المستمر وزغاريد الحمقاء
"ما يقول حد غطي راسك آ سي القاضي"
*/*البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/*
لن نخطو خطوة واحدة نحو التغيير والإصلاح ما دام فينا المقصر في أداء الواجب الذي لا يحاسب، والقائم بالواجب الذي يمن علينا ذلك، وكأنه يقدم صدقات ولا يقوم بواجبات السبب الرئيسي... سيما عندما نقف على أن غياب متابعة التقصير في أداء الواجب قد ساهم في تكريس وضعية الفساد لدينا بشكل غير مسبوق، وصرنا نتحدث عن هذا الفساد وكأنه قدر لا راد له، حتى أضحى الفساد غولا ينخر القطاعات العمومية وعمّ شيوعه وانتشاره واكتساحه كل ميادين الحياة، وبين أوساط المسؤولين ومن هو تابع لهم، والذين يوجدون خارج طائلة المتابعة والمساءلة والمحاسبة.
ولما كانت مفاهيمنا مقلوبة ومعكوسة، صار الداعي إلى صلاح مفسد  بامتياز عند المطبعين مع الفساد، وصار من يقوم بما يجب عليه بطلا في حجم الأبطال الأسطوريين، وقد يحق له إن قام بواجب من الواجبات أن يفعل بالناس ما يشاء بما في ذلك إهانتهم والسخرية منهم...
لقد اقتنع الناس عندنا مع مرور الزمن بأن الأصل في القيام بالواجب في كل القطاعات خصوصا العمومية هو التقصير والتهاون استخفافا به.
ولهذا التقصير علامات دالة عليه تبدأ بالتلكؤ في الالتحاق بمقار العمل  يوميا في المواعيد الواجبة وجوب الفرض الديني، ذلك أنه كما أن عبادة الصلاة على سبيل المثال لا الحصر كتاب موقوت الشيء الذي يعني أن مواعيدها مضبوطة بدقة، فكذلك الوظائف والمهام عبارة عن كتاب موقوت حيث تحدد النصوص التشريعية والتنظيمية أوقاتها بداية وانتهاء بدقة وضبط.
ومقابل التلكؤ في الالتحاق بالعمل نجد المغادرة المبكرة له قبل حلول مواعيد المغادرة..
وبين التلكؤ في الالتحاق أو التأخر وبين المغادرة قبل المواعيد يوجد التراخي في أداء الواجب، ذلك أنه عندما تقاس الأنشطة المقدمة خلال زمن العمل الناقص بداية ونهاية  بالمقابل الذي يحصل عليه أصحابها نجد الفرق شاسعا والظلم صارخا والغش واضحا، ومن المهازل أن التوقيت المستمر صار له مفهوم غريب عندنا حيث تحولت نصف ساعة أو ساعة الزوال المخصصة لتناول طعام الغذاء إلى شماعة لتبرير التملص من القيام بالواجب...  
وعندما يلتمس الإنسان عندنا أغلب الموظفين في القطاعات العمومية منتصف النهار لفإنه يجد مقرات عملهم شاغرة، وإذا سأل عنهم تلقى أحد الجوابين:"ذهبوا لتناول الغداء أو ذهبوا لأداء صلاة الظهر"...
 أما عن صلاة الجمعة فإنه صار لها توقيت آخر خارج التوقيت الشرعي المعروف...
وإذا ما سولت لأحد نفسه أن ينتقد هذا الشعور بسبب ضياع مصلحته أو حقه أو تأخرهما يواجه بالنقد اللاذع..
وهذا الفساد استشرى فينا  بسبب غياب المراقبة والمتابعة والمساءلة والمحاسبة.
 وفي بعض الإدارات قد يظل المسؤولون الكبار في مكاتبهم في حين  يهجر من تحت مسؤوليتهم  من صغار الموظفين مكاتب ومرافق هذه الإدارات دون أن يستطيع هؤلاء المسؤولين الكبار مجرد الاستفسار عن هذه المغادرة اليومية المتعمدة  للموظفين، وعلى "عينك يا  بن عدي"..
وقد يطوف بعض المسؤولين ملتمسين من تحت مسؤوليتهم من موظفين صغار في أماكن عملهم، فلا يجدون أحدا منهم حيث يجب أن يوجد، ولكنهم في المقابل لا يحركون ساكنا، ولا يفعلون مسطرة، بل الويل لهم والثبور وعواقب الأمور إن سولت لهم أنفسهم ذلك، لأن النقابات عندنا صارت غيلانا بل"عيشة قنديشة"... وبمجرد تفكير المسؤولين في تقصير من تحت مسؤوليتهم في الواجب يعتبر ذلك مساسا بهيبة النقابات، التي صار يصدق عليها المثل العامي:"ما يقول حد غطي راسك آ سي القاضي".. 
وهكذا صار حال عدد من النقابات تعاين التقصير في الواجب لدى منخرطيها، ومع ذلك  تتبنى:"أبي وأمي" على حد تعبير المثل الشعبي دلالة على افتضاحه.
ومع مرور الزمن صار التقصير في أداء الواجب مطلبا مشروعا لدى النقابات، ولا يختلف عن المطالبة بالزيادة في الأجور والترقيات وغير ذلك مما  يعد مطالب مشرعة.
وصارت الإضرابات كزغاريد الحمقاء كما يقول المثل العامي، وهي زغاريد لا نهاية لها بسبب الحمق..
ومع غياب المساءلة والمحاسبة والاقتطاع عن أيام الراحة والاستجمام، وعن ساعات التأخر والتلكؤ في الالتحاق بمقار العمل، وساعات اللقمة والصلاة وما بعدها من سراح جميل، يبدو كل من قام بواجبه المطلوب، والذي يلزمه محسن صاحب خير وإحسان وفضل يستحق الشكر والثناء، بل يستحق المدح بالقصائد المطولة، لأنه قام بواجبه مقابل تقصير غيره في أداء هذا الواجب.
وقد لايتوقف القائم بواجبه عن الامتنان لمجرد أنه يقوم بما يلزمه وما يجب عليه، وكأنه بامتنانه يريد القول:"إنه بإمكاني أن أكون مع الأغلبية المقصرة في أداء الواجب، ولم أفعل، لهذا يحق لي أن أمن على الإدارة قيامي بالواجب"...
وبهذا الوضع ظهر فينا الفساد واستشرى واستدعى ذلك ربيعنا المغربي ومن نوع خاص، إلا أننا ومع طول الخريف والتطبيع معه لم نحسن استقبال هذا الربيع الجميل، ومضينا في تفضيل الفساد على الصلاح والإصلاح. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق