الخميس، 4 أكتوبر 2012


حديث عن شيء في التعليم
وعن الأخلاق و ما بقيت في القطاع؟
قضية و موقف//
محمد عبيد (آزرو)
كثر الحديث عن الإصلاحات المتتالية في قطاع التعليم و بصفة خاصة في التعليم العمومي و التي لم تثمر نتائج حقيقية٬ حيث نواصل تكوين أجيال بشكل لا يستجيب لانتظارات سوق الشغل... كلما حل موسم جديد نصادف أن المدارس المغربية تستغل الدخول المدرسي لتبشر بما هو آت، وبما تحقق من إنجازات وما حصل من تراكم آت سالفة في مسار التربية و التعليم ،مزهوة بنسبة النجاح التي تحققت نهاية السنة المنصرمة في حين يستقبل الآباء الموسم الدراسي الجديد  بالشكوى، فالأجور هزيلة، والأسعار ملتهبة، والمصاريف لا تنتهي ولا يراد لمعاناتهم أن تنتهي في غياب عمل ملموس من إدارة المؤسسات من استقطاب الآباء والأمهات وتحفيز جمعيات الآباء على العمل سويا وعقد جلسات تواصلية مع هؤلاء الآباء و الأمهات قصد اطلاعهم  كشركاء أساسيين  بالمؤسسة على توجهات الوزارة ومستجدات الدخول الحالي...و حتى إن حصلت بعض اللقاءات تكون جد محتشمة مادامت الاقتراحات و ملاحظات الآباء بما يضمن التفافهم حول المدرسة و إشراكهم في بناء مشروع المؤسسة الذي تراهن علية الوزارة لتحقيق الحكامة الجيدة و الشفافية في التدبير و تقوية الانخراط في الإصلاح لا تأخذ بالجدية المفروضة قبل أن نقول المطلوبة بتبني المقاربة التشاورية التشاركية..
فبغض النظر عن كافة التدابير الاعتيادية التي اتخذتها الوزارة الوصية من أجل ضمان حسن استئناف الدراسة فإن هذا الدخول المدرسي بالذات يتميز بكونه جاء على إثر الدعوة التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس في خطابه ليوم 20 غشت المنصرم٬ الرامية إلى إصلاح النظام التعليمي الحالي٬ وذلك بهدف ضمان ولوج متكافئ وعادل للمدرسة والجامعة من طرف جميع المتمدرسين٬ وأيضا بهدف ضمان الحق في تعليم جيد و لتجاوز قالب تعليمي أثبت محدوديته بفعل الهدر والفشل المدرسيين والصعوبات في إتقان اللغات الأجنبية وضعف البنيات وإتباع مقاربة بيداغوجية غير سليمة..
أما الحديث عن التعليم الخصوص و ما أثاره من جدل ، وقبل أن نؤيد أو نعارض قرار وزير التربية الوطنية، لا بد أن نصارح أنفسنا و نتناول الموضوع من جميع جوانبه ونستعرض الخلفيات والحيثيات التي تحكمه... فلا يختلف إثنان في أن التعليم الخصوصي ساهم في امتصاص جزء مهم من بطالة أصحاب الشواهد و كانت الوزارة تراهن عليه لتخفيف العبء على التعليم العمومي.
ولهذا كانت المصالح المعنية تسمح باستعانة مؤسسات التعليم الخصوصي بأطر التعليم العمومي لخبرتهم وتمرسهم في ميدان التربية والتعليم في أفق تحقيقه للاكتفاء الذاتي في موارده البشرية... وكانت الدولة تتساهل مع هذا القطاع في موضوع الضرائب لما كانت المؤسسات في بدايتها، لكن الصراع بين الدولة والتعليم الخصوصي بدأ منذ سنين لما تقوى هذا القطاع واشتد عوده وأصبحت له لوبيات ونقابات ضاغطة، وهي لحد الآن تمتنع عن أداء الضرائب المستحقة للدولة، ووصل الأمر إلى التهديد بحجز سيارات النقل المدرسي.
ومن الناحية العملية، نعرف أن الوزارة لا تسمح إلا ب 6 ساعات إضافية لكل مدرس أو مفتش، على أن يتقدم بملأ مطبوع طلب الترخيص للقيام بهذه الساعات لحساب مؤسسة تعليمية قانونية، ولا يمكن أن يقوم بذلك إلا بعد توصله بالموافقة من النائب الإقليمي تحت إشراف رئيسه المباشر طبعا... أما الساعات الليلية في البيوت و الفضاءات الأخرى، فممنوعة قانونيا باعتبارها عملا إضافيا للموظف وهو ما يناقض قانون الوظيفة العمومية، لكن عمليا يصعب، بل يستحيل متابعتها، لأن الأمر يحتاج إلى إذن من وكيل الملك وإثبات المخالفة وتحرير محضر وو...ويمكن للأستاذ أن ينكر أنه يتقاضى أجرا على عمله أصلا!!!
نرجع إذن إلى الدروس التي تعطى في المؤسسات الخصوصية من التعليم الأولي إلى التعليم العالي، إلى المعاهد المتخصصة سواء المغربية أو الأجنبية، ونصارح أنفسنا: هل يتقدم كل مدرس وكل مؤطر بطلب الترخيص للنيابة الإقليمية أو للأكاديمية؟ هل تخضع الدروس الإضافية في الجامعات والمعاهد للحكامة والنزاهة أم تسند للأصدقاء والأقارب فقط؟ هل يلتزم الجميع ب 6 ساعات فقط؟ طبعا لا.
لقد وصل الأمر ببعض الاساتذة إلى أن يشتغلوا من الساعة الخامسة صباحا إلى منتصف الليل! و بعضهم يدرس في 4 مؤسسات أي يحرم 4 معطلين من الشغل! و سمعت عن حالات تقضي الفترة الصباحية في الخصوصي بإفران ثم تتوجه مباشرة إلى آزرو او بازرو نفسها تقطع شمالها إلى جنوبها بسرعة البرق  للتدريس في العمومي من الثانية بعد الزوال إلى الخامسة مساء! مباشرة بعد الوصول، يتم إدخال التلاميذ إلى الفصل، ثم تبدأ عملية الوضوء والصلاة وأكل لقمة على عجل! والمدير والنيابة الإقليمية و حتى الأكاديمية الجهوية والأب على علم، ولا أحد ينبس بكلمة! و لا أريد أن أخوض في موضوع ابتزاز التلاميذ وإرغامهم على الدروس الخصوصية ومقايضتهم بالنقطة، أو حكاية المؤسسات الخصوصية التي تستقطب تلاميذ الثانوي التأهيلي ب 20 على 20 في الرياضيات أو الفيزياء !! وقد تطور الأمر حتى أصبح الخصوصي عمومي والعمومي خصوصي، أي أن بعضهم يعطي كل طاقته وجهده للخصوصي، في حين تسجل عليه مؤسسته الأصلية كثرة الغياب وكثرة الرخص المرضية قبل آن تسجل عليه أيضا المردودية  الواجبة في العمل مقارنة مع عمله بالخصوصي... وربما النقطة التي أفاضت الكأس هي يرفض البعض تسليم النقط للعمومي وتسليمها للخصوصي!!!
إن المذكرة 109 حق يراد به باطل، لأنها تفتح الباب أمام فساد كبير في مهنة التعليم وهي أشرف المهن، وإذا أرادت الوزارة الوصية سد باب الذرائع ولو مؤقتا، حتى يلتزم الجميع باحترام المذكرة والوقوف عند شروط تنزيلها، فلا بد أن نحيي المسؤول الأول عن القطاع وطنيا  على شجاعته عوض اتهامه بالتسرع والارتجال، لأن الوزراء السابقين كانوا يكتفون برصد الظاهرة والحديث عنها في المجالس الإدارية للأكاديميات دون القدرة على اتخاذ التدابير اللازمة... و إذا كنا نريد فعلا محاربة الفساد، فها هي الوزارة وضعت لائحة للمرخص لهم بإعطاء الدروس في الخصوصي على موقعها الرسمي، ووضعت رهن إشارة الآباء والأولياء وجميع المهتمين رقما أخضر لتقديم أي شكاية للجهات العليا، فليتحل الجميع بالشجاعة الأدبية وبالمواطنة الحقة ولنساهم في فضح الفساد في قطاع التربية الوطنية الذي للأسف لم يعد يقتصر على هاته السلوكات الإدارية بل تعداها إلى الحديث عن الأخلاقية التي jداولتها و تهامست في شأنها الألسن في المجالس العمومية و الخصوصية  سواء بشرق المغرب أو باطلسه المتوسط  وصل صداها الوزارة التي لمح وزيرها ب" عندكم 15 الأستاذة و المدير و صاحبتو؟؟؟؟؟"فهل من جادة للضرب على أيدي المتلاعبين بمصير تعليمنا و أبنائنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق