الجمعة، 3 يوليو 2015

قضية وموقف "احنا مغاربة..احنا لمغاربة رمضانيون فقط؟"

قضية وموقف"احنا مغاربة..احنا لمغاربة رمضانيون فقط؟"

*/*البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/آزرو-محمد عبيد*/*
لن يتناول هذا الموضوع الأجواء الرمضانية التي يعيش عليها المغاربة من حيث الإعداد ولاستعداد لكل حاجياتهم ليكونوا سعداء في هذا الشهر الفضيل إن غذائيا أو اقتصاديا... موضوع هذه المادة يدفعنا إلى التأمل في واقعنا مع حلول كل شهر رمضان المبارك سيما عندما تنتابنا قشعريرة الإيمان والخشوع ونسعى لنكون أكثر قريبين من الله بالسعي إلى التوبة والمغفرة والأجر الكبير... لنتناقض مع أنفسنا وواقعنا بشكل كبير 380درجة عن باقي الأشهر من السنة حيث يركبنا الجهل بعدة مواقف وقضايا التشبث بهذا الإيمان- فعلا وقولا وواقعا في شتى المجالات الحياتية إن اجتماعيا أو مجتمعيا أو سياسيا- شرعا... بل حتى من حيث المشرع "القانون" حين نقف على تجارة محرمة فقهيا ودينيا تروج تحت وازع تقوية الاقتصاد الوطني؟ لنكرس لسياسة النفاق الديني في مختلف المشاهد الوطنية والدينية وتزكيتها سياسيا...
 ففي كل شهر رمضان، تشتعل الحروب بين الأحزاب السياسية بسبب "البونات"، حيث يدعي كل  حزب استغلالها من قبل منافسيه في معركة انتخابية سابقة لأوانها مما أصبح معه الأمر يستدعي تخليق الحياة السياسية، وفضح قوى الفساد والتحكم بكل الأشكال النضالية والحملات التحسيسية، للقطع مع ممارسات ما قبل دستور 2011.
وقد استشرى النفاق السياسي ومعه الاجتماعي مع هذا الشهر الفضيل فلن يتنازع اثنان حول حق الإنسان في اعتناق ما شاء من الأديان، ولن تتناطح عنزتان حول كون الدين يفرض نفسه في جل المجتمعات البشرية.. لكن ما يجب التسليم به هو حتمية وضرورة تماهي ما هو ديني مع ما هو ثقافي وليس العكس... فليس من السليم نحت وترقيع الوجه الثقافي لشعب معين ليتناسب ويتماشى مع دين معين وإنما الأجدر هو صياغة التوجه الديني في ما يتناسب مع الثقافة المحتوية له (الأباظية) إذ بهذا وفقط يمكن تجاوز النعرات الطائفية وتفادي التمذهب والاشتقاق الاجتماعي من داخل المجتمع الواحد.
لكن هذا من طبيعة الحال يندرج ضمن ما هو مفترض أن يكون! إذ الكائن والواقع شيء مختلف فالتمذهب وتنميط الثقافي في إطار ما هو ديني يبقى الطريق الأقصر لاستعباد نفوس العباد والتسلط في البلاد.. لذلك لم تجد السلطة السياسية القائمة على أساس التمذهب الديني بالمغرب (المذهب السني) بدا من محاولة تذويب وصهر الثقافة الديمقراطية للمغاربة في بوثقة المالكية والنزعة العرقية في إطار الشرفاء وغيرهم من العامة، لهذا لابد من تقوية الوازع الديني في الفكر اليومي المغربي باعتباره صمام الأمان المانع أو المؤجل على الأقل لرصاصة النقد العلمي المؤسس بدوره للتمرد والعصيان ضد النظام السيايسي.
ولترسيخ المضمون الديني في نفوس المغاربة لضمان الوصاية عليهم، عمد المشرع المغربي إلى إدماج أحكام لا تتماشى حتى مع روح الدين بنفسه، أهم هاته الأحكام تتمثل في تجريم الإفطار العلني في شهر رمضان للمغاربة مع تحديد عقوبات منظمة لذلك في ديباجة القانون الجنائي المغربي؟ والغريب في الأمر أن الحكومة الساهرة على تطبيق هذا القانون وتفعيله تتألف في مجملها من وزراء وأعوان سياسيين ليس بينهم وبين الدين الإسلامي إلا الخير والإحسان.. التحالفات الحزبية ضمن الكتلة الحكومية والمعارضة التي لا تعرف تحالفات مبدئية  زد على ذلك سمو القوانين الدولية على نظيراتها الوطنية والتي من ضمنها حرية الاعتقاد، هاته المواثيق الدولية التي وقع المشهد السياسي بالمغرب عليها وتعهد باحترامها، وفي مقابلها يقوم باعتقال المفطر علنا في شهر رمضان؟ ومن مظاهر النفاق السياسي بالمغرب أيضا هو القانون الملزم للأسواق التجارية المختصة ببيع الخمور في إغلاق أبوابها خلال شهر رمضان، هاته الأسواق التي يدعون في قانونهم أنها خاصة بالسياح! وهل هؤلاء السياح يصومون أثناء شهر رمضان؟ ثم إن كان هذا الخمر أصلا مما حرمه الدين الإسلامي الذي هو دين الكيان السياسي بالمغرب، فلا يجوز بيعه في شعبان قبل رمضان، زد على هذا إن كان بالمغرب بهاته القوانين والممارسات الشاذة حريصا على تثبيت أصول الدين عند المغاربة فالأولى به إصدار قانون يمنع ترك الصلاة كونها أول ما يسأل عليه العبد يوم الحساب، أم أن الحسابات السياسية في الصلاة أكثر ضآلة من نظيرتها في ما يخص الصوم؟
هذا فقط جانب ضئيل جدا من مظاهر النفاق السياسي بالمغرب فيما يخص اللعبة السياسية/الدينية ومن الصعب الإحاطة الشاملة بالموضوع نظرا لكون السياسة بالمغرب مجرد نفاق وضحك على ذقون المغاربة الذين بدورهم يساهمون في ذلك ويباركونه بالنفاق الاجتماعي الذي يمارسونه على بعضهم البعض فكيف ذلك؟
لفهم بعض مظاهر النفاق الاجتماعي عند المغاربة يكفي فقط جهد التجول ليلة واحدة في أحد الأحياء الشعبية لنستوعب أن المغاربة سامحهم الله يجيدون ممارسة النفاق بشكل يكاد يضاهي نظامهم السياسي، إذ تجد أولئك الذين كانوا في شهر شعبان ينعتون بصعاليك الحومة وسكيريها قد أصبحوا بإذن رمضان مستقيمين ومسالمين لكن بالنهار فقط!؟! حيث تكون مقاهي الشيشة والمقاهي التي تسمح بتدخين الحشيش وتعاطي كافة أنواع المخدرات هي الرائجة خلال هذا الشهر باستقبالها لعدد لا يستهان به ممن كبلهم وقيدهم الصوم خلال النهار من الصائمين والصائمات... هؤلاء الذين يجيدون البحث عن رمضان لطيف؟
 هؤلاء الذين يسبون الملة والعباد في كل مساء رمضاني لكنه لا يقبلون بتاتا أن تفطر أمام أعينهم، فالمغاربة لديهم فكرتهم المشهورة (نقدر ندير كلشي إلا رمضان راه شي حاجة اخرى هاديك)؟ فقد يسرق منك أحدهم في ليلة القدر ويصوم اليوم الذي يليه! و الغريب في الأمر أنه خلال الأشهر الأخرى الغير المقدسة بهذا الفهم وفي زوال الجمعة تعج الحانات بهؤلاء، وكأن الصلاة ليست ركنا من أركان الإسلام حتى أنك قد تفكر بأن رب المسلمين يزداد ويموت خلال شهر رمضان وفقط! وكم من مواطن تعرض للإهانة والضرب والاعتقال فقط لأنه اختار أن يكون حرا في الإفطار برغيف ولم نشهد يوما أن مسؤولا ما تعرض لشيء من هذا القبيل رغم أنه أفطر علنا وبشعب وليس بمجرد طعام عادي مع طول العام؟ من صور النفاق الاجتماعي عند المغاربة أيضا أنهم ينظرون إلى المفطر نظرة استصغار رغم أنه لا يضر أحدا بفعله ذاك، وفي المقابل لا يدينون تارك الصلاة! أو الثري الذي استطاع سبيلا إلى السعودية فاختار وجهة أخرى غيرها توفر المتعة وليس الطواف!
خلاصة هذا إن المغاربة شعب رمضاني و ليس مسلم؛ حتى إن كان مسلما فهو كذلك لأن السياسة تريدهم كذلك، وتريدنا مغاربة رمضانيون فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق