الاثنين، 29 أبريل 2013


بوح السر
المجتمع المدني والتنمية المحلية المستدامة في إقليم إفران
مـْزِينَتْهَا  بْلاَد لُو كَانْ مَا فِـيهَاشْ الحقد والحسد
البوابة الإلكترونية"فضاء الأطلس المتوسط"/محمد عبيد- آزرو 
أي مجتمع مستدام يقوم على احترام الطبيعة، وحقوق الإنسان ، والعدالة الاقتصادية، وثقافة السلام، مبني مبادئ أخلاقية رئيسية لبناء مجتمع  ينعم بالعدل، والاستدامة والسلم، ويسعى لتحفيز حس المسؤولية المشتركة والتكافل لرفاهية افراد بيئته الاجتماعية، ومجتمع الحياة الكبير، والأجيال القادمة...هو رؤية للأمل ودعوة للعمل... مادامت الاستدامة بالنسبة للبشر هي القدرة على حفظ نوعية الحياة التي نعيشها على المدى الطويل وهذا بدوره يعتمد على حفظ العالم الطبيعي والاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية، وهي عناصر متداخلة لا تتجزأ، لذلك، يقدم إطاراً أخلاقياً جديداً شاملاً متكاملاً للتوجه نحو مستقبل مستدام.
 لهذا أصبح مفهوم مصطلح الاستدامة واسع النطاق ويمكن تطبيقه تقريبا على كل وجه من وجوه الحياة على الأرض، بدءً من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي وعلى مدى فترات زمنية مختلفة... وتعد الاستدامة البيئية من المحاور الرئيسية في ميثاق الأرض الذي من بين جملة أهدافه الحفاظ على الاستدامة البيئية، ومكافحة الفقر، والتنمية الاقتصادية المنصفة، واحترام حقوق الانسان و الديمقراطية و السلام، يعنى بشكل رئيسي بالتحول لأساليب الحياة المستدامة والتنمية البشرية المستدامة والغابات السليمة، وهي أمثلة على النظم الحيوية المستدامة....
إن الحديث عن المجتمع المدني والتنمية المحلية المستدامة يقتضي أولا معرفة مكونات المجتمع المدني الذي نتحدث عنه، معرفة مفهوم التنمية المحلية المقصودة والأنشطة التي تساهم في بنائها وأخيرا الاطلاع على مختلف جوانب الاستدامة في العملية التنموية..
إن المجتمع المدني يتكون أساسا من جمعيات لها أهداف عديدة ومتعددة قد تكون اجتماعية، ثقافية، رياضية، بيئية أو غير ذلك ويمكن أن تكون هناك هيئات أخرى لها نفس الأهداف، لكن ما يهم هو أن المجتمع المدني المنظم يسعى لتحقيق تنمية حقيقية ويدافع عنها، وذلك عن طريق جمعيات ثمثله وتنظمه وتؤطره لكي يشكل قوة اقتراحية هادفة ووازنة لأصحاب القرار سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني بل حتى الدولي...
إلا أن هذه الجمعيات يجب أن تكون في وضعية قانونية ولها أهداف واضحة ومحددة كما يستحسن أن تتخصص في جوانب معينة لكي تكون فاعلة ميدانيا وتجتنب تشتت جهودها عبر عدة أنشطة مختلفة ومتنوعة.
 من هذا المنطلق فإن جميع الأنشطة التي يمكن أن تقوم بها الجمعيات في شتى المجالات هي في صميم خدمة التنمية المحلية لكن شريطة أن يكون لتلك الأنشطة وقع إيجابي وأثر ملموس سواء على الساكنة أو الفئة المستهدفة أو على الأرض ......
فكافة المشاريع والأنشطة التي تقوم بها الجمعيات أو تترافع من أجلها لدى أصحاب القرار لابد وأن تراعي جانب الاستدامة أي أن يكون الهدف دائما تحقيق مشاريع لإرضاء احتياجات الساكنة لكن دون إلحاق أضرار سواء بالموارد الطبيعية أو البيئة او غيرها وذلك ضمانا لاستدامة هذه الموارد والحفاظ عليها للأجيال المقبلة...
إن الهدف من هذه الفقرات هو تقديم أرضية للنقاش والحوار الجاد حول دور المجتمع المدني في التنمية المحلية المستدامة، في اطار عقلاني يتبث  تبادل وجهات النظر والأفكار والتجارب والخبرات بين كافة الفاعلين المحليين والتنمويين...
يروى قديما أن عبد الرحمان المجذوب، كان يتنقل من مكان إلى مكان، يجوب جميع الأماكن، ليس له مأوى يستقر به على الدوام، صوفيا زاهدا في الدنيا، ساح في البلاد وكان يجري على لسانه كلام موزون وملحن يأتي على نسق أهل الشعر وأوزانهم الشعرية، وكانت قدماه لاتطأ أرضا ولا مدينة إلا وترك فيها قولة شهيرة تجسد واقع سكانها، وهو الذي عرف بإتقانه للحكم والأقوال التي ما زال يتوارثها جيل بعد جيل، وكم اتخذ كلامه مائدة مستديرة بين الأجداد والأحفاد، ودرسا يلقنه الأب لأبنائه.
أتذكر عندما كنت طفلا صغيرا، بمجرد أن يخيم الظلام،  ويحل الليل إلا وأخذت مكاني بجوار جدي ألتمس منه أن يسمعني شيئا مما يحفظه عن المجذوب، فيستجيب جدي على الفور ويبدأ في تلاوة ما استقر في عقله الذي تقادم بفعل مرور السنين، إلا أن كلام المجذوب لم ينساه أبدا، وكنت أستشف حبا جارفا واعجابا يضمر أشياء تنم عن تعلق أجدادنا بهذه الشخصية.
 حكمة ما زالت تتردد على مسامعي، رغم أنني سمعتها منذ سنين خلت... جلست مع نفسي وأنا أتأمل حال مدينتي،التي تعرف لدى الخاص والعام، بخيراتها ومناظرها الطبيعية وثروتها التي تسحر العيون قبل العقول، وكرم سكانها وأنفتهم ….
هذا الكلام من جهة دفعني الى التامل كثيرا في واقع التنمية باقليمنا العزيز ككل و بمدينة ازرو على وجه الخصوص، حيث وجب ان نكون صريحين مع ذواتنا : ما الذي يعيق تنميتنا المحلية ؟؟؟؟ اهو الفاعل المحلي و ما يقتضيه الواقع من تمديد و توسيع نسبة المشاركة لمفهوم التنمية الذي يعتبر من بين المفاهيم المركزية و البالغة الاهمية في الخطاب المهيمن اليوم، خطاب الفاعلين الاساسيين و خطاب المؤسسات التي تضطلع بادوار طلائعية و حاسمة على مستوى الدبير للسياسة التنموية و السياسة العمومية عبر ما تصوغه من توجهات او تدخلات كانت مباشرة او غير مباشرة ..
 كلام المجدوب استوقفني في هذا التامل في الواقع حين قال ذات مرة :"مَزينَتَْها بْلاد لُو كَانْ مَا فيهَاشْ الحقد والحسد". ، قارنت …. وقارنت ….ولم أكن لأقتنع بهذا الكلام حتى استحضرت بعض المفاهيم التي احتلت حيزا جد مهم في الخطاب القائم اليوم من اجل توفير العيش الكريم لساكنة الاقليم، مفاهيم  حتى اضحت بمثابة الوصفة السحرية التي بامكانها مواجهة كل اشكال الاختلال من تهميش و فقر و اقصاء و لا نمو لضمان نوع من التوازن الاقتصادي و الاجتماعي لمختلف الشرائح الاجتماعية كون التركيز جاء في زمن الحكامة او الهندسة الاجتماعية الذي يجعل من كل الفالعلين في تدبير الشؤون العامة سواء كانوا فاعلين في القطاع العام او القطاع الشبه عمومي او القطاع الخاص، قاعدة اساسية لاي مشروع يمكن الحديث عنه في هذا الصدد.. لكن هل فعلا يلامس واقعنا هذه التنمية التي كان من المفروض ان تساهم في تحسين نوعية الحياة لجميع المواطنين بطريقة منتظمة و مستدامة؟ في الوقت الذي تشتد فيه الحاجة لإحداث تغييرات جذرية في طرق التفكير وسبل المعيشة، لتحدى قدرتنا على اختبار قيمنا واختيار سبل حياة أفضل لمعيشتنا... 
 كلام المجدوب في الحقيقة له في حاضرنا اليوم مدلول عندما نصادف واقعا لفاعلين مشتتين " كلها ينادي : اراسي .. اراسي؟.." عوض ان يكون هؤلاء الفاعلين فعلا فاعلين في وضع و اعداد تنفيذ برامج و مخططات السياسات العمومية و خصوصا على مستوى الشؤون المحلية لما تشكله من حلقة مركزية في سلسلة التنمية المندمجة و الشمولية من وجهة النظر هذه... لطرد هواجس " الحكرة" التي يستشعرها معظم الساكنة بالاقليم التي همها تحسين الخدمات الموجهة اليها و تحسين مستقبلها الاقتصادي و مستوى نوعية  حياتها ...
وبدأت أفكر مليا، و اراجع قراءة  المعطيات، لأجد جوابا شافيا عن كلام عبد الرحمان المجذوب:"مَزينَتَْها بْلاد لُو كَانْ مَا فيهَاشْ الحقد والحسد".
ان العصيب هو ان يتم العمل على وضع الاولويات للاقتصاد المحلي اذا ما اريد للمجتمع المحلي ان يكون قوة قادرة على المنافسة في هذا العالم المتطور بسرعة و الاعتماد على تحقيق نجاح هذا المجتمع المحلي كونه قادر على التكييف مع البيئة المتغيرة و المتميزة بوجود اسواق تتزايد فيها المنافسة الشريفة لجذب استثمارات و خلق فرص كثيرة للشغل اذا ما علمنا ان الشائع هو استفادة المقاولين على انفراد علاوة على المجتمع الذي ينتمي الى ذلك الفرد... فكثيرا ما تعتمد ميزة امكانية تحقيق النمو الاقتصادي للمناطق الحضرية على نوعية الادارة الحضرية و على السياسات التي تؤثر على مدى ما توفر او ما لا توفر من امكانيات( الكهرباء النقل، الصحة، التعليم، الصرف الصحي، الاتصالات، الاراضي...)..
و للحديث بقية... كثرت الفناجين المقلوبة وقلّت قارئاتها ؛ ردّت عليه واحدة كانت تحفض حتى الأكفاف وربط الأكفان : ماعاد بالمدينة أمل يثير القلق!؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق